السرنديبية: هذه بعض أهم الاكتشافات التي ولدت مصادفة! 2/2 - Marayana - مرايانا
×
×

السرنديبية: هذه بعض أهم الاكتشافات التي ولدت مصادفة! 2/2

أشياء كثيرة مهمة في عالمنا اليوم، ولدت مصادفة، بعضها نستخدمه في حياتنا اليومية، وبعضها الآخر يستعمل في أغراض علمية، وفي الجزء الثاني من هذا الملف، نتعرف على بعض منها.

أشياء كثيرة مهمة في عالمنا اليوم، ولدت مصادفة، بعضها نستخدمه في حياتنا اليومية، وبعضها الآخر يستعمل في أغراض علمية. هذا النوع من الاكتشافات، كما رأينا في الجزء الأول من هذا الملف، يدعى “السرنديبية”.

في هذا الجزء، الثاني والأخير، نورد بعض اكتشافات الصدفة، التي يوردها كتاب “السرنديبية… اكتشافات علمية وليدة الصدفة”، لصاحبه أستاذ الكيمياء في جامعة تيكساس، الأمريكي رويستون روبرتس.

الفيلكرو

جميعنا قد امتلك يوما ما في حياته حذاءً رياضيا به لاصق فيلكرو معد لتثبيته، وربما في بيوتنا الآن مفروشات صمم بها هذا اللاصق لتثبيتها. يستخدم الفيلكرو أيضا في أشياء عديدة، مثل السيارات والمستلزمات الطبية والمعدات العسكرية، بل إنه يثبت الميكروفونات في سفن الفضاء حتى.

تعد أشرطة التثبيت اللاصقة، المعروفة تجاريا باسم الفيلكرو، إحدى أكثر طرق التثبيت ابتكارا في العالم؛ فاستخداماتها جد متعددة، وقد لعبت المصادفة دورا جوهريا في اكتشافها.

اقرأ أيضا: الحرب… لعنة البشرية؟ 3/1

كان ذلك بداية خمسينيات القرن الماضي، حين خرج مهندس كهربائي سويسري، اسمه جورج دي ميسترال، ليتمشى قليلا في بلدته الريفية، وعند عودته، لاحظ أن بِزّته مغطاة بنبات الأرقطيون.

أخذ ينزعه عنها، فتساءل: “ما الذي جعل هذه النباتات تلتصق على هذا النحو الشديد؟”، وليشفي غليله، استخدم الميكروسكوب، فاكتشف أن هذه النباتات مغطاة بخطافات انغرست في خيوط نسيج قماش بِزّتِه.

حينها، فكر دي ميسترال في تصميم نظام يعمل على غرار هذه النبتة، عله يفيد في شيء ما عوض أن يكون مزعجا… فكان الفيلكرو!

الأنسولين

بغاية دراسة وظيفة البنكرياس في عملية الهضم، استأصل العالمان جوزيف فون ميرينج وأوسكار مينكوفسكي، بنكرياس أحد الكلاب.

كان ذلك في يوم ما من عام 1889 بألمانيا. ثم بعد أيام، طلب منهما مساعد لهما بالمعمل الذي يشتغلان فيه، أن ينظرا إلى الذباب الذي يقف على بول ذلك الكلب؛ فانتابهما الفضول لمعرفة السبب الذي جذب الذباب إليه.

حين حللاه، انتهيا إلى أن بول الكلب مليء بالسكر، ومعروف أن السكر في البول يمثل علامة شائعة للإصابة بمرض السكري. أدرك العالمان مصادفة لأول مرة أن ثمة إمكانية لوجود علاقة بين البنكرياس والسكري.

اقرأ أيضا: بتقنية 5G… صيني يجري أول عملية جراحية دماغية عن بعد في العالم

لاحقا، أثبتا أن البنكرياس ينتج إفرازا يتحكم في استهلاك السكر، وأن وجود نقص في هذا الإفراز، يسبب مشاكل في أيض السكر، تظهر على هيأة أعراض مرض السكري.

محاولات عديدة أجريت لعزل هذا الإفراز، دون جدوى، حتى عام 1921؛ إذ استطاع باحثان في جامعة تورنتو عزله من بنكرياس الكلاب، وعندما حقنا به الكلاب التي أصيبت بالسكري بسبب استئصال بنكرياساتها، وجدا أن مستويات السكر في دمها قد تحسنت.

بعد ذلك، اهتم بروفيسور اسمه ماكليود بهذا المشروع وطور إجراءات لاستخلاص هذا الإفراز، ووضع معيارا لجرعته، واقترح اسما له هو الأنسولين، ثم أعلن لاحقا عن استخدامه إكلينيكيا في علاج مرض السكري.

التيفلون

يكاد لا يخلو مطبخ اليوم من مقلاة معدة لكي لا يلتصق بها الطعام؛ ذلك أنها مكونة من التيفلون. التيفلون في الواقع مجرد اسم تجاري لمادة البولي تترافلوروإثلين، وقد در على الشركة التي اكتشفته أرباحا طائلة. ويستخدم أيضا في بدل رواد الفضاء وصمامات القلب الصناعية وأشياء أخرى.

هذه المادة، هي أيضا اكتشفت مصادفة عن طريق كيميائي يدعى روي بلانكيت، كان يعمل بشركة اسمها دو بونت. عام 1948، فتح بلانكيت أسطوانة بها مادة التترافلوروإثلين الغازية، وفي نيته تحضير غاز تبريد غير سام منها، لكنه اندهش إذ لم يخرج منها أي غاز، رغم أنه كان يفترض أن تكون الأسطوانة ممتلئة بغاز الفلوروكربون.

اقرأ أيضا: أسماء بن العربي: صراصير مكة. هل ينتقم الله من السعودية؟!

عوض أن يتخلص بلانكيت من هذه الأسطوانة، ويأخذ واحدة أخرى ليستكمل بحثه الخاص بغاز التبريد، قرر أن يشبع فضوله.

أخذ الأسطوانة “الخالية”، تأكد من أنه لا توجد مشكلة بصمامها، ثم قطعها باستخدام منشار وألقى نظرة بداخلها، فوجد بها مسحوقا أبيض شمعيا… وباعتباره كيميائيا، أدرك ما يجب أن يعنيه هذا، فكان التيفلون!

زجاج الأمان

حين اخترعت السيارة، استخدم الزجاج العادي في صناعة زجاجها الأمامي. ولما كانت السيارات تتعرض لحوادث، وينكسر زجاجها الأمامي، كان الراكبون يتعرضون لإصابات بالغة بسبب الشظايا.

عام 1903، ومصادفة مرة أخرى، أوقع كيميائي فرنسي يدعى إدوار بينيديكتس، قارورة زجاجية على أرضية صلبة، فاندهش حين رأى أنها رغم تحطمها، ظلت قطعة واحدة دون أن تتفتت.

فحص بينيديكتس القارورة، فلاحظ أن بها قشرة رقيقة في الداخل أبقت الزجاج ملتحما، ثم أدرك أن القشرة مصدرها تبخر محلول الكولوديون الذي كان موجودا في القارورة.

اقرأ أيضا: محمد الفرسيوي: مَنِ السابقُ ومَنِ اللاحق؟ الرأسمالية أم القُمامة و”سراقْ الزيتْ”؟

لم يعر بينيديكتس للواقعة اهتماما بعد ذلك، واكتفى بتدوين ما لاحظه على بطاقة وضعها بالقارورة. ثم حدث بعد ذلك أن قرأ أخبارا عن تعرض فتاة صغيرة لإصابات بالغة في حادث سيارة بباريس، فخطر على باله أن ما لاحظه سابقا حل محتمل… وكانت هذه بداية اكتشاف زجاج الأمان!

التصوير الفوتوغرافي

أول عملية تصوير فوتوغرافي ناجحة، قام بها الكيميائي الفرنسي لويس داجير، عام 1838. قبل هذا الاختراع، كان الناس مضطرين للاعتماد على الرسامين.

التقط داجير أول صورة فوتوغرافية له باستخدام “كاميرا مظلمة”، وفي الواقع هي اختراع قديم، لكن نتائجها لم تكن مرضية، فلم تكن إجراءً عمليا.

قصد تحسين ذلك، أعد داجير ألواحا للصور من النحاس المطلي بالفضة، ثم عرضها لبخار اليود. وباستخدام الكاميرا المظلمة، عرض تلك الألواح للضوء؛ فكانت النتيجة صورة باهتة. ثم حاول بعدة طرق تكثيف شدة الصورة، لكن دون جدوى.

في أحد الأيام، وضع لوحة بها صورة باهتة في خزانة بها مواد كيميائية متنوعة، إلى حين تنظيفها لإعادة استخدامها. حين عاد إليها بعد أيام، اندهش حين وجد صورة قوية على سطحها!

اقرأ أيضا: إذا طالع العرب أنفسهم في مرايا يابانية، فهذا ما سيرونه…

هذه المصادفة أوحت إلى داجير بأن مادة كيميائية أو أكثر قد كثفت شدة الصورة، ثم راح يجرب كل يوم اكتشافها بإخراج إحدى المواد، لكن الصورة في جميع الحالات ظلت قوية.

حين فحص الخزانة، وجد بها قطرات من الزئبق انسكبت من ترمومتر مكسور، فاستنتج أن بخار الزئبق هو المسؤول عن ذلك. جرب ذلك، فكانت النتيجة… الطريقة الداجيرية في التصوير الفوتوغرافي، التي لقيت بعدها نجاحا مدويا، رغم إصابة عديد ممن استخدموها بأمراض خطرة جراء السمية العالية لبخار الزئبق.

لقراءة الجزء الأول: هل تعرف ما هي “السرنديبية”؟ فلنكتشف ذلك معا ودون مصادفة! 2/1

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *