فرسان الهيكل… النهاية “المأساوية”: اتُّهِموا بعبادة الشيطان والانحراف الجنسي فأُحرق كثير منهم أحياء! 3/3 - Marayana - مرايانا
×
×

فرسان الهيكل… النهاية “المأساوية”: اتُّهِموا بعبادة الشيطان والانحراف الجنسي فأُحرق كثير منهم أحياء! 3/3

ليلة الـ12 من أكتوبر 1307م… أمر الملك فيليب الرابع باعتقال فرسان الهيكل.
تم تعذيبهم على أيدي ضباط الملك، قصد الحصول على أكبر قدر من الاعترافات، فوجهت لهم تهم التجديف وعبادة الشيطان وممارسة المثلية الجنسية.
بلغت الاتهامات، كما تم تفصيلها، نحو 128 مادة، كانت كافية لإعلان نهاية فرسان المسيح، لتؤول ثرواتها لملك فرنسا.

بعدما تابعنا في الجزء الأول حكاية تأسيس فرسان الهيكل، وكيف استحالوا من الفقر المدقع أساسا لوجودهم إلى فاحشي الثرى، ووقفنا في الجزء الثاني على تطور الجماعة إلى ما صارت عليه من ثراء باتت تقرض من خلاله المال للملوك والدول

في هذا الجزء الثالث والأخير، نتابع النهاية “المأساوية” لفرسان الهيكل، النظام الذي كان ذكر اسمه يذب الرعب في القرون الوسطى.

ذات يوم، انشق فارس يدعى إيكو دي فلورين عن جماعة الهيكل، فكشف للملك فيليب الرابع بعض ما اعتبره فضائح يرتكبها النظام، تتضمن التجديف (الحديث عن الله بازدراء) والانحراف الجنسي وعبادة الشيطان.

قال له، تورد الروايات، إن طقوس ضم فارس جديد إلى النظام تتضمن… البصق على الصليب وتقبيل فم وسرة ومؤخرة الشخص الذي يقوم بتعميده، بجانب ممارسة أفراد النظام للمثلية الجنسية وعبادة الشيطان.

من اهتموا بموضوع فرسان الهيكل من الباحثين المعاصرين، وافقوا بشكل عام على أن التجديف كان يشكل جانبا من مراسم التعميد، كنوع من اختبار الطاعة ربما. أما عن الممارسات الجنسية المثلية، فقد رأوا أنه ليس عجيبا أن تقع بين 20 ألف رجل… محظور عليهم صحبة النساء.

كانت هذه التهم، في الحقيقة، كل ما ينتظره فيليب ليشرع في القضاء على النظام فعليا. ما كان للملك بعد ذلك سوى أن يزرع جواسيس داخل النظام، ليجمعوا له القرائن؛ ثم راح يسعى إلى تأييد البابا كليمنت الخامس، الذي كان في الواقع يدين لفيليب ببقائه على الكرسي البابوي.

يورد كتاب ستيفين هوارث، “فرسان الهيكل… القصة الكاملة“، أن الملك التقى بالبابا وأخبره بتلك الاتهامات، وأوضح له أنها إذا صحت، ستكون تهديدا لأوروبا كلها، بل ولوجود الكنيسة ذاته.

وحتى إن لم تكن صحيحة، يتابع، فهي خطيرة جدا على نحو يستحق تحقيقا كاملا… تحقيق، رأى الملك، لا يمكن أن يجري سوى برعاية بابوية، بما أن النظام مسؤول أمام البابا فقط.

تردد البابا، في البدء، لكنه كما نقرأ في كتاب راجي عنايت “جماعات وعقائد عجيبة“، أرسل للملك لاحقا يقول: “هناك الكثير مما لا يزال من المستحيل إثباته. على أي حال، نعتمد على اتصالاتك في هذا الشأن“.

هذا الرد أشعرَ الملكَ بأن البابا قد منحه الضوء الأخضر، فراح مندفعا إلى تنفيذ خطته.

تقول الروايات إن رجال الملك في أنحاء فرنسا كلها بعد ذلك، قبضوا على نحو 15 ألف فرد من فرسان الهيكل دون أي مقاومة، بما فيهم قائدهم، جاك دي مولاي، الذي كان في باريس.

كان ذلك في ليلة الـ12 من أكتوبر 1307م… وكان جاك دي مولاي، يومها، المعلم الثالث والعشرين للجماعة، والأخير.

استجوب المحقق القضائي بعض أفراد النظام، الذين تم تعذيبهم على أيدي ضباط الملك، قصد الحصول على أكبر قدر من الاعترافات.

التعذيب في الواقع جعل الكثير منهم يعترفون بأنهم بصقوا على الصليب أو “قريبا منه” ضمن مراسم تعميدهم. أما الأقوال بشأن عبادتهم للشيطان، فقد تضاربت، وإن كانوا قد اعترفوا أنهم كانوا يعبدون نوعا من الرموز خلال المراسم السرية.

أقوالهم حول هذه الرموز اختلفت حول إن كانت جمجمة بشرية مرصعة بالجواهر، أم رفات معلم كبير سابق، أم رأسا ذا ثلاثة وجوه.

إجمالا، بلغت الاتهامات، يورد ستيفين هوارث، كما تم تفصيلها، نحو 128 مادة.

أيا يكن، من اهتموا بموضوع فرسان الهيكل من الباحثين المعاصرين، يقول راجي عنايت، وافقوا بشكل عام على أن التجديف كان يشكل جانبا من مراسم التعميد، كنوع من اختبار الطاعة ربما.

أما عن الممارسات الجنسية المثلية، فقد رأوا أنه ليس عجيبا أن تقع بين 20 ألف رجل… محظور عليهم صحبة النساء.

طيلة سبع سنوات أعقبت اعتقال فرسان الهيكل في فرنسا، صاروا، بعدما كانوا مصدر فخر وقوة ذات يوم، موضوعا يشبه كرة قدم سياسية بحسب راجي عنايت.

سبب ذلك، يذكر ستيفين هوارث، أن معركةً احتدمت بين البابا والملك، إذ صرح الأول بعد ذلك بعدم قانونية الاعتقال، وأضاف أنه لا يرى في تصرف فيليب هجوما على فرسان الهيكل فقط، إنما على الكرسي المقدس أيضا.

فيليب الرابع لم يكن ليقبل سوى بحل النظام، وأن يعلنه جماعة مذنبة، بل وأن تؤول إليه أراضيها وأموالها. أي شيء أقل من ذلك لم يكن كافيا… لأنه إذا ما ثبتت براءة فرسان الهيكل، سيكون سهلا عليهم الانتقام.

الغريب أن البابا كليمنت، المتردد، دافع فقط عن حقه في توجيه الاتهام أيضا، إذ دعا في بيان له جميع الملوك والأمراء في أوروبا، إلى القبض على فرسان الهيكل… كان يود، وفق هوارث، أن يتم ذلك باسم البابوية وحسب.

ثم بعد تحري الكنيسة، بدأت المحاكمة العامة لفرسان الهيكل في أبريل 1310م في إحدى مدن جنوب فرنسا.

الواقع أن فيليب لم يكن ليقبل سوى بحل النظام، وأن يعلنه جماعة مذنبة، بل وأن تؤول إليه أراضيها وأموالها. أي شيء أقل من ذلك لم يكن كافيا، وفق هوارث، لأنه إذا ما ثبتت براءة فرسان الهيكل، سيكون سهلا عليهم الانتقام.

في المحاكمة، تراجع العديد من أفراد النظام عن اعترافاتهم السابقة، فجرى إحراقهم بتهمة العودة إلى الكفر… لما رأى الآخرون بشاعة إحراق رفاقهم، تمسكوا بأقوالهم خوفا على أنفسهم.

استمرت المحاكمة على مدى عامين قبل أن يعلن البابا في بيان رسمي، تحرر فرسان الهيكل من أوهامهم، معترفا أن الدلائل، وإن كان أغلبها اعترافات انتزعت بالإكراه، كافية لإدانتهم.

كان مصير معظم من أيدوا اعترافاتهم السابقة أن أطلق سراحهم. فيما كان أربعة من كبار الفرسان، ومن بينهم المعلم الكبير دي مولاي، قد أنكروا اعترافاتهم في المحاكمة، لكنهم إذ عادوا واعترفوا ثانية، تم الحكم عليهم بالسجن مدى الحياة.

النطق بالحكم على هؤلاء تم في اجتماع علني أمام كاتدرائية نوتر دام في باريس. اختير هذا المكان، يقول هوارث، ليعطي تأكيدا على الطبيعة المقدسة للحدث.

لكن المعلم الكبير جاك دي مولاي، فاجأ الحشد يومها إذ قال في كلمته: “أعترف بأنني مذنب حقا بالعار الأكبر. لكن ذلك العار كان الكذب، بقبول الاتهامات المقززة التي تم توجيهها إلى نظامي، وأعلن الآن أن النظام بريء“.

وتابع: “لقد وهبتني المحاكمة الحياة، ولكن على حساب أن أخون… وبمثل هذا الثمن، لا تكون الحياة جديرة بأن تعاش“.

مِثل ذلك فعل أحد رفاقه، فكان أن كسب الفرسان تعاطف معظم الحشد، مما اضطر الجند إلى سحب الرجلين من الميدان.

حينها، تدخل الملك فيليب مسرعا، ليتم في صباح اليوم التالي إحراق الرجلين علنيا بحضوره. عندما أحاطت النيران بهما، صاح دي مولاي ملتفتا نحو الجمع الملكي: “البابا كليمنت، الوزير جويوم نوجاري، الملك فيليب، إني أحيلكم إلى محاكمة السماء، قبل نهاية هذا العام، لكي تنالوا عقابكم العادل. عليكم اللعنة! عليكم اللعنة!“.

تقول الروايات، بحسب ما يورده هاورث وعنايت، إن البابا كليمنت مات بعد شهر مما حدث، ثم تبعه الملك فيليب بعد ستة أشهر في رحلة صيد، بينما مات بعد أسابيع، الوزير نوجاري، الذي لعب دورا كبيرا في هدم فرسان الهيكل، في ظروف غامضة.

هكذا، انتهى نظام فرسان الهيكل، بعدما كانوا إحدى أبرز الجماعات في العالم إبان القرون الوسطى.

 

لقراءة الجزء الأول: فرسان الهيكل: في البدء كانوا 9 فرسان فقط… اتفقوا على حماية كل حجاج “بيت المقدس”! 1/3

لقراءة الجزء الثاني: فرسان الهيكل… من جماعة تبنت الفقر أساسا لوجودها إلى إحدى أغنى الجماعات في العالم! 2/3

مقالات قد تهمك:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *