الحسن الصباح والاستيلاء على قلعة “ألموت” وبداية الاغتيالات… 4/2 - Marayana - مرايانا
×
×

الحسن الصباح والاستيلاء على قلعة “ألموت” وبداية الاغتيالات… 4/2حركة الحشاشين...أخطر حركة ثورية عرفها التاريخ الإسلامي؟ الجزء الثاني

كان هذا هو الأسلوب الذي اعتمدته حركة الحشاشين، عبر قائدها الحسن الصباح، على مدى تاريخ طويل من الصراع مع الخصوم؛ أي العمليات الفدائية الانتقائية، التي كانت تنتهي في الغالب بقتل منفذها، عوض الدخول مع الخصوم في مواجهة عسكرية مباشرة

كانت بوادر نهاية الدولة الفاطمية الإسماعيلية في مصر والانتكاسات السياسية المتتالية للإسماعيلية في إيران، كما عرفنا في الجزء الأول من هذا الملف، بداية التفكير في البحث عن أسلوب عمل جديد.

أسلوب سيقعد له رجل اسمه الحسن الصباح، مؤسس الدعوة الإسماعيلية الجديدة، أو ما يعرف بـ”حركة الحشاشين”… فمن يكون الحسن الصباح؟ وكيف انتهى إلى تأسيس حركة الحشاشين؟ ما الأسلوب الجديد الذي اعتمد عليه؟ ثم كيف بدأت حركته في الظهور على مسرح الأحداث التاريخية؟ ذاك ما سنكتشفه في هذا الجزء، الثاني، من هذا الملف.

يورد المؤرخون أكثر من تاريخ لميلاد الحسن الصباح، لكن أرجحها يظل عام 428 للهجرة. ولد الصباح في “قم” الإيرانية، وقد كانت -وما زالت- مركزا أساسيا للشيعة الاثنا عشرية (وقد رأينا في الجزء الأول أصل نشأة هذه الفرقة).

إلى غاية عمر الـ17، كان الصباح على عقيدة أجداده؛ أي الاثنا عشرية. بعد ذلك، التقى برجل يدعى عميرة زاراب، كان يدعو إلى الإسماعيلية… بعد مناظرات عدة، أقنع زاراب الصباح، فتحول إلى عقيدته الجديدة هذه.

اقرأ أيضا: هل يسطو خامنئي على شيعة العراق؟ ولاية الفقيه أم الدولة المدنية؟

كما ذكرنا في الجزء الأول، أقسم الصباح يمين الولاء للإمام الفاطمي، وكان عليه أن يذهب إلى مصر ليقدم نفسه في بلاط الخليفة.

حين صدرت أوامر باقتفاء أثر الحشاشين من طرف السلطات السلجوقية، فكر الحسن الصباح في الحصول على حصن منيع، يحميه وأنصاره. هكذا، اتجهت عيناه نحو الشمال، حيث هضبة الديلم وقلعة آلموت.

عام 1078، استقبل البلاط الفاطمي، الصباحَ، بحفاوة. مكث الأخير هناك ثلاث سنوات. لكن، كما ذكرنا سابقا، ونوضح ذلك الآن، اختلف الصباح مع أمير الجيوش، بدر الجمالي، بسبب تأييده لنزار. فأُدخل السجن، ثم طرد من البلاد وعاد إلى إيران، وراح على اتساعها ينشر الدعوة الإسماعيلية.

على مدى تسع سنوات بعد ذلك، مارس الدعوة واكتسب أنصارا، وراح ينتقل سريا وبحذر بالغ، حتى إنه وأنصاره، دعوا مؤذنا في أصفهان إلى عقيدتهم، وحين رفض، اغتالوه حتى لا يكشف أمرهم.

أخذت السلطات السلجوقية، منذ ذلك الحين، تتنبه إلى خطرهم، وإلى أنهم ليسوا مجرد جماعة عقائدية، إنما لهم توجهات توسعية، تشكل خطرا على استقرار وأمن السلطة.

اقرأ أيضا: تساؤلات جديدة حول اجتماع السقيفة

حين صدرت أوامر باقتفاء أثرهم، فكر الحسن الصباح في الحصول على حصن منيع، يحميه وأنصاره. هكذا، اتجهت عيناه نحو الشمال، حيث هضبة الديلم، وقد كان لاختياره هذا، سببان.

السبب الأول أن غالبية سكان الديلم شيعة، ومن ثم أكثر استعدادا من غيرهم لاعتناق الإسماعيلية. ثم إنهم شديدو البأس، ولديهم نفور من السلطات السنية.

السبب الثاني يتعلق بطبيعة المنطقة الجغرافية، إذ كانت وعرة وطرقها عسيرة المسالك، وبها قلاع وحصون كثيرة يصعب اقتحامها.

يزعم الكثيرون أن قلعة ألموت هذه كانت بها حدائق تشبه الجنة، بناها الصباح للتأثير في رجاله حتى يتحكم فيهم، بيد أن أغلب الكتابات دحضت ذلك.

كانت قلعة “ألموت” أحصن قلاع المنطقة، وقد قرر الحسن بعد دراسة متأنية الحصول عليها. يومها كانت تحت رعاية وضمان “شرشفاه الجعفري” وقد استناب فيها رجلا علويا.

هنا استخدم الحسن أسلوبه الجديد. بث رجاله في المنطقة واستطاع جذب مزيد من الأنصار، بل واستطاعوا التأثير في صاحب القلعة حتى. عندما استمال أهلها بفضل قدرته على الإقناع وإظهاره للزهد والتقوى، دخل يوما على العلوي بالقلعة، ثم قال له: أخرج من هذه القلعة.

تبسم العلوي يظن أن الصباح يمزح، لكن الأخير أمر أصحابه بإخراجه، وذلك ما كان بعد أن دفع له ثمن القلعة، وقدر حينذاك وفق بعض المصادر، بـ3000 دينار ذهبي.

اقرأ أيضا: الوجه الآخر لصلاح الدين الأيوبي… كما رسمته المصادر الإسلامية السنية 1/5

يزعم الكثيرون أن قلعة ألموت هذه كانت معقلا تاريخيا للحشاشين، وأن بها حدائق تشبه الجنة، بناها الصباح للتأثير في رجاله حتى يتحكم فيهم، بيد أن أغلب الكتابات دحضت ذلك، لأن مناخ المنطقة شديد البرودة، ويتساقط فيها الجليد لأكثر من ستة أشهر في السنة.

خبر استيلاء الصباح على القلعة لن يمر مرور الكرام. حين وصل الخبر إلى السلطان السلجوقي ملكشاه ووزيره نظام الدين، أدركا خطورة ذلك، وقررا الدخول في مفاوضات سلمية مع الصباح، وإذا رفض التخلي عن القلعة أعلنا الحرب عليه.

استطاع الحسن، بِرَدّ دبلوماسي، أن يهدئ من روعهما، معلنا عن طاعته لهما؛ بيد أنه واصل جهوده لنشر دعوته، حتى سيطر على إقليم اسمه “رود بار”، واكتسب ولاء سكانه.

هذا ما لم يهضمه السلطان، فقرر محاصرة القلعة. بيد أنه توفي بعد ذلك، فقرر قائد حملته فك الحصار والعودة من حيث جاء.

قبل وفاة السلطان ملكشاه، كان التاريخ قد سجل بداية اغتيالات الحركة على المستوى الكبير، باغتيال الوزير نظام الدين.

اقرأ أيضا: الإخوان المسلمون: الطّريــق إلى الإرهــاب 1

في رمضان عام 1092 للميلاد، كان الوزير في نهاوند ذاهبا إلى خيمة حرمه. اقترب منه صبي ديلمي من حركة الحشاشين في صورة مستغيث، ثم حين استكان له، ضربه بسكين إلى أن قتله، ثم هرب الديلمي فأدركوه وقتلوه.

كان هذا هو الأسلوب الذي اعتمدته الحركة بعد ذلك على مدى تاريخ طويل من الصراع مع الخصوم؛ أي العمليات الفدائية الانتقائية، التي كانت تنتهي في الغالب بقتل منفذها، عوض الدخول مع الخصوم في مواجهة عسكرية مباشرة.

فما أهم الاغتيالات التي نفذها الحشاشون بعد ذلك؟ وكيف استطاعوا الصمود في وجه خصومهم على مدى تاريخ طويل من وجودهم؟ ذاك ما سنكتشفه في الجزء الثالث من هذا الملف.

لقراءة الجزء الأول: حركة الحشاشين…أخطر حركة ثورية عرفها التاريخ الإسلامي؟ 4/1

لقراءة الجزء الثالث: الحشاشون… أول “إرهابيي” العالم؟ 4/3

لقراءة الجزء الرابع: الحشاشون: نهاية الحركة، أصل التسمية ودخولها في القاموس الأوروبي 4/4

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *