محمد بن سلمان… من تهمة “أبو رصاصة” إلى تهمة “أبو منشار”على هامش قضية خاشقجي: كيف صنع صهر ترامب وليَّ عهد السعودية
على هامش قضية اغتيال جمال خاشقجي، وكما وعدت مرايانا… نستمر في نبش حكايات بعض أطراف الحكاية. بعد آل أردوغان… نتوقف اليوم عند ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. … لعلها …
على هامش قضية اغتيال جمال خاشقجي، وكما وعدت مرايانا… نستمر في نبش حكايات بعض أطراف الحكاية. بعد آل أردوغان… نتوقف اليوم عند ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
… لعلها مجرد صدفة، فالعرب يقولون في العادة، رب صدفة خير من ألف ميعاد. والصدفة هنا بـ 100 مليون دولار. فقط لا غير.
في 16 أكتوبر (2018)، وعلى هامش تنامي الضغط على دونالد ترامب، سيتوجه وزير خارجيته “مايك بومبيو” إلى الرياض، كي يناقش مع الأسرة الحاكمة هناك، قضية اغتيال جمال خاشقجي.
… في نفس اليوم، كان وزير الخارجية الأمريكي يسلم على ملك السعودية وولي عهده بيده اليمنى، وكانت إدارة ترامب، تأخذ بيدها اليسرى، مبلغا وقدره… 100 مليون دولار.
لماذا هذا الكرم السعودي مع ترامب؟
تقول الحكاية إن محمد بن سلمان، وهو لايزال مراهقا، “ذهب مرة إلى موظف بالسجل العقاري كي يساعده على الحصول على قطعة أرضية كان يريدها. وبعد أن رفض الموظف ذلك… سيتوصل بظرف بريدي، بداخله… رصاصة”
الرواية الرسمية، تقول إن الأمر يتعلق بمساهمة العربية السعودية في تكاليف الحملة العسكرية ضد سوريا، وأنها كانت مبرمجة منذ الصيف الماضي، لكن الوقت… أو لنقل تزامن إفراج السعودية عن هذه الأموال مع قضية اغتيال خاشقجي… يثير أكثر من سؤال.
الأموال السعودية هنا، لا يمكن قراءتها إلا… من خلال استحضار تغير مواقف وتصريحات ترامب منذ اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
إقرأ أيضا: على هامش قضية خاشقجي … حين تلقى أردوغان “هدية” بــ 25 مليون دولار
لفهم حكاية الـ 100 مليون دولار التي وصلت إلى الولايات المتحدة “صدفة”، في نفس اليوم الذي حل وزير خارجيتها بالرياض، سيكون من المفيد التوقف عند اسمين أساسين في الحكاية.
… سيكون من المفيد التوقف، عند “شابين” وضعت الصدفة (الصدفة حقا هذه المرة) مصير الكثير من تفاصيل العالم، بين يديهما:
1ــ محمد بن سلمان: ولي عهد… والحاكم الفعلي للسعودية.
2ــ جاريد كوشنير: صهر ترامب… وأيضا، مستشاره والمكلف بالسياسات في الشرق الأوسط.
… ولنبدأ من الاسم الثاني هنا، أي من “جاريد كوشنير” (مواليد 1981)، والذي لا يجمعه بالسياسة شيء أكثر ولا أهم من مصاهرته لترامب.
… بعض الذين يعرفون محمد بن سلمان جيدا، يعرفون أن الشاب لم يتوان قط عن صناعة وتنمية ثروته، من خلال وضعه كأمير وابن أمير. حسب بعض أصدقائه، كان الشاب/المراهق، لا يتردد كثيرا في مطالبة بعض أغنياء المملكة بدعم استثماراته، لدرجة يقول أحد أصدقائه، إنه “تمكن من جمع مبلغ 30 مليون دولار خلال بضعة أسابيع”.
كوشنير، قضى حياته يبيع ويشتري العقارات بين نيويورك ونيوجيرسي، وكذا (ناشرا) لــ (New York Observer) المهددة بالإفلاس… لكن أهم ما يميزه، في علاقة بالمنصب الذي منحه له صهره، هو أنه… لا يتوفر على أية خبرة أو ثقافة أومرجعية ديبلوماسية، وليس له أي تكوين سياسي يؤهله للعب الأدوار التي وضعه ترامب على رأسها.
الذي حدث ببساطة… كما ينقله أحد الضباط الأمريكيين السابقين في تصريحات صحافية، هو أن كوشنير، كي يفهم المطلوب منه، التقى في إحدى قاعات البيت الأبيض، مع عدد من أعضاء مجلس الأمن القومي، و…:
” وضعنا أمامه الخرائط، وقمنا بتقييم الوضع انطلاقا منها، وتحليل وضعية المنطقة، كي نصل إلى خلاصة مفادها أن الجزء الشمالي من الشرق الأوسط، قد أصبح عمليا تحت سيطرة إيران. ففي لبنان تضاعفت قوة حزب الله بفضل إيران، ليصبح المتحكم الأساسي في الحكومة اللبنانية. وفي سوريا، ساعدت إيران بشار الأسد على النجاة من هزيمة عسكرية وتساعده الآن من أجل إعادة بناء مستقبله ودوره السياسي… وفي العراق، ورغم أن الحكومة تعتبر موالية للولايات المتحدة، فإنها توجد عمليا تحت سيطرة وتأثير إيران”.
إقرأ أيضا: على هامش اغتيال جمال خاشقجي: نماذج أخرى لاغتيال الصحافيين عبر العالم
مباشرة بعد هذا “الدرس” الذي تلقاه كوشنير” في العلاقات السياسية الدولية بالشرق الأوسط”، سيتساءل المجتمعون به، حسب ما يؤكده ذات العسكري السابق: “كيف سنتصرف؟”.
الخلاصة التي خرج بها كوشنير ومن معه من هذا اللقاء، حسب ذات المصدر، هي: “سنتصرف بالاعتماد على علاقاتنا مع إسرائيل والعربية السعودية. لا يمكن أن ننجح أبدا في الخليج بدون السعوديين”.
“ستيف بانون”، المساعد السابق لدونالد ترامب: “كنا في حاجة لعنصر “تغيير” في المنطقة… وهنا بالضبط، دخل محمد بن سلمان اللعبة. كان هو عنصرنا المطلوب”.
… هنا بالضبط، سيصبح لاسم محمد بن سلمان، دور.
كوشنير قرر في هذه اللحظة بالضبط، إعادة تشكيل تحالف أمريكي بالمنطقة، بالمراهنة على الحاكم الفعلي/المستقبلي للسعودية.
محمد بن سلمان، مواليد 1985، هو اليوم الشخصية السعودية الأكثر نفوذا وسلطة بالمملكة، لكن أهم ما يميزه بالنسبة للأمريكيين، هو ذلك الولاء التام الذي أبداه للإدارة الأمريكية.
محمد بن سلمان وعد الأمريكيين بإنهاء “التعاقد/التوافق التاريخي” الذي حدد السياسة الداخلية للسعودية منذ القديم، والذي قام في الأساس، على مبدأ “شراء” المعارضة، من خلال السماح للجناح الديني المتطرف، بنشر أفكاره ومعتقداته، وأكثر من ذلك… السماح له بتصدير هذه المعتقدات خارج السعودية.
محمد بن سلمان… وعد الأمريكيين، بسياسة سعودية بلا توافقات ولا تنازلات.
لكي تكتمل الصورة… كان لابد من إطار فخم يساهم في تلميعها. إطار، جعل كل وسائل الإعلام الأمريكية والغربية عموما، تتنافس فجأة، في الحديث عن ولي العهد “التقدمي” و”الثوري”، وتقدمه كرجل إصلاحات واعتدال… بل ذهب بعضهم حد الحديث عن محمد بن سلمان كعنوان لـ”الحداثة” في مملكة آل سعود.
ذهب كوشنير لزيارة محمد بن سلمان في الرياض،وظل الرجلان مستيقظين حتى الفجر… كان هدفهما ، دفع ترامب إلى الإعلان بسرعة عن نهاية الشرق الأوسط القديم، وبداية… شرق أوسطهما الجديد.
طبعا… قليلون هم الذين طرحوا خلال تلك الفترة، سؤالا بسيطا:
هل محمد بن سلمان، يريد فعلا أن يتولى مسؤولية “تغيير” حقيقي في بلاده، أم أنه فقط، يستخدم لغة التغيير والإصلاح لتعزيز سلطاته؟
الجواب على هذا السؤال البسيط … لن يتأخر كثيرا.
إقرأ أيضا: التيار المدخلي: الدين في خدمة السياسة 1\2
… ولنعد الآن إلى كوشنير.
تركنا “جاريد كوشنير” في بداية هذا المقال، يحاول فهم تعقيدات الشرق الأوسط، دون خلفية ثقافية ولا سياسية. يحاول فهمه من خلال خرائط وضعها أمامه أعضاء مجلس الأمن القومي.
… وهو يحاول فهم ما يجري بالشرق الأوسط، سيرتبط كوشنير بصداقة حميمية مع محمد بن سلمان، لدرجة أن مقربين منهما، تحدثوا عن مكالمات هاتفية وتبادل رسائل يومية … أو كما يقول ضابط أمريكي يجتمع بانتظام مع محمد بن سلمان، في تصريحات صحافية:
“ربطا علاقة متميزة بينهما بسرعة. إنهما يريان العالم بنفس الطريقة… هما يشعران أنهما مليارديران ذكيان ومبدعان”.
هكذا… حين سيذهب كوشنير لزيارة محمد بن سلمان في الرياض، سيظل الرجلان مستيقظين حتى الفجر، يتحدثان عن مستقبل بلديهما. كان هدفهما معا، دفع ترامب إلى الإعلان بسرعة عن نهاية الشرق الأوسط القديم، وبداية… شرق أوسطهما الجديد.
لا أحد في العالم كان متشوقا أكثر من محمد بن سلمان وكوشنير، لسماع ترامب يتحدث عن تغيير شروط اللعبة بالشرق الأوسط… يقول “ستيف بانون”، المساعد السابق لدونالد ترامب وكبير مستشاريه (سابقا) للشؤون الاستراتيجية، والعضو السابق في مجلس الأمن القومي (قبل أن يعزله ترامب):
“كنا في حاجة لعنصر “تغيير” في المنطقة… وهنا بالضبط، دخل محمد بن سلمان اللعبة. كان هو عنصرنا المطلوب”.
لكن…
قبل ذلك، لم يكن المستقبل السياسي لمحمد بن سلمان مضمونا. ففي مملكة آل سعود، كانت ولاية العهد أمرا في غاية الخطورة، يتناقلها أبناء الملك المؤسس عبد العزيز… ولم يكن من السهل أبدا، الحديث عن أول ولي عهد من الجيل الثاني، أي من أبناء أبناء عبد العزيز.
لكي تكتمل الصورة… كان لابد من إطار فخم يساهم في تلميعها. إطار، جعل كل وسائل الإعلام الأمريكية والغربية عموما، تتنافس فجأة، في الحديث عن ولي العهد التقدمي والثوري، وتقدمه كرجل إصلاحات واعتدال… بل ذهب بعضهم حد الحديث عن محمد بن سلمان كعنوان لـ”الحداثة” في مملكة آل سعود.
… بعض الذين يعرفون محمد بن سلمان جيدا، يعرفون أن الشاب لم يتوان قط عن صناعة وتنمية ثروته، من خلال وضعه كأمير وابن أمير. حسب بعض أصدقائه، كان الشاب/المراهق، لا يتردد كثيرا في مطالبة بعض أغنياء المملكة بدعم استثماراته، لدرجة يقول أحد أصدقائه، إنه “تمكن من جمع مبلغ 30 مليون دولار خلال بضعة أسابيع”.
إقرأ أيضا: إنهن يقدن أخيراً… لكن، ماذا عن لجين، إيمان وعزيزة؟
أكثر من ذلك، تقول بعض الحكايات التي راجت بقوة في الرياض خلال هذه الفترة من عمر الأمير، والتي تتداولها عدد من وسائل الإعلام الدولية … إن محمد بن سلمان:
“ذهب مرة إلى موظف بالسجل العقاري كي يساعده على الحصول على قطعة أرضية كان يريدها. وبعد أن رفض الموظف ذلك… سيتوصل بظرف بريدي، بداخله… رصاصة”
… هذه الحكاية، ستجعل محمد بن سلمان، يحصل على لقب “أبو رصاصة”. طبعا هذه الحكاية، يكذبها المسؤولون السعوديون ويعتبرونها مجرد افتراءات، كما حدث حين كذب ناطق رسمي باسم السفارة السعودية بواشنطن الأمر، في حديثه لــ”نيويوركر”.
كيف تطورت الأمور بعد ذلك؟ كيف سيصبح الأمير السعودي متهما بقتل خاشقجي؟؟
تابعونا قريبا… على مرايانا