أحمد مستاد يكتب: لحظة “كورونية” تاريخية - Marayana - مرايانا
×
×

أحمد مستاد يكتب: لحظة “كورونية” تاريخيةلا يتوق العالم لتمرد أو تغيير أو ثورة...يريد العودة فقط لحياته الملول ببساطتها وهمومها.

ما إن ينفلت الإنسان من عقال هذه الفجيعة حتى يتمرد ويتجبر. هذا هو الهاجس الأكبر.
إن ذاكرة الإنسان ضعيفة… ولا يجب أن يذهب بنا الحماس لتخيل عالم من الملائكة بعد الوباء.

أحمد مستاد: طالب بالمعهد العالي للإعلام والاتصال.

ماذا يساوي الإنسان دون حروب وأوبئة ومجاعات؟

إنسان لم يمر من سحابة هده الفواجع، لا يمكنه أن يعي شرطه الإنسان، لا يمكنه أن ينقح تصوراته وقناعاته بقليل من الارتياب والتشكيك.

لم يكذب الإعلامي حفيظ دراجي عندما قال: “إذا ذهب “ﻛﻮﺭﻭﻧﺎ” ولم يحرك ضمائرنا، فتأكدوا أننا نحن الوباء على هذه الأرض”.

بسبب تفشي وباء كورونا(كوفيد19)، لا يتوق العالم لتمرد أو تغيير أو ثورة؛ يريد العودة فقط لحياته الملول ببساطتها وهمومها، يريد أن يتسكع ليلا بحرية ككلب ضال ومهموم. يريد الحق في الحياة كما هي وكما أرادها الله أن تكون.

العالم الموبوء… تصالح مع الأدب وعاد لقراءة ما كُتب عن الأوبئة. روايتي ”الطاعون” لألبير كامو و”العمى” لـ “جوزيه ساراماجو”، تصدرتا العناوين المقروءة.

قرأت بشجن كبير قبل أشهر… ”الطاعون”.  الرواية تستعرض فضل هذه الأوبئة على الإنسان. لقد نجحت هذه الظرفية في تجويف نفس الإنسان من الرذائل وإظهار فضائله.  بزغ الإيثار في نفوس أبطال الرواية في مواجهة عدو خفي. هذا ما ذهب إليه أيضا، طرح كاتب الرأي في نيويورك تايمز “ريتشارد فريدمان”.

ماذا بعد جلاء الفيروس؟

لن تصدق ربما نبوءة إنسان مابعد الخير والشر والمواطن العالمي. هل لنا أن نحلم بإنسان مابعد كورونا؟ إنسان…أكثر حرصا على البيئة وأقل فردانية و أكثر وعيا بالمصير المشترك للبشرية؟

ما إن ينفلت الإنسان من عقال هذه الفجيعة حتى يتمرد ويتجبر. هذا هو الهاجس الأكبر. إن ذاكرة الإنسان ضعيفة ولا يجب أن يذهب بنا الحماس لتخيل عالم من الملائكة بعد الوباء.

إنه لتصور رومانسي، الاعتقاد أن كل إنسان… يرى في الأوبئة مأزقا وجوديا وتجربة حياتية عميقة. من الطبيعي أن يقتصر اهتمام العوام -وأنا منهم- على الانعكاسات السوسيواقتصادية لهذا الشبح…

لذلك… على المثقفين أن يُنزلوا شعار ”الثقافة هي تفاعل الفكر مع الحياة”، ليرشدوا العالم لمآلات هذه الظرفية التاريخية.

لا نحتاج للمثقف العضوي. نحتاج لمثقف الأزمة الآن.

ما يحدث الآن مع كورونا، هو شبيه بالمكوث تحت أشعة شمس حارقة لساعات طويلة في انتظار الليل بشوق كبير. الفرج والليل… سيأتيان.

عسى أن تكون هذه الشمس الإجبارية، ساعدتنا على تغيير جلدنا. هناك عالم قبل كورونا وعالم بعدها. على الجميع أن يتقبل هذا…وأن يتأمله مليا.

تعليقات

  1. Hind

    انت على حق ، علينا التأمل مليا فقد جرفتنا هذه الدنيا وزخرفها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *