محمد علي العموري يكتب: ساعة من الفرجة الماجنة
زرت مؤخرا مدينة مراكش الحمراء لحضور حفل زفاف عائلي، ثم ودعت العائلة التي كنت ضيفا عليها، وحجزت غرفة بإحدى الفنادق غير المصنفة بالقرب من ساحة جامع الفنا لأرتاح يوما إضافيا …
زرت مؤخرا مدينة مراكش الحمراء لحضور حفل زفاف عائلي، ثم ودعت العائلة التي كنت ضيفا عليها، وحجزت غرفة بإحدى الفنادق غير المصنفة بالقرب من ساحة جامع الفنا لأرتاح يوما إضافيا قبل عودتي إلى البيت.
في المساء، قصدت جامع الفنا في جولة تفقدية تروم استكشاف الجديد في تلك الساحة التي فقدت بريقها الفرجوي باكتساح باعة الأكل لما يفوق نصف مساحتها، وأصبحت ” الحلقة ” مجرد نسخة باهتة لما كانت تقدمه في الزمن الماضي من فرجة تجمع بين التسلية والتثقيف… وصارت مجرد عروض غير مغرية. لهذا، غالبا ما كنت أعرض عن التجول فيها مخافة هيمنة الإحساس بلا جدوى الحضور إليها أصلا.
لكن تلك الليلة… بينما كنت أتجول؛ بعد تناولي لوجبة العشاء؛ استوقفتني “حلقة ” يتحلق حولها شباب يافع أغلبه ما بين سن السادسة عشر والسادسة والعشرين…
كانت الحلقة تبث مضامين رسائل تفيد أن الجنس هو محور أحاديث الناس، لكنه يبقى حبيس تمثلات شعبية يتداخل فيها المعتاد والمكبوت والمقموع، وتحرير الحديث في الجنسانية ولو على سبيل البسط وإضحاك عامة الناس يغري بالمزيد من التعاطي الفج مع الجنس كضرورة وكشر لا بد منه.
كانت الحلقة مثيرة لفئة الشباب الذي لزم التواجد طويلا بها، لما يقدمه العارضان من تنكيت يخلط بين الفكاهة والخلاعة.
الجذاب في كل ذلك محاولة إضحاك الحضور بواسطة استعمال القاموس الملوث بمصطلحات فيها الكثير من الميوعة والخلاعة والأحكام المسبقة في حق حتى بعض المتفرجين الذين يهانون بشكل فيه لمز وقدح في شخصهم وفي رجولتهم وفي مدى قدرتهم على ممارسة الجنس…الخ
إقرأ أيضا: وجهة نظر: المثلية الجنسية كموضوع للتفكير. 1- مرض أم جريمة؟
طبعا تبقى تلك فرجة من بين فرجات أخرى، ومن يقصدها تحديدا يبغي سماع ذلك لأنه يعجبه ويتلذذ به، لكني حاولت تأمل الوضع لفهم ما يستهوي شبابنا المغربي، فخلصت من خلال قضائي ساعة كاملة أراقب عن كثب مجريات التفاعل بين العارضين والمتفرجين، أن الشباب المغربي يعيش ضياعا كبيرا فرضته عوامل شتى، انسداد الأفق ، وضعف – إن لم نستعمل كلمة انعدام – الثقافة الجنسية لديه، وخلو برنامج يومه من كل نشاط مواز مبرمج لملء الفراغ بما يفيد ويملأ الشخصية الفردية بالمعرفة والمعلومات، التي تصنع منه كائنا ذا شخصية مستقلة وناقدة لواقع الحال دون الاستسلام له.
ما يهمني طبعا في هذا المقام… ليس طبيعة الفرجة التي ربما ملأت شغف الشباب لسماع ما يحرك نصفه الثاني ويبث فيه دماء التهييج نحو البحث عمن يمارس معه الجنس، بل فحوى الخطاب الفرجوي المنبعث من عنديات العارض (الحكواتي) الذي لا يتورع عن إقحام الكلمات النابية والساقطة لجلب أكبر عدد من المتفرجين، ولا يهمه بالتالي سوى جمع الدراهم والحصول على المال.
تأملات وتساؤلات تطرحها حلقة ماجنة مضحكة، تصنع الفرجة بدمج الجنسانية والمثلية الجنسية في قالب فرجوي، يتوجه خصيصا لشباب يبحث دوما عن الممارسة الجنسية، حتى لو على هامش الحلقة هناك، حيث يكثر التحرش بجنس الذكور من طرف نفس الجنس
لكن بالمقابل، كانت الحلقة تبث؛ بواسطة أسلوب التهكم والسخرية؛ مضامين رسائل تفيد أن الجنس هو محور أحاديث الناس، لكنه يبقى حبيس تمثلات شعبية يتداخل فيها المعتاد والمكبوت والمقموع، وتحرير الحديث في الجنسانية ولو على سبيل البسط وإضحاك عامة الناس، يغري بالمزيد من التعاطي “الفج” مع الجنس كضرورة.
…إقحام المثلية في كل مرة يتواصل فيها العارض مع المتفرج، يدل على رسوخ هذا التوجه الجنسي في مخيال الجماعة على أنه معيب، وأن أصحابه وزمرته ليسوا سوى أشخاص دونيين..
إقرأ أيضا: العكاكزة: قصة طائفة مغربية جعلت من الجنس الجماعي وزواج الكبيرة بالصغير طقوسا تعبدية 1\3
فضحك المتفرجين أثناء استهداف أحدهم في رجولته والتشكيك فيها، يدل على أن المثلية تمارس من طرف شباب المجتمع لكن في الخفاء، بالمقابل يتم الهجوم عليها من طرف نفس الأشخاص حين يتعلق الأمر بها كموضوع للحديث الجماعي، وهذا ما يفسره تفشي ظاهرة النفاق الاجتماعي.
كل هذه التأملات والتساؤلات أوحى لي بها، حضوري لمدة طويلة بحلقة ماجنة مضحكة، تصنع الفرجة بلغة فيها الاحتراف في دمج الجنسانية والمثلية الجنسية في قالب فرجوي، يتوجه خصيصا لشباب يبحث دوما عن الممارسة الجنسية، حتى لو على هامش الحلقة هناك، حيث يكثر التحرش بجنس الذكور من طرف نفس الجنس، ولا يتوانى الحكواتي عن فضح بعض ما يحدث بحلقته من محاولات كتومة من التحرش يراها الفكاهي ولا يراها المتفرج لشدة التركيز فيما يتلفظ به العارض من مصطلحات تنتمي إلى المعجم الإباحي.