وثقتها مرايانا : ليلة الزلزال المُدمر. كيف قضى ناجون ليلة الرعب الأولى في العراء - Marayana - مرايانا
×
×

وثقتها مرايانا : ليلة الزلزال المُدمر. كيف قضى ناجون ليلة الرعب الأولى في العراء

لم نستطع أن نأخذ حتى أغطية تقينا من البرد أو على الأقل نغطي بها موتانا في القرية، سنتفاجأ بعدها بساعات قليلة بأن الفاجعة أكبر مما نتوقع. هكذا كان الوضع في البلدة وهكذا عشنا الليلة الأولى.

هل تعرف  معنى أن يسقط فوق رأسك الحجر لتجد نفسك وسط الركام. تحسب أنفاسك، تحاول الهروب، تصارع من أجل إخراج يدك فقط ليحاولوا إنقاذك من الدمار، حينها تراودك فكرة واحدة… هي الموت.

هكذا تكلم “با سْعيد” من دوار إيجوكاك دائرة الحوز إقليم مراكش.

ليلة الرعب، عند تمام الساعة الحادية عشر وإحدى عشر دقيقة توقفت عقارب الساعة وتحركت الأرض تحت سُكانها. ما هي إلا دقائق معدودة حتى استوت الأرض وصارت خرابا ورقعة كانت إلى عهد قريب فضاء يعجُّ بالحياة.

صرخة تحت التراب

مرايانا تنقلت لقلب المناطق التي دمَّرها الزلزال، لتحاول التقاط تفاصيل الرعب الأول… ولتقتفي بعض  مشاهد من ليلة الرعب الأولى. عند أول منعرج في طريق “تلات نيعقوب” إحدى أكثر المناطق تضرراً، تصادف مرايانا شيخا مسنا تبدو عليه ملامح العياء والحسرة.

“با سعيد” يقول لمرايانا: “أودي الحالة ضعيفة، مشات الدار، البهايم، كولشي مشا ها حنا كنصرفو المكتوب”.

يعود بنا با سعيد إلى ليلة الرعب حيث يقول: أكلنا ما تيسر وتوجهت للنوم حين شعرت بهزَّات، قبل ذلك سمعتُ نباحاً غير عادي للكلاب، بقيت منتبها إلا أن الزلزال باغثنا، ما هي إلا ثواني معدودة حتى صِرنا تحت التراب.

يورد المتحدث أنَّه مكث مدة طويلة تحت التراب إلى أن حاول ابنه الأكبر إنقاذه وحمله على ظهره لمكان آمن ليعود للبحث عن والدته، لتتوالى بعدها النكسات وتتوالى أخبار الفجيعة ويكتسي الجميع ثوب السواد. بتنا في العراء ليلة كاملة، فحتى أغطيتنا وملابسنا صارت تحت التراب، يقول “با سعيد”.

يقول با سعيد، لم نستطع أن نأخذ حتى أغطية تقينا من البرد أو على الأقل نغطي بها موتانا في القرية، سنتفاجأ بعدها بساعات قليلة بأن الفاجعة أكبر مما نتوقع. هكذا كان الوضع في البلدة وهكذا عشنا الليلة الأولى.

يؤكد المتحدث أن المساعدات تصل بشكل عادي، غيرَ أن المشكل الأكبر هو المأوى، ويضيف بلهجة حزينة، “ها البرد جاي. واش الخيام كافيين؟ هانتا كتشوف الحالة”. لا يمكن أن نبقى في العراء والبرد على الأبواب، الخيام ليست حلاً مناسبا نتمنى أن يتم إيجاد حلول وإعادة إعمار القرى.

تركنا با سعيد مُحملاً بأمله تجاه الحياة مستمرا في انتظاره لفرج قريب، لنكمل السير في طُرق صعبة حيث كانت الرحلة مجازفة تخوضها مرايانا بين آسني، إيجوكاك وتلات نيعقوب، فالطرق هنا مهترئة والعبور يكلف ساعات من الانتظار وربما أكثر، بسبب الضغط الحاصل على الطرق.

سقف ثم خيمة

في طريق العودة، توقفت مرايانا في أسني، التي نالت حصتها من الخراب، غير أنها تقل خطورة عن باقي القرى والمناطق المتضررة. هنا التقينا عبد الرحمان، أحد الواقفين؛ يراقب بنظرات يائسة ما يحدث، يتابع تحركات المارة ويحن إلى زمن كان في هذا الوقت يجلس في المقهى إلى جانب صديقه.

“يا ليت الزمان يعود يوما”، يقول عبد الرحمان، بين الأمس واليوم قرى استوت على الأرض والأخرى نصفها ذهب كما ذهب نصف أبناء القرى تحت الركام. يورد عبد الرحمان أنه، كسائر الناس، استشعر وجودَ هزة أرضية، حاول النهوض إلا أنه سقط على الأرض وأغمي على زوجته التي كانت في غرفة صغيرة، حاول إخراج أسرته إلى الخارج وهاهم الآن في خيمة صغيرة بعد أن كانوا في منزل.

ليسَ بمقدور عبد الرحمان الآن أن يتحرك كثيراً، فقد أصيب بكسر وخدوش في رجله، كما أصيبت زوجته في رأسها مما تسبب لها في نزيف، هو الآن يتواجد بخيمة في مخيم نصبته القوات المسلحة الملكية مع أسر عديدة. قدر عبد الرحمان كقدر كل الأسر المكلومة، ترقب وانتظار وجرح لن يندمل.

الدَّمار هنا في إقليم الحوز عنوان بارز، بيوت استوت على الأرض وقرى أعلنت الحداد فيما قرى أخرى مجاورة صارت كلها تحت الركام وأناس يبكون أسرهم بحرقة شديدة وينتظرون الفرج القريب والعودة لبيوت تأويهم وما تبقى من أهاليهم.

هي بعض من تفاصيل ليلة رعب أولى، عاشتها مرايانا مع بعض أبطالها، لتستمر الحكاية…

حكاية رعب وألم، كشف عن وجه مغرب آخر خرج من تحت الدمار والخراب… وجه مغرب متضامن وقوي، وقادر على استعادة بعض من فرحة مستحقة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *