أحمد الحليمي: التضخم سيصبح هيكليا بالمغرب والأسعار ستستمر في الغلاء - Marayana - مرايانا
×
×

أحمد الحليمي: التضخم سيصبح هيكليا بالمغرب والأسعار ستستمر في الغلاء

دعا الحليمي إلى التعامل مع الرأي العام باحترام، واعتباره ناضجا، وإخباره بالحقيقة حتى يكون على دراية بالإصلاحات التي يجب القيام بها؛ مشيرا أنه “مع ذلك، ما أراه هو أننا نفعل العكس تماما، بالقول إن كل شيء على ما يرام وأن مشكلة التضخم ستحل من خلال الآليات النقدية، لسبب بسيط هو أن هذا يسعد المنظمات الدولية التي لم ترغب قطّ في تغيير وصفاتها”.

قال أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، إنّ وصول معدل التضخم بنهاية شهر فبراير 2023، إلى 10.1% مدفوع بالأساس بارتفاع أسعار المواد الغذائية التي ارتفعت بأكثر من 20% على مدار السنة.

الحليمي، في حوار أجراه مع موقع ميديا 24، أوضح أيضا أن هذا المستوى من الزيادة في الأسعار مرتفع للغاية لأن هناك أيضا تأثيرا أساسيا يلعب دورا في ذلك. وأضاف: “عندما نتحدث عن زيادة بنسبة 10.1%، فهو رقم يتعلق بمستوى الأسعار في نهاية فبراير 2023 مقارنة بمستويات الأسعار في فبراير 2022، وهو الشهر الذي كانت فيه مستويات الأسعار لا تزال طبيعية نسبيا، حيث إن التّضخم القوي لم يبدأ إلا في مارس وأبريل من العام الماضي حتى وصل هذه النسبة المرتفعة الآن”.

هذا يعني، حسب الحليمي، أنه ابتداء من الشهر المقبل، أي أبريل 2023، سيقل مستوى زيادة الأسعار لمدة 12 شهراً ربما. قد لا نكون عند مستويات 10%، لكن الارتفاع سوف يتباطأ، يقول الحليمي، مؤكدا أن “التضخم يجب أن يؤخذ على أنه حقيقة هيكلية ومحلية. وعلينا الآن أن نعتاد على التعايش معه”.

يقدم الحليمي حالة المنتجات الفلاحية كمثال، فبعد أن أصبح الجفاف بالمغرب هيكليا في السنوات الأخيرة، فالتغيرات المناخية الحادة والموقع الجغرافي للمغرب، الذي يقع في منطقة شبه قاحلة، كلها عوامل ستجعلنا نشهد مرة كل ثلاث سنوات، في المتوسط، جفافاً كبيراً. والمشكل، وفق الحليمي، أنه حتى عندما تتساقط الأمطار، فإن توزيعها بين المناطق لا يتم بشكل جيد ومفيد كليا. يستفيد في الغالب من هذه التساقطات جزء من البلاد كالشمال وبعض المناطق في الجنوب.

هنا، يقول المندوب السامي للتخطيط إنه علينا أن ندرك أننا في وضع يجب أن تمر فيه الفلاحة بثورة من أجل تغيير نظام الإنتاج الحالي، أي يجب التحرك نحو السيادة الغذائية وإنتاج المواد الغذائية الفلاحية التي نستهلكها في المقام الأول، مع تحقيق أقصى قدر ممكن من التقدم التقني والتكنولوجي لتحسين مردودية القطاع.

الحليمي فسّر أيضا أنه “بعد عامين من الجفاف، إضافة للسنة الحالية شبه الجافة، تراجعت إنتاجية القطاع الفلاحي، حتى صارت هناك مشكلة حقيقية في عرض السلع الغذائية. كما أن ما نستورده أصبح أكثر تكلفة، وسيظل كذلك. تكاليف الإنتاج في جميع أنحاء العالم تتزايد ولا تزال المخاطر الجيوستراتيجية سائدة في السوق”.

من ببن العوامل التي يسوقها الحليمي، والتي تجعل من التضخم مشكلة عالمية دائمة، هناك الاحتياجات الكبيرة التي صار يتطلبها عالم الاستثمار اليوم، خصوصا مع توصيات التحول الطاقي واحترام النظم البيئية وإزالة الكربون الصناعي ودمج التقنيات في أنظمة وخدمات الإنتاج… كل هذا له تأثير مباشر على تكاليف الإنتاج، والتي ستزداد من سنة إلى أخرى، لتؤثر على أسعار المنتجات النهائية.

باختصار، يرى مدير المندوبية السامية للتخطيط أن الواردات سترتفع تكاليفها، إضافة إلى الإمدادات المحلية الضعيفة وغير الكافية نتيجة التغيرات المناخية القاسية. كل هذا سيخلق خللا في السوق المغربية، وسيزكي ذلك التزايد السكاني وتغير أنماط الاستهلاك في السنوات القادمة. ولعلّ كل هذا يجب أن يجعلنا ندرك أن زيادة الأسعار ستصبح هيكليّة.

لذلك، يعتبر الحليمي أنّ من بين الحلول الموصى بها أن يتم العمل بشكل ضروريّ في السياسات النقدية على العرض وليس على الطلب، كما يحدث الآن. في ذات الوقت، علينا أن ننتظر التغييرات الهيكلية في نماذج الإنتاج لدينا، لنتعايش مع تضخم بنسبة 4 أو 5%. لقد اختبرنا هذا من قبل. سينخفض ​​التضخم عندما ننزل إصلاحات بنيوية لتحسين عرضنا وإنتاجيتنا، مع العمل على تحسين دوائر التوزيع لدينا.

المشكل في نظر الحليمي أنّ السياسات المالية الحكومية والسياسة النقدية للبنك المركزي تعيش انفصاما حادا، فالحكومة تريد تعزيز النمو بالإنفاق العام، والبنك مركزي يريد إبطاء الآلة عن طريق تقليص أكبر قدر ممكن الطلب. وهذا غير مفيد، فمن ناحية، نوزع الدخل على الشباب بأي ثمن من خلال برامج مثل”أوراش” أو “فرصة”، ونروج للشركات من خلال الإعانات وتعبئة البنوك، ومن ناحية أخرى، نزيد تكلفة تمويل الاقتصاد.

هذه ليست الصيغة الصحيحة للخروج من وضعية التضخم الحالية، وفق الحليمي، ففي الوقت الحالي، مثلاً، مازلنا نتوقع 3.3% كنسبة نمو لعام 2023. لكننا بالتأكيد سنراجع هذا الرقم في يونيو. سيكون من الصعب بالفعل تحقيق المزيد من النمو في هذا السياق.

في النهاية، قال أحمد الحليمي إنّه علينا أن نقبل أن تنمية بلدنا تعتمد الآن على زيادة الأسعار؛ وأن هذا التضخم جزء من فترة إصلاح ونقلة نوعية في السياسات الاقتصادية. هذه هي الطريقة التي تطورت بها العديد من البلدان في العالم، وهذا أيضا ما تعلمنا إياه أدبيات ما بعد التصنيع. يجب أن نواصل جهودنا لتنمية البلاد والتعود على التضخم.

بالمقابل، دعا الحليمي إلى التعامل مع الرأي العام باحترام، واعتباره ناضجا، وإخباره بالحقيقة حتى يكون على دراية بالإصلاحات التي يجب القيام بها؛ مشيرا أنه “مع ذلك، ما أراه هو أننا نفعل العكس تماما، بالقول إن كل شيء على ما يرام وأن مشكلة التضخم ستحل من خلال الآليات النقدية، لسبب بسيط هو أن هذا يسعد المنظمات الدولية التي لم ترغب قطّ في تغيير وصفاتها”.

مقالات قد تثير اهتمامك:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *