الكاتبة الكاتالانية نجاة الهاشمي: علينا أن نعلِّم أطفالنا بطريقة مختلفة، وأن نغير العقليات والسلوكيات والقيم
نجاة الهاشمي كاتبة اسبانية من أصل مغربي. ولدت سنة 1979 بالناضور قبل أن تنتقل رفقة أسرتها، وهي طفلة، إلى اسبانيا حيث ستنشأ. تابعت دراستها الجامعية في تخصص “الفلسفة العربية”. نشرت سنة 2008 أول رواية لها “الباتريارك الأخير” التي توجت بجائزة “رامون لول” قبل أن تتوالى كتاباتها التي نذكر منها: “أنا أيضا كاتالينية” و”لقد تحدثوا كثيرا باسمنا”.
في مختلف كتاباتك، يطرح سؤال الهوية بشدة. هل هذه الهوية المزدوجة هي غنى حقيقي كما تقوله الشعارات، أم أنها تترجم في الواقع بعضا من التمزق؟
هوياتي ليست مزدوجة فحسب، بل متعددة. كمغربية، أنا أيضا ريفية، وكإسبانية، فأنا أيضا كاتالونية. لكن هذا ليس سوى جزءً من الهوية الثقافية والجغرافية والسياسية.
في المقابل، ربما تكون الهوية التي تؤثر في أكثر، هي كوني امرأة مولودة في مجتمع أبوي للغاية. العيش في هذه الظروف المتنوعة، هو بالتأكيد ثروة… لكنه ثروة مليئة بالصدامات والصراعات.
النضال من أجل المساواة بين الرجل والمرأة هو الطريق الوحيد لعالم أكثر عدلا وأكثر سلاما
هوية المهاجر هي في النهاية هوية مؤلمة للغاية. فأنت تهاجر في الحقيقة، لأن أرضك رفضتك. لأنها لفظتك. لكن بالنسبة لنا كنساء، يكون هذا الشعور مركبا؛ فنحن في النهاية، نشعر بأننا أجنبيات في بلداننا، عندما لا نعامل على قدم المساواة.
في مجتمع هامشي مثل الذي أتيت منه، أن تكوني امرأة، يعني أن تكوني أصلا، أجنبية في بلدك.
اقرأ أيضا: مصطفى فهمي: مغربي أحب شكسبير واحتفت به كندا
أن تكوني امرأة من أصل مغربي، من ثقافة عربيةـ أمازيغيةـ إسلامية وأن تنشئي في مجتمع منفتح. أن يكون عليك الاختيار… روايتك الأخيرة “الفتاة الأجنبية”[1] تطرقت لهذا التمزق. هل هو قدر الفتيات الأوروبيات من أصول أجنبية، وخصوصا أولئك القادمات من شمال إفريقيا؟
نحن نتحول إلى أجنبيات، لأننا، ولسنوات طويلة، نشعر أننا لسنا جزء من أي شيء. في أوربا، نعاني من العنصرية. لقد صرت كاتبة منذ عشرين عاما، لكن… ما زال هناك أناس يقولون لي: “لماذا لا تذهبين إلى بلدك للحديث عن هذه القضايا؟”. وثائق تعريفي الوطنية تقول إنني أوروبية مثلهم، لكنهم… ما زالوا يرونني أجنبية جاءت من الخارج.
على العكس من ذلك، عندما نكون في المغرب، ما زلنا نشعر بالغربة… بشعور بعدم الانتماء.
حتى في مدننا وبلداننا ينظرون إلينا كأجانب، ويعاملوننا بطريقة مختلفة.
اقرأ أيضا: من الولايات المتحدة الأمريكية، عمر بوم يكتب: فزاعة التقية في زمن الإسلاموفوبيا
هل بنظرك، العنصرية هي واقع اجتماعي في أوروبا، أم أنه مجرد لعب لدور الضحية من طرف أولئك الذين لم ينجحوا في الاندماج؟
هناك عنصرية في أوروبا. هذا شيء عرفناه وتعلمنا أن نتعايش معه ولكن…
هناك قضايا يتم اعتبارها أو تعريفها بأنها عنصرية، لكنها ليست كذلك بالنسبة لي.
في الآونة الأخيرة، رأينا كيف تم استبدال كلمة العنصرية، في حالتنا، بكراهية الإسلام، الإسلاموفوبيا.
في مجتمع هامشي مثل الذي أتيت منه، أن تكوني امرأة، يعني أن تكوني أصلا، أجنبية في بلدك.
الأمر هنا ليس مجرد عملية تغيير للكلمة. أعتقد أنه يتم التعبير عن مناهضة مختلفة للعنصرية، يكون فيها الإسلام هو الضحية وليس المسلمين.
في عملية مناهضة العنصرية هذه، لا يتوافق الكثيرون معنا؛ لأننا، بحسبهم، إذا لم نكن مسلمين، أو إذا كنا نعيش الإسلام بطريقة مختلفة عن طريقتهم، فإن هذا التمييز لا يمثلنا.
اقرأ أيضا: من مونتريال ـ كندا. عمر لبشيريت يكتب: الهجرة التي ظلت تلاحقني، وتهرب مني
ثم هناك مشكلة الرغبة في أن يكون الإسلام غير قابل للنقد أو إعادة القراءة في أوروبا أيضا. لأجل ذلك، تستخدم بعض التيارات المعركة ضد كراهية الإسلام لاستيراد ثيوقراطية للمسلمين في أوروبا. على سبيل المثال، عندما تقول بعض النساء إن واجب التستر المفروض على النساء، أو ارتداء الحجاب، هو أمر أبوي، أو إذا أردنا انتقاد شحنة وثقل الذكورية في الدين، فإنهم ببساطة ينعتوننا بـ “الإسلاموفوبيين”.
هل سننجح يوما في الانتصار على العقلية الذكورية، في أوروبا، لكن أيضا في المغرب؟
إنها معركة ونضال طويل جدًا…
علينا أن نعلِّم أطفالنا بطريقة مختلفة، وأن نغير العقليات والسلوكيات والقيم…
سيكون الأمر طويلًا ومتعبًا، ولكن النضال من أجل المساواة بين الرجل والمرأة هو الطريق الوحيد لعالم أكثر عدلا وأكثر سلاما. النظام الأبوي يعني العنف!
[1] روايات نحاة الهاشمي لم تترجم بعد للغة العربية. العناوين المقترحة هي ترجمة خاصة بمرايانا