فاطمة الفهرية: بانيّةُ القرويين… أول وأقدم جامعة في العالم! 2/2
لعل فاطمة حينما فكرت في بناء جامع القرويين، لم يكن يدور بخلدها أن جامعها هذا، سيصير مع مرور السنين وتعاقب الأزمنة، أقدم جامعة في العالم، وفق العديد من المصادر التاريخية المختصة.
رأينا في الجزء الأول من هذا البورتريه، أن فاطمة نزحت رفقة أهلها من تونس إلى فاس، وقادتها ثروة أبيها إلى إرث مال كثير، قامت على إثره ببناء جامع كبير، سيصبح مع تعاقب الأزمنة أقدم وأول جامعة في العالم…
في هذا الجزء، الثاني والأخير، نتطرق إلى الدور الذي لعبه جامع القرويين في انتشار العلوم بفاس وأبرز القامات العلمية التي درست فيه.
يشير المؤرخ عبد الهادي التازي في رسالته لنيل الدكتوراه، إلى أن “حفر أساس مسجد القرويين والأخذ في أمر بنائه الأول كان بمطالعة العاهل الإدريسي يحيى الأول، وأن أم البنين فاطمة الفهرية هي التي تطوعت ببنائه وظلت صائمة محتبسة إلى أن انتهت أعمال البناء وصلت في المسجد شكرا لله”.
الحديث عن فاطمة الفهرية، هو حديث بالضرورة عن جامع القرويين، فلا تكاد تذكر دون ذكره، ولا يذكر دون ذكرها.
من جهته، يذكر المؤرخ التونسي حسن حسني عبد الوهاب، في كتابه “شهيرات التونسيات”، أن فاطمة “التزمت ألا تأخذ التراب وغيره من مادة البناء إلا من نفس الأرض التي اشترتها دون غيرها، فحفرت كهوفا في أعماقها وأخذت تستخرج الرمل الأصفر الجيد والجبص والحجر لتبني به، تحريا منها أن لا تدخل شبهة في تشييد المسجد”.
اقرأ أيضا: خُنَاثة بنت بكار.. من هدية للسلطان إلى أم للسلاطين!
بناء جامع القرويين انتهى سنة 876 للميلاد؛ أي بعد 17 عاما من أول يوم شرع في بنائه، ولم تمر بعد ذلك سوى سنتين أو أكثر قليلا، حتى توفيت فاطمة الفهرية. وتذكر بعض المصادر أنها أسلمت روحها للموت بين عامي 878 و880 للميلاد.
فاطمة الفهرية حسب بعض المراجع التاريخية، لم تكن السبب المباشر في تطوير الجامع إلى جامعة، إذ أن ذلك بدأ في عهد المرابطين، ثم صار الأمر أكثر جدية في عهد المرينيين.
الحديث عن فاطمة الفهرية، هو حديث بالضرورة عن جامع القرويين، فلا تكاد تذكر دون ذكره، ولا يذكر دون ذكرها. ولعل فاطمة حينما فكرت في بنائه، لم يكن يدور بخلدها أن جامعها هذا، سيصير مع مرور السنين وتعاقب الأزمنة، أقدم جامعة في العالم، وفق العديد من المصادر التاريخية المختصة.
يشير المؤرخ عبد الهادي التازي في كتابه “جامع القرويين: المسجد والجامعة بمدينة فاس”، إلى أن حيازة جامع القرويين لأوقاف، جعلته مستقلا ماليا عن خزينة الدولة، بل إن “الدولة اقترضت في مراحل تاريخية مختلفة من خزينة جامعة القرويين التي أفاضت منها على سائر مساجد فاس وسرت أوقافها الزائدة حتى المسجد الأقصى بالقدس، وحتى الحرمين الشريفين مكة المكرمة والمدينة المنورة”.
اقرأ أيضا: سحابة الرحمانية… مؤسِّسة ازدهار الدولة السعدية!
في ذكر فضلها على الملوك، يقول المؤرخ ابن خلدون: “فكأنما نبهت عزائم الملوك بعدها، وهذا فضل يؤتيه لمن يشاء من عباده الصالحين”. والواقع أننا نفهم ذلك مما ورد في كتاب “فاس عاصمة الأدارسة” لصاحبه محمد المنتصر بالله الكتاني:
درست في القرويين على مدى تاريخ وجودها الضارب في القدم، قامات وأعلام شهيرة، من قبيل ابن خلدون، وابن رشد، وابن ميمون، والشريف الإدريسي، وغيرهم كثيرون جدا.
“وعلى مر الدهور والأعوام، تنافس الملوك والدول في توسيع بنائه (جامع القرويين) ورصد الأموال للقيام به، فزاد فيه أيام الدولة الزناتية أميرها أحمد بن أبي بكر من خمس الغنائم عام 345 للهجرة، وزاد فيه أيام الدولة المرابطية علي بن يوسف بن تاشفين، ثم لم يزل يوسع ويجدد وتزداد أوقافه، أيام دولة الموحدين ودولة المرينيين، إلى أيام دولتنا العلوية الحاضرة”.
اقرأ أيضا: زينب النفزاوية: زوجة ابن تاشفين ومهندسة توسع دولة المرابطين! 2/1
الحقيقة أن فاطمة الفهرية حسب بعض المراجع التاريخية، لم تكن السبب المباشر في تطوير الجامع إلى جامعة، إذ أن ذلك بدأ في عهد المرابطين، حيث اتخذ علماء كثر الجامع مقرا لدروسهم، ثم صار الأمر أكثر جدية في عهد المرينيين، ذلك أنه حينذاك، ستبنى مدارس حول الجامع وسيتعزز موازاة بكراس علمية وبخزانات كتب ووثائق مهمة.
هكذا، أصبح إذن جامع القرويين الذي بنته فاطمة الفهرية بمالها وساعديها، أول جامعة في العالم، درست فيها على مدى تاريخ وجودها الضارب في القدم، قامات وأعلام شهيرة، من قبيل ابن خلدون، وابن رشد، وموسى بن ميمون، والشريف الإدريسي، وغيرهم كثيرون جدا.
لقراءة الجزء الأول: فاطمة الفهرية… امرأة جمعت بين الزهد والغنى فكان الحاصل أقدم وأول جامعة في العالم! 2/1