من مصر، محمد حميدة يكتب: طارق لطفي… الحصان الأسود القادم من الوسية والشرير الذي أحبه الجمهور
في مسلسل “جزيرة غمام”، يقدم طارق لطفي دور الغجري الشرير الذي أحبه الجمهور، ليؤكد بصمته في منطقة جديدة عن مساره الفني وهي محطة فارقة بكل تأكيد.
بهدوء كبير وانسيابية مدهشة، استطاع طارق لطفي أن يحجز مساحته الخاصة على خريطة الدراما المصرية هذا العام في مسلسل “جزيرة غمام“.
إلى جانب الدهشة التي يقدمها لطفي، فإن المسلسل، حسب الكثير من المتتبعين، يمثل حالة خاصة في خريطة الدراما، كأحد أفضل المسلسلات.
طارق لطفي القادم من الوسية عام 1990، والذي شارك حينها بعشرة مشاهد مع المخرج الكبير إسماعيل عبد الحافظ الذي أعجب به وقرر ضمه لفريق مسلسل “ليالي الحلمية“، يؤكد اليوم أنه تربع على عرش النجومية.
المتابع لمسيرة طارق لطفي الفنية يجد أنه لعب أكثر من شخصية خلال مسيرته، ولم يقيد نفسه في نمط محدد كما يحدث مع العديد من الفنانين. يلاحظ ذلك في مسلسل “ليالي الحلمية”، وكذلك مسلسل “العائلة”، و”شارع المواردي” و”جبل الحلال”.
يبدو أن طارق لطفي كان يعرف إلى أين تقوده خطواته أو أنه كان يعرف كيف يصعد السلم بتأنٍّ، حتى وصل لمنتصف السلم في عام 2015 مع “بعد البداية”، و”شهادة ميلاد” سنة 2016، رغم أن شهادة ميلاده كانت في الوسية، و”بين عالمين” عام 2017، وصولا لـ “القاهرة كابول” سنة 2021، والذي أمسك فيه بزمام الشخصية بدرجة عبقرية دون صراخ، والذي استطاع خلالها أن يقول بكل ثقة أن خبرة السنوات الماضية وصلت به للقمة، ليصبح الحصان الأسود لأي عمل يقدم على شاشة التلفزيون.
في مسلسل “جزيرة غمام”، يقدم طارق لطفي دور الغجري الشرير الذي أحبه الجمهور، حيث يجسد شخصية “خلدون” الذي يمكنه فعل أي شيء من أجل المال، ويقف على النقيض من شخصية الشيخ عرفات الصوفي الذي يجسدها الفنان أحمد أمين، ليؤكد أيضا بصمته في منطقة جديدة عن مساره الفني وهي محطة فارقة بكل تأكيد.
عبقرية طارق لطفي في تقديم شخصية الغجري جعلته تحت الإضاءة طوال الوقت في مساحة خاصة على الجزيرة، وتمكن من مراوغة المشاهد الذي لم يكره هذا الشرير وأصبح ينتظر تحركات “خلدون” في أحداث المسلسل ليستمتع بأداء الشرير العبقري.
في المسلسل، تحتاج كل شخصية للكتابة بشكل منفرد، فليس من الإنصاف الجمع بينهم في مقال واحد، في حين أن طارق لطفي أيضا لا يحتاج لمقال واحد، فعند الكتابة عن شخصية “خلدون”، يحتاج الأمر للعودة مرة أخرى للكتابة عن “الشيخ رمزي” في “القاهرة كابول” الذي كان ملحمة درامية استطاع فيها طارق لطفي أن يجلس في الصفوف الأمامية بمجهوده واستحقاقه. وربما كانت الملاحظة أيضا أن طارق لطفي لم يكرهه الجمهور في “القاهرة كابول” رغم ما تتركه مثل هذه الشخصيات في أذهان الجماهير، التي تتأثر بدرجة كبيرة وقد تكره الشخصية.
في “جزيرة غمام” حالة خاصة مزج فيها الكاتب عبد الرحيم كمال بين الصوفي والغجري على ساحل البحر الأحمر، ليمزج مرة أخرى بين البيئة الساحلية والصعيدية بسلالة مدهشة يحيي من خلالها التراث الذي يحظى بمشاهدة عالية ويعيش لسنوات، كما الكثير من الأعمال التي قدمت على شاشة التلفزيون المصري.