زلزال يعري تواصل الحكومة: صمت وبرود، تواصل مفقود 2/1 - Marayana - مرايانا
×
×

زلزال يعري تواصل الحكومة: صمت وبرود، تواصل مفقود 2/1

غياب الحكومة لم يكن مرحليا خلال الأزمة العابرة، بل إن “حكومة الكفاءات” لا تتواصل منذ انتخابها، بل إن هفوات عديدة تُسجَّل في هذا الصدد ما يؤكد أننا أمام حكومة تقنية لا غير.

أين الحكومة مما وقعَ في زلزال الثامن شتنبر؟ الليلة ذاتها التي صنعت الحكومة قبل سنتين، تجدد فيها أُفولها بغيابها عن المشهد السياسي.

الحكومة سجَّلت غياباً تواصلياً خلال أزمة غير مسبوقة. هذا الغياب يسائل حضور خلايا الأزمات ووجود الآليات التواصلية لهذا الغرض.

ما الأزمة؟ حسب “مـعـجـم لاروس”: الأزمـة (Crise/Crisis) تعني ظاهرة مفاجئة أو تفاقما عنيفا لحالة مرضية أو “نقصان شيء ما على نطاق واسع”، والأزمة تخلق وضعاً صعباً غير اعتيادي في سير حياة الأفراد والجماعات والمؤسسات والمجتمع.

حسب دليل التعامل مع الأزمة للمعهد الديمقراطي الوطني، فإن تواصل الأزمة هو جمع ومعالجة وإيصال المعلومات المطلوبة لمعالجة حالة الأزمات. يعد التواصل أثناء الأزمة أحد الأدوات الرئيسية التي بإمكان السياسيين والأحزاب والحكومات استخدامها لإدارة الوعي والحد من تأثير الأزمة.

الدليل يقول إن التواصل السياسي أثناء الأزمة، يتعامل مع الآثار السلبية غير المقصودة وغير المتوقعة. يكون في البداية رجعياً في طبيعته، يحاول تحسين أو تغيير المفاهيم الحالية حول أحداث الأزمة التي وقعت بالفعل، ويهدف إلى التخفيف من المفاهيم السلبية وما يحيط بها.

يسعى تواصل الأزمة، وٍفق ذات المصدر، إلى إعلام المواطنين، وتوفير معلومات دقيقة حول الأزمة في الوقت المناسب، وكذا الحد من فترة تأثير الأزمة أو تقليله، من خلال تقديم تعليمات واضحة حول ما يجب فعله، واستعادة الثقة وخلق وجهات نظر مستقبلية. فهل كانت الحكومة في الموعد وسعت إلى تطبيق تواصل الأزمة؟

فشل وتعازي باهتة

يعتبر ابراهيم الشعبي، أستاذ الإعلام ورئيس المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان، في حديثه لمرايانا، أن التواصل الحكومي للحكومة الحالية كان تواصلا باهتا؛ غائبا في البداية، محتشما في الجزء الأخير من تطورات الزلزال. إذن ما تقوم به الحكومة لا يرقى لما يمكن أن نسميه تواصلا، بل أنه يمثل غيابا وفشلا في التواصل.

يقول الشعبي: أتذكر أن الحكومة التي يترأسها عزيز أخنوش حسمت أنها لن تتواصل. ربما قالها رئيس الحكومة دون أن يقصد ذلك، لكن عبارة لعزيز أخنوش منذ حوالي سنتين حسمت الجدل حول التواصل، حيث قال فيها: “إننا حكومة أفعال وليس حكومة كلام”.

حسب الباحث الجامعي: “في الكوارث الطبيعية مثل الزلزال الذي ضرب الحوز، يجب استعمال جميع الآليات التواصلية من وسائل إعلام رسمية أو غيرها، وكذا مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر من المنصات القوية الآن، والتي يتابعها المغاربة، إلى جانب إنشاء خلايا أزمة بغية إخبار الناس بما يقع. غير أنه، وللأسف الشديد، الحكومة الحالية لم تقم بهذا العمل منذ البداية، بل نستغرب أن التعزية التي قدمها رئيس الحكومة جاءت بعد يومين أو ثلاثة عن طريق الفايسبوك وليست في بث مباشر”.

يقارن الشعبي بين التواصل الذي كان خلال زلزال الحسيمة 2004، حينما كان محمد نبيل بنعبد الله وزيراً للاتصال وناطقاً رسمياً باسم الحكومة. كان حينها يتواصل بشكل يومي ويقدم كل التوضيحات ويجيب عن الاستفسارات، وهو ما غاب عن الحكومة الحالية، يقول الشعبي، التي فشلت في التواصل خلال الأزمة وغيرها. ليس فقط في الزلزال، بل في التواصل العادي الذي نلاحظه في لقاءات الناطق الرسمي باسم الحكومة.

فراغ سياسي تواصلي

يوسف الخيدر، صحفي وباحث في قضايا الإعلام، يقول في حديث لمرايانا: لوحظ خلال الزلزال، غياب شبه كلي لتواصل الحكومة مع المواطنين، والذي يندرج في سياق الفراغ الحاصل في التواصل السياسي منذ بداية عمل الحكومة الحالية. الأخيرة تبرر هذا الغياب بـ”نتائج العمل في الميدان”.

حسب الخيدر، فإن البلد عاش أزمة غير عادية، تستدعي ضرورة التواصل المستمر، لتقديم المعلومات الصحيحة بدل التشجيع على نشر الأخبار الزائفة، إلى جانب الإجابة على أسئلة الرأي العام الذي تساءل عن سبب اختفاء الحكومة، وعدم مبادرتها إلى عرض وتفسير وشرح الإجراءات التي اتُّخذت في أرض الميدان من قبل السلطات المحلية والهيئات المنتخبة في المناطق التي شهدت الفاجعة.

يقول المتحدث إنه، بعد الانتقادات التي وجهت للحكومة حول صمتها، الذي لا يوجد أي تبرير له، تم الترويج إلى أن مهمة التواصل في هذه الأزمة أُسندت إلى وزارة الداخلية، علما أن الحكومة تتوفر على ناطق رسمي باسمها.

حسب الباحث، فإنه كان من الجيد أن يعقد “بايتاس” كل يوم ندوة صحافية يقدم فيها حصيلة اشتغال فرق الإنقاذ إلى جانب الإجابة على أسئلة الصحافيين، بدل أسلوب البلاغات الصحافية التي كانت تصدر عن وزارة الداخلية، والتي تقدم فيها حصيلة الوفيات وأعداد الجرحى.

يؤكد الشعبي أن المعطيات كانت غير كافية حول ما الذي يجري في الواقع، بشأن المعدات اللوجسيتكية التي تم وضعها لفك العزلة عن المناطق المنكوبة، وإغاثة الضحايا، والتعرف على الموتى ودفنهم، وتعزيز البنية التحتية الصحية بالمعدات اللازمة بالمراكز الاستشفائية، وتزويد الساكنة بالمؤونة والأفرشة والأغطية والملابس.

يتفق الشعبي والخيدر على أن غياب الحكومة لم يكن مرحليا خلال الأزمة العابرة، بل إن “حكومة الكفاءات” لا تتواصل منذ انتخابها، بل إن هفوات عديدة تُسجَّل في هذا الصدد ما يؤكد أننا أمام حكومة تقنية لا غير.

لقراءة الجزء الثاني: منتخبون غائبون ومنكوبون حائرون: أين غابت الحكومة والمنتخبون؟ 2/2

مقالات قد تهمك:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *