#ألف_حكاية_وحكاية: في واحتنا مسلمون جدد
في الواحة التي كبرت فيها، كنا جميعا مسلمين… أمونسلمن كما نقول بالأمازيغية. في الواحة التي عدت إليها بعد أربعة عشر سنة من الغياب، سألني شاب بملابس غريبة، سروال وقميص طويلان، …
في الواحة التي كبرت فيها، كنا جميعا مسلمين… أمونسلمن كما نقول بالأمازيغية.
في الواحة التي عدت إليها بعد أربعة عشر سنة من الغياب، سألني شاب بملابس غريبة، سروال وقميص طويلان، لايتناسبان وحرارة الجو في شهر غشت:
– هل تعتقدين يا أستاذة أن امرأة مسلمة يجوز أن تتحدث عن الجنس كما في قصصك؟
قلت له:
– ياسيدي، أنا كما ترى تامونسلمت، كما إمونسلمن هاته الواحة ببساطة.
كنا إمونسلمن، نوع من المؤمنين الخفاف الظل: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. نقرأ المعوذتين حين توجُّسِنا من الحسد ونقرأ الفاتحة لإقامة المواثيق بيننا ونقرأ آية الكرسي لنجد النوم. نصوم رمضان ونذبح عند العيد ونتراش بالماء في عاشوراء.
كان الاختلاط ممكنا في حدود، ولم يخدش ذلك إيمان أحد. ما الذي تغير في تنجداد لكي يهاجمني أحد شبابها بتهمة الخروج عن الدين، بسبب خلوة بين رجل وامرأة في كتاب؟
كنا خفاف الظل. نصلي صباحا في بعض الأحيان، وفي الأمسيات نخرج الى الأعراس ونرقص. لم يكن إيماننا متناقضا مع الموسيقى وأشكال التواصل الطهرانية مع الشباب. كنا إمونسلمن إلى أن ذهبتُ إلى الواحة في التسعينات وانتبهت إلى كم الأولاد باللباس الأفغاني والبنات بالحجاب وعدد الفتاوي عن حرمة الوترة والغناء.
اقرأ لنفس الكاتبة: #ألف_حكاية_وحكاية: تاناتوس… موسم الموت
كان في كل بيت مغني. لم يكن للواحة أن تستمر بدون غناء وإنشاد مقدس. الأسر تتنافس على من سيظهر فيه صوت جميل.
كنت أوقع أول كتبي الذي حذفت منه كل إيحاء جنسي وأبقيت على قصص مبتورة تفاديا لحساسيات القراء. لم يكن الجنس موضوعا من موضوعاتي أيامها. كنت أكتب عن الطيور والسحاب والبحر وأطفال يعدون على الشاطئ.
عدت إلى الشاب وقلت له:
– أنت مخطئ… لا وجود للجنس في كتابي ياسيدي.
– وماذا تسمين القبل؟ ومواقع الشبهات وخلوة رجال بنساء في كتابك؟
– يا سيدي، أنا كاتبة ولست مصلحة اجتماعية. أنا أكتب عن الحياة كما تحدث، وفي هذه الحياة خلوة وعناق وحب.
– نحن مسلمون ولا نقبل أن تقرأ نساؤنا ماتكتبين.
اقرأ لنفس الكاتبة: #ألف_حكاية_وحكاية: علي أكوباش، امرأة بجسد رجل…
استغربت من تطرف الشاب. تطرف لم أعهده في أناس تنجداد. أذكر أنه في السبعينات، كانت البنات ينزلن إلى الحقول بعد العصر ويقابلن شبابا، يختلين بهم ويتحدثون. كان اللمس ممنوعا، لكن الخلوة مسموح بها، وهذا الطقس هو الذي كان يهيء للزواج.
كنا إمونسلمن إلى أن ذهبتُ إلى الواحة في التسعينات وانتبهت إلى كم الأولاد باللباس الأفغاني والبنات بالحجاب وعدد الفتاوي عن حرمة الوترة والغناء.
في تلك اللقاءات، كان الغزل والحديث الحلو منسابا… وكم حلمت أن أكبر في الواحة لأخرج إلى ذلك الطقس: تاقرفيت.
كنا جميعنا نعرف ما يحدث في الحقول بعد العصر. الآباء عارفون والأمهات يباركن ذلك الطقس الجميل. لم تكن هناك حوادث اعتداء أو هروب بنات من البيت أو اغتصابات. كان الاختلاط ممكنا في حدود، ولم يخدش ذلك إيمان أحد. ما الذي تغير في تنجداد لكي يهاجمني أحد شبابها بتهمة الخروج عن الدين، بسبب خلوة بين رجل وامرأة في كتاب؟
انسحب الشاب من النقاش. خرج من القاعة متوعدا إياي بالجحيم قائلا إنني سأصلى نار جهنم الكريهة. لم أسمع أحدا من قبل في الواحة يتوعد الآخرين بجهنم. لا أحد كان يدعي الإيمان أكثر من الآخر. كنا فقط أمازيغا نقترب من دين أتانا بالتوحيد وبالأخلاق الفاضلة، وكنا نجتهد لكي نمارس بعض شعائره ونطلب من الله أن يقبل منا ويسترنا، فلا نجوع ولا يأتي علينا الرمل من جهة الصحراء.
اقرأ لنفس الكاتبة: #ألف_حكاية_وحكاية: برتقال درقاوة، بركة الدراويش وبركة جدي
كنا نستقبل الدراويش ونطعمهم ونحج إلى سيدي يحيى ونحن موقنون أنه وسيطنا مع الله وأن الله يقبل حجنا إليه، فنحن مساكين ولا سبيل لنا إلى مكة.
ذلك الإسلام البسيط الخفيف الظل بدأ يتوارى من الواحة وصار الجميع يرصدون سلوكات الجميع وصار الكثيرون يدعون أن إيمانهم أكبر من الآخرين. صارت القنوات التلفزية تعلم الجميع كيف يطيلون اللحية وكيف يربطون غطاء الرأس.
غادرت القاعة التي وقعت فيها كتابي وأنا أكرر لنفسي أنني تامونسلمت، ولتمت قناة المنار وأخواتها غلا.
كنت قد كتبت تعليق في احد المنشورات عن كيف كانت الحياة في قبيلة امي الامازيغية باحدى مناطق سوس وماسرد في هذه الحكاية هو نفس مالاحظته وبتحسر عن التخولات الفكرية الدينية للقبيلة ، الفكر السلفي وجد في الجنوب ضالته ودمر عادات زتقاليد امازيغية انسانية لها الاف السنين بفضل القنوات الفضاءية الخليجية اصبح المراهق يتجرا على من هم اكبر منه سنا ويكفرهم ويدعوا عليهم بجهنم وكما قالت صاحبة المقال اصبحت نستء حتى العجاءز يلبسن الحجاب في جو لايستطيه الانسان التنفس فيه حتى بدون حجاب والكل اصبح مفتي ويراقب تصرفات الاخرين .
الفكر السلفي دمر اسس المجتمع الامازيغي وبالتعريب غذا لن يتذكر احد من هم الامازيغ .
Merci