ختان الإناث: …وهل للبشاعة محلّ من الصحة! 3/3 - Marayana - مرايانا
×
×

ختان الإناث: …وهل للبشاعة محلّ من الصحة! 3/3

ختان الإناث ممارسة جدّ بشعة، لا يستدعيها الطب مُطلقا، بل وتُعقّد على المرأة حياتها على نحو مُميت…

نستقصي في هذا الملف ممارسة الختان؛ أكثر العمليات الجراحية جدلا في تاريخ البشرية. بعدما تحدثنا في الجزأين الأول والثاني عن الختان لدى الذكور، نُخصص هذا الجزء الثالث والأخير للحديث عن الختان لدى الإناث.

إذا كان ختان الذكور محل جدل على الأقل، طالما توجد دراسات تؤيده وأخرى تقف ضده، فإن ختان الإناث خلاف ذلك.

نُفصح منذ الآن، وقبل أن نخوض في تفاصيل ذلك، أنه ممارسة جدّ بشعة ولا يستدعيها الطب مُطلقا، بل وتُعقّد على المرأة حياتها على نحو مُميت… حتى إن هناك يوما عالميا يُدعى: “اليوم العالمي لعدم التسامح مطلقا إزاء تشويه الأعضاء التناسلية للإناث”.

ما هو ختان الإناث؟

ينطوي ختان الإناث على تشويه أعضائهن التناسلية. وهو في تعريف منظمات الصحة العالمية، اليونسيف والأمم المتحدة:

كل تشويه للأعضاء التناسلية الأنثوية؛ أي جميع الممارسات التي تزيل الأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى، سواء جزئيا أو كليا، وكل ضرر آخر يُلحق بهذه الأعضاء لدواع غير علاجية.

ينتشر ختان الإناث في أكثر من 27 دولة إفريقية (من بينها مصر “91% من النساء”)، وعلى نحو أقل في آسيا والشرق الأوسط (إندونيسيا، كردستان العراق واليمن).

لنوضح قليلا. هناك ثلاثة أنواع رئيسية لهذا التشويه، تختلف من منطقة إلى أخرى:

أولا: استئصال أو إزالة رأس البظر، سواء بأكمله أو جزئيا؛

ثانيا: استئصال البظر وجزء من الشفير الأصغر؛

اقرأ أيضا: بيدوفيليا الأنثى… الطابو في حدّهِ الأقصى!

ثالثا: إزالة جزء من أو أحد الأعضاء التناسلية الخارجية (البظر أو الشفير الأصغر أو الشفير الأكبر)، إضافة إلى تقطيب و/أو تضييق فتحة المهبل.

من يقوم بذلك؟

ينتشر ختان الإناث في أكثر من 27 دولة إفريقية (من بينها مصر “91% من النساء”)، وعلى نحو أقل في آسيا والشرق الأوسط (إندونيسيا، كردستان العراق واليمن).

توجد حالات أخرى في أوروبا، أستراليا، كندا، الولايات المتحدة الأمريكية، وتهمّ أساسا السكان المهاجرين من إفريقيا.

تؤكد منظمة الصحة العالمية أن ختان الإناث يتسبب في ألم فظيع لأنه يجري في الغالب دون تخدير وفي ظروف غير صحية، مشيرة إلى أن الموت يتربص بها إذا رافقها نزف شديد.

اليونيسف قدّرت عام 2016 أن حوالي 200 مليون امرأة تعيش في هذه المناطق تم ختانها.

الرقم يتباين في الواقع، فعام 2011، قدّرت إحدى دراسات منظمة الصحة العالمية عددهن بأكثر من 100 مليون.

ذات الدراسة تفيد بأن أكثر من 3 ملايين رضيعة وطفلة تتعرض لخطر هذا الإجراء سنويا.

نقول رضيعة وطفلة، لأن هذه الممارسة، كما لدى الذكور، تجري في أغلبها بين 4 و10 سنوات… إلى 14 سنة في بعض الحالات.

اقرأ أيضا: العنف الجنسي… الظاهرة الخفية!

ختان الإناث، تؤكد المنظمة، يتسبب في ألم فظيع لأنه يجري في الغالب دون تخدير وفي ظروف غير صحية، مشيرة إلى أن الموت يتربص بها إذا رافقها نزف شديد.

ما أصل ختان الإناث؟

ظهر ختان الإناث قبل ظهور الديانات. ولا تُعرف جذور واضحة له، ذلك أنه ارتبط بحضارات مختلفة مثل الفرعونية، الفينيقية والإثيوبية.

بعض المجتمعات الإسلامية مثلا تعتقد أنه فريضة، مع أنه لا حديث يأمر فيه النبي محمد بختان الإناث ولا ورد في القرآن شيء من ذلك.

تشير منظمة غينويتي للمشاريع الصحية، في أحد تقاريرها، أن ممارسة ختان الإناث وُجدت أيضا في الأقاليم الحارة في إفريقيا، والفلبين، وبين شعوب الإنكا والمكسيك، وفي أستراليا بقبيلة أورنتا تحديدا، وعند الرومان وحتى العرب الأوائل.

اقرأ أيضا: المرأة “الزوجة” في شبه الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام… 3/1

وتضيف أنه إلى خمسينيات القرن الماضي، كانت هذه العملية شائعة في أوروبا الغربية والولايات المتحدة كعلاج لبعض ما اعتبرته بعض المجتمعات “اختلالات” مثل: “إدمان العادة السرية، الشبق الشهواني والسحاقية”.

لماذا ختان الإناث؟

هناك أسباب كثيرة تُوجدها، كتبرير، المجتمعاتُ التي تمارس عادةً ختان الإناث، إلا أنه كما يلاحظ، ليس من بينها الطبي أو الصحي!

أول هذه الأسباب، ما تعلّق منها بالجنس. يَعتقد كثير من هذه المجتمعات أن الختان يُسيطر أو يقلل من الرغبة الجنسية لدى الفتاة على نحو سيسهم في إبقائها عذراء إلى الزواج!

تُجمع التقارير من مشارب شتى، حقوقية وطبية، أن لختان الإناث أضرارا صحية كثيرة، تتفاوت بين القصيرة والطويلة المدى.

ثانيها اجتماعي، فختان الإناث تقليد “يؤكد انتقال الفتاة إلى مرحلة النضج، ومن ثم استعدادها للزواج”.

ثالثا، لغايات النظافة والجمال. بمعنى أن هذه المجتمعات تجد أن الأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى، قذرة، ودونها يكون العضو التناسلي الأنثوي أجمل.

رابعا ما تعلّق منها بالخرافات. فالختان يرفع من خصوبة المرأة، يعتقد هؤلاء، وإبقاء أعضائها على حالها، قد يتسبب في وفاة المولود!

اقرأ أيضا: حسين الوادعي: كراهية النساء.. ذلك الاضطراب النفسي المجهول!

وأخيرا، لأسباب دينية، فبعض المجتمعات الإسلامية مثلا تعتقد أنه فريضة، مع أنه لا حديث يأمر فيه النبي محمد بختان الإناث ولا ورد في القرآن شيء من ذلك.

يتّفق الفقهاء، عموما، أنه ليس واجبا، وأنه مجرّد “مكرمة” في حق المرأة!

ما المُضاعفات المحتملة صحيا لختان الإناث؟

تُجمع التقارير من مشارب شتى، حقوقية وطبية، أن لختان الإناث أضرارا صحية كثيرة، تتفاوت بين القصيرة والطويلة المدى.

تسعى منظمة الأمم المتحدة حثيثا للقضاء على تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، ووضعت عام 2030 سقفا لتحقيق هذا الهدف.

بمجرد أن تخضع الفتاة للختان، تُصاب بألم شديد، وصدمة، ونزيف قد يكون قاتلا. يُحتمل أن تصاب أيضا بعدوى بكتيرية، وباحتباس البول وبتقرحات مختلفة.

أما على المدى الطويل، فقد تُصاب بالتهابات في المسالك البولية، ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات. قد تُصاب بالعقم أيضا، وتشعر بالألم حين ممارسة الجنس مما يجعلها لا تستمتع به على نحو قد يصيبها بالاكتئاب.

اقرأ أيضا: من مصر، سارة أحمد فؤاد تكتب: سارة حجازي… ومن الاكتئاب ما يقتل!

المرأة “المختونة” تكون عرضة لمضاعفات أثناء الولادة، وقد يموت وليدها، وأحيانا هي بحاجة إلى عملية جراحية معقدة حتى تلد، إذ من الختان ما يروم تضييق فتحة المهبل كما تابعنا قبل قليل.

لماذا يجب أن يتوقف ختان الإناث؟

تسعى منظمة الأمم المتحدة حثيثا للقضاء على تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، ووضعت عام 2030 سقفا لتحقيق هذا الهدف.

ترى المنظمة أن هذه الممارسة، رغم أنها استمرت لعصور، إلا أنه يمكن القضاء عليها في غضون جيل واحد.

بجانب ما سبق من أسباب تُبين بالملموس وجوب القطع مع هذه العادة الاجتماعية المترسخة، فإن ختان الإناث، بحسب اليونيسف، يُشكل انتهاكا صارخا لحقوق الفتيات وأحد مظاهر التمييز بين الجنسين.

هناك أسباب كثيرة تُوجدها، كتبرير، المجتمعاتُ التي تمارس عادةً ختان الإناث، إلا أنه كما يلاحظ، ليس من بينها الطبي أو الصحي!

غير أن استئصال هذه العادة، يظهر أنه بحاجة إلى جهود بالغة، خاصة إذا علمنا، كما تُشير اليونسيف في تقرير لها عام 2020، أن غالبية المصريين، مثلا، تعتقد أن الأزواج يفضلون الفتيات اللائي خضعن لتشويه أعضائهن التناسلية.

نحو نصفهم يعتقد جادا أن هذه الممارسة تمنع “الزنا” ومفروضة من قبل الدين، تقول المنظمة.

اقرأ أيضا: عذرية المرأة… حين يصبح “العار” بالزواج شرفا! (الجزء الثاني)

… ورغم أن قانون البلد يمنع ختان الإناث، منذ 2008، إلا أن الممارسة مستمرة للأسباب ذاتها…

من ذلك أن أبا مصريا أوهم بناته، في يونيو 2020، بأنه سيقوم بتطعيمهن ضد فيروس كورونا، فحقنهن بمخدر أفقدهن الوعي، وحين أفقن وجدن أنفسهن مكبلات بآلام مبرحة في أعضائهن التناسلية!

والقضية، اليوم، لدى القضاء…

لقراءة الجزء الأول: مورس قبل 15 ألف سنة: الختان… العملية الجراحية الأكثر إثارة للجدل في تاريخ البشرية 3/1

لقراءة الجزء الثاني: ختان الذكور: هل من دواعٍ صحية مُستعجلة، أم نترك للطفل حقّه في الاختيار إلى أن يكبر؟ 3/2

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *