الدّروس المؤدى عنها خارج المؤسسة التعليمية… ما الذي تخفيه هذه الظاهرة؟ - Marayana - مرايانا
×
×

الدّروس المؤدى عنها خارج المؤسسة التعليمية… ما الذي تخفيه هذه الظاهرة؟

منذ زمن… بات الحصول على دروس خاصة مؤدى عنها، أشبهَ ما يكون بالموضة، سواءٌ بالنسبة للتلميذ أو للأستاذ.

هذه الظاهرة قد تفصح عن الكثير في واقع تعليمي لا تكف التقارير عن وصفه بـ”المهترئ”… وأوّل ما يتناهى في معرض كشف اللثام عما تُخفيه: لماذا؟
سؤال تتفرع عنه أسئلة عديدة لا شك؛ نتعقب إجاباتها جميعا في هذا الملف عبر آراء عدد من المتخصصين.

داخل المؤسسة التعليمية… لِمَ لا؟

يؤكد أستاذ التعليم الثانوي، كريم المرابط، وجود فرق بين ساعات الدراسة الإضافية التي يقدّمها الأستاذ داخل المؤسسة التعليمية، وتلك التي يقوم بها خارج المؤسسة؛ في المعاهد المؤدى عنها.

المرابط أوضح لـ”مرايانا” أنّ الفرق يكمن في أن الساعات الإضافية التي يبرمجها الأستاذ داخل المؤسسة التعليمية، يقدّمها بعد تشخيص مستوى كل التلاميذ.

وإذ يشير إلى كونه يبرمج حصصا إضافية من هذا القبيل، تابع أنّها تأتي بعد ملاحظة الأستاذ وجود اختلال على مستوى العملية التعليمية التعلمية.

المرابط أوضح أنّه عندما يرى بعض التلاميذ لا يواكبون الدرس، يشخّص مكمن الخلل من أجل استدراك النقص، وبعدها يحضّر لحصة إضافية حسب المشكل الذي يعاني منه التلاميذ.

المعرفة في مخيّلة الغني مثلها مثل سلعة؛ لا تقدم إلا بثمن، وذلك ما يجعله يهرع للبحث عن أجود الأساتذة لتدريس أبنائه.

من جهته، قال أستاذ التعليم الثانوي، نجيب السمار، إنّه قدّم ساعات إضافية لما لها من انعكاس إيجابي على المتعلم والأستاذ، على حد تعبيره.

وأوضح لـ”مرايانا” أن المستفيد يود بحضوره هذه الساعات، تعزيز قدراته على الفهم والاستيعاب، مبرزا أن الأقسام الدراسية تكون مكتظة في العادة على نحو يجعل المتعلم لا ينتبه إلى الدرس بشكل جيد.

أمّا بالنسبة للأستاذ، فهذه الساعات، وفق السّمار، تُبقيه متحفزا للبحث عن أساليب متميزة لتقريب الدرس للمستفيد منه.

ويرى المرابط أن التكرار إذ يعلّم الكثير، من شأنه أن ينميّ، من خلال برمجة ساعات دراسية أخرى، الرصيد المعرفي للتلميذ بما يجعله قادرا على تحليل الإشكاليات التي تكون في ذهنه.

ذات الرأي يذهب إليه السمار قائلا إنّ هذه الساعات تخوّل للمتعلم فرصة جديدة لتدارك تأخر تعلّماته ومُعالجة تعثراته، وهذه بحسبه، مسألة إيجابية.

مثل “تفاوت طبقي”…

يؤكد السمار أنّه يلمس أعراض إضافة هذه الساعات الدراسية في القسم، حين يظهر المتعلم الذي يستفيد منها أكثر نشاطا من باقي المتعلّمين.

غير أنّ هذه الدروس، بالنسبة للمتعلم الآخر، الذي تعذّر عليه إضافتها نظرا لعدم قدرة والديه على توفيرها، من الناحية المادية، تُشكّل له جرحا نفسيا؛ يقول السمار.

المتحدث ذاته أوضح أن هؤلاء يظهرون بصورة منهزمة، حينما يرون أصدقاءهم في حالة اجتهاد ومثابرة واستيعاب جيد، ويدركون أنّ نقاطهم الجيّدة ليست سوى انعكاسا لإضافة ساعات دراسية أخرى.

ذاك ما يؤكده المرابط، الذي يبرز من جهته وجود فرق كبير بين التلاميذ الذين يستفيدون من ساعات دراسة إضافية والآخرين ممن لا يستفيدون منها.

الأجرة التي يتقاضاها الأستاذ في المغرب، لا يمكن أن تصمد أمام حاجياته من الكراء والمأكل والمشرب والدواء والسفر والتنقل… لذلك يعمد إلى تقديم هذه الدروس.

لكنه يشير إلى أنّ هذه الفئة قليلة، ذلك أن الدروس تلك مؤدى عنها، مشيرا إلى أن أولئك التلاميذ في الأصل متفوقون، وبحضورهم هذه الدروس يتفوقون أكثر فأكثر مما يجعل الفرق شاسعا بينهم والآخرين.

تصريح يمكن أن نضعه محل تساؤل، إذ يفترض أن لا يحتاج التلميذ المتفوق لدروس دعم!

الساعات الإضافية… موضة؟

يؤكد السمار أنّ “الساعات الإضافية” أصبحت موضة ضرورية بالنسبة للمتعلمين أبناء الأغنياء، مبرزا أنّ الأوساط الغنية لا تتوانى عن توفير أستاذ خاص يأتي إلى البيت من أجل مساعدة أبنائها على الفهم واستيعاب الدروس.

المتحدث ذاته تابع أن المعرفة في مخيّلة الغني مثلها مثل سلعة؛ لا تقدم إلا بثمن، وذلك ما يجعله يهرع للبحث عن أجود الأساتذة لتدريس أبنائه.

رأي ذهب إليه المرابط أيضا، إذ يقول إن الساعات الإضافية موضة تمنح للمتعلم شعورا بالاجتهاد، وهذا ما لا أساس له من الصحة بالنسبة له، مشيراً إلى أن هناك متعلمين يحصلون على أعلى المعدلات وطنيا ولا يحضرون دروسا خاصة.

الدروس الخاصة تؤثر على العملية التعليمية بشكل سلبي، إذ تضع التلميذ في حالة تيه لتعدد الطرق المعتمدة في تدريس المادة نفسها

غير أن هناك أسبابا أخرى قد تحثّ التلميذ على برمجة دروس إضافية في مساره التعليمي، مثل ما يشير إليه المرابط من عدم قدرة التلميذ على المواكبة في القسم…

ويبرز السمار، إضافة إلى ذلك، اكتظاظ المؤسسات التعليمية بأعداد هائلة من المتعلمين، كسبب رئيس يؤدي إلى انعدام هذه القدرة.

مصالح مشتركة…

يرى السمار أن لجوء التلميذ إلى ساعات إضافية، لا ينم عن تقصير أستاذ المادة في تدريسها. بجانب مشكلة الاكتظاظ، يشير إلى ظروف أخرى، مثل إثقال الأستاذ بساعات عمل كثيرة على نحو يجعله منهكا ذهنيا وغير قادر على الإبداع.

المرابط أيضا يؤكد عدم وجود أي تقصير، مشدداً على أن كل الأساتذة يعملون بجد وحيوية وفعالية من أجل استثمار كل المكتسبات والوقوف على حصول تلاميذهم في آخر السنة على معدلات مشرفة.

لكن لماذا يلجأ الأستاذ إلى كل هذا؟

دونا عن الحديث عن الساعات الإضافية المبرمجة داخل المؤسسة التعليمية، فإن الأمر ينم عن حب العمل بالنسبة للمرابط وأيضا لكسب القليل من المال…

ينبغي التصدي لهذه الظاهرة بمنع هذه الدروس الإضافية، لكن أيضا بتحسين جودة التعليم داخل المؤسسة التعليمية.

يؤكد ذلك الأخصائي في علم النفس المدرسي، أمين جناتي الإدريسي، الذي يقول لـ”مرايانا” إن بعض الأساتذة يلجؤون إلى تقديم دروس خارج المدرسة من أجل الكسب المادي.

السمار من جهته يرى أن تقديم الأستاذ لدروس خاصة، لا ينم عن حب المعرفة بقدر ما قد يؤشر على رغبة في توفير بعض المال الإضافي.

ويضيف مؤكداً أن الأجرة التي يتقاضاها الأستاذ في المغرب، لا يمكن أن تصمد أمام حاجياته من الكراء والمأكل والمشرب والدواء والسفر والتنقل… لذلك يعمد إلى تقديم هذه الدروس.

غير أنّه، ورغم تلاقي المصالح هذا، بين تلميذ يبحث عن تحسين كفاءته في المادة، وأستاذ يسعى لمورد مال إضافي، يرى جناتي الإدريسي، خلاف ما تقدّم به السمار والمرابط، أن الدروس الخاصة تلك تؤثر على العملية التعليمية بشكل سلبي، إذ تضع التلميذ في حالة تيه لتعدد الطرق المعتمدة في تدريس المادة نفسها.

ويختم حديثه إلى “مرايانا” بقوله إنّه ينبغي التصدي لهذه الظاهرة بمنع هذه الدروس الإضافية، لكن أيضا بتحسين جودة التعليم داخل المؤسسة التعليمية.

إقرأ أيضا:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *