حركة الحشاشين… أخطر حركة ثورية عرفها التاريخ الإسلامي؟ 4/1 - Marayana - مرايانا
×
×

حركة الحشاشين… أخطر حركة ثورية عرفها التاريخ الإسلامي؟ 4/1 هذه هي الحيثيات التاريخية الممهدة لظهور حركة الحشاشين...

من يكون الحسن الصباح؟ وكيف انتهى إلى تأسيس حركة الحشاشين؟ ما الأسلوب الجديد الذي اعتمد عليه؟ ثم كيف بدأت حركته في الظهور على مسرح الأحداث التاريخية؟

تخللت التاريخ الإسلامي بقع حمراء كثيرة، بيد أن الطريقة التي بصمت بها حركة الحشاشين على حصتها في هذا التاريخ، كانت غير مسبوقة. أو هكذا على الأقل، سجلت المصادر التاريخية؛ فهذه الحركة كانت مضرب مثل في العمليات “الفدائية” ذلك أن أعضاءها أحبوا الموت بنفس القدر الذي أحب به معاصروهم الحياة.

في هذا الملف، اعتمادا على كتاب المستشرق الأمريكي، برنارد لويس، “الحشاشون… فرقة ثورية في تاريخ الإسلام”، وكتاب المفكر المصري، محمد عثمان الخشت، “حركة الحشاشين… تاريخ وعقائد أخطر فرقة سرية في العالم الإسلامي”، إضافة إلى مصادر أخرى، نحاول اقتفاء أثر حركة الحشاشين.

من هم إذن؟ لماذا سموا كذلك؟ من أسس فرقتهم ولماذا؟ كيف ظهروا على مسرح الأحداث التاريخية في العالم الإسلامي؟ ما الصحيح في ما دونه التاريخ عنهم؟ ما هي المغالطات التي طبعت ذلك؟ بماذا عرفوا؟ لماذا اعتبرهم البعض أخطر فرقة ثورية عرفها التاريخ الإسلامي؟ وكيف كانت نهايتهم؟

أسئلة من بين أخرى، نجيب عنها على مدى أجزاء، لكن قبل ذلك، سنخصص هذا الجزء، الأول، لمعرفة الظروف الممهدة لظهور حركة الحشاشين.

عام 148 للهجرة، توفي جعفر الصادق، الإمام السادس لدى الشيعة. كان جعفر الصادق قيد حياته قد عهد بالإمامة إلى ابنه الأكبر، إسماعيل، بيد أن الأخير توفي في حياة أبيه، فاختلف الشيعة بذلك في تحديد الشخص الأحق بالإمامة.

بعضهم قال إن على الإمامة أن تنتقل إلى محمد، ابن إسماعيل، وبعضهم الآخر قال إنها تنتقل إلى ابن آخر من أبناء الصادق، وكان في هذه الحالة، موسى الكاظم.

على كل حال، كان جعفر الصادق ما زال حيا حينما أوصى بها لموسى الكاظم، فكان ذلك فعلا بعد أن توفي. من هنا، ظهرت على مسرح التاريخ الشيعي، الفرقتان: الإسماعيلية والاثنا عشرية.

اقرأ أيضا: الوجه الآخر لصلاح الدين الأيوبي… مُلك مصر أهم من حرب الصليبيين! 4/5

الاثنا عشرية أيدت إمامة الكاظم، فيما قاد الدعوة إلى إمامة محمد بن إسماعيل، رجل يدعى ميمون القداح. ثم حين توفي الأخير، نحو 198 للهجرة، خلفه ابنه عبد الله في الدعوة إلى إمامة أبناء إسماعيل.

لمدة قرن ونصف بعد وفاة إسماعيل، ظل الأئمة الإسماعيليون مخبوئين[1]، لا يعرف عن نشاط دعاتهم أو تعاليمهم إلا القليل.

خلافا للنجاح السياسي الذي أحرزته الحركة الإسماعيلية في شمال إفريقيا، فإنها أخفقت في تسلم السلطة السياسية في المشرق الإسلامي، لا سيما في إيران. لكنها بالمقابل، فرضت حضورا فكريا بارزا في الساحة الثقافية هناك.

لكن، بعد ذلك، حين أخذت الدولة العباسية تتهالك، أخذوا في الظهور فاستقر بعضهم في اليمن، ثم سرعان ما كسبوا مؤيدين وحققوا قاعدة للسلطة السياسية هناك. ومن هناك، أرسلوا بعثات إلى بلاد مختلفة.

هكذا، عام 909 للميلاد، وصلوا قوة بلغت درجتها حد أن ظهر إمامهم المستور للعلن، إذ أعلن نفسه خليفة في شمال إفريقيا (تونس تحديدا)، فاتخذ لقب المهدي، وأسس دولة جديدة تسمى “الفاطمية” (من نسل فاطمة بنت النبي).

ثم لاحقا، أخذت الجيوش الفاطمية تستعد لغزو مصر، وفي مرماها تأسيس إمبراطورية في الشرق.

اقرأ أيضا: السنة الأمازيغية: هذا أصل حكاية تقويم يطفئ هذا العام شمعته الـ2969…

نجحوا في ذلك عام 969 للميلاد. دخلوا مصر وأسسوا بها مدينة جديدة لتكون عاصمة لإمبراطوريتهم، وأسموها “القاهرة”، ثم بنوا مسجدا جامعا جديدا يكون قلعة لعقيدتهم وأسموه “الأزهر”، ثم انتقل الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، من تونس إلى مقره الجديد، حيث حكم خلفاؤه بعده لمائتي عام.

كان أن تهاوت الدولة الفاطمية عام 1076 للميلاد، تحت حكم الخليفة الثامن، المستنصر. فأرسل الأخير إلى رجل اسمه بدر الجمالي، وكان وقتذاك الحاكم العسكري لعكا، ليكون وزيرا وقائدا أعلى، عله يعيد الأمور إلى نصابها.

استطاع أمير الجيوش الجديد أن يحول الفوضى إلى نظام، وأن يمنح الدولة الفاطمية أمد حياة جديد. لكن، بالمقابل، فقد الخليفة نفوذه وسيطرته؛ حتى أنه، عندما اضطهد أمير الجيوش داعيةً اسمه حسن الصباح (مؤسس حركة الحشاشين لاحقا) عند وجوده في مصر، لم يستطع حياله شيئا.

حين توفي المستنصر، وكان الجمالي أيضا قد توفي وخلفه ابن له اسمه الأفضل، واجهت الأخير كأمير للجيوش ضرورة اختيار خليفة جديد. الواقع أن الخليفة المستنصر كان قد عين قبل وفاته، ابنه نزار، وليا لعهده، وقد قبل به الإسماعيليون. بيد أن الأفضل أعلن ابنا آخر للمستنصر، اسمه المستعلي، كخليفة جديد.

اقرأ أيضا: هذه حكايات 9 من أشهر الاغتيالات السياسية في صدر الإسلام.. 3/2

فر نزار بعد ذلك إلى الإسكندرية معلنا عن ثورة محلية لاستعادة الخلافة، بيد أنه هزم وأسر وقتل بعد ذلك. من هنا، انقسمت الإسماعيلية إلى مستعلية ونزارية. هذه الأخيرة ستنتمي إليها حركة الحشاشين لاحقا.

بعد أن انتهت الدولة الفاطمية الإسماعيلية في مصر وبعد الانتكاسات السياسية المتتالية للإسماعيلية في إيران، بدا ضروريا البحث عن أسلوب عمل جديد… أسلوب سيقعد له الحسن الصباح، مؤسس “حركة الحشاشين”.

خلافا للنجاح السياسي الذي أحرزته الحركة الإسماعيلية في شمال إفريقيا، فإنها أخفقت في تسلم السلطة السياسية في المشرق الإسلامي، لا سيما في إيران. لكنها، بالمقابل، فرضت حضورا فكريا بارزا في الساحة الثقافية هناك، إذ هيمنت على العقول الدينية والفلسفية، فسيطرت على مراكز علمية عدة في الري وأصفهان وخرسان.

هكذا، الإسماعيليون في المشرق، في ظل الحكم السني، رفضوا الاعتراف بالمستعلي وأعلنوا ولاءهم لنزار ونسله، ومن ثم قطعوا علاقتهم بالدولة الفاطمية.

عموما، كان الأمراء البويهيون (شيعة) في إيران، يسمحون أحيانا للدعاة الإسماعيليين بممارسة نشاطهم علنا في إيران والعراق. بالمقابل، كان الأمراء الغزونيين والسلجوقيين (سنة) يضطهدونهم، فتعرض غالبيتهم للقتل.

اقرأ أيضا: هل تعرف أن إيران ليست بمهد للتشيع وأنها كانت تعتنق يوما ما المذهب السني؟ 2/1

في غضون هذا، كانت الأمور تزداد تعقيدا في مصر بعد مجيء الصليبيين وهجمات أملريك ملك بيت المقدس، الذي تمكن لاحقا من الوقوف على أبواب القاهرة عام 1167 للميلاد.

ثم كان في الأخير أن عزل صلاح الدين الأيوبي آخر خليفة فاطمي، عام 1171 للميلاد، فانتهت بذلك الدولة الفاطمية الإسماعيلية، فزال بسقوطها كل أثر شيعي عرفته مصر.

هكذا، بعد أن انتهت الدولة الفاطمية الإسماعيلية في مصر وبعد الانتكاسات السياسية المتتالية للإسماعيلية في إيران، بدا ضروريا البحث عن أسلوب عمل جديد.

أسلوب سيُقَعِّد له الحسن الصباح، مؤسس الدعوة الإسماعيلية الجديدة، أو ما يسمى بـ”حركة الحشاشين”.

فمن يكون الحسن الصباح؟ وكيف انتهى إلى تأسيس حركة الحشاشين؟ ما الأسلوب الجديد الذي اعتمد عليه؟ ثم كيف بدأت حركته في الظهور على مسرح الأحداث التاريخية؟ ذاك ما سنكتشفه في الجزء الثاني من هذا الملف.


[1]  كان الأئمة الإسماعيليون يتخفون من أعدائهم، وهكذا، يصبح الإمام مستورا عن مؤيديه حتى، لا يعرفه إلا المقربون وخواص الخواص من الشيعة الإسماعيلية.

لقراءة الجزء الثاني: الحسن الصباح والاستيلاء على قلعة “ألموت” وبداية الاغتيالات… 4/2

لقراءة الجزء الثالث: الحشاشون… أول “إرهابيي” العالم؟ 4/3

لقراءة الجزء الرابع:  الحشاشون: نهاية الحركة، أصل التسمية ودخولها في القاموس الأوروبي 4/4

تعليقات

  1. جلال بن مريم

    لا اله الا الله محمد رسول الله ولاقوة الا بالله العلي العظيم

  2. مصطفى حسين كامل بسيونى

    قرأت الجزأ الاول من موضوع الحشاشين .. وقد لاقى عندى قبول كبير .. ولما كنت قد قرأت فى هذا الموضوع من قبل .. فإننى ارجوا ان اجد جديدا فيما سوف تكتبون .. ولكن وعموما فإننى احيكم واتقدم بالشكر لكم لهذا الاتجاه التثقيفى خاصه ان كثير من الشباب اليوم لايقرأ الكتب المطبوعه ويكتفىى بما يجده على مواقع التواصل الاجتماعى احيكم مره اخرى وارجو لكم دوام التوفيق .

  3. نجاة النخالي

    مادام أنكم تكتبون خرافات مثل “السنة الأمازيغية” فكل منشوراتكم سيكون فيها تزوير للتاريخ و نفضل المراجع التاريخية (السنة الأمازيغية: هذا أصل حكاية تقويم يطفئ هذا العام شمعته الـ2970 )…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *