هشام روزاق يكتب: تكفير، قطع رقاب وحرب أهلية… مجرد أسلحة مشروعة - Marayana - مرايانا
×
×

هشام روزاق يكتب: تكفير، قطع رقاب وحرب أهلية… مجرد أسلحة مشروعة

في كل مرة تتسيد فيه لغة التخويف والترويع والتكفير المشهد، تصبح دعوات القتل والتكفير والحرب الأهلية وقطع الرقاب… مجرد وجهة نظر. تصبح مجرد حرية تعبير، وليس علينا حينها، أن ننتظر، أو أن نحلم حتى، بخروج قيادات الإسلامويين إلى “مداويخها”، تطالبهم ولو “بضبط النفس”… وليس علينا طبعا، أن نتوهم صدور ولو مجرد بلاغ، يتبرأ من كل هذا التحريض والوعيد بقتل المغاربة وتصفيتهم، وتكفيرهم والمس بأعراضهم.
على العكس من ذلك، تبدو قيادات الإسلامويين مرتاحة لما يقع. تبدو مطمئنة إلى تعالي أصوات التكفير والإخراج من الملة والتهديد بقطع الرقاب والعنف والحرب الأهلية…
… تبدو مرتاحة لذلك لأنه، في النهاية، يمنحها شرعية البقاء كمحاور قادر على “التهدئة” حين يؤمر بذلك، ويمنحها ورقة ضغط على الدولة والمجتمع بعنوان التخويف والعنف.

“بل هو كافر و لا يجب الخجل من قولها، من كان يعرف زوجته او ابناءه فليخبرهم ان زواجها باطل معه و تطلق منه، و كذلك اولاده حتى يتعاملوا مع جثته ان هلك، فلا يغسل و لا يصلى عليه و لا يدفن في مقابر المسلمين”.

…..

الكلام أعلاه، بأخطائه وحذافيره؛ بجهالته وعنفه… هو نقل حرفي، لتعليق لشخص، على “مقال” لشخص يصفونه بالمفكر، يهاجم فيه صديق الإسلامويين السابق وحجتهم العلمية في إعجاز القرآن والطب النبوي/ وعدوهم الحالي، الدكتور الفايد.

… الشخص المعني بالأمر هنا، صاحب التعليق أقصد، لا يجد أدنى حرج في ارتكاب المحظور. والمحظور هنا، هو ببساطة، ما يحاول طيف من الإسلامويين المغاربة دائما، إخفاءه، أو قل… عدم طرحه أصلا للنقاش، وهو التكفير. تكفير المختلفين.

اقتراف المحظور، والوصول إلى منطقة التكفير وتفريق الزوج عن زوجته، والدفن خارج مقابر المسلمين ودون طقوس إسلامية، هو ليس مجرد انفعال لحظي، صدر عن قارئ متحمس في لحظة هستيريا جماعية.

التكفير هنا، هو وليد سياق مغربي، لازال الكثيرون منا يتعاملون معه بكثير من التساهل والاستسهال، وبكثير من البحث عن المسوغات والتبريرات؛ والحال، أن لا تبرير للتكفير سوى القبول بما يترتب عنه… أي الدعوة الصريحة للقتل.

منذ انطلاق مشروع تعديل مدونة الأسرة، قسم الإسلامويون البلد إلى دارين: دار الإسلام، التي امتلكوا مفاتيحها وأقفالها ووقفوا على أبوابها “سيكيريتي”، والتي لا يقبلون بصحة إسلام خارجها وخارج تـأويلهم وفهمهم له، ودار كفر… يسكنها كل من امتلك وجهة نظر مختلفة عنهم.

… وفي حربهم ضد المختلف، كانوا لا يرعون للحرب نفسها، حرما ولا حرمة. بدأوها بالكذب والتلفيق، واختراع زواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة، وأنهوها بتوعد الناس والدولة بـ: “حرب أهلية”، وبــ “قطع الرقاب”.

بدأوها ببنكيران، وهو يوزع كذبه بين زواج المثليين جنسيا، وتشريع العلاقات الرضائية (التي هي أصلا موضوع نقاش في القانون الجنائي وليس في تعديلات مدونة الأسرة)، والتقليل من بشاعة ولا إنسانية تزويج الطفلات، وبتوعد المغرب والمغاربة بمظاهرات مليونية في الشوارع… واختتموها بمول الفوقية وما شابهه، وهم يتوعدون المغرب والمغاربة بــ: “حرب أهلية إذا بدأت والله لن تنتهي حتى يفنى نسلنا”.

… واختتموها، وهم يصفقون لأحد “مداويخهم” وهو يهدد صراحة بــ “قطع الرقاب”، إذا حملت تعديلات مدونة الأسرة، مستجدات لا تروقه.

المشكل اليوم، ليس في الذي يكفر الناس، وليس في “المفكر” الذي يقبل أصلا أن يُنشر على صفحته كلام يكفر الناس ويخرجهم من دينهم…

والمشكل ليس في بنكيران، ولا في كذبه على المغاربة.

وليس في مول الفوقية الذي يهدد بحرب أهلية.

وليس في الكائن الذي يهدد بقطع الرقاب…

المشكل هو… هذا العنف الذي صار عاديا، صار مجرد وجهة نظر وحرية تعبير. عنف التكفير والإخراج من الملة، ووصف المغاربة بالخنازير والقردة، دون أن تتحرك أية جهة لوضع حد لهذه الهمجية.

ربما… تناسى بعضهم اليوم أن لعبة التكفير والرمي بالخروج عن الملة والدين، والترويج لفيديوهات يهدد أصحابها بقطع الرقاب وإسالة الدماء، هي في الأساس، المقدمات المنطقية لكل الذي صار اليوم، جزءا من ذاكرتنا الجماعية. هي بالأساس… إعادة تمثيل لجريمة قديمة، حملت لغة التكفير والتهييج أصحابها، إلى استحلال دماء المغاربة وإزهاق أرواحهم، في محطات كثيرة من محطات العمليات الإرهابية التي استهدفت المغرب.

… وفي كل مرة تتسيد فيها لغة التخويف والترويع والتكفير المشهد، تصبح دعوات القتل والتكفير والحرب الأهلية وقطع الرقاب… مجرد وجهة نظر. تصبح مجرد حرية تعبير، وليس علينا حينها، أن ننتظر، أو أن نحلم حتى، بخروج قيادات الإسلامويين إلى “مداويخها”، تطالبهم ولو “بضبط النفس”… وليس علينا طبعا، أن نتوهم صدور ولو مجرد بلاغ، يتبرأ من كل هذا التحريض والوعيد بقتل المغاربة وتصفيتهم، وتكفيرهم والمس بأعراضهم.

على العكس من ذلك، تبدو قيادات الإسلامويين مرتاحة لما يقع. تبدو مطمئنة إلى تعالي أصوات التكفير والإخراج من الملة والتهديد بقطع الرقاب والعنف والحرب الأهلية…

… تبدو مرتاحة لذلك لأنه، في النهاية، يمنحها شرعية البقاء كمحاور قادر على “التهدئة” حين يؤمر بذلك، ويمنحها ورقة ضغط على الدولة والمجتمع بعنوان التخويف والعنف.

لا يمكن أن ننتظر من قيادات الإسلامويين إدانة كل هذا العنف والإرهاب اللفظي الذي يمارس ضد جزء من المغاربة، لأنه ببساطة، سلاحها المعلن من أجل الاستيلاء على دين المغاربة… ولأنه في النهاية، ترجمة لقناعاتها الخفية تجاه المختلفين معها. المختلفين الذين يصفهم أتباعها بالكفرة والملحدين والقردة والخنازير… والذين يهددونهم بقطع الرقاب والحرب الأهلية.

في المقابل… ستجد دائما بعض المحسوبين على ما يسمى بالصف التقدمي والحداثي، يتسابقون إلى اعتبار كل من طالب بوقف استيلاء الإسلامويين على دين المغاربة وتديُّنهم، “استئصاليا” و”إقصائيا”…

رغم أن المعادلة في النهاية بسيطة…

…إذا كان المطروح فعلا، هو…الاختيار بين من يهدد المغاربة في حريتهم… أو من يهددهم في حياتهم، ويتوعدهم بقطع الرقاب! أعتقد أن الاستئصالي والإقصائي هنا، سيكون واضحا للعيان.

الاستئصالي الحقيقي… هو الذي يرى فيك فقط، مشروع جثة… لاحق لها حتى في بعض من إكرام الميت.

هو الذي يراك كما يرى صاحب التعليق الذي افتتحنا به هذا الكلام، المختلفين معه: “كافر…لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين”.

وهذا… بعض من كلام.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *