الحركة النسائية تتلقى بارتياح شديد حكمًا يرفض إكراه زوجة على معاشرة زوجها - Marayana - مرايانا
×
×

الحركة النسائية تتلقى بارتياح شديد حكمًا يرفض إكراه زوجة على معاشرة زوجها

ناشطة نسائيّة لمرايانا: سيبقى على عاتق المشرع أن يجرّم الاغتصاب الزوجي بنصّ صريح، نظراً لكونه من أخطر أشكال العنف ضدّ النساء، ويبقى حتميًّا تعديل مدوّنة الأسرة على نحوٍ ينتصرُ لقيم المُجتمعات الحديثة ومبادئ المساواة بين الجنسين.

في سابقة من نوعها، وفي نازلة فريدة، رحّبت الحركة النسائية المغربية بحكم قضائي صادر عن قضاء الأسرة التابع للمحكمة الابتدائية بالرباط، برفض دعوى يرفعها زوج ضد زوجته لإجبارها على معاشرته جنسيا مع النفاذ المعجل.

أصل الحكاية؟ 

أصل الحكاية مردُّه دعوى قضائية رفعها زوجٌ ضدّ زوجته أمام قضاء الأسرة بمحكمة الرباط، بتاريخ 18-7-2019. في هذه الشكاية، يقول الزوج إن “شريكته”، رغم مرور وقت طويل من عقد قرانهما، لاتزال تمانع من دخوله بها وترفض معاشرته لها جنسيًّا.

الزوج أراد أن يسلك مساراً “قانونيًّا”، لكي يلتمس من المحكمة إكراه المرأة، بقوة القانون، للسماح للزوج بالدّخول بها، مع النفاذ المعجّل وتحميلها الصائر.

هذه الدعوى لحقها جدل كبير حول مدى استعمال القانون لتبرير الاغتصاب الزّوجي. لكنّ الزّوجة أجابت المحكمة بأنها مستعدة للمعاشرة إن كان الأمر إراديًّا، ويلتزم الزوج بالمعاشرة بالمعروف وتبادل الاحترام والمودّة تحت سقف بيت واحد، وفق ما ورد في مقال على موقع “المفكّرة القانونية”.

في تغريدة للمحامي سعد معاش على تويتر، فإنه “بعد الاستماع للزوجين، قررت المحكمة رفض طلب الزوج رغم وجود عقد الزواج، معللة ذلك بأن الهدف من المعاشرة الجنسية داخل مؤسسة الزواج لا يتمثل فقط في تلبية رغبات غريزية”.

بعودة مرايانا إلى نسخة منشورة من الحكم، نجد أن التعليل الذي قدّمه القضاء يعود إلى استقراء المادة 51 من مدونة الأسرة، التي “يتضح فيها أن المساكنة الشرعية هي في الوقت ذاته واجب وحق لكلا الزوجين، وهي إنما تدرك بالصفا لا بالجفا، لقول الرسول “لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة وليكن بينهما رسول، قيل وما الرسول يا رسول الله، قال القبلة والكلام”.

هيئة القضاء أضافت، في ذات التّعليل، أنّ هذا الحديث يستشف منه أن “الشرع الحكيم لم يجعل من الباءة مجرد غريزة وقضاء عابر للوطر بل قرنها بآداب المعاشرة التي يجب التقيد بها من طرف الزوجين عند صفاء الجو بينها ولا يتصور قط احترام هذه الآداب متى وجد ما يكدر صفو الحميمية ويقوض انجذاب الشريك لشريكه، فالجرم أن تنفيذ المعاشرة الزوجية من طرف الزوجة جبراً بعد الحكم به عليها قضاء، يجافي مقاصد الشّرع من الجماع المتمثلة في بعث السّرور عند الزوجين معا توطيداً للعلاقة بينهما بما يكفل تكثير النّسل والعفة عن الحرام فناسب على هدي هذه العلل رفض الطلب”.

حكم خلق ارتياحا

سعيدة الإدريسي، رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، قالت في تصريح خصّت به مرايانا إنّ هذا الحكم خلق ارتياحاً لدى جزء من الحركة النسائية المغربية، لأنه “مفتاح يمكن اعتباره مدخلاً أساسيًّا للحديث عن ظاهرة الاغتصاب الزوجي وما تخلّفه من ندوب نفسيّة لدى معظم النّساء اللائي لازلن يُعانين في صمت، ويخفين محنتهنّ خوفاً من المجتمع. وطبعًا تبقى هذه حالة ضمن عدّة حالات تردنا في مراكز النجدة أو مراكز الاستماع، بعلاقات جنسية تتم في إطار الزواج دون إرادة المرأة”.

الإدريسي توضح أنّ “هناك أحكامًا في مثل هذه المواضيع تشكّل نكوصًا خطيراً في هذا الاتجاه، لأن جزءا من تأويل القانون، يذهب في اتجاه إفراغ المرأة من مشاعرها وأحاسيسها، واعتبارها أداةً جنسيّة. لكن هذا القرار القضائيّ أفرج عن تأويل ينتصر لحقوق المرأة ومساواتها مع الرّجل في العلاقة الجنسيّة وإقرار مبدأ الرّضائية كمحرّك لأي اتصال جنسيّ بين طرفين”.

الذي يبقى على عاتق المشرع، في تصور رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، هو “ضرورة تجريم الاغتصاب الزوجي بنصّ صريح، نظراً لكونه من أخطر أشكال العنف ضدّ النساء. بالإضافة إلى حتميّة تعديل مدوّنة الأسرة على نحوٍ ينتصرُ لقيم المُجتمعات الحديثة ومبادئ المساواة بين الجنسين”.

وتعليقًا على الدّعوى، تقول الإدريسي إنه “في منتهى الغرابة أن يذهب زوج للقضاء ليطلب منه إجبار زوجته على معاشرته، فمثلاً لو حكمت المحكمة لصالحه، هل كان سيذهب إليها، ويقول: “هذا حكمٌ صادر ضدّك، يسمح لي بمعاشرتك رغمًا عنك”. سيكون هذا أمراً مثيراً للضّحك والسّخرية والبُكاء وليس حكما قضائيًّا. إذا رفضت مثلا، هل سيدخلها السجن؟ وكيف سيحضر مفوّض قضائي لتنفيذ الحكم؟ هذه أشياء نستغرب كيف تحدث، ونستغرب أي نوع من العلاقات الزوجية هذا. وعلى الأرجح، هذه الأفعال لا يمكن تفسيرها لا سيكولوجيا ولا حتى سوسيولوجيا”.

تجملُ سعيدة الإدريسي بأنّ هذه القضايا تحتاج مزيداً من تسليط الضّوء، لكي يظهر عالم “خفيّ” من العُنف والاغتصَاب الزّوجيين، الذي يسقط على النّساء، ويعتبرهن مواضيعا، بدون روح أو جوهر، لتحصيل نشوة جنسيّة. وتشدد الناشطة النّسائية أنّ هذه الاجتهادات القضائية لابدّ أن تغدو مرجعًا لأحكام أخرى، لكن مطلب تجريم الاغتصاب الزوجي يبقى ملحا وعاجلاً.

لكن… مادام شيء من الغرابة يحوم حول هذه الشكاية، ألا يمكن اعتبار هذه العدوى في الأصل تحايلا على القانون لإثبات استحالة المعاشرة الزوجية، وبالتالي تكريس الحيف باللجوء إلى مسطرة الشقاق؟

مقالات قد تثير اهتمامك:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *