عزيزة جلال… أو أنْ تُغنّيّ قليلا ويَتصَادى صَوتُكَ إلى الأبد! - Marayana - مرايانا
×
×

عزيزة جلال… أو أنْ تُغنّيّ قليلا ويَتصَادى صَوتُكَ إلى الأبد!

في أوج مجدها الفني، تركت عزيزة جلال الغناء حين كان عمالقةُ التلحين العربي مثل محمد عبد الوهاب وبليغ حمدي، ما زالوا يتهافتون على صوتها… تركته بعد مشوار قصير، ورب مشوار قصير يمر كالمعجزة… يذهل الأسماع ويظل في الذاكرة إلى الأبد.

نعم… لتغني قليلا ويتصادى صوتك إلى الأبد، ينبغي أن تكون حالة خاصة، أن تكون قامة اسمها:  عزيزة جلال!

في أوج مجدها الفني، تركت الغناء حين كان عمالقةُ التلحين العربي مثل محمد عبد الوهاب وبليغ حمدي، ما زالوا يتهافتون على صوتها… تركته عام 1985. وقتها، كانت أغنيتها  “مستنياك” للتو قد باعت… مليوني نسخة!

إذا كانت قد تركت الغناء بعد مشوار قصير، فرب مشوار قصير يمر كالمعجزة… يذهل الأسماع ويظل في الذاكرة إلى الأبد.

في هذا البورتريه، إذن، نتعرف على حكاية عزيزة جلال.

من المدرسة إلى “مواهب”

رأت عزيزة جلال (أو جلّال في الأصل) النور في الـ15 من دجنبر 1958، بمكناس. في هذه المدينة، مدينتها الأم، نشأت وتابعت تعليمها الابتدائي والثانوي.

لم تكن المدرسة مجرد مرحلة تعليمية في حياة جلال. كانت تشارك في الأنشطة المدرسية، وتبصم على صوت غنائي قل نظيره بالنسبة لعمرها. هكذا، كان أن اقترح أحد معلميها على والدتها، أن تشارك في برنامج لاكتشاف الأصوات.

اقرأ أيضا: محمد الحياني: مرايانا تستحضر تفاصيل مسيرة أيقونة الأغنية المغربية 2/1

درست عزيزة المقامات الموسيقية وقواعد الصولفيج، بذات المدينة، ثم حوالي عام 1975، وهي لم تتم بعد ربيعها الثامن عشر، تقدمت للمشاركة في برنامج “مواهب”، الذي كان يشرف عليه العملاق عبد النبي الجيراري.

من بين أشهر أغاني عزيزة جلال، أغنية “مستنياك”، وهي من ألحان بليغ حمدي وشعر محمد عبد الوهاب، وقد احتلت لسنوات المرتبة الأولى عربيا وباعت منها شركة عالم الفن للإنتاج أكثر من مليوني نسخة.

برعت عزيزة في تقديم بعض أغاني شادية واسمهان، فانتزعت إعجاب أساتذة لجنة البرنامج… ومع تقدمها إلى أدواره النهائية، كان الجيراري، أب المواهب المغربية، قد رأى في جلال، فنانة المغرب القادمة.

هكذا، ومع نهاية “مواهب”، لحن الجيراري لجلال أغنية “نقلت عيوني هنا وهناك”، وقد قدمتها في المسيرة الخضراء، عام 1975، فارتبطت هذه المناسبة دائما في الذاكرة الفنية بالمغرب، بظهور عزيزة جلال.

من “مواهب” إلى المجد

كان لأذن الجيراري حدس بالغ، وعزيزة جلال إحدى شواهد ذلك… لم تلبث عزيزة كثيرا في المغرب، حتى فتح لها الفن أبوابه على مصاريعها، فتركت بلدها واستقلت طريقها إلى المجد.

البداية كانت في الخليج، حيث أعادت جلال، باقتدار، تقديم أغاني أحد أشهر مطربي الإمارات، جابر جاسم. هذه الأغاني انتشرت على نحو واسع، حينذاك، معلنة عن مقدم صوت جديد يطرق باب الشهرة حثيثا في المشرق.

اقرأ أيضا: العربي باطما… نغمة مهمومة مثل صيف…

لكن الإمارات لم تكن الدولة التي يخطب المغنون ودها… عاصمة الغناء العربي، حينذاك، ودون منازع، كانت مصر! هكذا، وبعد فترة قصيرة هناك، انتقلت عزيزة جلال إلى القاهرة.

السفر إلى مصر، يومها، وأنت تخبئ في جعبتك موهبة كبيرة، وأنت تضع نصب عينيك أن تصبح مغنيا يتحدث باسمه القاصي والداني في العالم العربي، كان يعني شيئا واحدا… أن يحدث ذلك فعلا!

صادف سفر عزيزة إلى مصر وفاةَ عبد الحليم حافظ، فكان الملحنون والكتاب وشركات الإنتاج الفني في مصر حينذاك، عطشى إلى ظهور أصوات جديدة يتلقفونها.

وكأنما كان القدر يرسم درب المجد بعناية لعزيزة جلال… أعجب الشاعر مأمون الشناوي بصوتها، فكتب لها أغنية مصرية، لحنها محمد الموجي، وكانت بذلك أول أغنية تقدمها في مصر، وعنوانها “إلا أول ما اتقابلنا”.

رفضت جلال حينها عروضا مغرية للعودة إلى الغناء، وقيل في روايات أخرى، إن الوسط الفني لم يلائمها، وقد كان الزواج النقطة التي قطعت الشعرة بينها وهذا الوسط، فقررت الاعتزال.

لقيت هذه الأغنية نجاحا باهرا حينما نقلتها مؤسسة الإذاعة والتلفزيون المصرية، فتوالى التعاون بين هذا الثلاثي، إلى أن انتقلت بعد ذلك إلى التعاون مع أحد جهابذة اللحن المصري، رياض السنباطي.

ثم مع نهاية سبعينيات القرن الماضي، صار حضور جلال وسط الأصوات النسائية في العالم العربي طاغيا، وفي فترة قصيرة حققت ما لم يحققه غيرها في سنوات طويلة.

من بين أشهر أغاني عزيزة جلال، أغنية “مستنياك”، وهي من ألحان بليغ حمدي وشعر عبد الوهاب محمد، وقد احتلت لسنوات المرتبة الأولى عربيا وباعت منها شركة عالم الفن للإنتاج أكثر من مليوني نسخة.

قائمة جلال الغنائية تفوق 25 أغنية، وقد أحيت بها عددا كبيرا من الحفلات في مختلف الدول العربية، بعضها خيري… يعرف على عزيزة أنها لم تخض أي تجربة في الغناء السينمائي أو المسرحي (الأوبيريت)، كما رفضت أيضا الغناء في الأعراس والحفلات التي يقدم فيها الأكل والشراب.

من المجد إلى الاعتزال المفاجئ

عام 1985، وبينما كان محمد عبد الوهاب يعد لحنا جديدا لعزيزة جلال… تفاجأ الوسط الفني بإعلان عزيزة جلال زواجها من رجل أعمال سعودي، واعتزالها الغناء.

اقرأ أيضا:  الشعيبية طلال… حلم عصامي امتطى صهوة التشكيل المغربي إلى العالمية 2/1

قيل يومها إن رجل الأعمال هذا واسمه علي الغامدي (توفي عام 2016)، قد اشترط عليها اعتزال الفن، فرضخت لطلبه إذ عاشت معه قصة حب، واجه فيها هو بدوره عائلته التي كانت رافضة لهذه الزيجة في الأول.

رفضت جلال حينها عروضا مغرية للعودة إلى الغناء، وقيل في روايات أخرى، إن الوسط الفني لم يلائمها، وقد كان الزواج النقطة التي قطعت الشعرة بينها وهذا الوسط، فقررت الاعتزال.

منذ ذلك اليوم، لم يسمع صوت عزيزة على المباشر… تفرغت لأسرتها، وهي اليوم أم لثلاثة أبناء وجدة لحفيدتين من ابنتها البكر.

منذ ذلك اليوم لم تظهر أبدا بشكل رسمي، إلى غاية منتصف شهر مايو\أيار من سنة 2019. سرب لها فيديو قصير من حفلة خاصة في السعودية وشاركت في برنامج حواري على إحدى القنوات الخليجية… وعزيزة هي عزيزة، بذات الابتسامة، بذات النظارة، وبذات الصوت الرائع… لم تنل منها هذه السنين الطويلة.

… كان يمكن للحكاية أن تنتهي هنا، لكن عزيزة جلال، قررت أن تفاجئ عشاقها بهدية غير منتظرة.

قررت أن تعود للغناء… وأن تحل ضيفة على مهرجان “شتاء طنطورة” السعودي، في أواخر ديسمبر 2019.

تعود عزيزة… وكل جميل الموسيقى يهمس لها… “مستنياك ياروحي بشوق كل العشاق”.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *