تسريبات “سناب شات”: عنف … هشاشة رقمية ومطالب بالتحصين - Marayana - مرايانا
×
×

تسريبات “سناب شات”: عنف … هشاشة رقمية ومطالب بالتحصين

لا تزال ردود الأفعال حول اختراقات حسابات السناب شات مستمرة. بين الحق في هامش من الخصوصية في الفضاء الرقمي، وبين العنف الرقمي الممارس على النساء، إشكاليات كثيرة تطرحها هذه التسريبات، أبرزها الدعوة إلى صرامة وتحصين وحماية للنساء ضحايا العنف الرقمي.

على الرغم من مضي وقت غير قصير على ما عُرف إعلاميا بتسريبات سناب شات، إلا أن الموضوع لا يزال محطَّ نقاش رقمي. بين الحق في الخصوصية بالفضاء الافتراضي والهشاشة الرقمية، وكذا قلة الوعي في التعامل مع الفضاء الرقمي، هناك تهديدات خطيرة للحياة الخاصة للمستعملين، وخصوصا لمستعملات.

تعود أطوار الواقعة إلى كشف أمين رغيب، المتخصص في المعلوميات والأمن الرقمي، عن عملية قرصنة استهدفت صورًا خاصة لفتيات نشرت عبر تطبيق “سناب شات”.

المتخصص في المعلوميات والأمن الرقمي دعا إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر من التطبيقات التي يتم تحميلها عبر الهواتف، والتي تتيح إمكانيات قرصنة الحسابات بكل سهولة، كما حذر من آفات هاته التطبيقات التي قد تتسبب في تسريب الصور الشخصية والتعرض للقرصنة.

أصوات كثيرة انتقدت حديث رغيب عن الواقعة، معتبرة أن هذا يُزكي الفضيحة والبحث عن الصور، كما يدفع لانتشارها بشكل أكبر. حجة هؤلاء أنه، بعد البث المباشر الذي تحدث فيه رغيب عن هاته الصور، فئة كبيرة اتجهت للبحث عنها.

المنتقدون لأمين رغيب اعتبروا أنه كان بإمكانه معالجة المُشكل دون إثارته بهذا الشكل الذي يزكي البحث عن الصور ويعزز انتشارها بشكل أكبر.

نقاش صحي

هل هو اختراق أم تسريب؟ يتساءل حسن خرجوج، المتخصص في الأمن الرقمي والتسويق الإلكتروني، معتبرا في حديث لمرايانا أن ما تم تداوله حول تسريب صور تطبيق سناب شات غير صحيح، فالأمر اختراق لحسابات أناس يقدمون خدمات مؤدى عنها.

يقول خرجوج: الاختراق طال حسابات لأناس يقومون ببيع صور ومقاطع فيديو خاصة. هاته المقاطع يتم بيعها عن طريق اشتراك أو دفع مبلغ مالي مُقابل مشاهدة مقاطع فيديو.

يشير المتخصص في الأمن الرقمي إلى أن تفاعل رغيب كان في محله، وأنه من الجيد أن يخرج هذا الموضوع للنقاش العمومي؛ غير أن الطريقة التي تحدث بها، من تهويل وتضخيم، لم تكون موفقة.

يقول حسن خرجوج: “أعتقد أنه لو لم تُسرب الصور بهذه الصيغة وفي هذ الوقت بالذات، كنا سنشاهد أمور أفظع مما نحن عليه الآن. ربما هذا الحدث سيساعد في رفع نسبة الوعي واليقظة بشكل أكبر”.

بحث عن الطابوهات

يشير خرجوج إلى أن الإنسان بطبعه يبحث أي شيء ممنوع، هذا نفسه ما ينطبق على الرغبة في الحصول على الصور والمقاطع. فبعد إثارة الموضوع، أصبح السؤال المطروح عند الكثيرين: كيف يُمكن الحصول على الصور والمقاطع؟

نحن مجتمع يبحث عن الطابوهات، عن المحرم/ الممنوع، عن كل ما يشبه الفضيحة. فالمسألة ربما تتجاوز البحث في فضاء رقمي إلى مشكل أخلاقي لدى شريحة من المجتمع المغربي، فضلا عن كونها إشكالية نفسية، تربوية، اجتماعية.

هنا، كثيرا ما يُطرح السؤال حول حماية المعطيات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي. فكيف يُمكن أن نحمي معطياتنا؟

في هذا السياق، يقول خرجوج: “أعتقد أن الأمر يتعلق بسؤال الوقاية أكثر من الحماية الرقمية. يجب على مرتادي الانترنت والمنصات الرقمية أن يكونوا على وعي بالتطبيقات التي يتم تحميلها على الهاتف، وكذا أن يحتاطوا من المواقع التي يلجون إليها.

يحذر المتخصص من التعامل العشوائي مع منصات التواصل، وكذا عدم الصرامة مع الروابط التي تصل إلى الهاتف، سواء عبر رسائل أو غيرها. لذا يجب على المستعملين والمستعملات التأكد من صحة الروابط التي تصل إلى أي هاتف.

عنف نفسي

من جهتها، عبرت الحركة الحقوقية والنسائية عن أسفها لما آلت إليه الأوضاع، منبهة إلى ضرورة الانتباه واليقظة في التعاطي مع الفضاء الرقمي.

فتيحة شتاتو، محامية وعضوة فدرالية رابطة حقوق النساء، تفاعلت مع مرايانا معتبرة أن التسريبات تفيد أننا بحاجة إلى العمل على الإنسان، من خلال التوعية والتحسيس. وهي فرصة للذكير بقضايا مسكوت عنها من قبيل العنف الرقمي ضد النساء.

تشير شتاتو إلى أن هذا الاختراق يتضمَّن نوعاً من المس بالخصوصية، فضلا عن التشهير، وهو ما يعاقب عليه القانون الجنائي من خلال التعديل الذي جاء به في مواد القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.

حسب الحقوقية، فالموضوع أكبر من مجرد تسريب أو اختراق، هو عنف نفسي قد يؤدي لانتحار المُشهر بهم وبهن. كما يفتح المجال للابتزاز والتهديد وقد يؤدي إلى الاتجار بالبشر وهي من أخطر الجرائم.

يقظة وتوعية

تقول: فتيحة شتاتو: “اليوم، يجب أن تكون لدينا يقظة رقمية، ويجب على كل الفعاليات الانخراط في حملة تحسيسية للتعريف بأنجع الطرق لاستعمال هاته الوسائل وبالأخطار المحتمَلة. وهي كذلك دعوة للعمل لتعديل القانون الجنائي والأخذ بعين الاعتبار هاته الأفعال التي يجب اعتبارها جرائم تمس بحياة الانسان”.

قد نفهم أننا أمام إشكالية مُركبة، وهي أن النساء هنَّ الحلقة الأضعف في مجتمع لازالت خصوصية المرأة وجسدها ملكا للمجتمع، يتحكم فيه ويفرض عليه شروطه ووصايته…

تقول شتاتو: “نحن على أبواب مراجعة القانون الجنائي، لذا يجب الأخذ بعين الاعتبار الآثار المترتبة عن مثل هذه الأفعال، وما تشكله من آثار نفسية. ويجب مراقبة هذا الفضاء ومتابعة كل من يستغل المرأة بالابتزاز والتهديد بأشد العقوبات”.

ربما أصبح علينا اليوم أن ننبه أبناءنا وبناتنا لخطورة الهواتف الذكية. علينا أيضا أن ننفتح على ما هو إيجابي في العولمة وتشبيع الشباب بالقيم الإنسانية لخدمة الانسان وبنائه، لا تبخيس قيمته وتحقيره.

الاختراق الذي طال حسابات عديدة لا يسائل فقط إشكالية الخصوصية أو الهشاشة الرقمية، بل هو دعوة ليقظة رقمية للتصدي للعنف الرقمي ضد النساء، والوقوف عند مرتكبي هاته الجرائم.

 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *