التواصل الحكومي بالمغرب: ندوة صحافية لناطق رسمي صامت 2/1 - Marayana - مرايانا
×
×

التواصل الحكومي بالمغرب: ندوة صحافية لناطق رسمي صامت 2/1

في كثير من المناسبات، يتخلَّف الناطق الرسمي عن الظهور، وإن ظهر لم يقنع، خاصة في مواضيع ” ارتفاع الأسعار” وملف ” لاسامير”. في المقابل، هناك بعض المواضيع التي كان فيها دقيقا وواقعيا في التفاعل معها، مثل ” التصنيع” و “التغطية الصحية” و “القضية الوطنية”، غير أنها ملفات وأوراش ملكية، هامش التدبير والإبداع فيها محدود بالنسبة للحكومة.

التواصل، ميكانيزم تقوم عليه العلاقات الإنسانية، ظاهرة اجتماعية، سلوك إنساني يستخدمه الأفراد والجماعات والمؤسسات. يمكن القول، باختصار، إن الحياة هي التواصل.

في غياب التواصل، تسقط حلقة مهمة، خصوصا إذا كان بين أفراد ومؤسسات كالتواصل الحكومي.

يشير مارتيال باسكيوير في كتابه “الاتصال الحكومي”، إلى أن هذا الأخير هو جميع أنشطة مؤسسات ومنظمات القطاع العام التي تهدف إلى نقل المعلومات وتبادلها، وذلك بغرض عرض وشرح القرارات والإجراءات الحكومية، وتعزيز شرعيتها، والدفاع عن القيم المعمول بها، والمساعدة في المحافظة على التعاون المجتمعي.

إلى أي مدى يتوافق مفهوم التواصل الحكومي مع المشهد بالمغرب؟

التواصل الحكومي في المغرب، هو باهت، ضعيف، بالنسبة للبعض، وهو…منعدم بالمرة، بالنسبة لآخرين، فيما يتجه المتخصصون، إلى نقد العملية التواصلية الحكومية، معتبرين أن هاته الأخيرة تعتريها أخطاء وانزياحات كثيرة.

خُفوت وحضور موسمي

ابراهيم الشعبي، أستاذ الإعلام، ورئيس المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان، يقول في تصريح لمرايانا، إن ما يقوم به الناطق الرسمي باسم الحكومة من تواصل، لا يعتبر تواصلا حكوميا بل مجرد ندوة صحفية.

الشعبي أكد أن الندوة الصحافية جزء من التواصل الحكومي وليس تواصلا حكوميا، خاصة أنها مرتبطة بمجلس الحكومة. إذا غاب مجلس الحكومة، يغيب التواصل، وقد مررنا من هذه التجربة، فحين يتم، مثلا، إلغاء مجلس حكومي، تُلغى الندوة الصحافية، يقول الشعبي.

حياة الدرعي، المتخصصة في التواصل السياسي، ومديرة مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية مدى، أكدت خلالَ حديث لمرايانا، إنه لا يمكن الحديث عن تواصل الحكومي، بل هو أقرب للدعاية السياسية. تضيف الدرعي: “في غالب الأحيان، نجد أنفسنا أمام خطاب واحد، أمام مرسل دون مستقبل قادر على استيعاب هذا الخطاب والتفاعل معه بشكل تلقائي”.

حسب الدرعي، غالبا ما يغيب التواصل ويتم استبداله بالدعاية لاعتبارات تتعلق أولا، بحكومة تتبنى برنامجا لا تتوفر فيه شروط الانسجام، باعتبار التعدد الحزبي والمرجعي الواسع، وكذلك للوضعية التي تعاني منها الصحافة المغربية في الوقت الحالي.

تقول الدرعي إن الأسئلة الشفوية بمجلسي المستشارين والنواب تُعد فرصة للتواصل الحكومي. لكن السؤال المطروح، هو: ما جدوى التواصل دون القدرة على تحقيق اهتمام مجتمعي به؟ بمعنى أدق، هل المغاربة ينتظرون اللقاءات الأسبوعية ويصنفونها بالموثوقية، وهل تعتبر مرجعا لتحقيق مطالبهم؟ إنها مجرد فرصة للتأكيد على سياسة الحكومة، وفي أحيان عدة تكون الأجوبة فضفاضة وغير ملزمة بإجراءات أو مدد زمنية.

التواصل ليس تواصلاً

رشيد العزوزي، الباحث في الإعلام والتواصل، وصف التواصل الحكومي بالباهت، مورداً، في تصريح لمرايانا، أن أزمة التواصل تعدُّ كارثة، غير أنها أزمة ليست نابعة من قصور في التواصل السياسي، فالحزب الذي يقود الحكومة على وجه التحديد، قام بحملة انتخابية شاملة سخَّر فيها كل ما يمكنه من تسيُّد المشهد السياسي بالمغرب.

الباحث قال إن الحزب استخدم مقاربة مجالية، زار من خلالها المدن الكبرى والمتوسطة، القرى والدواوير، تواصل مباشرة مع النساء والرجال بلغاتهم لكسر الهوة بينهم، انفتح على مواطني البيئة الافتراضية، قدم وعودا كبيرة، سياسياً، اقتصادياً اجتماعياً؛ مدعمة ومعززة بأرقام، من المفروض أن تكون محورَ خرجات الناطق الرسمي للحكومة.

يقول العزوزي إنه في كثير من المناسبات، يتخلَّف الناطق الرسمي عن الظهور، وإن ظهر لم يقنع، خاصة في مواضيع ” ارتفاع الأسعار” وملف ” لاسامير”. في المقابل، هناك بعض المواضيع التي كان فيها دقيقا وواقعيا في التفاعل معها، مثل ” التصنيع” و “التغطية الصحية” و “القضية الوطنية”، غير أنها ملفات وأوراش ملكية، هامش التدبير والإبداع فيها محدود بالنسبة للحكومة.

يؤكد إبراهيم الشعبي أنه عندما نتحدث عن التواصل الحكومي، فإنه يكونُ مستمرا خلال الولاية الحكومية، وليس فقط في ندوة صحافية عقب المجلس الحكومي، بل يجب أن تكون له آليات متعددة كالبلاغات الصحافية (الواضحة وليست الفضفاضة)، الحملات الإعلامية المستمرة في الزمان والمكان، إلخ. غير أن غياب هاته الآليات يضعف التواصل الحكومي في المغرب.

حسب الشعبي، فإن التواصل الحكومي ضروري لمواكبة كل الأحداث والوقائع بالمغرب والتي يحتاج فيها المواطن إلى معلومات رسمية سليمة من الناطق الرسمي باسم الحكومة، والذي يمثل الحكومة عندما يتكلم أمام الصحافيات والصحافيين.

في الجزء الثاني، سنحاول الحديث عن أسباب العجز التواصلي وهل وهل إضعاف المشهد الحزبي وغياب العقل التواصلي أثَّر سلباً على عمل الحكومة؟ كما سنحاول الإجابة عن سؤال أساسي؛ هل من آليات تواصلية حقيقية؟

مقالات قد تهمك:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *