هل وصل المسلمون إلى أمريكا قبل كولمبوس؟ - Marayana - مرايانا
×
×

هل وصل المسلمون إلى أمريكا قبل كولمبوس؟

تعتبر السردية التاريخية الرسمية أن اكتشاف القارة الامريكية لم يتم إلا على يد كريستوف كولومبوس. لكن هناك دراسات وأبحاث كثيرة تشكك في هذه السردية، وتعتبر أن كولومبوس لم يأت بجديد، من الصينيين إلى الإسكتلنديين والأفارقة… حكايات كثيرة تتناسل عن وصول شعوب أخرى للقارة الامريكية.
في هذا المقال، مرايانا تقدم السردية الإسلامية عن وصول المسلمين لأمريكا قبل كولمبوس…

لازال اكتشاف القارة الامريكية إلى اليوم مثار جدل، فرغم أن الدراسات التاريخية ترسخ سردية اكتشاف القارة من طرف كريستوف كولمبوس، إلا أنه كثيرا من الأحيان ما تنبري بعض الأصوات الأخرى التي تنسب اكتشاف القارة لها. من ادعاءات الإسكندنافيين إلى الإيرلنديين إلى الصينيين ثم الأفارقة، وأخيرا المسلمون… ينسب كل واحد منهم إليه فضل الاكتشاف الأول للقارة!

يختلف كل هؤلاء في التفاصيل والمستندات، لكنهم يتفقون في أن كريستوف كولمبوس لم يكن أول من وطأت قدماه أرض القارة.

في هذا المقال، نسلط الضوء على أبرز ما استند عليه للقول بوصول المسلمين لأمريكا.

القرن التاسع عشر: بداية مساءلة السردية القديمة

منذ بداية القرن التاسع عشر، بدأت السردية الرسمية حول اكتشاف أمريكا محط نظر عند عدد من المؤرخين. منذ ذلك الوقت، وبعض الدراسات والأبحاث تشير إلى دور المسلمين في اكتشاف القارة؛ وقد كان من أبرز هؤلاء، الاثنوغرافي الفرنسي “يوليوس كوفيت Jules Cauvet” الذي أصدر سنة 1930 كتابه “البربر في أمريكا”، والذي كان عبارة عن دراسة اثنوغرافية لعدد من القبائل على ضفتي المحيط. أشار يوليوس كوفيت في بحثه إلى وجود قبيلة مسلمة في الهندوراس وأمريكا الوسطى، عرفت باسم “ألمامى” Almamy، أرجع أصولها إلى لغة المانديغو واللغة العربية، مؤكدا أنها تنحدر من لفظة الإمام.

الانثربولوجي الأمريكي سيراس إتش غوردون، أصدر بدوره كتابا سنة 1971 بعنوان “قبل كولومبوس. الروابط بين العالم القديم وأمريكا القديمة Before Columbus. links between the Old World and ancient America”. أكد سيراس إتش غوردون في هذا الكتاب على أن مسلمي إفريقيا الغربية ربطوا علاقات تجارية مع أمريكا القديمة قرونا قبل وصول كريستوف كولمبوس؛ وكان من بين ما استند إليه غوردون، وجود عملات نقدية عربية مؤرخة بالقرن الثامن الميلادي، وجدت قرب سواحل فنزويلا؛ ليخلص الأنثربولوجي الأمريكي إلى أن “سفينةً مُورية انطلقت من الأندلس (إسبانيا) أو شمال أفريقيا، وعبَرت المحيط الأطلسي حوالي عام 800 ميلادية”.

أما أبرز قصة فسرها الباحثون على أنها تشكل دليلا على وصول المسلمين والمغاربة بالخصوص لأمريكا، فهي رواية الشريف الادريسي عن المغرورين الثمانية، حيث أورد قصة طويلة عن أبناء عم ثمانية أبحروا صوب الغرب من لشبونة، “ليعرفوا ما فيه وإلى أين انتهاؤه كما تقدم ذكرهم، ولهم بمدينة لشبونة بموضع من قرب الحمه، درب منسوب إليهم يعرف بدرب المغررين، إلى آخر الأبد”.

من بين الأعمال التي أثارت ضجة كبرى، كان كتابا “لم نكن نحن” و”أفريقيا مقابل أمريكا”، للمؤرخة لويزا إيزابيل ألفاريز دي توليدو، وهي كانت دوقة لمدينة سيدونيا، سبق أن تعرضت للتعذيب على يد الجنرال فرانكو. امتلكت لويزا إيزابيل ألفاريز دي توليدو آلاف المخطوطات التاريخية التي يرجع تاريخ بعضها إلى ما قبل حروب الاسترداد. بحسب ما أوردته هذه المؤرخة، فقد ربط الأندلسيون والمغاربة علاقات تجارية مع بلدان أمريكا الجنوبية بالخصوص، استمرت قرونا قبل قدوم كولمبوس ليحتل القارة.

أما آخر دراسة، فهي عبارة عن كتيب صدر بالألمانية، وتمت ترجمته للعربية للباحث التركي فؤاد سزكين بعنوان “اكتشاف المسلمين للقارة الأمريكية قبل كريسِتوفر كولومبوسِ”، والذي يسرد فيه عددا من الأدلة تؤكد وصول المسلمين لأمريكا قبل كولومبوس.

روايات جغرافية عربية عن ما وراء المحيط

أشار العالم البيروني (973-362/1048-440) بعد أن قام بحساب نصف قطر الأرض، إلى أن المحيط يحيط بها، ويفصل شرقها عن غربها، مع احتمال وجود جزيرة مسكونة في وسطه، وهو ما اعتبره كثيرون مؤشرا عن حديثه عن أمريكا.

أما المسعودي فيقول عن المحيط الأطلسي “وله أخبار عجيبة، وقد أتينا على ذكرها في كتابنا (أخبار الزمان) في أخبار من خاطر بنفسه في ركوبه، ومن نجا منهم، ومن تلف، وما شاهدوا منه وما رأوا”؛ وينقل سيزكين عن المسعودي أنه تحدث عن بحارين من الأندلس خاطرا مرارا برحلات صوب الغرب، من بينهم رجل كان يدعى حيخش أبحر في المحيط، مع عدد من الشبان على متن بعض السفن التي كان قد أعدها؛ وبعد فترة طويلة عادوا بغنائم كثيرة، مضيفا أن منهم من لم يعد أبدا، ويخلص الباحث إلى أن الأمر كان أمراً معروفاً في البلاد”.

المغرورين الثمانية من لشبونة لأمريكا فآسفي

أما أبرز قصة فسرها الباحثون على أنها تشكل دليلا على وصول المسلمين والمغاربة بالخصوص لأمريكا، فهي رواية الشريف الادريسي عن المغرورين الثمانية، حيث أورد قصة طويلة عن أبناء عم ثمانية أبحروا صوب الغرب من لشبونة، “ليعرفوا ما فيه وإلى أين انتهاؤه كما تقدم ذكرهم، ولهم بمدينة لشبونة بموضع من قرب الحمه، درب منسوب إليهم يعرف بدرب المغررين، إلى آخر الأبد”.

بحسب الإدريسي، فإن ذلك لأنهم أبحروا صوب الغرب متبعين الريح الشرقية “فجروا بها نحو 12 يوماً، فوصلوا إلى بحر غليظ الموج، كدر الروائح، كثير القروش، قليل الضوء، فأيقنوا بالتلف، ثم فردوا قلاعهم في اليد الأخرى، وجروا في البحر في ناحية الجنوب 12 يوماً، فخرجوا إلى جزيرة الغنم، وفيها من الغنم ما لا يأخذه عد ولا تحصيل، وهي سارحة لا راعي لها، ولا ناظر إليها”.

ويستمر الادريسي في سرد تفاصيل القصة إلى أن يصلوا إلى جزيرة عامرة “فقصدوا إليها ليروا ما فيها، فما كان غير بعيد حتى أحيط بهم في زوارق هناك، فأخذوا وحملوا في مركبهم إلى مدينة على ضفة البحر، فأنزلوا بها في دار. فرأوا رجالا شقراً زعراً شعور رؤوسهم سبطة، وهم طوال القدود، ولنسائهم جمال عجيب.

فاعتقلوا فيها في بيت ثلاثة أيام، ثم دخل عليهم في اليوم الرابع رجل يتكلم باللسان العربي، فسألهم عن حالهم وفيما جاءوا، وأين بلدهم، فأخبروه بكل خبرهم. فوعدهم خيراً، وأعلمهم أنه ترجمان الملك”.

ثم يواصل في سرد الأحداث إلى أن تم إطلاق سراحهم عندما تحركت الرياح الغربية، وقطعوا البحر أياما مقيدي اليدين ومعصبي الأعين، حتى وصلوا لأحد الشواطئ “فأخرجنا، وكتفنا إلى خلف، وتركنا بالساحل إلى أن تضاحى النهار وطلعت الشمس، ونحن في ضنك وسوء حال من شد الأكتاف؛ حتى سمعنا ضوضاء وأصوات ناس فصحنا بأجمعنا، فأقبل القوم إلينا فوجدونا بتلك الحال السيئة، فحلونا من وثاقنا، وسألونا، فأخبرناهم بخبرنا. وكانوا برابرة. فقال لنا أحدهم: أتعلمون كم بينكم وبين بلدكم؟ فقلنا لا، فقال: إن بينكم وبين بلدكم مسيرة شهرين. فقال زعيم القوم: وا أسفي. فسمي المكان إلى اليوم أسفي، وهو المرسى في أقصى المغرب”.

ملك يتخلى عن الملك لعبور المحيط

من بين المحاولات الشائعة التي تتناول الإبحار صوب أمريكا، ما سبق أن نقله الجغرافي ابن فضل الله العمري أن السلطان المالي محمد أبا بكر الثاني، قام سنة 1312 بالتنازل عن الملك لأخيه، وجهز أسطولا من 200 سفينة، وأعد كل ما يلزم، ثم أقلع الأسطول بهدف الوصول للضفة الأخرى للمحيط، قبل أن تعصف به عاصفة لم تترك سوى سفينة واحدة، وقد ذهب بعض الباحثين إلى القول بأنه وصل لسواحل البرازيل.

ختاما، كثيرا ما ينزاح النقاش حول أسبقية اكتشاف أمريكا، من النقاش العلمي المستند للأدلة العلمية إلى نقاش أيديولوجي، تمنع حواجزه المعرفية من النظر الى الموضوع وفق سياقاته التاريخية والعلمية.

 

اقرأ أيضا:

سعيد بن حدو… هذه حكاية مغربي شارك في استكشاف أمريكا!

إستيفانيكو، سعيد بن حدو، مصطفى الأزموري… ثلاثة وجوه لمغربي واحد، كان أول إفريقي تطأ قدماه أمريكا!

من أشهر عمليات النصب والاحتيال في التاريخ: الرجل الذي باع الهندوراس كجنة موعودة 1\5

 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *