مورس قبل 15 ألف سنة: الختان… العملية الجراحية الأكثر إثارة للجدل في تاريخ البشرية 3/1 - Marayana - مرايانا
×
×

مورس قبل 15 ألف سنة: الختان… العملية الجراحية الأكثر إثارة للجدل في تاريخ البشرية 3/1

للختان رمزية تقتضي الاحتفال عند كثير من المغاربة. بعضهم يعتقد جاداً أنّ به يُدخِل ابنه إلى الإسلام. وإذا لم يكن المرء متدينا على هذا القدر، قال في غير تكلّف: هذا ما وجدنا عليه آباءنا. ويحتفل أيضا.

لم يأخذ أحد رأينا حين أجروا لنا ما يُعرف بأكثر العمليات الجراحية إثارة للجدل في العالم.

حين كبرنا فقط، أدركنا أن هذه العملية تستدعي التساؤل. لكن الوقت كان قد مضى لنختار الأجدى، فقد فقدنا ذلك الجزء من أجسادنا إلى الأبد.

نحو 30 بالمائة من ذكور العالم مختونون وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية. ثلثا هؤلاء مسلمون.

اعتُديّ على أجسادنا؟ اعتُديّ علينا كأطفال؟ ربّما أجل؛ لو أجبنا من زاوية الحق في الاختيار. لكنّ للموضوع زوايا أخرى تجعله أكثر تعقيدا مما نتصوّر.

نتحدّث في هذا الملف عن الختان، في ثلاثة أجزاء. نُخصّص الجزء الأول والثاني منه للذكور، كونهم أكثر من يُختتن، على أن نفرد آخر للإناث. يُقال إن هذه الممارسة عندهن فظيعة. لنتأكد في الجزء الثالث.

ما من سبب صحي…

أن نستعمل ضمير “نحن” في البداية كان لسبب وجيه. فـ99.9 بالمائة من الذكور في المغرب مختونون، وفقا لنسب نشرها موقع “بازفيد” الأمريكي، عام 2019، عن الختان في عدد من الدول.

اقرأ أيضا: بيدوفيليا الأنثى… الطابو في حدّهِ الأقصى!

لا يستدعي الرقم أي دهشة في الواقع. أن تُختتن في المغرب، ممارسة ترقى إلى الطبيعي. تماما كتقليم الأظافر. ثم إن المسلمين في البلاد أغلبية وينبغي أيضا ألا نغفل وجود أقلية يهودية.

يُرجّح بعض علماء الآثار أن الختان عملية تمارس منذ 15 ألف سنة. غير أن أقدم ما عثر عنه كدليل مُدوّن، وُجد في ضريح مصري يعود لحوالي 2400 عاما قبل الميلاد.

وما دخلُ هاتين الديانتين في عملية جراحية؟ حسنا، إذا حدث يوما أن طلبنا من آبائنا ذكر الأسباب التي حدت بهم إلى إخضاعنا لهذه العملية، من المرجح جدا أنّ معظمهم لن يقدّم أي سبب صحي!

للختان رمزية تقتضي الاحتفال عند كثير من المغاربة. بعضهم يعتقد جاداً أنّ به يُدخِل ابنه إلى الإسلام. وإذا لم يكن المرء متدينا على هذا القدر، قال في غير تكلّف: هذا ما وجدنا عليه آباءنا. ويحتفل أيضا.

اقرأ أيضا: إبراهيم… حكاية “نبيّ” يوحد الديانات الثلاث 3/1

أهو كذلك الأمر في الإسلام حقا؟ لا. لم يرد في القرآن شيء عن الختان. لكنّ الحث عليه[1] يُنسب إلى الرسول. وهذا كلّ شيء.

وماذا عنه في اليهودية؟ الختان عند هؤلاء حكم إلهي تذكره التوراة صراحةً.

تأثير إسرائيليات إذن؟ لسنا ندري…

ينتشر لأسباب مختلفة… أبرزها الديني!

نحو 30 بالمائة من ذكور العالم مختونون وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية. ثلثا هؤلاء مسلمون.

نسب الختان تتباين بين الدول بحسب المعتقد الذي يحمله سكانها. ترتفع حيث المسلمون واليهود وتنخفض حيث المسيحيون.

98 بالمائة في تركيا. 1 بالمائة في كوريا الشمالية. 99.7 بالمائة في إيران. 1.3 بالمائة في البرازيل. 6.6 بالمائة في إسبانيا. مُجرّد أمثلة.

هل يصحح الإنسان بالختان خطأً طبيعيا؟ لِمَ لم يُزل شفتيه مثلا؟ أو أذنيه؟ أكان الختان لغاية جمالية؟

صحيح، لم نذكر شيئا عن الختان في المسيحية بعد. عدا بعض المذاهب، هذه الديانة لا تلزم أتباعها بهذه العملية ولا تمنعهم أيضا.

أما القدّيس بولس، ويعدّه البعض بالمناسبة ثاني أهم شخصية في المسيحية، فالختان عنده يُبطل الإيمان.

اقرأ أيضا: فكرة “الشيطان” في المسيحية 3\4

يقول في رسالته إلى أهل غلاطية: “ها أنا بولس أقول لكم إنه إن اختتنتم، لا ينفعكم المسيح شيئا”. ثم يؤكد لأهل رومية أن الختانَ ختانُ القلب “الذي مدحه ليس من الناس بل من الله”.

على أن الأرقام أعلاه، لنعترف، مُضلّلة!

لماذا؟ لأن نسب الختان مُرتفعة أيضا في بعض الدول التي يدين معظم سكانها أو نحو نصفهم بالمسيحية.

دخل الختانُ الولايات المتحدة في سبعينيات القرن التاسع عشر، كطريقة لمكافحة الاستمناء الذي كان يُعتقد يومها أنه يؤدي إلى اختلالات دماغية.

71 بالمائة في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا. 77 بالمائة في كوريا الجنوبية. 39 بالمائة في إيرلندا. 26 بالمائة في أستراليا.

تدعو هذه الأرقام للتساؤل! أليس كذلك؟ إذا قُيّض لنا أن نبدده بإجابة، نقول، والعهدة على بعض الأبحاث، إن ارتفاع النسب تلك عائدٌ إلى أسباب ثقافية واجتماعية مختلفة.

اقرأ أيضا: الازدواجية الروحية bispiritualité أو الهوية الجنسية دفاعا عن الخصوصية الثقافية

فالختانُ دخل الولايات المتحدة مثلا في سبعينيات القرن التاسع عشر، كطريقة لمكافحة الاستمناء الذي كان يُعتقد يومها أنه يؤدي إلى اختلالات دماغية.

ثم إنّ تجارةً مربحة تعطف تأييده، ذلك أن العملية ليست مجانية ويُجريها عشرات الملايين.

خطأ طبيعي؟

من الدوافع أيضا ما هو طبي. وهنا نُعرّج على الجدل. فهذه الممارسة محطّ خلاف إذا تحدثنا صحيا.

يُرجّح بعض علماء الآثار أن الختان عملية تمارس منذ 15 ألف سنة. غير أن أقدم ما عثر عنه كدليل مُدوّن، وُجد في ضريح مصري يعود لحوالي 2400 عاما قبل الميلاد.

اقرأ أيضا: تاريخ الدواء: حين ألهمت الحيواناتُ الإنسانَ الطريقَ إلى معالجة أمراضه! 3/1

نسوق هذا التأريخ لنقول، افتراضا، إن تدخّل الطب بالبحث لم يأت في الأخير سوى ليُبرّر أو ليدحض ممارسة موجودة منذ القديم.

حين كبرنا فقط، أدركنا أن هذه العملية تستدعي التساؤل. لكن الوقت كان قد مضى لنختار الأجدى، فقد فقدنا ذلك الجزء من أجسادنا إلى الأبد.

أين وصل البحث في جدوى الختان من عدمه إذن؟

قبل ذلك، هل يصحح الإنسان بالختان خطأً طبيعيا؟ لِمَ لم يُزل شفتيه مثلا؟ أو أذنيه؟ أكان الختان لغاية جمالية؟

كان في الواقع، عند أسلافنا، يرفع من المكانة الاجتماعية، يجعل المرء أنظف، وكان أيضا شعيرةَ انتقال من الطفولة إلى مرحلة البلوغ… هذا ما وصلت إليه الأبحاث الأنثربولوجية.

اقرأ أيضا: صالون التجميل عند الشعوب الأولى.. هكذا بدأ الإنسان يهتم بجماله! 3/1

بالعودة إلى الطب، لنلخص كل ما يمكن أن نقوله بأنه لو كان ثمة اتفاق، ما وُصف الختان بأكثر العمليات إثارة للجدل في تاريخ البشرية.

يقتضي هذا الجدل في الواقع شيئا من التفصيل… نؤجل الخوض فيه إلى الجزء الثاني.

في الجزء الثاني… هل من دواعٍ صحية مستعجلة لإجراء عملية الختان، أم نترك للطفل حقه في الاختيار إلى أن يكبر؟

لقراءة الجزء الثاني: ختان الذكور: هل من دواعٍ صحية مُستعجلة، أم نترك للطفل حقّه في الاختيار إلى أن يكبر؟ 3/2

لقراءة الجزء الثالث: ختان الإناث: …وهل للبشاعة محلّ من الصحة! 3/3


[1]  سنن الفطرة خمسٌ وهن، كما أوردهن البخاري ومسلم، الختان، الاستحداد (حلق العانة)، قص الشارب، تقليم الأظافر ونتف الإبط.
تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *