من مصر، أحمد حجاب يكتب: دليل المبتدئين للتعامل مع الكارهين على الأنترنت
ما الذي يجعل شخصا ما يعتاد السب والتحرش وإهانة الآخرين، لكنه لا يعاقب؟ وهل من حق المتابعين لشخصية عامة أن ينتقدوه/ها؟
أخبار كثيرة انتشرت عن قضايا سب على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها يحظى بالشهرة نتيجة كون مقدم أو مقدمة البلاغ من المشاهير، بينما آلاف القضايا قد لا نسمع عنها شيء.
على سبيل المثال، تقدمت الفنانة رانيا يوسف ببلاغات تحرش ضد متابعين لها أساؤوا إليها ولبناتها أيضا على صفحتها الخاصة. من ثم، أعادت نشر صور بعض المتحرشين مع اعتذارات وإبداء الأسف.
نفس الشيء بالنسبة للفنان شريف منير، الذي وصلته تعليقات مسيئة على الانستجرام على صورة له تجمعه بابنتيه الصغيرتين.
ما الذي يجعل شخصا ما يعتاد السب والتحرش وإهانة الآخرين، لكنه لا يعاقب؟
دعونا نتفق أن الأنترنت هو مساحة مفتوحة لجميع البشر، وجميع البشر من وجهة نظري متساوون في الحقوق. لكننا مختلفون جميعاً في الطباع وفي الشخصيات. ما يعجبني قد لا يعجب أخي التوأم أو ابنتي أو والدي. لذلك، فمن المستحيل أن نتفق جميعا حول شيء ما.
دعونا إذن نسأل:
“هل من حق المتابعين لشخصية عامة أن ينتقدوه/ها؟”.
تلك “الأحقية” التي يعطونها لأنفسهم تصور لهم أن مستخدمي الأنترنت الآخرين ليسوا بشرا، حيث يمكن أن نخبرهم برغبتنا في أن يموتوا محترقين، لأنهم يعيشون بشكل مختلف عنا. أشاهد صورةً لمغنية ترتدي فستانا قصيرا يُظهر قوامها. هي فخورة به. يعجبها. تنشر الصورة على صفحتها التي يتابعها معجبوها. على الجانب الآخر، يجلس أحد الكارهين. يترك لها تعليق قائلا: “يا رب تتحرقي”.
بالطبع، من حق الناس أن ينتقدوا أو يناقشوا أي شيء أو يضحكوا أو يعلقوا ساخرين من تصرف ما. كلها أمور طبيعية مرتبطة بالحياة العامة. وعلى من يضع حياته أمام العامة أن يتوقع مثل تلك الأشياء. لكن، هل من الطبيعي أن يتقبل الناس الإهانة أو التجريح أو التحرش، اختراق الخصوصية، إعادة نشر معلومات ومواد شخصية أو حتى دعوات القتل أو الحرق، لمجرد أنهم شخصيات عامة؟
بعض مستخدمي الأنترنت من “الكارهين” (إذ هكذا يطلقون عليهم في مجتمعات العالم الغربي: Haters) يتصورون أن كل شيء من حقهم، حتى تجريح وإهانة الآخرين.
تلك “الأحقية” التي يعطونها لأنفسهم تصور لهم أن مستخدمي الأنترنت الآخرين ليسوا بشرا؛ حيث يمكن أن نخبرهم برغبتنا في أن يموتوا محترقين، لأنهم يعيشون بشكل مختلف عنا. أشاهد صورةً لمغنية ترتدي فستانا قصيرا يُظهر قوامها. هي فخورة به. يعجبها. تنشر الصورة على صفحتها التي يتابعها معجبوها. على الجانب الآخر، يجلس أحد الكارهين. يترك لها تعليق قائلا: “يا رب تتحرقي”. أحيانا يُذَيل تعليقه بضحكة “بريئة”.
هناك أكثر من نظرية قد تفسر تعليق الشخص الكاره هنا.
الكارهون من الدرجة الأولى:
إنه مجرد شخص محروم بائس يعرف أنه لن يكون أبدا مع فتاة مثلها. إذا جاء التعليق من سيدة كارهة، فتنطبق عليها نفس الصفات تقريباً: محرومة بائسة تحقد على المغنية وتعرف أنها لن تكون أبدا مثلها، رغم أحلام الطفولة والمراهقة بأن تصبح راقصة يوماً ما، أو مطربة، أو ممثلة…
بعد عناء طويل مع شبكات التواصل الاجتماعي. اخترعوا ما يسمى الحجب أو الـ block، وهي إمكانية ممتعة، تمكنك من حجب الكارهين في التو والحال؛ إلا إذا كان الموضوع يستحق اللجوء للشرطة.
الكارهون من الدرجة الثانية:
هم الذين يبثون الكراهية ودعوات القتل لأنهم يعتقدون أنهم يتقربون إلى الله بتلك الطريقة. نعم، عندما أقول لشخص ما أني أتمنى أن تحترق أو أن يغتصبك أحدهم، فأنا أتصور أن ذلك يجعلني مؤمنا أكثر، لأني أشعر “الكفار” بالضيق، وهي طريقة يشجع عليها بعض المتاجرين بالدين.
الكارهون من الدرجة الثالثة:
وهم أكثر الكارهين تميزاً. يبدون محافظين جداً في الحقيقة، لكنهم الأكثر تخبطا ويسبحون كل يوم في بحور من الانفصام. تجده يدّعي الفضيلة على صفحته، لكن صندوق رسائله الشخصية يحتوي على الكثير من رسائل التحرش أو السباب لنساء وفتيات وأطفال لم يردوا عليه.
الكارهون من الدرجة الرابعة:
هم الكارهون من أجل الكراهية، وهم غالبا أشخاص سيكوباتيون في الحقيقة، ممن يقطعون الكراسي في العزاء أو يجرحون باب سيارة لمجرد مرورهم بجانبها، أو يتعمدون أن يتركوا الحمامات، بعد استعمالها، دون أبسط سلوكيات النظافة.
يجب أن نفهم حجم ودرجة تأثيرنا كأفراد وحجم الطاقة التي نستهلكها للتعامل مع الكارهين أو الدخول معهم في نقاشات من الممكن أن تستنزفنا… لا فائدة من النقاش مع أشخاص يتمنون الموت للآخرين، لمجرد أنهم لا يحبون طريقة لباسهم أو أفكارهم.
يمكن للقائمة أن تطول إلى غاية الكارهين من الدرجة الخامسة عشر. لكننا لسنا مضطرين لأن نذهب إلى آخر طريق الكراهية.
المثير للبهجة في طرق التعامل مع الكارهين أن حلا واحدا فقط يكفي للتعامل معهم جميعا: العقاب.
الحل الوحيد يكمن في معاقبتهم
سنة 2019، في إحدى ورشات العمل مع مجموعة من ممثلي أكبر مواقع التواصل في العالم، وكانت الورشة تهدف لأساليب التعامل مع العنف الرقمي، خلص النقاش إلى أن عدم الإبلاغ، في الكثير من الأحيان، عن الرسائل والتصرفات المزعجة للمستخدمين، يجعل المعتدين والمتحرشين يتمادون أكثر.
بعد عناء طويل مع شبكات التواصل الاجتماعي. اخترعوا ما يسمى الحجب أو الـ block، وهي إمكانية ممتعة، تمكنك من حجب الكارهين في التو والحال؛ إلا إذا كان الموضوع يستحق اللجوء للشرطة.
عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة، ليست مشكلتك علاج الكارهين من كرههم وحقدهم على المجتمع. ليس دورك أن عامل الكارهين بلطف. إعطاء مساحات النقاش للكارهين تزيد من بثهم للكراهية لك ولمن حولك.
يجب أن نفهم حجم ودرجة تأثيرنا كأفراد وحجم الطاقة التي نستهلكها للتعامل مع الكارهين أو الدخول معهم في نقاشات من الممكن أن تستنزفنا… لا فائدة من النقاش مع أشخاص يتمنون الموت للآخرين، لمجرد أنهم لا يحبون طريقة لباسهم أو أفكارهم.
مقالات قد تهمك:
- التنمر… “الإجرامُ” في ثوبٍ أبيض!
- مواقع التواصل الاجتماعي… مسخ هوية الإنسان وكبح مقاومته للديكتاتورية الرقمية 2/2
- من بروكسيل، كوثر بوبكار تكتب: أنا الأفضل… أنا الأكبر… افتراضيا!
- كوثر بوبكار، من أبرز الباحثين في ميدان النانوتيكنولوجيا في العالم، تكتب: وسائل التواصل الاجتماعي… مقبرة العقل النقدي؟
- الفيديوهات الجنسية المسربة: ضحَايا الوصاية المجتمعية الزّائفة! 2/2
- الفيديوهات الجنسية المُسرّبة: عندما يصبح ممتلكها “بطلا” افتراضياً! 1/2