ختان الذكور: هل من دواعٍ صحية مُستعجلة، أم نترك للطفل حقّه في الاختيار إلى أن يكبر؟ 3/2
توجد دراسات عديدة عن مساوئ أو فوائد الختان؛ المشكلة أنه لا يمكن تقييم مدى صحتها، ولا أن تمثل الرأي النهائي.
بعدما تابعنا في الجزء الأول دور الدين والثقافة وما هو اجتماعي في وجود واستمرار ممارسة ختان الذكور، نستقصي في هذا الجزء الثاني قول الطب لنرى إن كانت هناك من دواع صحية تفرضه.
ينبغي أن تفقد حتّى تفتقد… معنى ذلك أنّ الرجلَ إذا اختُتِن طفلا، لا يشعر عندما يكبر بأنه فقد شيئا ما.
من ثمّ، لا يستطيع من تلقاء نفسه أن يستشعر أو أن يُقدّر حجم الخسارة التي لقيها بفقدان جزء حساس من قضيبه… لا يستطيع المقارنة أيهما كان الأفضل له.
بالمناسبة، من “حُسن الحظ” أن المرء يُختتن طفلا في المجتمعات التي تفعل ذلك. لنؤجل توصيف الاعتداء لاحقا.
من جانب آخر، وببساطة، لا يوجد أي مشكل مع الغلفة. إنها نسيج طبيعي كغيرها، لا يُمكن للطبيعة أن تخلقه أو أن تُطوّره اعتباطا.
من حسن حظه أنّ الذاكرة كانت يومها لا تُسجّل شيئا بعد. فالختان، كعملية جراحية، مُروّع وألمه يوصف كأحد أكثر الآلام بشاعة.
لو لاحظت أن الطفل الذي يُختتن لا يبكي، قد يتهيأ لك أنه لا يشعر بشيء، إنّما من هول الألم، دخل في حالة صدمة، والعُهدة على الأبحاث.
أمّا من يبكي منهم، فيفعل بشدّة على نحو يُعرض حياته للخطر… البكاء المستمر يسبب نقصا فادحا في الأكسجين.
اقرأ أيضا: من يوقف جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال؟
يظهر باختصار أن الختان، دون أي موقف من جدواه، عملية غير إنسانية البتة.
فالمخدر الموضعي لا يُعدم الألم إلى اللاشعور، وفرضاً فعل، ماذا حين يتبول الطفل لأيام على جرحه ذاك؟ حسنا، يجدر بنا أن نجمّد ملكة التخيّل لدينا للحظة هاهنا.
لو كان الطفل يعي أو يمكنه التحدث، ما كان ليكون رأيه؟ لماذا نجري له عملية جراحية غير مستعجلة البتة؟ من خوّل لنا الحق في تعديل جسده؟
تقييم أو وصف ألم الختان كذلك، كما قلنا، لا يُقاس بعدد دمعات الطفل… إنما بمعدل دقات قلبه ومعدل الكورتيزول في جسمه؛ يصلان إلى مستوى تُقدر إحدى الدراسات أن الكبار لن يطيقوه[1].
كما يقول أحد من أجروها في الكبر[2]، “كانت مؤلمة للغاية. استغرقت نحو نصف ساعة. بقيت صديقتي في الخارج، ولكنها كانت تسمع صراخي”.
ضدّ…
عند الحديث عن أهمية غُلفة القضيب، فإن معظم الأبحاث ينتقل بنا إلى الحديث عن أهميته بالنسبة للجنس.
اقرأ أيضا: عمليات تغيير الجنس: حين كانت الدار البيضاء قبلة الراغبين في تغيير جنسهم (الجزء الأول)
كثيرٌ منها وجد أنّ الرجل غير المختون يشعر بمتعة جنسية أكبر من غيره المختونين. وكذلك المرأة تشعر بانزعاج أقل مما تشعر به مع القضيب المختون.
يعتقد هؤلاء أنّ القضيب المكشوف، إن صَحّ التعبير، يفقد حساسيته مع المدة لكونه كذلك؛ أي دون طبقة تحمي رأسه.
ليس للوالدين أن ينوبا عن ابنهما، الطفل، سوى في ما كان واجبا لحماية حياته… والختان لا يندرج ضمن هذه الخانة.
هذا دونا عن قول إن القطعة تلك توجد بها مستشعرات حسية أو عصبية كثيرة جدا، مثل الشفاه أو الأجفان. وبالتالي فالمتعة طرديا ومنطقيا تكون أكبر.
من جانب آخر، وببساطة، لا يوجد أي مشكل مع الغلفة. إنها نسيج طبيعي كغيرها، لا يُمكن للطبيعة أن تخلقه أو أن تُطوّره اعتباطا.
أما القول إنّ الختان يُسهّل تنظيف القضيب، فهو مجرد ادعاء ليس إلا، حسب عدد من الباحثين. هل يُزيل المرء قدميه لأن ذلك سيغنيه عن تنظيفهما؟
اقرأ أيضا: أطفال مغرب اليوم… لكل زمن بيئته ولكل بيئة سلوكاتها! 2/1
لنتحدث الآن عن المضاعفات المحتملة. ربما نصادف أحيانا أخبارا من قبيل أن طفلا ما فقد قضيبه كليا نتيجة خطأ طبي، أو تشويها جعل من قضيبه دون فائدة حتى إنه لا يمكنه التبول.
القائمة طويلة، والأخطاء الجراحية يمكن جدا أن تحدث وبصيغ مختلفة، وتسبب مشاكل لا حصر لها، ومن الصعب أن تُستدرك! ولهذا يدعى الختان أيضا بـ”تشويه الأعضاء التناسلية”، فإجراؤه لم تفرضه أي ضرورة صحية أو طبية.
المؤكد فقط أن بعض الرجال، حوالي 10 بالمائة، يحتاجون إلى الختان كإجراء طبي عندما يكبرون.
ثمّ… أبسط من هذا كله: لم يوافق الطفل على ختانه!
لو كان يعي أو يمكنه التحدث، ما كان ليكون رأيه؟ لماذا نجري له عملية جراحية غير مستعجلة البتة؟ من خوّل لنا الحق في تعديل جسده؟
إنه تعديل أبدي على أجسادهم، والاعتداء يكمن في فعل ذلك دون موافقتهم. يرى البعض أنه ينبغي التوقف عن ذلك باسم الثقافة أو الدين، أو لأن الوالدين يفضلان ذلك[3].
من الآراء هنا أنّه ليس للوالدين أن ينوبا عن ابنهما، الطفل، سوى في ما كان واجبا لحماية حياته… والختان لا يندرج ضمن هذه الخانة.
اقرأ أيضا: على هامش قضية “نقاب” تلميذة شفشاون: هل أطفالنا مِلكٌ لنا؟
نشير في الأخير إلى أنه توجد دراسات عديدة عن مساوئ أو أضرار الختان؛ المشكلة أنه لا يمكن تقييم مدى صحتها، ولا أن تمثل الرأي النهائي.
تقول إحداها، على سبيل المثال، إن القضيب غير المختون أكثر إرضاء للنساء من القضيب المختون[4]. كما نرى، لا يمكن أن نأخذ بهذا القول كمُسلّمة علمية.
مع…
أكثر الحجج التي يسردها من يدافعون عن الختان: النظافة. قولٌ مردود عليه كما تابعنا قبل قليل…
مما نسرده في دائرة الجدل هذه، أن بعض الدراسات تقول أيضا إن القضيب المختون، شكلا، يُعجب النساء أكثر من غير المختون[5]. لا يُمكن الأخذ بهذا القول كمُسلّمة علمية كذلك.
القول إنّ الختان يُسهّل تنظيف القضيب، هو مجرد ادعاء ليس إلا، حسب عدد من الباحثين. هل يُزيل المرء قدميه لأن ذلك سيغنيه عن تنظيفهما؟
المؤكد فقط أن بعض الرجال، حوالي 10 بالمائة، يحتاجون إلى الختان كإجراء طبي عندما يكبرون[6].
كما تابعنا في شهادة ذلك الرجل الذي أجرى العملية بعدما كبر في السن، فقد كان بحاجة إلى جراحة لأن الجلدة تلك صارت ضيقة على نحو لم يعد يستمتع معه بالجنس.
يقول: “أصبح رأس قضيبي ظاهرا الآن، وعدتُ أشعر بهذا الشعور الجميل الذي كنت أشعر به في العشرينيات”.
اقرأ أيضا: الدراسات الطبية: العلم يحتمل الخطأ… التدليس أيضا وغواية المال! 2/2
عموما، هناك العديد من الدراسات التي تتحدث عن فائدة صحية للختان. مثل تلك التي نشرتها منظمة الصحة العالمية، عام 2008، وتقول إنّ الختان يُقلص مخاطر اكتساب العدوى بفيروس الإيدز بنحو 60 بالمائة.
وهي دراسة، مرة أخرى، مثار جدل، ذلك أنها أجريت في إفريقيا وحسب، في إحدى المناطق الكينية تحديدا، ولا يمكن تعميم نتيجتها.
لا توجد على المستوى الصحي حججٌ مقنعة أكثر من غيرها. والأجدى أن يُترك للطفل حقه في الاختيار إلى أن يكبر طالما لا توجد دواع صحية مستعجلة.
دراسة أخرى تقول أيضا إن معدل الإصابة بسرطان القضيب كالتالي: واحد لكل مائة ألف قضيب مختون. واحد لكل 600 قضيب غير مختون[7].
لكن هذه الدراسة غفلت من جانب آخر عوامل أخرى مهمة كتعدد الشركاء الجنسيين، والنظافة، وما إلى ذلك[8].
القول الفصل إنه، على المستوى الصحي، لا توجد حجج مقنعة أكثر من غيرها. والأجدى أن يُترك للطفل حقه في الاختيار إلى أن يكبر طالما لا توجد دواع صحية مستعجلة.
في الجزء الثالث نتحدّث عن الختان لدى الإناث، تلك الممارسة البشعة التي تجريها بعض المجتمعات ويحاول العالم جاهدا القطع معها.
لقراءة الجزء الأول: مورس قبل 15 ألف سنة: الختان… العملية الجراحية الأكثر إثارة للجدل في تاريخ البشرية 3/1
لقراءة الجزء الثالث: ختان الإناث: …وهل للبشاعة محلّ من الصحة! 3/3
الختان ضروري للرجال لقد أمرنا به ديننا الحنيف الاسلام