كنزة بنجلون: كما اجتهدنا في حد السرقة وإلغاء العبودية، علينا أن نجتهد في قضايا الحريات الفردية - Marayana - مرايانا
×
×

كنزة بنجلون: كما اجتهدنا في حد السرقة وإلغاء العبودية، علينا أن نجتهد في قضايا الحريات الفردية

كنزة بنجلون فناة تشكيلية، بدأت في السنوات الأخيرة تقدم أعمالا فنية تعتمد على وسائل تقنية متعددة كالصورة والعرض الفني والفيديو، تناقش عبرها قضايا جريئة كالحريات الفردية والجسد والعلاقات ببين الجنسين. في هذا الحوار، نناقش معها في “مرايانا” عملها الفني الأخير وقضايا أخرى تهتم بها

كيف انتقلت من الرسم للأساليب التعبيرية الجديدة التي تعتمد على الصورة، الفيديو، العرض الفني وغيره…؟

حين بدأت الرسم، كان ذلك يرد على حاجة في داخلي للتعبير عن مشاعر وأحاسيس وأفكار. لكن مع مرور الوقت، اكتشفت أن الرسم هو فن صامت، بينما كنت مسكونة بحالة من الغضب والانفعال الداخلي كنت بحاجة لأن أعبر عنها بشكل مختلف…

أتذكر أني، في معهد الفنون الجميلة بالدار البيضاء، اشتغلت على تيمة “الصمت والفراغ”. لسنوات طويلة، اخترت أن أتموقع داخل نوع من الإكراه أو الصعوبة في الإبداع. أن أشتغل مثلا بلون واحد. كما كان يحدث لي أن أشتغل على لوحة لمدة معينة ثم أحرقها.

أحسست حينها أن هناك أفرادا وتيارات قد تقرر في يوم من الأيام أن تدخل بيتك وتتدخل في حريتك وحياتك الخاصة

ثم حدث أن عشت وشاركت في أحداث 20 فبراير 2011. خرجنا للشارع لنصرخ: “حرية، عدالة وكرامة”.

بدأت الأسئلة تتوالد في  أعماقي كمواطنة، لكن أيضا كامرأة في مجتمع يفرض عليك إطارات معينة للعيش والتفكير… تطور لدي الوعي بأن هناك أشياء نحتاج أن ننفصل عنها في طريق بحثنا عن ذواتنا. من هنا بدأ تحولي الفني تدريجيا.

اقرأ أيضا: الكاتبة الكاتالانية نجاة الهاشمي: علينا أن نعلِّم أطفالنا بطريقة مختلفة، وأن نغير العقليات والسلوكيات والقيم

أعمالك الأخيرة تنخرط في إطار زعزعة السائد. هل هذا اختيار فني أم أنه نضال من نوع آخر؟

كنزة بنجلون

في رحلة البحث عن الذات، نواجه أسئلة كثيرة عن أنفسنا وعن المجتمع. خلال هذه الرحلة، كنت أتأمل ما يجري حولي. قضية المساواة بين الجنسين مثلا كانت تطرح أمامي العديد من النساؤلات.

عموما، نحن نحلم جميعا بغد أفضل للبلد… نحلم بأن أن نبنى مستقبلا أفضل لأطفالنا. أن نواجه كل ما نعيشه اليوم وما يحاول البعض تمريره على أساس أنه الدين.

لهذا، إذا كان الحديث عن الحريات الفردية يشكل زعزعة، فأنا كذلك.

كيف ترين نقاش الحريات الفردية اليوم في المغرب؟

هذا أمر إيجابي جدا؛ لأن الخطر الحقيقي هو أن تحدث أشياء كثيرة وأن لا نناقشها.

أتذكر تجربة عرض قبلة في فيلم سبايدرمان على طائرة مغربية، والتي كانت قد أثارت ضجة حينها بسبب نائب برلماني عن حزب العدالة والتنمية، اعتبر بث تلك القبلة منافيا للأخلاق والدين.

إذا كان الحديث عن الحريات الفردية يشكل زعزعة، فأنا كذلك.

أحسست حينها أن هناك أفرادا وتيارات قد تقرر في يوم من الأيام أن تدخل بيتك وتتدخل في حريتك وحياتك الخاصة.

حينها، اقترحت على زوجي، مليم العروسي، أن نقبل بعضنا ونلتقط صورة للقبلة ننشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وبين الأصدقاء.

اقرأ أيضا: كريمة أحداد: “بنات الصبار” محاكمة للعقلية الذكورية

بعد ذلك، جاء النقاش حول قبلة الناضور بين تلميذين، والتي أثارت ضجة أخرى حينها.

لنقل إنه، بشكل عام، هناك أشكال من النفاق داخل المجتمع تزعجني وتدعوني لأن أساهم في النقاش أو أن أطرحه بطريقتي.

حينها، قالت العديد من وسائل الإعلام: “مليم العروسي يقبل زوجته”، في حين أن المبادرة كانت لك…

بالنسبة للعقل الجمعي، المرأة ليست فاعلا في العلاقة. في التقاليد، هي لا تستطيع أن تعبر عن رغبتها الجنسية.

رغم أن المرأة بدأت تدريجيا تقتحم أماكن متعددة، إلا أن التقاليد مازالت هنا لتذكرنا بأن “الراجل هو الراجل”. حتى النساء يذكرنك بذلك أحيانا.

حينها، كان حسابي على الفايسبوك قد تعرض للقرصنة وكان مليم يصحح المعطى في كل حين. لكن الغلبة كانت للتصور الجمعي!

عرضك الأخير يحمل اسم “على حدود الحلال. شرطة الأخلاق” (ترجمة مرايانا). عنوان قد يزعج الكثيرين…

يتعلق الأمر بصورة تم تصميم محتواها وسيتم نسخها عبر التقنية الرقمية.

عادة، كي أبدع عملا فنيا، لابد أن يكون هناك حادث ما يشعل شرارة الغضب داخلي. تعلق الأمر هنا بالشاب الذي خرج في فاس بلباس قيل إنه لباس أنثوي، فتعرض للضرب والعنف من طرف المارة.

هذا ما نعيشه اليوم مع قضية هاجر الريسوني، مع نقاش المثلية… مجتمعنا يعيش واقعا معينا يتناقض مع القوانين.

اليوم، أي شخص في الشارع أو من العائلة يستطيع أن يدخل بيتك ويحاسبك على اختياراتك، يتدخل في حميميتك ويعاملك كقاصر يحتاج للوصاية.

في نفس الوقت، فالمجتمع يعاني  من إشكاليات تزويج القاصرات، تعدد الزوجات، العنف…  لكننا نترك هذا جانبا لنحاسب الأشخاص الذين يعيشون علاقات حب أو حتى علاقات جسدية… لكنها رضائية.

للأسف نحن نعيش بمبدأ “استتروا”. وهذه هي القاعدة التي تؤسس تصورات شبابنا اليوم وغدا: نحن نعلمهم أن يفعلوا ما شاؤوا، لكن في الخفاء.

لنتأمل كذلك كيف أننا، على المستوى الديني، قمنا باجتهادات كثيرة: نحن اليوم لا نقطع يد السارق، ألغينا العبودية، وغير ذلك من الممارسات التي أصبحت تتنافى مع قيم اليوم. علينا أن نقوم بنفس المجهود في قضايا الحريات الفردية، الواقع اليوم يفرض علينا ذلك.

اقرأ أيضا: سناء العاجي: حريات… لا أولويات

تعليقات

  1. اشريف محمد

    طبعا لا يمكن لفقير مثلي ان يناقش او يعطي رايه في مثل هذه المواضيع ، لانني اذا فعلت سأتعرض الى الطرد من رحمة الله . الحمد لله على نعمه وعلى انه خلقني فقيرا مسلما مؤمنا بما جاء به القران الكريم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *