#ألف_حكاية_وحكاية: طريد ميسور الذي حاول قتل الملك
#ألف_حكاية_وحكاية… سلسلة حكايات تكتبها لمرايانا، الكاتبة حنان الدرقاوي
صبيحة يوم من أيام خريف عام 1984، حلت شاحنات عسكرية بمدينة ميسور. نزل منها عسكر كثر يحملون البنادق ويلبسون خوذات حديدية. طوق العسكر مركز المدينة واصطفوا على طول الطريق الذاهبة إلى ميسور القديم، حيث تبدأ الطريق إلى الجزائر كما يقول الكبار. أما نحن، فكنا أطفالا لا نعرف عن تلك الطريق شيئا.
ظل العسكر يتحركون طيلة الصبحية أمام أنظار الأهالي. لم يفهم أحد في البداية ماذا يفعل ذلك الجيش في مدينة صغيرة لا يحدث فيها شيء. لم نكن قد رأينا ذلك الحشد منذ يونيو \حزيران 1981 والانتفاضة الشعبية. كنا لا نزال نذكر كيف ضرب العسكر المتظاهرين ورموهم برصاص مطاطي.
يقول البعض إن العسكر استعملوا الرصاص الحي في الانتفاضة. كنا أحسن حالا من سكان الدار البيضاء التي مات فيها الآلاف في يوم واحد.
اقرأ أيضا: #ألف_حكاية_وحكاية: فضيلة من نوع خاص… لأخ من نوع خاص جدا (قصة واقعية)
اجتمعنا جماعة من الأصدقاء لنراقب تحركات العسكر ولنستعد لمشاهدة فصول الانتفاضة الجديدة. لم نسمع خبرا طيلة الصباح وبقينا على استغرابنا من وجود ذلك الجيش رغم أنه لا تظاهرة قامت. هل يكونون قد نفوا زعيما آخر إلى ميسور بعد عبد الرحيم بوعبيد؟ لم نسمع أيضا عن خبر نفي جديد.
سنة 2006 بباريس، كنت مع الطريد من أجل استجواب حول كتابه عن ضباط الملك. سألته أين الخرافة وأين الواقع في حكاية عبوره من ميسور، فأجابني أنه هرب من جهة الناظور. عرفت حينها أن شعبنا خارق في خلق الأساطير
عند الظهر، بدأت الأخبار تصلنا رويدا رويدا. هناك شخص هارب. البعض قال إن هناك أشخاصا كثيرين؛ وهناك من قال إنها عصابة مسلحة تابعة للخميني. هناك من قال أيضا إن جماعة من الجزائريين توغلوا عبر حدود الدهرة غير البعيدة من ميسور، ومن قال إن القذافي سلح مجموعة جديدة.
توالت الأخبار وتناقضت إلى أن جاءنا الخبر اليقين. السالمي الذي يعمل أبوه في مركز الشرطة أكد أن هناك طريدا مسلحا من فرق الباراشوت حاول قتل الملك، وهو طيار ويحاول الهرب عبر الدهرة.
اقرأ أيضا: #ألف_حكاية_وحكاية: الشيخ “لـ” والحريم: دعارة حلال؟
كان الفضول قد استبد بنا وحاولنا أن نعرف أي شيء عن هوية الطيار الطريد. اقتربنا من مجموعة من الرجال واقفين قرب سور السوق. كان أحدهم يؤكد أنه رأى الطريد وأن هذا الأخير طلب منه ماءً وأعطاه إياه. الآخر كان يحكي أنه التقى الطريد البارحة عند صلاة المغرب ودله على طريق ميسور القديم. آخر قال إنه رأى سيارة الجيب التي يركبها الطريد وهي مليئة بالقنابل.
نصحنا بالعودة إلى بيوتنا، لأن الطريد سيفجر المدينة. الجميع علقوا على محاولة الطريد قتل الملك. بينهم من يقول إن ذلك حرام وفاعله يستحق الإعدام. هناك من صدح بالنشيد الوطني وهناك من بقي صامتا.
كنا نعرف ماهي الديكتاتورية، فآباء أغلبنا صور مصغرة من الملك. كانوا طغاة وكل تهاون من طرفنا كان مصيره الجلد. كنا نعيش في جو من القمع والبطش ولا شيء ينقذنا سوى التفكير أن الله رحمان رحيم.
كنا في مقتبل المراهقة، وكنا نسائل كل المعتقدات وكل الأصول. كنا متعطشين للمعرفة، لكن الكبار لا يجيبون على أسئلتنا، بل يجعلوننا نردد: الله، الوطن، الملك. لماذا هذا الشعار بالذات؟ لماذا هناك أشياء مقدسة لا تجوز مساءلتها؟
قبعنا طيلة اليوم في مركز المدينة وتوالت الأخبار والإشاعات عن الطريد؛ فهناك من رآه يهبط من السماء بالباراشوت وهناك من رآه وهو يطلق النار على جماعة من العسكر وينتصر عليهم. هناك من يرى فيه بطلا وطنيا ثار من أجل الكرامة والمواطن، وهناك من رأى فيه مخلصا ومن رأى فيه خائنا. لم يكن ممكنا الذهاب إلى الدهرة لنشاهده وهو يعبر الحدود إلى الجزائر ويصل سالما إليها مفلتا من غضب الملك.
اقرأ أيضا: #ألف_حكاية_وحكاية: سنطرد المومسات…
كنا نعرف بغضب الملك منذ انتفاضة مراكش حين سلم الأطفال للمحاكمات وأطلق عليهم الرصاص. قال في خطابه إنه سيسحق كل من خرج للتظاهر، سيقتل ويحاكم كل من يخالفه الرأي. كنا نعرف ماهي الديكتاتورية، فآباء أغلبنا صور مصغرة من الملك. كانوا طغاة وكل تهاون من طرفنا كان مصيره الجلد. كنا نعيش في جو من القمع والبطش ولا شيء ينقذنا سوى التفكير أن الله رحمان رحيم.
كنا في مقتبل المراهقة، وكنا نسائل كل المعتقدات وكل الأصول. كنا متعطشين للمعرفة، لكن الكبار لا يجيبون على أسئلتنا، بل يجعلوننا نردد: الله، الوطن، الملك. لماذا هذا الشعار بالذات؟ لماذا هناك أشياء مقدسة لا تجوز مساءلتها؟
في نهاية اليوم، كان نصف المدينة موقنا أنه رأى الطريد ورافقه عبر طريق ميسور القديمة نحو الحدود. كانت الشهادات تتقاطر ولحظة بعد لحظة، تصير واثقة من واقعة رؤية الطريد.
استمر شد الأعصاب ثلاثة أيام، قبل أن يرحل العسكر بعد فشلهم في القبض على الطريد. صار بطلا نتمنى أن نراه، أن نحييه على إفلاته من طاحونة الوطن وبطش الملك.
سنة 2006 بباريس، كنت مع الطريد من أجل استجواب حول كتابه عن ضباط الملك. سألته أين الخرافة وأين الواقع في حكاية عبوره من ميسور، فأجابني أنه هرب من جهة الناظور. عرفت حينها أن شعبنا خارق في خلق الأساطير.
هذه القصة غير حقيقية وهي فقط من نسج خيالك ،اما المعني بالأمر هو الضابط الخلافي من البحرية الملكية , قام بقتل رئيسيه وهرب الى تيرنست ،وقد قتل بالضهرة(النجود العليا)