التحايل على الإذن بتعدد الزّوجات: قرار جديد للمجلس الأعلى للسلطة القضائية - Marayana - مرايانا
×
×

التحايل على الإذن بتعدد الزّوجات: قرار جديد للمجلس الأعلى للسلطة القضائية

رغم وجود قانون مؤطر ومقيد لتعدد الزوجات، فإن كثيرا من الأزواج يسلكون صيغ تحايلٍ للظفر بالإذن بتعدد الزوجات، بل واستعماله بتأويل خاطئ يمكنهم من الزواج بأكثر من امرأة…

محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بعث مراسلة للرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية ورؤساء أقسام قضاء الأسرة، ينبّه فيها إلى ضرورة التصدي لبعض أشكال استغلال الإذن بتعدد الزوجات…

في هذه المراسلة، يخاطب عبد النباوي رؤساء المؤسسات المعنيّة، قائلا: لا يخفى عليكم أن مدونة الأسرة نصّت على مسطرة قانونية دقيقة ومضبوطة من أجل الحصول على الإذن بتعدد الزوجات، وهي مسطرة يجب مراعاتها واحترامها. وقد نصت المدونة أيضا على تجريم أعمال التدليس المرتكبة للتملص من اتباع الإجراءات المسطرية المقررة للحصول على إذن قضائي بالتعدد. وذلك من أجل حماية الأسرة وتماسكها وصيانة لحقوق الزوجات (المادتان 43 و66 من مدونة الأسرة).

غير أنّ النقطة التي يشدد عليها الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أنّه “قد أثار انتباهه توصّل المجلس الأعلى للسلطة القضائية بمعلومات تفيد استعمال بعض الأزواج المأذون لهم بالتعدد لنفس الإذن عدة مرات، لإبرام عقود زواج غير مأذون بها، دون اللجوء إلى المحكمة لاستصدار إذن جديد بالتعدد، مستغلين عدم تضمين اسم المراد التزوج بها بالإذن بالتعدد الممنوح لهم”.

وهو ما يتضح منه أنّ “عدم تضمين أسماء المراد التزوج بهن في الإذن بالتعدد، يفتح المجال للتحايل واستعمال الإذن الممنوح لعدة مرات كأنه شيك على بياض. وهو ما يفرغ النصوص القانونية الموضوعة لحماية الأسرة من محتواها ويفقدها نجاعتها، كما أنه يعصف بالحقوق المقررة للزوجة في مسطرة التعدد، ومن ذلك حقها في التعرف على الزوجة التي يعتزم زوجها الاقتران بها، وتمكينها من فرض شروط لفائدتها أو لمصلحة أطفالها عن بيئة واختيار، في إطار المسطرة المنصوص عليها في المادتين 44 و45 من المدونة. موازاة مع حق المراد التزوج بها في حالة الإذن بالتعدد في أن يشعرها القاضي قبل العقد عليها بأن مريد الزواج بها متزوج بغيرها، وترضى بذلك (المادة 46 من مدونة الأسرة)”.

في الأصل، يُمنح “الإذن بالتعدد في شكل مقرر قضائي يتعلق بواقعة محددة ومعينة بذاتها، ولا تتعدى حجيته الوقائع التي صدر من أجلها. لذلك، ينبغي أن يكون “المقرر القضائي الصادر بمنحه حق التعدد واضحا في صياغته، دقيقا في منطوقه لأجل تلافي كثرة التأويلات في استعماله أو عند تنفيذه، وفي الحالة الراهنة لا يستعمل لإبرام عدة زيجات بدل زيجة واحدة. وهو ما يقتضي أن تكون طلبات الأطراف محددة بكل وضوح ودقة وتخمن وضعيات محددة”.

الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية دعا المعنيين بالمراسلة إلى العمل على تضمين الإذن بالتعدد الذي تمنحه الهيئات القضائية المختصة كافة المعلومات المتعلقة بالأطراف، بما فيها اسم المراد التزوج بها من طرف طالب الإذن بالتعدد، حتى لا يستعمل في زيجات متعددة، وإخبار المجلس الأعلى للسلطة القضائية بما قد يعترضهم من صعوبات في هذا الصدد.

لكن، الذي يبدو أنّ هذه الخطوة تروم، فقط، الحدّ من التحايل على الإذن فيما يخصّ تعدّد الزوجات، فيما يظهر بوضوح الإبقاء على الأصل: التعدد. بيد أنّ منع التّحايل قد يكون خطوة نحو تعديل شامل وجذريّ لمدوّنة الأسرة… فهل نسمع قريبا بتر تعدد الزوجات من مدونة الأسرة، بعد مطالبة الملك محمد السادس بضرورة إعادة النظر في مدونة الأسرة المغربية المعمول بها منذ 2004؟

ينطبق هذا السؤال بالضّرورة على قضايا أخرى من قبيل حضانة الأطفال والنّيابة الشّرعية وتزويج القاصرات، إلخ. لكن… سيبقى سؤالاً ذا جدوى حتى تتغير المدوّنة، علنا نعثر على جواب يستجيب لشروط الواقع ومختلف التحوّلات التي همّت المجتمع المغربي.

مقالات قد تثير اهتمامك:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *