كلميمة… برلمانيان من الأحرار والبام ومستثمرون يهددون المنطقة بالعجز المائي والعطش… - Marayana - مرايانا
×
×

كلميمة… برلمانيان من الأحرار والبام ومستثمرون يهددون المنطقة بالعجز المائي والعطش…

المنطقة تعَاني من نُدرة مائية تكادُ تصبح عجزاً مائياً بكلميمة، على اعتبار أنّ المنطقة ذات مناخ شبه صحراوي جاف وقليل التّساقطات. فضلاً عن انعدام سدّ يزوّد المدينة والقرى المجاورة لها بالمياه بشكل قارّ ومُريح، كما هو الحال بالنسبة للرّاشيدية وأوفوس وأرفود والريصاني، التي تستفيدُ من سدّ الحسن الدّاخل.

كلّ ما في الحكاية أنّ الجَماعة السّلالية لتاديغوست قامت بتوقيع عقد كراء مع البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة الحو المربوح من ماللّعب وتُورُوك، والبرلماني من تنغير، عدي خزو، عن التجمع الوطني للأحرار، إلى جانبِ ستّة مستثمرين من ذوي الحقوق، لـ”تدشين” الاستثمار في “مِنطقة حمراء” نواحي كلميمة.

المشروع، الذي تمّ تفويته، يأتي على مساحة 900 هكتار، من الأماكن “المُحرّمة” بقوة العُرف والواقع على الاستثمار أو الاستغلال “غير المُعقلن” للعيون المائية.

وكالة الحوض المائي منذ 2017: “خلاصة الدراسات الهيدرولوجية والهيدروجيولوجية والجيوفيزيائية التي قامت بها الوكالة أبانت عن محدودية الموارد المائية خاصة الجوفية منها حيث لا يمكن الرهان عليها قصد إنجاز مشاريع فلاحية إضافية”.

يُنظَر إلى تلك المنطقة على أنّها “حمراء”، بحكم أنّ الآبار إذا حُفرت في تلك الأراضي تحديداً، فإنّ العين التي تسقي المنطقة كاملة، وكلميمة، وغريس العلوي، وغريس السفلي، وتلوين، تغدو مهدّدة بالنضوب.

… مخاوفٌ تعالت من جديد من عودَة كابوس العطش الذي أفجع من قبل ألنيف وتنجداد وزاكُورة، والذي، عملياً، باتَ يهدّد واحة كلميمة التي تضُم ثلاثَ جماعات وتزودها بالمياه، ومنها الماء الصّالحُ للشّرب.

أصلاً، المنطقة تعَاني من نُدرة مائية تكادُ تصبح عجزاً مائياً بكلميمة، على اعتبار أنّ المنطقة ذات مناخ شبه صحراوي جاف وقليل التّساقطات. فضلاً عن انعدام سدّ يزوّد المدينة والقرى المجاورة لها بالمياه بشكل قارّ ومُريح، كما هو الحال بالنسبة للرّاشيدية وأوفوس وأرفود والريصاني، التي تستفيدُ من سدّ الحسن الدّاخل.

… مرايانا تقتفي أثر ما يحدثُ في المنطقة على لسان فلاّحين وساكنة وحقوقيين بكلميمة!

المنطقة الحمراء… لغزُ الحكاية!

وفق ما عبّرت عنهُ السّاكنة لمرايانا، فإن أصل اعتبار المنطقة حمراء محرّمة، يعودُ إلى الستينيات أو السبعينيات، حين تمّ حفرُ بئر نواحي تاديغوست. وكان للخطوة أثر سلبيّ على عُيون تافوناسين. من هناك خوفاً على جفاف منابع الماء، أصبح العُرف سارياً، بأنّ المِنطقة حمرَاء.

في رواية أخرى، يقول أحدُ الفلاحين لمرايانا، إنّ المَناطق الحمراء من توصيات المُستعمر، الذي كان قد أكّد، إبّان فترة الحماية، أنّه على بعد عشرين كيلومتراً من العيون المائية بمنطقة كلميمة، لا ينبغي حفر أي بئر، لأنه سيأتي على منابع الماء. بينما هذا المشروع، اليوم، يبعد فقط بسبعة كيلومترات عن العين، وهو بالتالي لا يحترمُ العرف السّاري، بالأحرى التّوصية.

في تصريحه لمرايانا، قال الحسين نعدي، رئيس فرع جمعية أفريكا لحقوق الانسان بگلميمة، إنّ المقلق في الأمر هو كونَ السّلطة ذاهبة في اتجاه أنّ المسألة ستأخذ مجراها بشكل عاديّ، ولن يتمّ التراجع عن المشروع الاستثماري الضّخم.

نعدي يرى أنّ الملفّ تفوحُ منه رائحة “الزّبونية” واستغلال النّفوذ، لأنّه “مادام العرفُ يعتبرُ المِنطقة حمراء، ومحرّمة على الاستثمار، فكيف ترفضُ السلطة مطالب ذوي الحقوق بهذه الذّريعة، وتسمحُ لهؤلاء البرلمانيين، في ثوب مستثمرين، باستغلال تلكَ المنطقة تحديداً؟”.

“حتى لو لم تؤدِّ المشاريع، محلّ النزاع، إلى جفاف منابع المياه، فحتماً توافد المزيد من المستثمرين في المستقبل القريب سيؤدي إلى ذلك، لأنه لا يمكن أن تمنع شخصاً من الاستثمار وأنت قدمتَ رخصاً لآخرين قبله”

لا يخفي ابن المنطقة كونه أيضاً من ذوي الحقوق الذين ينتظرون التّساقطات المطرية بانتظام، لسقي حقول “الزّرع” المتواجدة بين كلميمة وتاديغوست، ولكن لا يعتمدون في ريّها على العيون ولا الآبار. أحياناً، طال انتظار الغيث لقرابة العشر سنوات، دون استغلالها نهائياً.

في محاولة لرصد الوضعية المائية بالمنطقة، يقول نعدي إنّ هناك مناطق تعاني صيفاً على وجه الخصوص من كلّ عام، مثلاً غريس السّفلي وغريس العُلوي، حيثُ صبيب المياه القادم من عيون تافوناسين لا يكفي، فتتمّ الاستعانة بالآبار، رغم أنّها مكلّفة بالنّسبة للفلاحين الصّغار.

أمّا الفلاح لحسن كجي، الناطق باسم الفلاحين خلال تواصله مع مرايانا، فإنّه لا يُخفي عزم السّاكنة اللّجوء إلى “موجة من التصعيد، في حال استمرّ المشروع الاستثماري في التّمور والدّلاح، رغماً عنهم، مهدّداً أمنهم المائيّ؛ لأن ذلك سيكون إعلان حرب ضدّ الساكنة، ومن يمسّ الماء الخاص بنا يمسّ حياتنا بشكل مباشر، بل يحاولُ سلبنا نصيبنا من الاستقرار الذي يضمنه تواجد الماء.”

لحسن كجي أضاف متسائلاً: “هل ممثلو الأمة من واجبهم مُراعاة مصالحنا وحمايتها، أم أنّ الخراب للمنطقة يأتي من أنانيتهم واستغلال نفوذهم لمصالحهم الشّخصية؟ وإذا كان المغاربة سواسية أمام القانون، فلماذا رفضت طلبات ذوي الحقوق سابقاً ولكن لم ترفض طلبات “ذوي النّفوذ”؟.

الغريبُ أنّ المغرب مقبل على أزمة ماء حقيقية؛ إذ منذُ سنة 2013، أصدرت مندوبية المياه والغابات تقريراً يوضحُ أنّ حصة الفرد المغربي  تضاءلتْ من الماء بشكل لافت، لتنتقل من 2500 متر مكعب في العام، خلال سنوات الثمانينيات، إلى 1010 أمتار مكعب في عام 2000، ثم تدهورت في عام 2013، لتصل حصة الفرد إلى 720 متر مكعب.

يبرز التقرير كذلك أن “توزيع حصة المياه هذه ليس متساويا في كافة أنحاء المغرب؛ فحصة الفرد في المناطق الشمالية يمكن أن تتجاوز في السنة 2000 متر مكعب، بينما لا تتجاوز في المناطق الجنوبية، 150 مترا مكعبا للفرد الواحد سنويا”، كما بينّا في ملفّ سابق على مرايانا.

المنطقة الحمراء… بينَ رأيين!

من جهته، علّق سعيد أقريال، المدير الجهوي للفلاحة بجهة درعة تافيلالت، بأن هناك معايير نتّخذها في الجانب الاستِثماري في القطاع الفلاحي بالمنطقة، وعملنا يتمّ بالتنسيق مع وكالة الحوض المائي لدراسة أي وضع، ولا يمكنُ أن نسمح بالمساس بالفرشة المائية، لأن أحد أدوارنا الأساسية هي الحفاظ على الخيرات المائية، نظراً لوعينا ودرايتنا بأهميتها.

كما أضاف أقريال، في تصريح خصّ به مرايانا، أن الاستثمار كان دائما في حدود الإمكانات التي توفّرها الفرشة المائية، ولا تقدم المديرية الجهوية رخصاً خارج القانون، أو في حال تبيّن إمكانية حدُوث استِغلال مُفرط للفُرشة.

المشاريع التي تمرّ على المديرية الجهوية أو المجلس الجهوي للاستثمار الفلاحي، يضيف أقريال، “تأخذ بعين الاعتبار الاستعمال المعقلن للمياه، مراعاةً للطابع الخاص الذي تتميّزُ به المنطقة. لذلك نوصي باعتماد السّقي بالتّنقيط، وهذا الأمر مثلاً يحتاج إلى خبرة ودراسات”.

في ذات السّياق، عقد اجتماع جمع ممثلين عن أراضي الجموع وأعضاء الجماعات السلالية ورئيس الدائرة بالنيابة، يوم 5 أبريل 2021.

الملفّ تفوحُ منه رائحة “الزّبونية” واستغلال النّفوذ، لأنّه “مادام العرفُ يعتبرُ المِنطقة حمراء، ومحرّمة على الاستثمار، فكيف ترفضُ السلطة مطالب ذوي الحقوق بهذه الذّريعة، وتسمحُ لهؤلاء البرلمانيين، في ثوب مستثمرين، باستغلال تلكَ المنطقة تحديداً؟”

محضرُ الاجتماع الذي توصلت به مرايانا بشكل حصريّ، أشار إلى أنّ وكالة الحوضُ المائي ترى أنّه لا يُوجد ظاهرياً أي تأثير للأثقاب بالفرشة المائية.

ثمّ تعهّدتْ، أمام حقوقيين وممثّلين للجماعات السّلالية لكلميمة في ذات اللقاء، بالقيام بخبرة تقنية لمعاينة الوضع وما يمكنُ أن تؤُول إليه الفُرشة المائِية في حال استمرار المشرُوع بشكل عاديّ.

التقارير التي ستخرجُ بها اللجنة التقنية، هي التي ستحدد بدقة هل بالفعل هذه المشاريع ستؤدّي إلى إتلاف المورد المائي بعين تافوناسين؛ مع موافاة السّلطة المحلية بهذا التقرير داخل أجل لا يتعدى 15 يوما.

لكنّ المثير أنّ وثيقة إدارية موجهة إلى والي جهة درعة تافيلالت وعامل إقليم الرشيدية، من طرف وكالة الحوض المائي لمناطق اغريس ـ كير ـ زيز منذ سنة 2017، وموقعة من طرف المدير، سبق أن أكّدت “أن خلاصة الدراسات الهيدرولوجية والهيدروجيولوجية والجيوفيزيائية التي قامت بها الوكالة أبانت عن محدودية الموارد المائية خاصة الجوفية منها حيث لا يمكن الرهان عليها قصد إنجاز مشاريع فلاحية إضافية”.

الخطِير، أيضاً، أنّ السّاكنة اعتبرت أن “تفويت الرّخص للمستثمرين، البرلمانيين خصوصاً، تمّ بشكل غامضٍ ويثيرُ تساؤلات، وحتى الخبرة ستظلّ مثار شكوك، في نظرهم”، حسب ما أفاده لحسن كجي أحد الفلاّحين بالمِنطقة المعنية لمرايانا.

نفس الرأي يتبنّاهُ نعمان الغريسي، الرئيس الجهوي للهيئة المغربية لحماية المواطنة والمال العام بجهة درعة تافيلالت، إذ يقول، خلال حواره مع مرايانا، إنّ “الخِبرة يمكنُ أن تبيّن أنه بالفعل، المشاريع لا تؤدي إلى تدمير الفرشة المائية، قياساً على مشروعين أو ثلاثة. ولكن، هل من شأن تلك الدراسة أو الخبرة أن تنزع حقّ الاستثمار من آخرين، أي أن هناك استثمارات ستأتي فيما بعد ولن تتناولها الخبرة؟”.

الغاية من هذا السؤال، هي الدّفاع عن فكرة أنّه “حتى لو لم تؤدِّ المشاريع، محلّ النزاع، إلى جفاف منابع المياه، فحتماً توافد المزيد من المستثمرين في المستقبل القريب سيؤدي إلى ذلك، لأنه لا يمكن أن تمنع شخصاً من الاستثمار وأنت قدمتَ رخصاً لآخرين قبله، وإلا ستكون انتقائياً، وتنكشفُ اللّعبة في جذورها”.

ينبغي أن “يتوقف كلّ هذا النقاش العرضي، وأن يتم التركيز على نقطة مهمة وحاسمة، وهي أنّ هذا الاستثمار فوق منابع الماء، سيؤدي إلى كارثة، “وغادي يخرج على كلميمة والنواحي”، يقُول لغريسي بحُرقة.

يضيف الحقوقي أنّ الأمطار لا تتهاطل إلاّ نادراً في المنطقة، وبالتالي “إذا اتّسعت رقعة الاستثمار وحُفرت مئات الآبار بعدها، فستستنزف كمّيات المياه الباطنية المتوفرة… وإذا استمرّ الحالُ، لا شكّ أن المستقبل يخفي شبح الجفاف، وحِينها لن نجد ماءً لا للشرب ولا لتنظيف ملابسنا وثياب أطفالنا ولا الاغتسال.”

الساكنة ليست “ضدّ الاستِثمار، بل ينبَغي تهييئُ شُروطه ببناء سدود في المنطقة، وتنسيقيتنا التي تضمّ عدة جمعيات تُحمّل المسؤولية لوزارة الداخلية وممثليها في الإقليم والمدينة، من والي صاحب الجلالة وعامل إقليم الراشيدية، وقائد جماعة تاديغوست، الذين رخّصوا للاسثتمار وحفر الآبار في منطقة حمراء”، يختمُ الغريسي.

في النّهاية، يتّضحُ أنّ النقاش ملخّصه أنّ الساكنة تتشبّث بأنه لا تصحّ “كثرة” الاستثمار الفلاحي أمام “ندرة” المياه و”قلّة” التّساقطات؛ وغياب سدّ يضمن نصيباً من الماء؛ وإلا سيتحالفُ الجَفاف مع حرارة الجو المفرطة، ولا يصبحُ أي دافع للعيش في كلميمة ونواحيها… ولن يتبقى أمام الساكنة سوى الرّحيل!

الإشكال الذي تخلصُ إليه مرايانا، يكمنُ في أنه، في حال تم السماح لهذا المشروع في السير في ظُروف عادية، ولو على حساب حقّ السّاكنة في الماء؛ فعلى الأمد القصير، ربما، ستصبح المنطقة مغرية لباقي المستثمرين. وعلى المدى الطّويل، ستجدُ كلميمة أراضيها قاحلةً وساكنتها مهاجرة… لمناطِق تعرِف وفرَة في المَاء…

فهل سيعجّل هذا النقاش بتشيِيد سدّ بالمنطقة لإنقاذها؟

سؤال حارق… ينبغي أن تجيبَ عنه الدّولة، قبل أن يطرد الجفاف السّاكنة!

صور لبعض الأحواض التي بدأت إحدى الشّركات في حفرها في المنطقة الحمراء:

مقالات قد تثير اهتمامك:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *