#ألف_حكاية_وحكاية: ها الجاوي ها صلبان…. - Marayana - مرايانا
×
×

#ألف_حكاية_وحكاية: ها الجاوي ها صلبان….

أنظري حولك كم شخصا يعرف أوقليديس؟ الجميع يعرفون الجاوي وصلبان. يريدون معرفة مستقبلهم. الجميع خائفون ويجب أن يكون هناك من يعنى بخوفهم. يصدقون العراف لأنه يهدئهم ويصدقون المخزن مادام يوفر لهم الأمن. أنا أبيعهم المهدئ الذي يرتاحون بعد أخذه. الدين يمنحهم مهدئا آخرا مسافة عمر.

كان حارسا عاما في إعدادية. اشتغل من قبل كأستاذ رياضيات. يسكن بالصويرة. تعرفت عليه من خلال صديقة كانت تتردد على بيته. كانت صديقتي تلك تريد الزواج وكان هو يساعدها في ذلك. كان قد اشتغل بالعرافة والتنجيم. لم أصدق أن يكون أستاذ الرياضيات  سابقا عرافا.

ذهبت مع صديقتي إلى بيته. استقبلتنا زوجته وقالت إنه علينا أن ننتظر. كانت الصالة مليئة بالنساء اللواتي يأتين لقضاء حوائجهن.

خرجت من عنده وبدا لي أنني لا أملك ما أعطيه للناس. ماذا سيفيدهم السؤال الفلسفي وهم يبحثون عن الأجوبة الجاهزة والقطعية

كانت مشاكلهن في أغلبها تتلخص في كيفية الحفاظ على الأزواج أو كيف يمكن الظفر بأحدهم. كانت إحداهن تحكي كيف أنها احتفظت بزوجها لأنها استمعت جيدا إلى رأي فقيهها الذي مات مؤخرا. فقيهها قال لها أن تصنع المسمن لزوجها. تضع الرغيف في عانتها لبعض الوقت قبل أن تمده لزوجها. قالت إن ذلك دقة ببطلة. وصفة ناجحة، بدليل أنها متزوجة منذ ثلاثين عاما.

اقرأ أيضا: #ألف_حكاية_وحكاية: فضيلة من نوع خاص… لأخ من نوع خاص جدا (قصة واقعية)

سألتها سيدة لماذا إذن تأتي إلى بيت العراف. أجابتها أنها تريد التيقن أنه لن ينظر إلى أخرى، فلا أحد يضمن زوجا اغتنى.

حين يغتني الرجل، يفكر أولا في الزوجة الثانية. فهمت خوفها وزاد حنقي على القانون الذي يسمح بتعدد الزوجات.

لو لم يكن ذلك القانون، لما جزعت نسوة كثيرات. كنت أود أن أقول لتلك السيدة أن تناضل من أجل تغيير القانون، لكن السياق لم يكن يسمح بالتعبئة من أجل حقوق المرأة.

الجميع خائفون ويجب أن يكون هناك من يعنى بخوفهم. يصدقون العراف لأنه يهدئهم ويصدقون المخزن مادام يوفر لهم الأمن.

دخلنا على العراف – الأستاذ. كان يلبس جلبابا أبيضا ويمسك مسبحة. فكرت بأية طريقة وعبر أية مسالك انتقل من أوقليديس إلى الجاوي؟ جلسنا وقال مباشرة إنني لم أخلص النية وأن فيا الدغل. قلت له إنني بالفعل أشكك في قدراته وإنني أستغرب أن يتحول من أستاذ رياضيات وحارس عام إلى عراف.

اقرأ أيضا: #ألف_حكاية_وحكاية: مجوهرات حكيمة وواجب الزوجية

وضع المسبحة جانبا وقال: هل كنت تريدين أن أبقى في الوظيفة العمومية؟ أتوصل بأجر زهيد وأهلك صحتي في مراقبة التلاميذ والأساتذة؟ مهنة الحارس العام لا يحتملها إلا من يحب تعذيب نفسه.

أنظري حولك كم شخصا يعرف أوقليديس؟ الجميع يعرفون الجاوي وصلبان. يريدون معرفة مستقبلهم. الجميع خائفون ويجب أن يكون هناك من يعنى بخوفهم. يصدقون العراف لأنه يهدئهم ويصدقون المخزن مادام يوفر لهم الأمن. أنا أبيعهم المهدئ الذي يرتاحون بعد أخذه. الدين يمنحهم مهدئا آخرا مسافة عمر.

ماذا تريدينني أن أفعل مع أناس لا يستطيعون مواجهة أنفسهم لحظة واحدة؟ لا يريدون مواجهة الهواجس ويكتفون بالمراهم. أسمعهم ما يريدون وأقبض.

لقد بنيت الطابق الثاني من بيتي منذ أن شرعت في عملي هذا. لم أستطع ذلك طيلة خدمتي بالتعليم. لمن سأدرس المعادلات ونصف القسم محشش؟ لا أحد يريد العلم. الأجيال صارت أكثر جهلا سنة بعد أخرى. الجميع يريد المال. أنا لا أسرق. أنا أعطي الناس مايحتاجون. أعطيهم بعض الأمل.

خرجت من عنده وبدا لي أنني لا أملك ما أعطيه للناس. ماذا سيفيدهم السؤال الفلسفي وهم يبحثون عن الأجوبة الجاهزة والقطعية. توقفت عن الأسئلة و مددت يدي للعراف كي يقرأ طالعي.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *