في الراشيدية والنواحي… حدبات عشوائية تعرّض العربات للخطر وتهدد حياة السائقين (صور)
هناك مطبات نصادفها، ويمكن أن تكُون السّيارة تسيرُ بسرعة السّتين أو الثمانين كيلومتراً في السّاعة، ومع ذلكَ فهي تصطدمُ بهيكل العربة، وتشكلُ ارتدادا خطيراً قد يضرّ بحالتها المِيكانيكية في كثير من الأحيان. في هذه الحالة، يمكنُ أن يتابع المتضرّر من وضع هذه المطبّات، سواء الدّولة أو الخواص، وأن يُطالب بالتّعويض.
ألم يحدث لأي سائق أن كان يحترمُ السرعة الموصى بها قانونياً، لكن، ومع ذلك شهدت سيّارته اصطداماً عنيفاً قَد يُصيبُ العرَبة بأضرَار فادحة؟
يجوزُ طرحُ هذا السّؤال في الطّريق المداري الذي يتواجدُ عليه مطار مولاي علي الشريف بمدينة الراشيدية، والتي تؤدي، مباشرةً، من الرّيش إلى أوفوس وأرفود والريصاني ومرزوكة، دون الولوج إلى وسط مدينة الراشيدية.
على هذه الطّريق، وتحديداً بمحاذاة دوار تيغيورين، تنتشرُ حدبات عشوائية وغريبة، لم تحترم المعايير المنصوص عليها، وتعرّض حياة مستعملي هذه الطريق للخطر، سيما الوافدين من مدن أخرى، ولا يعرفون خبايا ذاتِ الطّريق جيّدا وعثراتِه.
بعضُ ساكنة المدينة، الذين تواصلت معهم مرايانا، ويستعملون ذات الطريق، عبروا عن غضبٍ شدِيد تُجاه عشوائية المطبّات، والتي باتتْ تشكّل خطراً على حياة سائقي الشّاحنات والحافلات والسّيارات والدّراجات النّارية السّريعة.
في تواصله مع مرايانا، يرى عبد المنعم، أحد ساكني حيّ أولاد الحاج بالرّاشيدية، أن خطورة هذه الحدبات تكمنُ “في كون أغلبها بتلك المنطقة، يتّصفُ بالعلو، ولا يستجيب للمعايير التي أوصى التّقنيون العمل بها، والتي غايَتها، مبدئياً، حماية السّلامة الطرقية، وليس تهديد الحالة الميكانيكية للعربات وإرهاق السّائقين وإزعاجهم وتهديد حقّهم في الحياة”.
يضيفُ عبد المنعم بأنّ الأمر يزدادُ سوءاً في حالة المستعملين الجدد لذات الطريق. هؤلاء لا ينتبهون إليها، إما نتيجة للسرعة، وهذا نادرا ما يحدثُ، أو بسبب غياب إنارة جيدة في ذات الطّريق ليلاً، أي على مستوى ذلك الدوار.
“علينا أن نميّز بين نوعَين من المطبّات، إذ هُناكَ نوع تعملُ على وضعه الجماعات المحلّية، وتشرف عليه لجنة مكلّفة بالطّرقات؛ ويوجدُ نوعٌ آخر ينجزه الخواصّ بشكل عشوائيّ، دون أن نغفل أن هناك مطبات تضعها الجماعات، إلاّ أنّها عشوائية ولا تستجيب للمعايير القانُونية الخاصّة بها”.
ثمّ تساءل المتحدّث: “هل يضع المسؤولون هذه المطبّات بغرضُ تخفيض السّرعة على مستوى هذا الطريق وتعزيز السّلامة الطّرقية بذلك، أم غايتهم الانتقام من السائقين الذين يقودون بسرعة عبر تعريض حياتهم بشكل مضاعف للخَطر؟”.
مرايانا انتقلت إلى عين المكان، واتضح أنّ هناك تشويرا طرقيا عموديا يخبرُ بوجود حدبات على بعد مائة وخمسين متراً؛ لكن الإشكال الحقيقيّ، هو صعوبة تمييز الحدبات، لكونها بنفس لون الاسفلت وتتعذر رؤيتها.
السائقون الجدد بالمنطقة، غير العارفين بتفاصيل الطريق، لن يتوقعوا وجود مطبات بنفس لون الشارع، حتى يفاجَأوا بها بفعل الاصطِدام، وهذا في مُنتهى الخُطورة.
وفق شهادات استقتها مرايانا من ساكنة دوار تيغيورين، فهُم يرحّبون بوجود الحدبات، لأنّها، حسبهم، “تحمي أطفالهم والذين يعبرون الطريق من الجانب الأيمن نحو الأيسر؛ وكذلك نتيجة وجُود مسجد تؤمّ إليه ساكنة الدوار بانتظام. بذلك، فوجود “الضوضانات”، قد يقيهم شرّ حوادِث السّير”.
لكن، رغم ذلك، فهذه الحدبات، على ما يبدو، لا تحترم المواصفات؛ وخطرها على السائقين، قد يمتدّ ليشمل ساكنة الدوار أيضاً.
كوارثٌ طرقية مفروشة…
نعمان الغريسي، الرئيس الجهوي للهيئة المغربية لحماية المواطنة والمال العام بجهة درعة تافيلالت، يذهبُ في تصريح لمرايانا، إلى أنّ هذه المطبات العشوائية، تجسيد لضعف التخطيط الاستراتيجي لوضع مخفضات السرعة لدى الجماعات المحليّة، ولدى وزارة التهجيز والنقل واللوجيستيك كذلك، لأنّ المعضلة شبه عامّة بجهة درعة تافيلالت.
إلى جانب الراشيدية، وفي كلميمة، تحديداً بالطّريق الوطنية رقم 10، يردفُ الغريسي، ثمّة أيضاً مطبّات قد تقتل المواطنين، “ذلك أنّها غير طَبيعية وغير مشار إليها بعلامة طرقية عمودية، كما هو منصوص عليه، وغير معرّفة بلون مغاير لمعرفتها وتفادي الاصطدام بها”.
“الحدبات تحمي الأطفال والذين يعبرون الطريق من الجانب الأيمن نحو الأيسر؛ وكذلك نتيجة وجُود مسجد تؤمّ إليه ساكنة الدوار بانتظام. بذلك، فوجود “الضوضانات”، قد يقيهم شرّ حوادِث السّير”.
بالنسبة للمتحدّث، فإنّ الضوضانات المنتشرة، بشكل يجافي القانون، في الطرق الوطنية والجهوية بدرعة تافيلالت، تتحمّل مسؤوليتها وزارة التّجهيز، نظراً لتواجد الكثير من المطبّات الخطيرة نواحي توروك واملعب، على مستَوى الطّريق الجِهوية، السّياحية، رقم 702″.
بالعَودة إلى مخفّضات السّرعة العشوائية بالراشيدية، سيما بالطّريق المؤدي إلى أوفوس وأرفود الريصاني، بشكل مباشر دون الولوج إلى وسط المدينة، فإنّ الغريسي يحمّل المسؤولية الكاملة للجماعة المحلية بالرّاشيدية، لأنها تخاطر بحياة المواطنين، الذين قد يصطدمون بتلك المطبات ليلاً دون تمييزها، وهذا يزيد تعميق إشكالات المواطنين في هذه الجهة، التي، على ما يبدو، ليست هناك أيّ قيمة لحياتهم في التّخطيط السياسي لدى المسؤولين”.
للقانون رأيّ آخر؟
من الناحية القانونية، يوضّح محمد ألمو الناشط الحقوقي والمحامي بهيئة الرباط، أنّه “علينا أن نميّز بين نوعَين من المطبّات، إذ هُناكَ نوع تعملُ على وضعه الجماعات المحلّية، وتشرف عليه لجنة مكلّفة بالطّرقات؛ ويوجدُ نوعٌ آخر ينجزه الخواصّ بشكل عشوائيّ، دون أن نغفل أن هناك مطبات تضعها الجماعات، إلاّ أنّها عشوائية ولا تستجيب للمعايير القانُونية الخاصّة بها”.
وفق ما أفاده ألمو لمرايانا، فإنّ ما يقومُ به الخواص كالشّركات أو الأفراد، هو عرقلة للطريق، ومساس براحة مستعمِليها، ويلعب دوراً مفصلياً في إيذائهم. لذلك، على الدّولة أن تتدخّل وتردع على كلّ من أراد أن يمسّ بسلامة المواطنين الذين يستعملون الطّرقات، وإزالة المطبات التي يضعها الخواصّ بعشوائية غير مقبولة، وأن تسهر على متابعتهم لكونها تدخلُ تحت طائلة القانون الجنائي، باعتبارها تشكّل جرائم يعاقبُ عليها القانون.
أما بخصوص الإشكالية التي تخلقها الدولة، حيثُ تعمل البلديات والجماعات المحلية على وضع مطبّات لا تحترمُ المعايير المعتمدة في وضع هذه “الضّوضانات”، فالمعروفُ، حسب المحامي، أنّ من بين المعايير، أن يكون هدف المطبّات، فقط، تحقيق غاية التخفيف من السّرعة، وكذلك استشعار الاقتراب من أماكن ينبغي فيها تخفيض السّرعة. لكن دون المساس بسَلامة المُمتلكات، أي السّيارات والعربات… ولا حتى سلامة الأشخاص!
المطبات العشوائية، تجسيد لضعف التخطيط الاستراتيجي لوضع مخفضات السرعة لدى الجماعات المحليّة، ولدى وزارة التهجيز والنقل واللوجيستيك كذلك، لأنّ المعضلة شبه عامّة بجهة درعة تافيلالت.
يجملُ ألمو حديثه مع مرايانا في أنّ هناك مطبات نصادفها، ويمكن أن تكُون السّيارة تسيرُ بسرعة السّتين أو الثمانين كيلومتراً في السّاعة، ومع ذلكَ فهي تصطدمُ بهيكل العربة، وتشكلُ ارتدادا خطيراً قد يضرّ بحالتها المِيكانيكية في كثير من الأحيان. في هذه الحالة، يمكنُ أن يتابع المتضرّر من وضع هذه المطبّات، سواء الدّولة أو الخواص، وأن يُطالب بالتّعويض.
في النهاية، فإنّ الملاحظ أنّ هذه “الضّوضانات”، لا توضَع دائماً في أماكِن تحتاج تواجدها بها. بالمقابل، نجدها بكثافة غير طبيعية، في فضاءات، هي عملياً ليست بحاجة إلى هذه الحدبات.
… في بعض الأحيان يمكِن اعتمادُ التّشوير الطّرقي، بشَكل متسلسل، ومهيّئ للسّائقين، كالإشعار بخطورة المنطقة بدايةً، ثمّ علامة تستدعي تقليل السّرعة، وبعدها علامة تخفيف السّرعة إلى أدنى حدّ، هكذا يمكنُ أن نتَجاوز أصلاً دور المطبّات، بشكل تدريجي… دون الإضرار بأملاك المُواطنين أو تعريض حياتهم للخطر!
مقالات قد تثير اهتمامك:
- أسامر… الحُمولة الأيديولوجية لتسمية تقاوم تهميش المغرب الرّسمي! 1\2
- صحراء مرزوكة… حين كشفت “السّياحة الدّاخلية” عن جمالٍ يُخفي كوارث تنْموية! (صور) 1\2
- صحراء مرزوكة… هل تشفي “السّياحة الدّاخلية” جرح أزمةٍ لم يتوقّف عن النّزيف بعد؟ (صور) 2\2
- كلميمة… برلمانيان من الأحرار والبام ومستثمرون يهددون المنطقة بالعجز المائي والعطش…
- أحداث فجيج : مرايانا تلتقط أصل محنة الفلاحين المغاربة! 1/2
- إلى جانب الفقر… “أستاذ بيدوفيل” يفجع أطفال أكثر المناطق تهميشاً بالجنُوب الشّرقي