الإسرائيليات في الثقافة الإسلامية: أصل الحكاية 2\3الجزء الثاني
يعتبر العديد من الباحثين بأن هذه الإسرائيليات كان لها أثر سيء في التفسير، إذ أدخلت فيه كثيرا من القصص الخيالية المخترعة والأخبار المكذوبة والأحاديث الموضوعة.
رأينا في الجزء الأول من هذا الملف، حكاية آدم وحواء وخروجهما من الجنة، وكيف غلب التصورُ اليهودي للحكاية، التصورَ الإسلامي في المخيال الشعبي للكثير من المسلمين.
في هذا الجزء الثاني، سنحاول اقتفاء أثر الحكاية وتتبع منبع تأثير جزء من المعتقدات اليهودية والمسيحية في التفاسير الإسلامية.
يتصور البعض، خطأ، أن الإسرائيليات مرتبطة باليهود حصريا، بينما تتعلق الأخيرة بكل التصورات والمعتقدات ذات الأصل اليهودي أو المسيحي، التي انتقلت إلى الإسلام دون سند من النص الديني.
يعتقد العديد من الدارسين أن أصل الحكاية بدأ بدخول بعض أهل الكتاب للإسلام. فكان هؤلاء حين يتحدثون عن قصص القرآن، يخلطونها ببعض التفاصيل الواردة في الإنجيل أو الثوراة. هكذا، أثرت معتقدات وتصورات مسيحية أو يهودية، في تفاسير معينة للقرآن وفي تأويلات أخرى للسنة.
“كانت النفوس ميالة إلى سماع التفاصيل عما يشير إليه القرآن من أحداث يهودية و نصرانية؛ فتساهل التابعون، فزجوا في التفسير بكثير من الإسرائيليات بدون تحر ونقد”.
عموما، يرجع أغلب الباحثين أصل الإسرائيليات إلى اليهود (مما يبدو جليا من الإسم)، لكنه شمل أيضا الروايات التي أتت للثقافة الإسلامية من المسيحية.
بعض الباحثين، ومنهم محمد حسين الذهبي في كتابه «الإسرائيليات في التفسير والحديث»، ذهبوا إلى حد اعتبار كل حديث موضوع، من الإسرائيليات.
اقرأ أيضا: هؤلاء 10 من أشهر شعراء العرب… يهود ومسيحيون في زمن الجاهلية! (الجزء الأول)
تنقسم الإسرائيليات، لدى معظم علماء الدين السنة، إلى ثلاثة أنواع: القسم الأول منها يشمل ما اتفق مع الشريعة الإسلامية، فهو بذلك مقبول. القسم الثاني يشمل ما يخالف الشريعة، فيكون بذلك مرفوضا. أما القسم الثالث والأخير فهو ما لا يوافق الشرع الإسلامي ولا يخالفه، أي المسكوت عنه بلغة الفقهاء، فهو إذن “يروى على سبيل الاستشهاد، لا الاعتقاد”.
تأثير كبير على التراث الديني
اعتمد الكثير من الرواة والمفسرين على الإسرائيليات في قراءة النص الديني، كأمثال بن جرير الطبري؛ فيما انتقد البعض الآخر هذا الاستعمال واعتبروه مخالفا للشريعة على أساس أن القرآن جاء ليصحح أخطاء ما سبقه من الديانات السماوية؛ كأمثال الإمام الشوكاني والإمام الألوسي وابن كثير.
يعتبر العديد من الباحثين بأن هذه الإسرائيليات كان لها أثر سيء في التفسير، إذ أدخلت فيه كثيرا من القصص الخيالية المخترعة والأخبار المكذوبة والأحاديث الموضوعة.
اقرأ أيضا: كيف بدأ عرب الجزيرة يعبدون الأصنام قبل ظهور الإسلام؟ أصنام وأوثان (الجزء الثاني)
وقد أورد ابن خلدون في مقدمته، أسباب الاستكثار من المرويات الإسرائيلية فقال: “وقد جمع المتقدمون في ذلك (يقصد بذلك التفسير النقلي) وأوعوا، إلا أن كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغث والسمين، والمقبول والمردود. والسبب في ذلك أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم، وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية، وإذا تشوقوا إلى معرفة شيء مما تشوق إليه النفس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود، فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم، ويستفيدونه منهم، وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من النصارى. وأهل التوراة الذين بين العرب يومئذ بادية مثلهم ولا يعرفون من ذلك إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب (…) الذين أخذوا بدين اليهودية. فلما أسلموا، بقوا على ما كان عندهم مما لا تعلق له بالأحكام الشرعية التي يحتاطون لها، مثل أخبار بدء الخليقة وما يرجع إلى الحدثان والملامح وأمثال ذلك، وأمثال هؤلاء مثل كعب الأحبار ووهب ابن منبه وعبد الله بن سلام. فامتلأت التفاسير من المنقولات عنهم، وفي أمثال هذه الأغراض أخبار موقوفة عليهم، وليست مما يرجع إلى الأحكام فيتحرى فيها الصحة التي يجب بها العمل. وتساهل المفسرون في مثل ذلك، وملؤوا الكتب بمثل هذه المنقولات، وأصلها كما قلنا هم أهل التوراة الذين يسكنون البادية ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ينقلونه من ذلك. إلا أنهم بَعُد صيتهم وعظمت أقدارهم لما كانوا عليه من المقامات في الدين والملة، فتلقيت بالقبول من يومئذ” (مقدمة ابن خلدون).
يعتبر العديد من الباحثين بأن هذه الإسرائيليات كان لها أثر سيء في التفسير، إذ أدخلت فيه كثيرا من القصص الخيالية المخترعة والأخبار المكذوبة والأحاديث الموضوعة
في كتاب “الإسرائيليات ودورها في التفسير”، وهي أطرحة الدكتوراه في التفسير والحديث التي أنجزها رمزي نعناعة والتي نشرتها دار القلم بدمشق ودار الضياء ببيروت (1970)، يقول الباحث: « وقد اعتمد المفسرون من التابعين في فهمهم لكتاب الله على ما جاء في الكتاب نفسه، وعلى ما رواه عن الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى ما رووه عن الصحابة من تفسيرهم أنفسهم، وعلى ما أخذوه عن أهل الكتاب مما جاء في كتبهم وعلى ما يفتح الله عليهم به من طريق الاجتهاد والنظر في كتاب الله”.
اقرأ أيضا – في مكة والجاهلية والحج: قصي بن كلاب يؤسس المدنس على المقدس
ويضيف نعناعة في حديثه عن الإسرائيليات: « يمتاز التفسير عند التابعيين بمميزات تثير الطعن فيه وتوجه النقد إليه، منها: خلط التفسير بالإسرائيليات لكثرة من دخل من أهل الكتاب في الإسلام وكان لا يزال عالقا بأذهانهم من الأخبار ما لا يتصل بالأحكام الشرعية، كأخبار بدء الخليقة وأسرار الوجود وبدء الكائنات وكثير من القصص، وكانت النفوس ميالة إلى سماع التفاصيل عما يشير إليه القرآن من أحداث يهودية و نصرانية؛ فتساهل التابعون، فزجوا في التفسير بكثير من الإسرائيليات بدون تحر ونقد”.
رغم حديث الرسول: “لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم”، بما يحيل على عدم التصديق لاحتمال كون كلامهم كذبا (باعتبار فكرة التحريف التي ينبني عليها التصور الإسلامي للديانيتين المسيحية واليهودية)، وعدم تكذيبهم في نفس الوقت لما قد تحمل روايتهم من صدق؛ إلا أن العديد من المفسرين اعتمدوا هذه الروايات، حتى وهي بدون سند.
في الجزء الثالث والأخير من هذا التحقيق، سنطلع على بعض النماذج من الإسرائيليات، كخلق حواء من ضلع آدم ورؤية الرسول محمد لله.
القرآن بحد ذاته نسخ مباشر للروايات اليهودية وقصصهم مع تغييرات طفيفة ناتجة عن الترجمة او سوء الفهم … وعلي القصص مستوحات ليس وفقط من التورات بل ايضا من التلمود والابوكريفا …. وشرحها وتفسيرا لن تجده عند العرب بل عند من اتهمهم الرسول … يشترون بآيات الله ثمنا قليلا اي عترف انهم يمتلكون آيات .. اي اليهود والنصارى