“عمر”.. الأضخم في الدراما العربية والأكثر تعرضا للانتقاد - Marayana - مرايانا
×
×

“عمر”.. الأضخم في الدراما العربية والأكثر تعرضا للانتقاد

سنة 2010، سيتناسل حديث في الصحافة العربية عن إنتاج مسلسل تلفزيوني يتناول سيرة الصحابي عمر بن الخطاب. حين سيتأكد الأمر، ويتأكد بالمقابل أيضا عزم المنتج تقديم الصحابة لأول مرة بوجوه …

سنة 2010، سيتناسل حديث في الصحافة العربية عن إنتاج مسلسل تلفزيوني يتناول سيرة الصحابي عمر بن الخطاب. حين سيتأكد الأمر، ويتأكد بالمقابل أيضا عزم المنتج تقديم الصحابة لأول مرة بوجوه مكشوفة، راحت مجموعة من المرجعيات الدينية ترفض فكرة هذا العمل وتحذر منها. سيشرع فريق العمل في تصوير المسلسل ومنتجته، ثم، سنتين بعد ذلك، في رمضان من سنة 2012 تحديدا، سيبدأ عرضه على مجموعة من القنوات الفضائية، لتنكسر الدعوة إلى المنع أمام تأكيد إجازته من طرف مجموعة من علماء الدين الآخرين، كما ورد في مقدمة المسلسل، الذي وصف بالأضخم في تاريخ الدراما العربية.

الأضخم في تاريخ المسلسلات العربية

يصف بعض المتابعين “عمر” بأنه الأضخم في تاريخ الدراما العربية، حيث إن ميزانية المسلسل قد بلغت 200 مليون ريال سعودي (500 مليون درهم مغربي)، وهو إنتاج مشترك بين مركز تلفزيون الشرق الأوسط (mbc) ومؤسسة قطر للإعلام. ترجم المسلسل إلى عدة لغات أخرى غير العربية من بينها التركية والفارسية والأندونيسية.

وصف المسلسل بالضخم يجد سنده حسب منتجي “عمر”، في عدد المعدات التي استعملت فيه، إذ تم إنتاج آلاف القطع الموزعة بين الأحذية والأقمشة والسيوف والدروع والسهام والأقواس والرماح والتماثيل والقطع فخارية والعملات معدنية، بالإضافة إلى استخدام 7500 حصانا و3800 جملا ومجموعة من الفِيّلة.

سيعتمد مخرج المسلسل حاتم علي، على تقنية “الفلاش باك”، في سرد قصة حياة عمر بن الخطاب، التي بدأت في المسلسل وهو يعاني من سوء معاملة أبيه الذي كان يقسو عليه ولا يكلفه إلا برعاية الإبل.

وصرح بعض الممثلين بأنهم كانوا يجهلون بعض الآليات والتقنيات الحديثة التي اشتغلوا في ضوئها، إن على مستوى الكاميرات، أو أساليب الإضاءة والتصوير وحتى الأزياء والماكياج. في حين عهد ببعض المشاهد المستعصية، إلى شركة «BUF» الفرنسية التي تكلفت بتنفيذ المؤثرات البصرية. تقديم هذه الأخيرة لأعمال هوليودية رائدة كسبايدرمان وآفاتار وهاري بوتر، يبين الأهمية التي أولاها المنتجون لهذا العمل.

دام تصوير المسلسل عشرة أشهر كاملة، وقد تحولت خلالها ضاحية مراكش إلى مكة على مساحة 12 ألف متر مربع، تضم 89 منزلا للتصوير الخارجي، فيما تم إنشاء 29 منزلا آخر بدمشق على مساحة 5 آلاف متر مربع لتصوير المشاهد الداخلية. ظروف ابتدعها فريق عمل يضم 229 فنيا ليشتغل فيها 322 ممثلا وممثلة من عشر دول مختلفة، فيما بلغ عدد الكومبارس ومقاتلي المعارك وحدهم 30 ألفا.

اقرأ أيضا: “الإسرائيليات: أصل الحكاية”

“عمر”

الحلقة الأولى من “عمر” تبدأ بتصوير آخر حجة لهذا الصحابي، ثم في طريق عودته إلى المدينة، سيقف بوادي ضجنان (شمال مكة) ممتطيا راحلته، ليستغرق النظر هناك متذكرا حياته الأولى حينما كان يرعى إبل أبيه الخطاب. من هنا، سيشرع مخرج المسلسل حاتم علي، معتمدا على تقنية “الفلاش باك”، في سرد قصة حياة عمر بن الخطاب، التي بدأت في المسلسل وهو يعاني من سوء معاملة أبيه الذي كان يقسو عليه ولا يكلفه إلا برعاية الإبل.

اختيار الممثل السوري سامر إسماعيل الذي لم يسبق له الظهور على الشاشة في أي عمل، لأداء دور عمر، جاء لتفادي الانتقادات الناجمة عن تاريخ وسلوك الممثلين الذين يؤدون أدوارا تاريخية.

يقدم عمر في بدايات المسلسل كشاب قوي، جامح، متقد الذكاء، راجح العقل ووجيه الرأي، وهي الصفات “الفعلية” التي جعلت من قومه ينصبونه ممثلا لهم بدار الندوة مع كبار قريش، الذين كانوا حينذاك يتناظرون الرأي في كيفية التخلص من النبي محمد، إذ بدأ يذيع صيته بينهم وبدأت تكبر دعوته إلى دين الإسلام.

المسلسل قدم في حلقاته الأولى جانبا غير متداول من حياة عمر بن الخطاب حينما كان يحارب الإسلام، بيد أنه في اللحظة التي سيقرر فيها البحث عن النبي لقتله؛ أي في الحلقة السابعة، سيلتقي برجل سينبهه إلى إسلام أخته وزوجها، وحين سيذهب إليهما ليقتلهما قبل ذلك، سيسمع من أمام باب بيتهما آيات قرآنية. “سورة طه” ستكون مدخل عمر بن الخطاب إلى الإسلام حيث ستنتقل الأحداث فيما بعد إلى فترة إسلام عمر، ومجاهدته للكفار مع رسول الله في غزوات عدة.

وفاة الرسول، ستمهد للخلافة التي سيعهد بها إلى أبي بكر الصديق. هنا، سيظهر عمر كناصح للخليفة وكيد يمنى تساعده في حروب الردة. خلافة أبي بكر لم تدم طويلا في الواقع كما في المسلسل، وانتقلت بعد موته إلى عمر بن الخطاب، الذي سيلقبه المسلمون يومذاك بـ”أمير المؤمنين”، وهي الفترة التي سيصور فيها المسلسل فترة خلافته وتوسع بلاد المسلمين خلالها.

اقرأ أيضا: “أفلام عادل إمام التي أغضبت الإخوان”

انتقادات عديدة

انتقادات جمة واكبت المسلسل منذ أن نضج كفكرة مكتملة الأركان وإلى نهاية عرضه، مرجعيات دينية عديدة كالأزهر الشريف رفضت الفكرة منذ البدء، أما مفتي المملكة العربية السعودية فقد ذهب أبعد من ذلك وحذر من مشاهدته، بسبب تشخيصه للصحابة بوجوه مكشوفة في سابقة من نوعها في المسلسلات العربية. أسباب التحريم يقول عنها هؤلاء إنها نفسية ولم يكن بالضرورة لتكون شرعية، ذلك أن المسلسل سيؤدي إلى إفقاد الصحابة هيبتهم ومكانتهم لدى المسلمين.

منتجو “عمر” ردوا على دعوات المنع هذه، بأنهم حصلوا على فتوى لإنتاجه قبل الشروع في ذلك من قبل مجموعة من علماء الدين، وهي المجموعة التي ستظهر أسماؤها في شارة المسلسل فيما بعد وفي مقدمتهم، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يوسف القرضاوي، الذي أصدر فتوى تقول بجواز ظهور الصحابة لكن بضوابط شرعية، مستثنيا من فتواه الأنبياء وأمهات المسلمين.

وقد صرح حاتم علي، مخرج المسلسل، بأنه قد حاول ما أمكن تجاوز أي انتقادات. اختيار الممثل السوري سامر إسماعيل الذي لم يسبق له الظهور على الشاشة في أي عمل مثلا، جاء لتفادي الانتقادات الناجمة عن تاريخ وسلوك الممثلين الذين يؤدون أدوارا تاريخية، هذا في الوقت الذي فرض عليه؛ أي بطل “عمر”، عدم تقديم أي عمل تلفزيوني آخر طيلة خمس سنوات بعد أول بث للمسلسل.

ولم تقتصر الانتقادات على الجانب الشرعي فحسب، وإنما طالت كذلك الجانب الفني، إذ عاب البعض شخصية عمر في المسلسل لأنها مخالفة لما ورد في الروايات التاريخية شكلا ومضمونا، ذلك أن عمرا حسب هؤلاء كان شديدا وصلبا وفارسا مغوارا، في الوقت الذي ظهر فيه الممثل سامر إسماعيل بارد الآداء وجامد الملامح. هذا النقد الفني سيرد عليه حاتم علي بكونه حرص على إظهار الرقة الداخلية لعمر بن الخطاب، مضيفا أنه من المقبول دراميا أن تكون هنالك بعض الاختلافات بين الواقع التاريخي والعمل الفني، لكن دون مبالغة.

إلى ذلك، يقول البعض الآخر إن الجانب التاريخي قد طغى على الجانب الفني، وهو أمر يعترف به حاتم علي ويرجعه إلى شح المصادر التاريخية عن حياة أهل تلك الفترة، مما دفع به للرغبة في تدعيمها بشكل أكبر، بالإضافة إلى حساسية موضوع المسلسل الدينية. آخرون بجانبهم عابوا طغيان اللهجتين السورية والمغربية على بعض المشاهد، وقالوا إنها تخرج المشاهد من جو تلك الحقبة التاريخية. فيما ذهب آخرون إلى اعتبار كون العمل لا يرتقي برمته إلى مصاف الأعمال التاريخية التي قدمها حاتم علي سابقا.

لكل في انتقاده حجج… غير أن وصف “الأضخم في تاريخ المسلسلات العربية” يبقى ملاصقا لـ”عمر”.

اقرأ أيضا: “في مكة والجاهلية والحج: قصي بن كلاب يؤسس المدنس على المقدس”

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *