أسماء بن العربي: مشكلتك… فرصتك لتخلق البوز - Marayana - مرايانا
×
×

أسماء بن العربي: مشكلتك… فرصتك لتخلق البوز

أصبحنا نعيش أزمة اخلاق وأزمة قيم، واختلطت المفاهيم، وأصبح يصعب على البعض التفريق بين ما يجب أن يشارك وما يجب أن يبقى بين جدران البيوت، وانتقلنا من مقولة “للبيوت أسرار” إلى “البيوت بلاتوهات تصوير”.

انتشر مؤخرا فيديو لسيدة تقوم بتصوير ابنها في بيته وبدون علمه، وتهدده بنشر أخباره في المسجد وفي كل المدينة لأنه عاق.

ثم بعدها، أطلت علينا زوجة مغني من خلال إحدى القنوات الإلكترونية لتتحدث عن خيانة زوجها وطلاقها ومشاكلها مع عشقية الزوج.

وقبلهم، عائلة فنية قالوا في بعضهم، عبر عدة منابر، ما لم يقل مالك في الخمر.

وقبلهم، وأكيد بعدهم أيضا، العديد من الناس سواء كانوا مشاهير أو عاديين، أصبحوا يلجؤون إلى ثقافة التشهير والضرب في الأعراض والبحث عن حلول لمشاكل خاصة في العلن، متناسين أنها مشاكل عائلية قد تحل وينتهي الأمر وينسى الأطراف سبب النزاع… لكن فيديوهات الفضيحة لن تندثر وقد لا تؤثر فقط على هؤلاء الأشخاص، بل قد تتجاوزهم لتضر بالأبناء والآباء…

عندما نقع في مشكل أو نحتاج استشارة، يبقى الطريق السليم أن نلجأ إلى أعقل أصدقائنا أو أقاربنا حتى لا يفشى السر ويحل المشكل في هدوء… لا أن نفتح كاميرا ونجعل من حياتنا مادة دسمة تتناقلها الصحف الإلكترونية.

بإمكان الابن أن يستيقظ في اليوم الموالي ويقبل رأس وقدم أمه وتدعو له وتنسى أنه أساء لها يوما. لكن، من سيوقف نشر فيديو الابن الذي يجمع العديد من الناس على أنه كتب عند الله “عاقا”؟

اقرأ أيضا: استخدام المغاربة للشبكات الاجتماعية… حينما يصبح الافتراضي واقعا!

ما ذنب أطفال المغني الذين سيجدون أنفسهم مضطرين لمواجهة زملاء أو معارف أو مجتمع بأكمله يعرف عنهم تفاصيل ما يجري داخل غرفة والديهم؟

ماذا استفادت هذه الأم من نشر فيديو من عقر بيت ابنها؟ هل بهذه الطريقة ستحثه على برها؟

ماذا استفادت الزوجة التي نشرت تفاصيل حياتها الزوجية؟ هل بهذه الطريقة المهينة والمسيئة لها قبل باقي الأطراف، تعتبر أنها انتقمت لكبريائها أو أعادت كرامتها؟

كيف لها أن تقف في الفصل أمام تلاميذها وهم على علم بتفاصيل لا يفترض أن تتجاوز غرفة نومها؟ أي قيم ستزرع فيهم؟

اقرأ أيضا: الويب المغربي… هل أصبح مستنقعا للمحتوى غير الهادف؟

إلى زمن غير بعيد، كانت العائلات تحرص على احتواء مشاكلها وصراعاتها، ولم نكن نسمع سوى أن الطلاق تم “لأن الرزق حرم”، “لأن العشرة لم تعد ممكنة” أو ببساطة لأنه “المكتاب”…

الأم التي تعاني من عقوق ابنها، كانت تسعى لتحسين صورته أمام العائلة والناس حتى يخيل لك أن الله لم يهد سواه، وغيرها من المواقف التي كانت تبين حرص العائلات على الخصوصية الواجبة.

ماذا استفادت الزوجة التي نشرت تفاصيل حياتها الزوجية؟ هل بهذه الطريقة المهينة والمسيئة لها قبل باقي الاطراف، تعتبر أنها انتقمت لكبريائها أو أعادت كرامتها؟

كانت العائلات تحرص على إخفاء أي صراع أو مشاحنة أمام الغرباء، وكانت إذا احتاجت تدخل شخص، تحرص على أن يكون شخصا حكيما وموثوقا به.

اقرأ أيضا: هل يرقى التداول العام في المغرب اليوم إلى ما يسمى بـ”النقاش العمومي”؟

عندما نقع في مشكل أو نحتاج استشارة، يبقى الطريق السليم أن نلجأ إلى أعقل أصدقائنا أو أقاربنا حتى لا يفشى السر ويحل المشكل في هدوء… لا أن نفتح كاميرا ونجعل من حياتنا مادة دسمة تتناقلها الصحف الإلكترونية.

الآن، مع انتشار مواقع التواصل ومواقع شاهد قبل الحذف، تحولت الحياة الخاصة للعديد من الناس الى فرجة للعموم، بداية من صاحبات روتيني اليومي على اليوتيوب اللواتي يفتحن بيوتهن وتفاصيل حياتهن طوعا وكذا طمعا في بعض المال، ولا يجدن حرجا في تصوير أكثر لحظاتهن حميمية، أو عرض مشاكلهم الخاصة أمام الملأ، مرورا بمن اختاروا اللجوء للأنترنيت بدل القضاء في حالات المشاكل والنزاع.

أصبحنا نعيش أزمة اخلاق وأزمة قيم، واختلطت المفاهيم، وأصبح يصعب على البعض التفريق بين ما يجب أن يشارك وما يجب أن يبقى بين جدران البيوت، وانتقلنا من مقولة “للبيوت أسرار” إلى “البيوت بلاتوهات تصوير”.

اقرأ لنفس الكاتبة: مناضلو الوسم

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *