حسين الوادعي يكتب: جورج ولويس وعلي! - Marayana - مرايانا
×
×

حسين الوادعي يكتب: جورج ولويس وعلي!

لعنة الاسم لا تنفصل عن لعنة الإيديولوجيا.
هؤلاء المثقفون الثلاثة المدانون “هراطقة” كبار، غير منتمين لأي قبيلة حزبية.
لهذا، يُعاقَب الخارج على القبيلة بلعنة الإلغاء.

البعض تصيبهم لعنة الاسم.

تلاحقهم حتى أنها تحجب عن الناس قراءة نتاجهم الفكري، لأن العيون تظل مشدودة إلى الاسم أو اللقب الذي يشير إلى انتماء مذهبي أو عرقي.

تحدث جورج طرابيشي عن أزمة اسمه “غير العربي” الذي جعل مساهماته في نقد القومية العربية ونقد الإسلام تتعثر وتختفي أمام ضباب مدلولات الاسم.

لم يكن للانتماء المسيحي أدنى تأثير في أفكاره، فهو علماني وملحد، وكتاباته تأثرت بالماركسية في البداية ثم بالفرويدية ثم بالعقلانية الليبرالية في نهاية حياته. لكن، كيف يمكن لـ”جورج” أن ينقد العقائد العربية الكبرى دون أن تلتفت العيون لاسمه قبل قراءتها لأفكاره؟!

لكن الأزمة كانت أعمق مع لويس عوض. لقد ظهر ناقدا صلبا للقومية العربية في عز صعودها، ومناديا بالارتباط بالغرب الرأسمالي في العصر الذهبي للدعوة الاشتراكية؛ ثم مفككا للأساطير الدينية عن الأصل الميتافيزيقي للغة العربية في ذروة صعود الحركات الإسلامية.

قد تتحول رغما عنك إلى عدو لطرف ما، لأن لديك لقبا أو اسما محملا بدلالات معينة. قد لا تعني هذه الدلالات شيئا لصاحب الاسم، لكنها تعني كل شيء لمن يراقبونه وينظرون له في مراياهم المقعرة

كان لويس عوض علمانيا لادينيا، لا دور لخلفيته الدينية في أفكاره. لكن التاريخ لا يرحم مثقفي “الأقليات” المتمردين.

والصورة أكثر تعقيدا فيما يتعلق بأدونيس.

تخلى أدونيس عن اسمه الشيعي (علي) لصالح اسم وثني، لكنه ظل متهما بتأثير خلفيته “العلوية”.

ظهر أدونيس منذ البداية نموذجا للمثقف العربي الذي يتكلم لغة واحدة صريحة وغير مراوغة؛ فهو يعلن الحاده بصراحة، ويطالب بوضوح بالقطيعة مع التراث، وينتقد الربيع العربي في عز قوته.

إن كل من قرأ كتبه الأساسية، لن يجد أدنى تأثير لأي انتماء مذهبي في كتاباته. وهو في الحقيقة، خلافا للاعتقاد الشائع، لم يؤيد الثورة الايرانية، بل تشكك فيها منذ الأيام الأولى، في حين أن مثقفين غربيين مثل ميشيل فوكو، ومثقفين “سنيين” وماركسيين وقوميين ومسيحيين مثل أحمد بهاء الدين وحسن حنفي وهيكل وفهمي هويدي وأنور عبد الملك ورضوان السيد ووجيه كوثراني وإلياس خوري استمروا في تبجيلها سنوات طويلة.

كان نقده للربيع العربي منطلقا من فكرة أثبتت الأحداث أنها صحيحة، وهي أن الطابع “الإسلامي” للربيع، سيحوله إلى جحيم لا يطاق.

لكن لعنة الاسم لا تنفصل عن لعنة الإيديولوجيا. هؤلاء المثقفون الثلاثة المدانون “هراطقة” كبار، غير منتمين لأي قبيلة حزبية. لهذا، يعاقب الخارج على القبيلة بلعنة الإلغاء.

تزداد الظاهرة حدة اليوم في عصر الطوائف القاتلة. ليس بالضرورة أن تكون بنفس قامة أدونيس وطرابيشي وعوض. قد تتحول رغما عنك إلى عدو لطرف ما، لأن لديك لقبا أو اسما محملا بدلالات معينة. قد لا تعني هذه الدلالات شيئا لصاحب الاسم، لكنها تعني كل شيء لمن يراقبونه وينظرون له في مراياهم المقعرة.

ستتم قولبتك للأبد… سيقرؤون اسمك ولقبك فقط… وسيكون هذا بالنسبة لهم… كل شيء!

تعليقات

  1. باقر

    موقع مميز ومقالات الاستاذ
    حسين ثرة وعميقة وتستفز العقل المتراخي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *