مصطفى فهمي: مغربي أحب شكسبير واحتفت به كندا
يعد مصطفى فهمي من أبرز المتخصصين عالميا في شكسبير، وقد كان أول عربي يقدم ندوة في معهد شكسبير بجامعة بيرمينكهام، والذي يعد أرقى فضاء أكاديمي للدراسات حول شكسبير. كما نشر عدة مؤلفات أكاديمية باللغة الإنجليزية في ميدان تخصصه.
هي حكاية مغربي من مواليد 16 أبريل سنة 1961 بالدار البيضاء. حدث أن عثر في بيتهم بالصدفة على كتاب لشكسبير، لم يعرف يوما كيف وصل هناك! منذ تلك اللحظة، بدأت حكاية العشق التي ستجعل من مصطفى فهمي، ابن الدار البيضاء، أحد أهم المتخصصين عالميا في شكسبير. مسار أكاديمي حافل بالإنجازات وشهادات الاستحقاق، كان آخرها فوز كاتب كلمات “إليزا” للراحل محمد الحياني، بإحدى أرقى الجوائز الأدبية والثقافية في إقليم الكيبيك بكندا.
شهر شتنبر الجاري (2019)، تم إذن الإعلان عن تتويج الباحث والكاتب والمغربي مصطفى فهمي بجائزة “التميز الأدبي لسنة 2019”.
يعد مصطفى فهمي من أبرز المتخصصين عالميا في شكسبير، وقد كان أول عربي يقدم عنه ندوة في معهد شكسبير بجامعة بيرمينكهام، والذي يعد أرقى فضاء أكاديمي للدراسات حول شكسبير
خلافا لما ذكر في عدد من وسائل الإعلام المغربية، فإن هذا التتويج المميز لا يتعلق فقط بالكتاب الأخير لفهمي، والذي يحمل عنوان “درس روزاليندا“، بل لشخص ومسار مصطفى فهمي بشكل عام؛ وهو الأمر الذي يجعل الكاتب الباحث المغربي، وأحد المتخصصين القلائل عبر العالم في شكسبير، يعبر عن اعتزاز مضاعف. “أشعر بالفخر والاعتزاز لأنها جائزة مميزة وقيمة، لكني أستقبلها في نفس الوقت بتواضع إنساني”، يقول فهمي في تصريحه لمرايانا.
اقرأ أيضا: غسان كنفاني… زغرودة فلسطين التي لا تموت!
اعتزاز وفخر لا ينبعان من فراغ، خصوصا حين نعرف بأن هذه الجائزة خارج التصنيف وأنها تمنح للشخصية الأكثر بروزا في العالم الأدبي والثقافي في الكيبيك. تعرف هذه الجائزة تنافسية كبيرة، إذ يرشح لها كتاب وشعراء وناشرون وعدد من الفاعلين في الميدان الثقافي، مما يجعل الفوز بها إنجازا استثنائيا… في منطقة جغرافية يتعدد الفاعلون الثقافيون فيها وتكثر المنافسة.
في تعليل اختيارها، صرحت لجنة التحكيم أنها اعتمدت على الإشعاع الوطني (في كندا) والدولي لكتاب “درس رزاليندا“، لكن أيضا على التقييم النقدي الواسع الذي عرفه الكتاب والذي أجمع على قيمته الأدبية، حيث صدرت عنه مقالات في العديد من المنابر العالمية كـ (Psychologie Clinique) التي خصصت للكتاب ثلاث صفحات و (Philosophie Magazine) الذي قدمه كاختيار العدد، إضافة إلى عدد من المقالات في فرنسا والمغرب.
كما اعتمدت لجنة التحكيم على الحضور الكبير لمصطفى فهمي في الحياة الثقافية والفلسفية للإقليم، حيث قدم عدة ندوات في الكيبيك وخارجه عن دور الأدب والفلسفة في تحقيق السعادة والاكتمال الذاتي.
اقرأ أيضا: محمد زفزاف… دوستويفسكي الأدب المغربي!
تجدر الإشارة إلى أن “درس روزاليندا” حصل سنة 2018 على جائزة أحسن كتاب في الصنف الذي ينتمي له.
لكن مصطفى فهمي لا ينفي شعوره ببعض الأسى لهذا التناقض بين الاحتفاء الدولي الذي يتلقاه، بما في ذلك اعتراف بعض مكونات الجالية المغربية بكندا، والاعتراف الضعيف بمساره وإنجازاته في المغرب. “أتحمل جزءً من المسوؤلية لأني غبت عن الساحة الأدبية لمدة عشرين سنة”، يقول فهمي في تصريحه لمرايانا، مضيفا: “كان علي أن أقوم باختيار صعب: مواصلة مشواري الأدبي والشعري في المغرب بشكل إيجابي، أو التموقع كأحد أبرز المتخصصين في شكسبير عالميا. قمت بالاختيار الثاني رغم أنه كان صعبا”.
اعتمدت لجنة التحكيم على الحضور الكبير لمصطفى فهمي في الحياة الثقافية والفلسفية للإقليم، حيث قدم عدة ندوات في الكيبيك وخارجه عن دور الأدب والفلسفة في تحقيق السعادة والاكتمال الذاتي.
بالنسبة لفهمي، “الحياة الأكاديمية في بريطانيا وكندا صعبة جدا، إذ لا يكفي أن تحصل على دكتوراه ولا أن تقوم بأنصاف الأمور. عليك أن تركز بشكل جدي على البحث العلمي وعلى النشر في مجلات علمية متخصصة ورصينة ومعترف بها. وهذا يتطلب وقتا وجهدا جعلني أبتعد عن الساحة الأدبية المغربية”، يضيف فهمي في ختام حواره مع مرايانا.
اقرأ أيضا: العربي باطما… نغمة مهمومة مثل صيف…
اليوم، يعد مصطفى فهمي من أبرز المتخصصين عالميا في شكسبير، وقد كان أول عربي يقدم عنه ندوة في معهد شكسبير (The Shakspeare Institue) بجامعة بيرمينكهام، والذي يعد أرقى فضاء أكاديمي للدراسات حول شكسبير. كما نشر عدة مؤلفات أكاديمية باللغة الإنجليزية في ميدان تخصصه، وثلاث دوايين باللغة العربية هي “آخر العنادل”، قصائد من الشمال” و”قصائد مختارة”.
هذا ليس كل شيء، لأن مسار فهمي الأكاديمي حافل بالإنجازات التي لا يعرفها الحقل الأكاديمي في المغرب بشكل كافٍ. سنة 2012، كانت المنافسة شديدة على منصب نائب رئيس جامعة شيكوتيمي بكندا، حيث ترشح للمنصب 6 متبارين لكل منهم مسار أكاديمي مميز، ضمنهم ثلاث عمداء كليات… كان مصطفى فهمي بينهم وحصل على المنصب بناء على دراسة مفصلة لملفه ومساره الأكاديمي، حيث تم تعيينه نائبا لرئيس الجامعة (وليس نائب عميد كما صدر في بعض المنابر المغربية) مكلفا بشؤون التربية والبحث والإبداع. منصب استمر فيه إلى غاية 2017، قبل أن يقرر عدم الترشح ثانية والتفرغ مجددا للكتابة والأدب والتدريس.
فهل تنطبق على مصطفى فهمي العبارة الشهيرة: “لا نبي في بلده”؟
ثم، ألا يحتاج البلد للاعتراف بكفاءاته عبر العالم ولتقديم نماذج إيجابية في الميدان الأكاديمي، تعلمنا بأن النجاح والطموح والتألق ممكن… متى جد الفرد واجتهد؟
مقالة منصفة فعلا لقامة معرفية وأدبية ونقدية مغربية رفيعة، خريج المدرسة العمومية المغربية وكلية الآداب عين الشق بالدار البيضاء قبل هجرته في الثمانينات إلى كندا. هذا رجل حين نتقمص سيرته نكمل بها فعلا. هنيئا لهم ولعائلته وللمغرب