سناء العاجي تكتب: هاجر الريسوني وقوانين القرون الوسطى - Marayana - مرايانا
×
×

سناء العاجي تكتب: هاجر الريسوني وقوانين القرون الوسطى

ملخص الحكاية، أن دولة متخلفة فقط يمكنها أن تضع في السجن أشخاصا راشدين بتهمة الحب أو الجنس! ملخص الحكاية، أنه لا يهم أن تكون هاجر الريسوني قد أجهضت أم لا… …

ملخص الحكاية، أن دولة متخلفة فقط يمكنها أن تضع في السجن أشخاصا راشدين بتهمة الحب أو الجنس!

ملخص الحكاية، أنه لا يهم أن تكون هاجر الريسوني قد أجهضت أم لا… المهم أنها اليوم متابعة بتهمة يفترض أن نخجل من كونها موجودة في ترسانتنا القانونية.

ملخص الحكاية أننا لا يمكن أن نعيش في دولة، تتحكم في أجساد مواطنيها الراشدين وفي حياتهم الحميمية. ما لم يكن في الأمر اعتداء على حقوق الآخرين (استغلال جنسي، اعتداء جنسي على الأطفال أو الراشدين وما إلى ذلك)، فمن العبثي أن نعاقب الأفراد بتهمة الحب أو حتى بتهمة المتعة الجنسية العابرة.

هناك في المجتمع مجرمون كثر نحتاج معهم ليقظة الأمن… لنترك أسِرَّة الغير لهم. لنترك أرحام النساء في ملكيتهن الخاصة.

القانون الجنائي المغربي يمنع الإجهاض، أي نعم! وبإجهاضها المحتمل، تكون هاجر والطبيب ومساعدوه قد خالفوا القانون، أي نعم! لكن الأهم من كل ذلك، أن هذا القانون نفسه لا يمكن أن يكون إلا جزءا من منظومة قوانين تنتمي للقرون الوسطى. ترسانة قوانين بدائية لا يعقل أن تحكمنا اليوم!

اقرأ أيضا: علي اليوسفي: تحجيب النساء حماية للذكور من شهواتهم؟ 3\3

بكل بساطة لأن الإجهاض حق يجب أن يتوفر لكل النساء. من حق كل امرأة أن تقرر متى يمكنها أن تكون أما! لا يمكن للمشرع أن يحدد لنساء بالآلاف، زمن الأمومة المناسب لهن.

حين ستفهم التيارات الإسلامية والمحافظة بأن الحريات الفردية هي التي تحميهم من استغلال حياتهم الخاصة ضدهم من طرف خصومهم الإيديولوجيين، سيساهم الجميع في بناء مجتمع ناضج لا يدخل الآخرين السجن بتهمة الحب والمتعة!

أرقام الإجهاض السري أمامنا اليوم لتثبت لنا مرة أخرى بأن قوانيننا بعيدة كل البعد عن الواقع وتطوراته: توجد في المغرب اليوم بين 600 و800 حالة إجهاض سري يوميا، حسب الجمعية المغربية لمناهضة الإجهاض السري.

القوانين التي تمنع العلاقات الجنسية الرضائية بين الراشدين والتي تمنع الإجهاض يجب ببساطة أن تختفي من ترسانتنا القانونية. باسم الحريات الفردية! باسم احترام الاختيارات الخاصة لكل شخص راشد، في معتقداته الدينية، في حياته العاطفية والجنسية، في اختياراته الحياتية عامة…

كما أن إشهار شهادة عدم الإجهاض لإثبات أخلاق هاجر الريسوني هو أمر مرفرض. أن تكون قد أجهضت أو لا، فهذا حقها وتلك حياتها الخاصة التي لا حق لنا في التدخل فيها. لا تحتاج هاجر الريسوني ولا غيرها لافتعال مبررات صبيانية أحيانا، بدل الدفاع عن حق يفترض أن يكون مشروعا: الحق في امتلاك الجسد بصفة شخصية!

اقرأ أيضا: جريمة الاغتصاب: هذا ما ينص عليه القانون الجنائي المغربي، فهل يهدف إلى حماية المرأة قبل وقوع الجريمة أم بعدها؟ 3/2

إلى متى سنفرض الفضيلة باسم القانون؟ تلك الفضيلة التي نختزلها في الجنس لا غير.

إلى متى سنفرض التدين باسم القانون؟ ذلك التدين الذي نختزله في مظاهره… في حجاب ولحية وصيام (جوع؟) إجباري.

القوانين التي تمنع العلاقات الجنسية الرضائية بين الراشدين والتي تمنع الإجهاض يجب ببساطة أن تختفي من ترسانتنا القانونية.

للأسف، الهوس الجنسي الذي يسيطر على عقول الكثيرين يختزل الحريات الفردية في الجنس ويربطها بالفساد. لكن المجتمعات المتقدمة لم تتطور إلا باحترام حق الآخر في الاختلاف. النبي محمد نفسه، لو لم يدافع عن حقه في الاختلاف عقائديا عن مجتمعه، لما كان هناك اليوم دين اسمه الإسلام.

المجتمعات التي تتطور، لا تفعل إلا باحترام إبداع الآخر وحقه في الاختلاف. المجتمعات التي تتطور لا تحاسب الآخرين على فعل العشق ولا على فعل الجنس.

هناك في المجتمع مجرمون كثر نحتاج معهم ليقظة الأمن… لنترك أسِرَّة الغير لهم. لنترك أرحام النساء في ملكيتهن الخاصة.

ملخص الحكاية، أن دولة متخلفة فقط يمكنها أن تضع في السجن أشخاصا راشدين بتهمة الحب أو الجنس!

هذا لا يمنع في النهاية من تنويه أساسي:

العديد من الحركات المحافظة تهاجم الحريات الفردية بشكل شرس، ولا تتغنى بها إلا حين يكون أحد أفرادها ضحية لانتهاكها. العديد من الحركات المحافظة هاجمت ولا تزال المدافعين عن الحق في الإجهاض وربطت بين هذا الأخير وبين الانحلال والفساد. العديد من الحركات المحافظة و\أو الإسلامية اعتبرت الدعوة للحريات الفردية دعوة للفساد!

الحريات الفردية ليست انحلالا ولا كفرا ولا فسادا. هي فقط دعوة لإنشاء مجتمع غير منافق، يتحمل فيه الأفراد مسؤولية أفعالهم واختياراتهم ولا يضطرون لاختلاق بعض المبررات الصبيانية لتبرير اختيار أو فعل يفترض أن يكون حقا لهم كأشخاص راشدين. الحب والجنس والإيمان وعدم الإيمان هي حقوق لكل شخص راشد، يفترض أن لا نحتاج لتبريرها بزواج فاتحة أو غيره، بعلة أو غيرها…

حين ستعي بعض التيارات المحافظة قيمة الحريات الفردية، وبأنها تحمي الإيمان الحقيقي ولا تضطر الأفراد للنفاق؛ كما تحمي الحق في عدم الإيمان (إذ، ما فائدة إيمان ظاهري يمكن الفرد فقط من تفادي ضغط المجتمع أو القانون؟)… حين تفهم التيارات الإسلامية والمحافظة بأن الحريات الفردية هي التي تحميهم من استغلال حياتهم الخاصة ضدهم من طرف خصومهم الإيديولوجيين… حينها، سيساهم الجميع في بناء مجتمع ناضج لا يدخل الآخرين السجن بتهمة الحب والمتعة!

اقرأ لنفس الكاتبة: أن تكوني أُمّا… أو أن لا تكوني!

تعليقات

  1. مراد

    من حق المرأة أن تختار متى تكون أما أو لا، لكن متى بدأ بدأ قلب الجنيت بالخفقان فإنه أصبح إنسان حي له الحق في الحياة و مستقل في حقوقه عن حقوق و القانون الذي يمنع الإجهاض يحمي هذا الجنين. هاجر ارتكبت جريمة قتل في حق إنسان حي و لو كان ابنها.

  2. لحليمي الحبيب

    أني اريد هنا أن أتعرف علي الحرية ، هي أيقونة لكل السرور ، لأنها لا حدود لها كما لا يستطيع أحد أن يعرفنا بها . لذلك أعتقد في المساواة لأنها شيء ملموس يمكن تحديده. يجب أن لا يتم اختزال الميدان الحقوقي في تجنيس أو تحرير العلاقات بقدر ما يجب النضال من أجل افهام وتوعية النساء بما حصلوا عليه من حقوق في مجتمع يمكن للمرأة في حالة الحمل أن تقدف بالطفل في الشارع ، يجب إدخال المتوازيات الاجتماعية هنا بدلا من الاعتماد علي الأجهزة المفاهيمية الرأسمالية في تحررها لا في حربتها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *