الحسن الوزان… العيش بين عالمين (الجزء الأول) - Marayana - مرايانا
×
×

الحسن الوزان… العيش بين عالمين (الجزء الأول)

ليون الإفريقي أو الحسن بن محمد الوزان.
اسمان لرجل واحد، عاش ممزقا بين هويتين، بين تاريخين، بين ديانتين، في فترة كانت أوج الصراع والاضطراب.
مرايانا تخصص هذا الملف لبعض الثنائيات التي أطرت حياة هذا الرجل وكتاباته. هو الذي تنقل بين عالمين، العالم الإسلامي الذي كان يدخل عصور انحطاطه، والعالم الأوروبي الذي كان يدخل مرحلة نهضته. وبين العالمين كتبت حياة الرجل، وسيرته.

أن تحمل اسمين، أن تعيش ضمن ثقافتين متناقضتين بل ومتحاربتين، أن يقربك رجلا سلطة متصارعين، جمعا بين السياسة والدين، وأن تجد نفسك بهويتين، في نسق لا يقبل إلا الواحد، وأن تنتقل من الحج إلى الفاتيكان، ومن الإسلام إلى المسيحية…

هل هي لعنة؟ أم تجربة تستحق أن تعاش؟

لا أحد يستطيع الجواب غير من خاضها؛ وليس بإمكاننا غير أن نحاول العثور على الجواب في ثنايا ما خطه. من هنا كان بحثنا وراء ليون الإفريقي أو الحسن بن محمد الوزان.

اسمان لرجل واحد، عاش ممزقا بين هويتين، بين تاريخين، بين ديانتين، في فترة كانت أوج الصراع والاضطراب.

مرايانا تخصص هذا الملف لبعض الثنائيات التي أطرت حياة هذا الرجل وكتاباته. هو الذي تنقل بين عالمين، العالم الإسلامي الذي كان يدخل عصور انحطاطه، والعالم الأوروبي الذي كان يدخل مرحلة نهضته. وبين العالمين كتبت حياة الرجل، وسيرته.

نبوغ الوزان ونجاحه في أدواره، جعل السلطان الوطاسي محمد البرتغالي يسند إليه مهمات خارجية نجح في كثير منها. في إحداها… سيحدث ما سيغير وجهة وتاريخ الوزان رأسا على عقب.

في هذا الملف، نسلط الضوء أيضا، على بعض ما خطه في كتابه وصف إفريقيا حول مدينة فاس. وقد وقع اختيارنا على فاس لأنها، من جهة، كانت عاصمة الحكم المركزي في المغرب آنذاك، ولأنها تجسد عددا من التناقضات التي يكشف عنها الوزان في كتابه، من جهة أخرى.

أثناء بحثنا في سيرة الرجل، اعتمدنا بالأساس على الطبعة الثانية من الترجمة العربية لكتاب وصف إفريقيا لليون الافريقي، والتي قام بها كل من محمد حجي ومحمد الأخضر، وصدرت سنة 1982. كما راجعنا في بعض الأحيان، النسخة الفرنسية التي قدم لها شفير والصادرة سنة 1896، فيما فضلنا عدم الاعتماد على رواية أمين معلوف “ليون الافريقي”، وذلك لأنه قد اختلط فيها التاريخي بالتخيلي.

من بني زيات إلى الهجرة الموريسكية.

ترجع أصول الحسن بن محمد الوزان، إلى قبيلة بني زيات الزناتية، والتي توجد بين البحر المتوسط وواد لاو وتطوان، كانت أسرته قد استقرت في مدينة غرناطة، واعتبرت من أسرها المرموقة.

في غرناطة سيولد، قبيل سقوطها في يد الإسبانيين إثر حروب الاسترداد. لم يضبط تاريخ دقيق لولادته، وإن كان الباحثون قد رجحوا ثلاثة تواريخ (1483 أو 1495 أو 1500)، وقد ذهب أغلبهم إلى أن سنة 1483 هي التاريخ الدقيق لولادته.

اقرأ أيضا: حزن الظن: معركة وادي المخازن أو عندما يَصُمُّ رنين الذهب عقل التاريخ

سيعيش الوزان رحلة تيه طويلة، ستبدأ بعد سقوط غرناطة آخر ممالك المسلمين في يد الاسبان، سنة 1492، وطرد من بها من المسلمين، حيث قدمت أسرة الحسن الوزان صوب فاس، على غرار عدد من الأسر الموريسكية، الذين وجدوا في المدينة ملاذا آمنا بعدما ضاقت بهم السبل.

لم يكن المغرب أفضل حالا من الاندلس آنذاك، فقد عجز الوطاسيون عن فرض سلطتهم على المغرب كاملا، ليتمزق إلى مملكتين، واحدة في الشمال والأخرى في الجنوب، إضافة لعدد من الإمارات المستقلة في عدد من الأطراف، عدا عن احتلال البرتغال لعدد من الثغور المغربية على امتداد البحر المتوسط والمحيط الأطلسي.

ذكاء يلفت أنظار السلطان

واقع التمزق والفرقة وبداية عصور الانحطاط، لم يمنعا الموريسكيين من الاندماج في الحياة الجديدة، بل منهم من ترقى إلى أعلى الدرجات.

في هذا السياق، كان والد الوزان أحد أصحاب الحظوة عند السلطان الوطاسي، بينما كان الحسن بن محمد يتتلمذ على يد عدد من علماء القرويين، حيث برع في علوم اللغة وآدابها، والعقائد والفقه والتصوف، والتفسير والقراءات والحديث والسير، والحساب والفلك والمنطق وغيرها من العلوم، التي كانت تدرس آنذاك بجامع القرويين. كما كان يرافق والده في رحلات إلى الريف والأطلس المتوسط، إذ أن والده كان مكلفا بجمع الضرائب في هذه المناطق لصالح السلطان الوطاسي.

بفضل براعته وذكائه، سيصبح الوزان ضمن الأطر المسيرة لأحد البيمارستانات بفاس، قبل أن يصبح أحد عدول فاس الرسميين في سن مبكرة، وهو ما لفت إليه أنظار السلطان الوطاسي محمد البرتغالي، فقربه إليه واتخذه من رجال بلاطه، كما كلفه بالقيام بعدد من الرحلات في المغرب وخارجه، كان يدون تفاصيل كثير منها، ليجمعها فيما بعد في كتاب وصف افريقيا.

بفضل براعته وذكائه، سيصبح الوزان ضمن الأطر المسيرة لأحد البيمارستانات بفاس، قبل أن يصبح أحد عدول فاس الرسميين في سن مبكرة، وهو ما لفت إليه أنظار السلطان الوطاسي محمد البرتغالي، فقربه إليه واتخذه من رجال بلاطه، كما كلفه بالقيام بعدد من الرحلات في المغرب وخارجه، كان يدون تفاصيل كثير منها، ليجمعها فيما بعد في كتاب وصف افريقيا.

الوزان .. وسيط بين الوطاسيين والسعديين

تمكن الوزان من الحصول على ثقة السلطان محمد البرتغالي، فأسند إليه عددا من المهام السياسية البالغة الأهمية، والتي يعتبر إسنادها إلى من في مثل سنه مغامرة. من بين هذه المهام التي كلف بها الحسن الوزان، كانت الوساطة بين الشريف السعدي محمد القائم بأمر الله، والسلطان الوطاسي محمد البرتغالي.

خلال تلك الفترة، كان السعديون قد ظهروا كإمارة مستقلة، رفعت شعار الجهاد من أجل تحرير الثغور. وكان الشريف السعدي محمد القائم بأمر الله، قد بويع من طرف عدد من القبائل. بيد أنه، ورغم ذلك، كانت علاقته طيبة مع الوطاسيين، على اعتبار أنها إمارة قامت على الجهاد.

اقرأ أيضا: مغرب القرن الـ18 بعيون أسيرة هولندية: في قصر السلطان عبد الله بن إسماعيل… (الجزء الثاني)

كان الوزان مبعوثا بينهما عددا من المرات، كما لعب دورا في سيادة الأجواء الودية بين الطرفين.

السلطان محمد البرتغالي أسند إلى الوزان أيضا، مهمة محاولة استمالة يحيى بن تعففت، أحد القادة المحليين ببلاد عبدة، والذي والى البرتغاليين، ووضع بلاد عبدة ودكالة وجزء من تادلا تحت حمايتهم. ورغم أن محاولة الوزان لم تفلح في استمالته، إلا أنه تمكن من تأليب السعديين عليه حتى قضوا عليه.

نبوغ الوزان ونجاحه في أدواره، جعل السلطان الوطاسي محمد البرتغالي يسند إليه مهمات خارجية نجح في كثير منها. في إحداها… سيحدث ما سيغير وجهة وتاريخ الوزان رأسا على عقب.

في الجزء الثاني نتعرف على كيفية تحول الوزان من الإسلام للمسيحية، وقصة أسره، وكتابه وصف إفريقيا.

لقراءة الجزء الثانيبين الإسلام والمسيحية. من الحسن الوزان… إلى ليون الإفريقي (الجزء الثاني)

لقراءة الجزء الثالث: الحسن الوزان/ ليون الإفريقي. “وصف إفريقيا” الذي ملأ الدنيا وشغل الناس (الجزء الثالث)

لقراءة الجزء الرابع: ليون الإفريقي… تعميم التعليم والصحة زمن الوطاسيين (الجزء الرابع)

لقراءة الجزء الخامس: ليون الإفريقي… فاس مدينة الحانات ودور البغاء (الجزء الخامس والأخير)

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *