على هامش حكم قضائي يبرّئ متهما بالتّحرش… نسائيات يسائلن “طبقية” العدالة و”ذكوريتها” في المغرب! - Marayana - مرايانا
×
×

على هامش حكم قضائي يبرّئ متهما بالتّحرش… نسائيات يسائلن “طبقية” العدالة و”ذكوريتها” في المغرب!

أصول هذا الملفّ تعودُ إلى سنة 2017، حيثُ وجهت لنائب رئيس الغرفة الجهوية للتجارة والصّناعة والخدمات، ع.ع، تهمة الاستغلال الجنسي وإرغام العاملات في شركته على ممارسة الجنس “تحت طائلة التّهديد والابتزاز واستغلال العوز والحاجة”.

في منطوق حكم اعتبرته بعض الحقوقيات والنّسويات “غريباً”، أصدرت غُرفة الجِنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بآسفي، يوم الخميس 18 مارس 2021، قرارها بتبرئة رجل الأعمال، ع.ع، المنتمي إلى حزب “الاتحاد الدستوري”، من تهمة “الاتجار في البشر” والتحرش الجنسي.

أصول هذا الملفّ تعودُ إلى سنة 2017، حيثُ وجهت لنائب رئيس الغرفة الجهوية للتجارة والصّناعة والخدمات، ع.ع، تهمة الاستغلال الجنسي وإرغام العاملات في شركته على ممارسة الجنس “تحت طائلة التّهديد والابتزاز واستغلال العوز والحاجة”.

بلغَ عدد المشتكيات وقتئذٍ إحدى عشرةَ امرأة.

بعد الضّجة التي أثارها الملف في صفوف حفنة من المنظّمات الحُقوقية، وبعد أن أصبحت قضية رأى عام، تمّ فتح التّحقيق في القضية بعد عامين، أي في 2019. كان المتهم، وهو عضو مجلس جهة مراكش آسفي، متابعا في حالة سراح.

ثُمّ، بتعليمات من وكيل الملك، استدعت شرطة الضّابطة القضائية بعض النسوة، اللاتي كنّ يعملن سابقاً في شركة النظافة المعنية، كشاهدات وكضحايا “للتحرّش الجنسي من  طرف مدير الشركة”، في إطار تحقيق “موسّع”، حول القضية.

قضت بعد ذلك المحكمة الإبتدائية بآسفي ببراءة المتهم من التهم المنسوبة إليه، ليتمّ استئناف القضية.

في حديثها مع مرايانا، اعتبرت ابتسام لشكر، الناشطة النسوية وإحدى مؤسسي حركة مالي للدفاع عن الحريات الفردية، أنّ هذا الحكم هو بمثابة إفلات صارخ من العقاب، لأن “نظام العدالة ذكوري ولا يهتمّ للمأساة التي خلفتها أفعال المتهم على نفسيات المشتكيات. أصبحت العدالة، دون أن تدري، طرفاً مشاركاً في هذا الاستغلال وفاعلاً في إهانة الضّحايا والدوس على كرامتهنّ”.

المجتمع، أيضاً، في نظر لشكر، متّهم لأنّه روّج لمغالطات بخصوص ملفات العنف والاغتصاب، من قبيل أنّ المشتكيات ينشرن الكذب بحثاً عن النّقود، أو الرّشوة مقابل الصّمت، أو أن المشتكيات يردن، فقط، تشويه صورة المغتصب أو المعتدي لغايةٍ في نفس يعقوب”.

كما ترتبطُ هذه القضيّة جدلياً، وفق لشكر، “بطبقية العدالة وذكوريتها، التي تنتصرُ لرجل أعمال ثري وصاحب نفوذ، على حساب المشتكيات، اللائي ينحدرن من طبقات اجتماعية مختلفة، وهشة في الغالب الأعمّ.”

تختم لشكر، مؤكّدة عزم حركة “مالي” الاستمرار في دعم الضّحايا في هذا الملف، وعدم التراجع في إدانة “العدالة الأبوية”، التي تختزل النساء في سلع متاحة للرجال؛ وكذلك الجمعيات التي تتعامل بمنطق “الانتقائية” في ملفات التحرش والاغتصاب والعنف بشتى أشكَاله ضدّ النّساء!

يبدو أنّ جميع “الضّحايا” نساءٌ يعشنَ الهشاشة والفقر، منهن الأرامل والعازبات، وحتى… المتزوجات، ممن يكابدن من أجل لقمة العيش الكريم، حسب ما أفادت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب في بلاغ لها.

لذلك، خلّف هذا الحُكم “صدمةً قوية في نفوس الضّحايا واستغراباً لدى الرأي العام محلياً ووطنياً”، يضيف البلاغ.

وكانت ذات الجمعية قد تبنّت ملف الكثيرات من “الضحايا” المشتكيات، واستمعت لشكواهم، عازمةً على نشر تصريحاتهن عبر شرائط فيديو لهنّ يوضحن فيها تعرّضهن “للتعنيف والتحرش الجنسي مقابل الاستمرار في العمل.”

بعودة مرايانا إلى شريط فيديو منشور على قناة الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، على اليوتوب، بتاريخ 18 مارس 2018، فإن “الضحايا”، يُبرزن تعرّضهن للتّحرش الجنسي من طَرف المتّهم وبعض التّابعين له إدارياً، على اعتبار أنّه “لا تشغيل في الشّركة بدون مقابل جنسي”، حسب تصريح إحداهنّ.

أخطر من هذا، تقول إنّه “ابتزّها وأهان كرامتها وزَوجها بعبارة “ترّيكة الفقر”، وأنه رمى ورقة نقديةً قدرها مائتي درهم فوق الطاولة. وذلك بغية الحطّ من شأنها”.

أشارت كذلك إلى أن “معظم العاملات لديه يخضعن لرغباته في أي مكان في الشركة، وفي أي وقت أراد. فمثلاً، في غضون مزاولتهنّ للعمل بإمكانه إيقافهنّ لتلبية نزواته، ثمّ يعدن للعمل.”

مع ذلك، يبقين غير قادراتٍ على فضحه خوفاً من فقدان عملهن أو تشويه سمعتهن”. لهذا، رأى البعض أن الملف له من الخطورة ما يجعله يرتقي لأن يكون “اتجاراً بالبشر”.

في تصريح لضحية أخرى، تفضي الأخيرة أنَّ “مدير الشركة كان يطلب منها الالتحاق به في مكتبه قصد ممارسة الجنس معها.” كما أفادت أن “الكل، ربما، يعرف بشأن شركة النظافة المملوكة للمدير ع.ع، وأصبح معروفاً أنه يستغل النساء العاملات عنده جنسياً.”

الواضح أنّ تصريحات الضّحايا “صادمة” “ومقزّزة”. لكن، أمام صمت المتهم في القضية وانعدام معطيات مهمة حول الأمور التي استند عليها القضاء في إصدار حكم براءة المتهم… فسيبقى هذا الملف، وغيره من الملفّات المعروضة على القضاء، في قضايا الاغتصاب، ملفوفاً بالغموض؛ سيما عندما قد يتعلّق الأمرُ بجهات نافذة في الدّولة.

… أجل. لقد ناشد حقوقيون المجلس الأعلى للسّلطة القضائية قصد التدخل العاجل للنّظر في منطُوق الحكم وإنصاف الضحايا… ولكن، في انتظار ذلك، يجوز التمني أن تكون “العدالة” أخذت مجراها في هذا الملف، وإن لا فالاستدراك ممكنٌ، لكي تحسّ النساء بأن العدالة في خدمتهنّ… لا طَرفاً مباشراً “للنّيل” من كرامتهنّ و”التواطؤ” ضد حقُوقهن، كما يرى حقوقيون في هذه القضية!

مواضيع قد تهمّك:

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *