كوثر بوبكار، من أبرز الباحثين في ميدان النانوتيكنولوجيا في العالم، تكتب: رسالة مفتوحة إلى الأستاذة نبيلة منيب
أستاذتي الفاضلة، تفاجأت بالأمس بخروجكم الإعلامي الجديد الذي تقولون فيه إن اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد وسيلة لمراقبة شعوب العالم ووضعهم تحت الصدمة. لا أخفيكم، سيدتي، أنني وقفت طويلا متأملة …
أستاذتي الفاضلة،
تفاجأت بالأمس بخروجكم الإعلامي الجديد الذي تقولون فيه إن اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد وسيلة لمراقبة شعوب العالم ووضعهم تحت الصدمة.
لا أخفيكم، سيدتي، أنني وقفت طويلا متأملة لحواركم أسائل نفسي: أنا من يؤمن بالعقل النقدي كسبيل للارتقاء الفردي والمجتمعي، كيف يمكن لهذا العقل أن يكون الفصل فيما أدليتم به من رأي؟
أليس أساس التفكير النقدي هو زرع الشك للتساؤل حول ما يُقدّم، ولو بدا لنا بديهيا؟ ألا تستعملون أنتم هذا التساؤل حد التطرف في الشك في ما يقدمه من تُسمونهم بلوبيات الأدوية والنظام العالمي الذي هو في طور التشكل؟
أنتم، سيدتي، شخصية عمومية، واستعمالكم لحجة سلطتكم العلمية في خطابكم السياسي تزيد الطين بلة حين يتعلق الأمر بقضايا صحية، خاصة في مجتمع تعون جيدا مدى توغل الجهل فيه.
لا سيدتي، لا يمكن مقارنتكم بـ “مّي نعيمة“، ولا ربط ادعاءاتكم بما أتت به هذه السيدة قبل شهور من نفي للفيروس عن جهل.
أنتم، كما ذكرتم مرات في حواركم، سيدة من مرجعية علمية، تعتمد الحس النقدي من جانبه التشكيكي للدفاع عن موقفكم.
اقرأ لنفس الكاتبة: باسم الشعب… ديكتاتورية الأتباع!
أنتم تملكون كمية كافية من المعلومات الهامة التي تستعملونها للوصول الى استنتاجات تتماشى وهواكم. من منا لم يكن يوما ضحية أوهامه، أو تصوراته غير الصائبة؟ بالقطع، كاذب كل مثقف ومتعلم بدرجة عالية يدعي العقلانية وعدم ارتكاب الأخطاء المنطقية في مرحلة ما من حياته.
لهذا، اسمحوا لي سيدتي أولا أن أتوجه بحديثي للسيدة منيب، دكتورة البيولوجيا:
ألا ترون، سيدتي، أن استعمال حجة السلطة العلمية في خطاب دون دليل، لا يليق بمكانتكم الأكاديمية؟
أنتم بالتأكيد على علم بالعدد المتزايد من ذوي التكوين الأكاديمي الذين يروجون ويساندون نظرية تسطيح الأرض.
أن يخرج عالم أو آخر لأسباب مختلفة لطرح نظرية المؤامرة لا يعطيها مصداقية…
ألا ترون أن التشكيك في لقاح غير متوفر بعد ولا نستطيع تحليله للكشف عن محتوياته وتقييم إمكانية وضعه للناس تحت المراقبة بطريقة مباشرة، أقل ما يمكن القول عنه إنه تهور علمي ؟
أما إذا عنيتم في مداخلتكم أن تلقيح الجميع هدفه وضعهم تحت المراقبة بطريقة خارجة عن مكونات اللقاح، فأقل ما يمكن قوله إنكم لم تنجحوا في تقديم الشروح الكافية حول اتهام بهذا الحجم، وعدم الوضوح لا يليق بمكانتكم العلمية.
اقرأ لنفس الكاتبة: وسائل التواصل الاجتماعي… مقبرة العقل النقدي؟
الشك أساس التقدم العلمي. هذا أكيد… وأنتم أعلم الناس أن من يريد تقديم طرح بخصوص علمي، الأحرى به أن يقوم بأبحاث تأتي بحجج لتعزيزه. بعدها، يتم تقديم هذه الحجج للمقارعة أمام ذوي الاختصاص، والتاريخ حافل بأناس دحضوا نظريات سبقتهم، واستطاعوا مواجهة لوبيات كبرى مثل لوبي التدخين.
في ظل غياب هذا الشرط، تنتفي المصداقية العلمية… وما قد يبدو حجة علمية إن قُدِّم للعموم، يمكن أن لا يكون إلا تهافتا عند الخبراء.
للسياسة منطقها الذي لا يتماشى دوما مع العقل النقدي. من هذا المنطلق، تفهمت بعض خرجاتكم الشعبوية السابقة.
لكن، هناك فرق بين دغدغة مشاعر الناخب من أجل استدراجه للتصويت و بين زرع الشك عنده في ما تقدمه لوبيات الأدوية كما تسمونها، و لو بطريقة غير مباشرة
أنتم بالتأكيد على علم بالعدد المتزايد من ذوي التكوين الأكاديمي الذين يروجون ويساندون نظرية تسطيح الأرض.
أن يخرج عالم أو آخر لأسباب مختلفة لطرح نظرية المؤامرة لا يعطيها مصداقية…
هنا، أفتح قوسا لأعطي تجربتي الشخصية، واسمحوا لي أن أوضح أولا أني أفعل ذلك من باب الاستئناس فقط لا الحجة، فأنا أيضا أشتغل في حقل البحث العلمي، ولم أشهد يوما تحاملا على طرح يقدم بحجج بينة.
اقرأ لنفس الكاتبة: التكنولوجيات الحديثة: بين تحرير النشر وانتشار الهراء 1/2
سأتفق معكم، سيدتي، أن البحث العلمي يتطلب الجهد والتمويل الكافيين. لكني أظن أن العالم اليوم، من خلال تطبيقات جمع التبرعات من أجل الابتكار مثل كيكستارتر أو غيرها، ومن خلال انتشار القراءات التآمرية للأحداث، قادر على تمكين ما يلزم لهذا الأمر.
أكتب اليكم هذا وأتذكر بأسى مصير الأمريكي الذي صمم صاروخا وحاول أن يستعمله لإثبات أن الارض مسطحة، فلقى حتفه داخله وذلك قبل بضعة شهور فقط.
اسمحوا لي الآن أن أتوجه إلى السيدة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد:
ألا ترون أن التشكيك في لقاح غير متوفر بعد ولا نستطيع تحليله للكشف عن محتوياته وتقييم إمكانية وضعه للناس تحت المراقبة بطريقة مباشرة، أقل ما يمكن القول عنه إنه تهور علمي؟
أكيد، سيدتي، أن الدعوة للتضحية للخروج من الأزمة واستدراك التأخر المتراكم وشرح تعقيدات الوضع الوطني والعالمي والمديونية… لا يمكن أن يشكل حلما جماعيا ولا مشروعا سياسيا تنخرط فيه الأغلبية!
وأتفق أن لجوء حزب يساري مثل حزبكم إلى بعض الشعبوية لتكوين كتلة انتخابية، كما دعت إلى ذلك المفكرة والفيلسوفة البلجيكية شونطال موف Chantal mouffe، في كتابها “من أجل شعبوية يسارية” مسألة ضرورية؛ لأنه لابد من حلم للتسويق لحزب وبعض الدغدغة للمشاعر لكي ينخرط الناس فيه.
اقرأ لنفس الكاتبة: رخيص جدا… فكر هدفه مباركة القطيع
للسياسة منطقها الذي لا يتماشى دوما مع العقل النقدي. من هذا المنطلق، تفهمت بعض خرجاتكم الشعبوية السابقة.
لكن، هناك فرق بين دغدغة مشاعر الناخب من أجل استدراجه للتصويت وبين زرع الشك عنده في ما تقدمه لوبيات الأدوية كما تسمونها، ولو بطريقة غير مباشرة.
أنتم، سيدتي، شخصية عمومية، واستعمالكم لحجة سلطتكم العلمية في خطابكم السياسي تزيد الطين بلة حين يتعلق الأمر بقضايا صحية، خاصة في مجتمع تعون جيدا مدى توغل الجهل فيه. أليس أحرى بكم أن تكونوا حريصين على ما تتلفظون به لما قد ينتج عنه من تأويلات قد تضر بصحة المواطنين؟
أليس مطلوبا من رجل وامرأة السياسة أن يتحليا بالدقة اللازمة في الكلمات في تفاعلاتهما الخارجية، كي لا يخلقا أي سوء فهم ممكن، يؤدي إلى إشكالات ديبلوماسية ؟ فلماذا لا يلزمان هذه الصرامة اللغوية حيال قضايا صحية لمواطنين يُطلب منهم إيصالهما للحكم كي يخدموهم؟
ألا ترون، سيدتي، أن استعمال حجة السلطة العلمية في خطاب دون دليل لا يليق بمكانتكم الأكاديمية؟
أتفهم، سيدتي، أن التفكير النقدي متعب أو أنه مريح ومطمئن للمواطن العادي أن يُحمِّل إشكالياته إلى جهة ما، النخبة الفاسدة والنيوليبرالية في الغالب… لكن هذا لا يسمح بفتح الباب لكل الخطابات المعارضة لهذه الفئة دون أسس علمية ودون صرامة منهجية.
اللوبيات الدوائية، على عِلاَّتها، هي التي تسمح اليوم بالتشافي من أمراض كثيرة. صحيح أن الأمر يدر أرباحا هائلة عليها، يعاد استعمال جزء غير هين منها في البحث.
بما أنكم تطمحون للفوز في الانتخابات وبلوغ الحكم، وباعتباركم تقولون إنكم أصحاب رؤية مجتمعية متكاملة وبديلة، لماذا لم تقترحوا بديلا لمواجهة الجائحة خارج التلقيح، والثقة في لوبيات الطب والصيدلة؟
اقرأ لنفس الكاتبة: التكنولوجيات الحديثة: زمن “أهل الكهف”… عن الضحالة والاستسهال 2/2
وكي لا أطيل عليكم، سيدتي، ولأنني لا أتقن فن البلاغة ولا الهجوم، سأختم رسالتي إليكم هذه بقولي إنني أتفق معكم تمام الاتفاق أنه لا يجب زرع الخوف في صدور الناس. الخوف عاطفة رهيبة تُغيب عقول أكثر الناس تعلما وتدبرا.
على هذا الأساس، أقول لكم: لا تزرعوا الخوف في صدور المواطنين من لقاح ليس معروضا بعد ومن احتمالات لا حجة عليها اليوم عليها، غير بعض الأصوات النشاز.
أليس أحرى بكم أن تكونوا حريصين على ما تتلفظون به لما قد ينتج عنه من تأويلات قد تضر بصحة المواطنين؟
وأفضل ما أختم به، أن أُخضع خطابكم لأحكامكم: إن كنتم تؤمنون، سيدتي، أن خطابا لا يحمل الحجة العقلية كافٍ للحكم على شيء ما، فما الذي سيمنع المتلقي من الظن أن خطابكم أيضًا تحفزه مؤامرة ما ومن نسج أقاصيص وروايات حول هذه المؤامرة، والبحث عن أي شيء لإثباتها في انتشاء فكري للفاعلين، كما لو أنهم يحلون لغزا معقدا…؟ وأنتم تعلمون اللذة الذاتية التي قد تنتجها تجربة كهذه عند أشخاص يطمحون للشعور بالتميز في الذكاء!
أتمنى، سيدتي، أن تتلقوا رسالتي بصدر رحب، فما هي إلا وليدةُ غيرة على يسار كان حلما بالأمس وأجده اليوم ينتحر في خطابات لا جدوى منها.
مع خالص التحية،
اقرأ أيضا: حسين الوادعي: نحن متخلفون ولسنا مختلفين…
كوثر بوبكار، من أبرز الباحثين في ميدان النانوتيكنولوجيا في العالم، تكتب: وسائل التواصل الاجتماعي… مقبرة العقل النقدي؟
في الوقت الذي أصبحت المعلومة تحاصرنا من كل جانب، وبدأت الجنود الإلكترونية تعوض الجنود المسلحة في الهجوم على الأعداء والمنافسين، یصبح التفكير النقدي ضرورة ملحة، وأولوية مجتمعية…
وقد أبانت جائحة كورونا مثلا على خطر غیابه.
أثارت محاولة الرد على قولة منسوبة للجابري، من طرف أحد الشباب، موجة من السخرية عند البعض، والتأييد المغيب للعقل، عند آخرين…
بداية، لابد من التأكيد أن من حق أي شخص أن ينتقد فكرة أو إبداعًا أو محتوى ما، لأن لا أحد فوق الانتقاد، ونحن لسنا في حاجة لأصنام بشرية جديدة، بل… ما أحوجنا لمن ينفض الغبار عن العقول ويفتح نقاشًا مجتمعيا للارتقاء بممارساتنا.
وبالتالي… لمن استهزأ بهذا الشاب، وانتقص منه لأنه تجرأ على انتقاد مفكر مغربي من قيمة الجابري، أقول… لو أنكم وجهتم جهودكم لشرح الأخطاء المنطقية والمنهجية التي وقع فيها الشاب، وناقشتموه بالتي هي أحسن، داعين إياه لامتلاك عقل نقدي تمييزي، لكفيتمونا كثیرا من النقاشات البیزنطیة الفارغة، التي تتغذى فقط على ثقافة البوز والكلاش، ولكنتم ساهمتم، حسب إمكانیاتكم، في بناء وعي فردي وجماعي لمجتمعنا.
في المقابل، إلى الشاب الذي حاول نقد الجابري، أقول… إن كان من حقك أن تمارس الانتقاد، فما العیب أن ینتقد الآخرون أیضا ما یجدونه قابلا لذلك. ومن باب الإنصاف لمن تنتقدهم، ألیس أحرى بك أن تقرأ ما انتجوه من فكر أولا، بدل أن تودع عقلك لدى آخرين یفكرون بالنیابة عنك؟
النقد ممارسة تتطلب تشغیل العقل، إضافة الى الصرامة والنزاهة الفكریة والموضوعیًة، ولابد لها من احترام أبجدیات أدبیة أقلها الاطلاع على المحتوى المعني.
لكنك بدلا من ذلك، تركت عاطفتك تحمل القولة أكثر مما تتحمل، واعتبرتها تعني أن ممارسة السیاسة سيئة، وهذا لیس منطوقا ولا مفهوما. ما العیب في ممارسة السیاسة؟ فأنت بنشر محتواك، على علاته، تقوم بنوع من ممارسة السیاسة، لأن السیاسة ببساطة… هي كل ما یعني الشأن العام.
أغلب هذه الهجمات، تتم باستعمال أحكام القیمة، والأحكام الأخلاقیة، التي تصبح مرجعیة تعلو على كل القیم العقلیة والمنهجیة. هكذا، عِوض النقاش ومقارعة الفكر بالفكر، یلجأ البعض للتبلیغ عن صفحات مخالفیهم، قصد إقفالها، أو یهجمون على أصحابها بشكل یتنافى حتى وسقف الأخلاق والقیم التي یهاجمون باسمها…
في الواقع، لا یمكن النظر إلى النقاش الاخیر بمعزل عن السیاق المجتمعي، وهو ما یدفعني إلى التأمل من جدید، في الدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في هذا الأمر، فإذا كان یُروَّج أن هذه الوسائل صُمِمت للتمكن من التواصل، وتقریب وجهات النظر، وفتح باب النقاش، والتعرف على الآخر، فإن واقع الحال يقول عكس هذا تماما، إذ یكفي أن یصدر أحد رأیًا مخالفًا لما هو سائد ورائج علیها، حتى یُتهم بالمؤامرة والعمالة والتبعیة لجهة ما لترویض الرأي العام…
ويكفي أن يُصدر آخر تساؤلات عن مصدر قناعات فئة من الناس، أو ما یجعلها تؤمن بفكرة ما، وهل استعملت عقلها أو منهجًا ما للوصول إلیها، لیكون نصيبه…الهجوم والتشكیك في نوایاه وذمته.
أغلب هذه الهجمات، تتم باستعمال أحكام القیمة، والأحكام الأخلاقیة، التي تصبح مرجعیة تعلو على كل القیم العقلیة والمنهجیة. هكذا، عِوض النقاش ومقارعة الفكر بالفكر، یلجأ البعض للتبلیغ عن صفحات مخالفیهم، قصد إقفالها، أو یهجمون على أصحابها بشكل یتنافى حتى وسقف الأخلاق والقیم التي یهاجمون باسمها، حتى لو كانت هذه الصفحات تحترم سقف القوانین الجاریة، ولا تنزل لمستوى التنمر الرقمي.
يتناسى هؤلاء… أن النقاش البنّاء یبدأ بأسلوب الحوار لتقدیم الطرح، وبعدها الحجاج لتقویته وإعطائه مصداقیة، ویستوجب أخذ المسافة الكافیة بین الطرح وصاحبه، للتمكن من تبادل الأفكار بالاحترام والهدوء اللازمین، ذلك أنه -النقاش- تبادل فكري، ولیس مبارزة في حلبة ملاكمة، مع أن الملاكمة ریاضة جمیلة، لا یسمح قانونها بكل الضربات، على عكس بعض الممارسات على صفحات النت.
مرد هذا الأمر بالأساس إلى عاملين…
الأول ثقافي مجتمعي، إذ أن الناس تؤمن بأنها تمتلك الحقیقة المطلقة، فیمتزج العاطفي بالعقلي، ویصبح الأنا طاغیًا على الأفكار، ویخلط بین الحكم على الفكرة، والحكم على صاحبها في شخصنة سائدة. وقد نجد أحیانا، من یُفترض فیه أن یمثل الاتجاه المتحدث باسم الحداثة والتطور، ومن ینبغي أن یكون عقله منفتحا على النقد باعتباره أساس التقدم العلمي والفكري، یتحجر لمواقفه ویدعي امتلاك الحقیقة المطلقة… في احتقار لأسس المنطق، وفي ترسیخ لقطبیة أنت معي أو ضدي، وإن كنت معي، علیك ان توافقني في كل شيء، ویواجه المختلفین معه بالإساءة لأشخاصهم لا التطرق لأفكارهم.
هكذا… أصبحنا نرى عددا قلیلا ممن یدلي بالأفكار على صفحات التواصل، ویستدل علیها بحجج عقلیة، أو إحالات مرجعیة، في مقابل انتشار كبیر للشعبویین والمتلاعبین بعقول الناس، لأهداف… أغلبها ذاتیة نرجسیة. فكم من ممتهن للتأثیر الرقمي، لا یملك من الرشد والأخلاق إلا القلیل.
الثاني… وسائل التواصل الاجتماعي بطبیعتها لا تساعد على بناء عقل نقدي مجتمعي، من خلال ترسیخها الانحیاز التأكیدي، فهي على سبیل المثال لا الحصر، تقترح علینا المحتویات التي تتماشى وما أبدینا اعجابا به من قبل، وتحجب عنا ما یناقضه، والذي هو أساسي في مساءلة قناعاتنا، ووضع أفكارنا على المحك اللازم للارتقاء بها. بل حتى من یشعر بفخ الانحیاز التأكیدي، تراه یناقش هذا الإشكال غالبا، من شقه السیاسي فقط، ملخصا إیاه في هیمنة الرأسمالیة المتوحشة، والدولة العمیقة التي لا ترید أن یكوِّن الناس وعیا نقدیا، ويُغیِّب بذلك المسؤولیة الفردیة للشخص، الذي یودع عقله لدى من یتلاعب به ویسترزق من خلاله.
أصبحنا نرى عددا قلیلا ممن یدلي بالأفكار على صفحات التواصل، ویستدل علیها بحجج عقلیة، أو إحالات مرجعیة، في مقابل انتشار كبیر للشعبویین والمتلاعبین بعقول الناس، لأهداف… أغلبها ذاتیة نرجسیة. فكم من ممتهن للتأثیر الرقمي، لا یملك من الرشد والأخلاق إلا القلیل.
علینا أن نكون واعين… أن بعض محاولات زرع التوعیة قد تتحول لنقیضها، وأستحضر هنا بالأساس، المحتویات المرتبطة بتبسیط العلوم، التي یفترض فیها الإسهام في بناء العقل النقدي، إلا أنها أحیانا ما تنزاح للنقیض، وتعطي انطباع المعرفة عن جهل بتبسیط المفاهیم، بشكل فضفاض وغیر دقیق، ما یجعل التلاعب بالعقل باسم العلم ممكنا، على غرار صفحات الأرض مسطحة مثلا.
إن توصیل المعلومة لیس أهم من تدریس العلوم، بل الأهم، هو تعلیم كیفیة الوصول إلیها، والتأكد منها والبرهنة علیها بنفس القیمة إن لم یكن أكثر…
العقل العلمي یكون دائما في حالة تأهب لمراجعة ما یقدم له، والتدقیق في مضامینه ومفاهیمه، فالشیطان یسكن في التفاصیل. ومحتوى تبسیط العلوم الجید، هو الذي یولد عند المتلقي أسئلة وفضولا كافیین كي یبحث أكثر في ما تلقاه.
إن الطبیعة البشریة مجبولة على المیل لما یؤكد آراءها ویؤیدها بشكل غیر واع أحیانا، والتفكیر مكلف، ويتطلب تدريبا وترويضا للنفس للاعتیاد علیه، ومع ذلك… یبقى لكل منا هفواته، ولحظات ضعفه المنطقي.
ختاما… وفي الوقت الذي أصبحت المعلومة تحاصرنا من كل جانب، وبدأت الجنود الإلكترونية تعوض الجنود المسلحة في الهجوم على الأعداء والمنافسين، یصبح التفكير النقدي ضرورة ملحة، وأولوية مجتمعية… وقد أبانت جائحة كورونا مثلا على خطر غیابه.
“ما تهمني القوة العاقلة فيّ، إذا لم تطلب الحكمة بجوع الأسد”. فریدیریك نیتشه.
دفاعا عن الفكر الثوري النقيض لا صاحبه..
اعتقد أن دافع المصلحة والربح هو الأساس المحرك للعلاقات و للوقائع ولحركة المؤسسات و أفعالها وردود افعالها..ويستحيل تصور علاقات دولية بمنأى عن المصالح والرغبة في الهيمنة وتكسير وحدة الشعوب وقواها الحية..
وإنه لمن الغرابة بمكان ان يستمر البعض في إقناعنا بأن النوايا الحسنة هي الخلفية الوحيدة وراء كل ما يتم تداوله عالميا من قيم وما يتم التسبب فيه من معاناة وحروب وازمات وأمراض وإضطهاد وعنصرية وإرهاب..
أتساءل :
ألم يتآمر تجار الأديان في كل أرجاء المعمور مع رجال الحرب والحكم والمال ضد بعضهم البعض ثم ضد شعوب الأرض وجعلوا من حروب إبادتهم لها وسرقتها وإستعباد نسائها واطفالها ورجالها وشيوخها حروبا مقدسا.. ؟!
الم يتآمر الحكام و الملوك ضد حركات معارضة عبر التاريخ وتم إتهام كل متمرد بالزندقة والكفر والخيانة وتهديد النظام.. ؟!
ألم يتأمر نابليون مثلا على أوروبا واليهود؟!
الم تتآمر أوروبا وطوائف اليهود ضد نابليون..؟!
ألم تتأمر النازية والفاشية والصهيونية وانتصرت لنظرية الصفاء العرقي بهدف بعث الروح في الأمبراطوريات البائدة.. ؟!
ألم تكن الحركة الامبريالية مؤامرة.. ؟!
ومعاهدة ايكس لييان اليست مؤامرة؟!
وصنع البوليزاريو وبتر موريطانيا وفصلها عن الوطن الأم والتنازل عن الصحراء الشرقية أليس مؤامرة.. ؟!
وتهديد الوحدة الترابية اليس مؤامرة؟!
واحتكار ملف الصحراء، واستنزاف مكتسبات المغاربة وثرواتهم وتعطيل مشروعه التقدمي والديمقراطي بمبرر الحرص على الوحدة الترابية مؤامرة.. … ؟!
ومعاهدة كامب دايفد وغيرها من بروتوكولات التطبيع مع الصهيونية اليست مؤامرة.. ؟!..ووعد بلفور وحائط برلين والحرب الباردة وسقوط الإتحاد السوفيتي وسقوط بغداد بسبب اسلحة الدمار الشامل وعالم الاستخبارات اليس ذلك مؤامرة.. ..واليست حملات الامبريالية مؤامرة.. و قيام الحربين العالميتين وتوسيع رقعة الصراع مؤامرة واستمرار خلق ورعاية التطاحنات والحروب وبؤر التوثر في العالم وامتلاك مهندسي الازمات الدولية لحق الفيتو مؤامرة.. ،وتقسيم العالم وتوزيع اطرافه بين الدول والامبراطوريات الاقتصادية العظمى أليس مؤامرة.. ؟
وسياسات البنوك الدولية وتدخلها في رسم السياسات داخل البلدان ذات الانظمة التبعية، وابتلاع الشركات الكبرى للشركات الصغرى وللدول وحروب البترول والذهب والمناجم وحول امتلاك التكنولوجيا والمعلومة ، وتسريح العمال والعاملات والمتاجرة الدولية في الرقيق الأبيض والأطفال والسواعد والعقول ومذخرات الشعوب وتهريب المخدرات والثروات وتبييضها وإنشاء معتقلات وحسابات سرية وشركات وهمية والمتاجرة في الأعضاء البشرية أليس مؤامرة.. ؟!
وأليس إختراع احدث الاسلحة الأكثر فتكا بالإنسان والاكثر تسببا لمآسي الإبادة والدمار، ثم صناعة الديناميت والاسلحة البيولوجية والجرثومية والقنبلة الذرية التي اودت بحياة مئات الألاف مؤامرة، واخضاع موادنا الفلاحية لمتطلبات الربح والأسواق وتسميم موادنا الغدائية الاستهلاكية وإخضاعها لتعديل مختبري لخصائصها البيولوجية الطبيعية.. و اخضاع الشعوب لارادة الرأسمال ومصالحه وقمع كل حركة مناهضة و فرض الانظمة العميلة و التبعية واغراق الدول بالديون…. اليس كل ذلك مؤامرة..؟!
الا تتآمر الآن القوى المتنافسة على بعضها البعض ؟!
الا يتم توظيف القيم والأديان و القوانين والإرهاب و الأزمات وقوانين الطوارئ أساسا لتحجيم الحريات وتركيع الشعوب والانظمة والاستيلاء على ثرواتها… الا تخضع سياسات الدول للابتزاز.. ؟!
وأخيرا وليس آخرا..
اليست السيدة نبيلة منيب على صواب في قراءتها للطبيعة التآمرية للنظام العالمي وأذرعه ؟!
هل الإختلاف معها في قراءة الواقع مبرر لتبخيس افكارها وتقزيم قامتها واهانة شخصها وتسفيه مواقفها والتقليل من الإحترام الواجب لها ولغيرها..؟!
ألا يحق لشخص ممارسة حرية تعبير المكفولة قانونا و ان يمتلك منهجيته الخاصة في تشخيص الوضع الصحي والتعليمي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي.. ؟!
ألا يخجل أشباه “اليساريين” من الاستمرار في حمل أقنعة اليسار مع أنه لم يعد يربطهم باليسار سوى العناوين بمجرد تخليهم عن أدوات التحليل الملموس للواقع الملموس وتخلوا عن منهجيته اليسارية ذات المضمون الاجتماعي التحرري والاشتراكي النقيض لمصالح الرأسمالية والرجعية والامبريالية العالمية ومؤسساتها وأذرعها السياسية والثقافية والاقتصادية..؟!
عبد الحميد محمد أولتوم.. (سوني).
تطلبين من الدكتورة منيب ألا تصدر أحكاما قبل التأكد من صوابيتها، بينما أنت تقعين في نفس المشكل عندما تتهمين أصحاب نظرية المؤامرة بالصوت النشاز!!! فهل قمت بأبحاث وتجارب لتصلي إلى هذه الخلاصة؟؟؟؟
اعتقد ان الحديث عن اصوات نشاز له ما يبرره وما يؤكده.. وهو وليد امرين
اولهما: انه لا يوجد اي بحث علمي يقول ان اللقاح سيخضع سكان العالم للمراقبة..
ثانيهما ان هذا اللقاح اصلا غير متوفر.. فكيف لعاقل ايا كان ان يحكم على لقاح غير متوفر بعد و لا يزال في اطار التطوير؟
النشاز لغة يعني ما دون مستوى غيرها و لو ارتفع صوتها.
و الرسالة توضح بصريح العبارة ان هناك عددا من الاكادميين والمشاهير يساندون ان الارض مسطحة،
فهل هذه الاصوات نشاز ام هي وليدة تفكير نقدي ايضا كما تدعون
الحديث عن اصوات نشاز له ما يبرره وهو وليد امرين:
اولهما انه لا يوجد اي بحث علمي يقول ان اللقاح سيخضع سكان العالم للمراقبة
ثانيهما: ان اللقاح لم ينتج بعد.. فكيف لعاقل ايا كان ان يحكم على لقاح غير متوفر بعد و لا يزال في اطار التطوير؟
النشاز لغة معناه ما دون مستوى غيرها و لو ارتفع صوتها.
و الرسالة توضح جليا ان هناك عددا من الاكادميين والمشاهير يساندون فكرة تسطيح الارض، فهل هذه الاصوات نشاز ام هي وليدة تفكير نقدي ايضا كما تدعون
الاستاذة نبيلة منيب على صواب لأن هناك دكاترة من ذوي الاختصاص اقروا هذا واحذروا الشعوب من هذا اللقاح دكاترة فرنسيين وامريكيين ولا ننسى الدكتورة الصينية الباحثة التي فرضت من الصين وخرجت بتدوينة عن هذا اللقاح
سيدتي حقا ما تقوله منيب و حجاي انا أعيش في أوربا الغربية و الحياة شبه عادية و
اعتقد ان الحديث عن اصوات نشاز له ما يبرره وما يؤكده.. وهو وليد امرين
اولهما: انه لا يوجد اي بحث علمي يقول ان اللقاح سيخضع سكان العالم للمراقبة..
ثانيهما ان هذا اللقاح اصلا غير متوفر.. فكيف لعاقل ايا كان ان يحكم على لقاح غير متوفر بعد و لا يزال في اطار التطوير؟
النشاز لغة يعني ما دون مستوى غيرها و لو ارتفع صوتها.
و الرسالة توضح بصريح العبارة ان هناك عددا من الاكادميين والمشاهير يساندون ان الارض مسطحة،
فهل هذه الاصوات نشاز ام هي وليدة تفكير نقدي ايضا كما تدعون
نبيله منيب ليست السياسيه الوحيده التي تتكلم عن مؤامره وكورونا لاهذاف مليه صرفه. الالاف من دكاتره و علماء و باحتين وسياسيين و من مختلف الدول ومن مختلف التيارات الفكريه والسياسيه قالوا نفس كلام نبيله منيب. لاداعي للتهجم غليها و خصوصا انها هي ايضا استاذه البيولوجيا و لديها من الدكاء ما يجعلها هدفا للنقد المجاني
صحافة اوربية كانت تفصح منظمة الصحة و مستشاري شركات الصيدلة الذين يلعبون بتهويل كبير ، اصبحوا محاصرين ، ولا تتركهم الدولة والتلفزيون الرسمي لقول ما وجوده من بحوث مزورة، كورونا كفيروس مرجوجة مند 2002, وفي 2012, والان نجحت الخطة الا محمد مول الحانوت و الذي يشتغل في الاسواق الممتازة “la caisse , لم يمت، دليل ان المصاب بالفيروس يموت 0,5%, الفيروس ليس مميت كما يزعمون