الحرب… لعنة البشرية؟ 3/2 - Marayana - مرايانا
×
×

الحرب… لعنة البشرية؟ 3/2دوافع الحرب

رأينا في الجزء الأول أن الحرب بين الدول في انخفاض، على عكس العنف داخل الدول، وأنه من منظور تاريخي، تواتر الحرب في انخفاض طوال العصر الحديث… لكن، أي مراحل مر منها …

رأينا في الجزء الأول أن الحرب بين الدول في انخفاض، على عكس العنف داخل الدول، وأنه من منظور تاريخي، تواتر الحرب في انخفاض طوال العصر الحديث… لكن، أي مراحل مر منها التفكير بخصوص الحرب، حتى سجل العالم هذه النتيجة؟ ذاك ما نجيب عليه في هذا الجزء الثاني، دائما بالاعتماد على دراسة العالم الأمريكي، ريتشارد نيد ليبو، “لماذا تتحارب الأمم؟”.

من منظور تاريخي، مرت دوافع الحرب، وفق ليبو، عبر ثلاث تحولات مهمة في التفكير.

يتصل الأول منها بالثروة وانعكاساتها على علاقة الدول. إلى غاية بروز علم الاقتصاد الحديث، كان العالم يعتقد أن ثرواته متناهية، مما جعل العلاقات بين الدول تنبني على قاعدة مفادها أن زيادة ثروة دولة ما، لا بد أن تأتي على حساب دول أخرى.

غير أنه، ما إن أخذت النخب السياسية تتعلم أن ثمة إمكانية لزيادة الثروة الإجمالية عن طريق تقسيم العمل، واستخدام مصادر الطاقة الميكانيكية واقتصاديات الإنتاج الواسع النطاق، بات التعاون الاقتصادي الدولي عمليا؛ ينظر إليه كوسيلة أخرى لتوليد الثروة.

اقرأ أيضا: المجتمعات الإنسانية: من العيد إلى الحرب… من الفرح إلى الدمار! 2/2

صحيح أن التجارة والاستثمار والاعتماد الاقتصادي المتبادل، لم يضعا حدا نهائيا للحروب كما أمل الليبراليون خلال القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20، لكنهما على نحو ما، وضعا حدا للحروب التي تندلع بهدف تحقيق مطامح مادية.

يلاحظ أن الدول تسعى أكثر فأكثر نحو كسب مكانة في النظام الدولي بشتى الوسائل، بل وإنها تخصص موارد كبيرة لتحقيق هذه الغاية عوض تخصيصها لأغراض الأمن، ويظهر أن هذا السلوك في الغالب يؤتي أكله.

بالنسبة للتحول الثاني؛ فقد بدأ في القرن الـ19 وتسارعت وتيرته مع بزوغ القرن الـ20. الحديث هنا عن السعي الجمعي إلى تحقيق الأمن مقابل السعي الذاتي. مؤكد أن التحالفات منذ البدء، كانت جزءا من السياسة الخارجية للدول، بيد أنها اتخذت معنى جديدا بعد مؤتمر فيينا (1814).

يسجل ليبو أن هذه التجمعات فشلت أول الأمر، كما هو الشأن بالنسبة لعصبة الأمم، لكنها لاحقا أسهمت في حفظ السلام في عصر ما بعد الحرب الباردة. الأمن المشترك، إذن، أصبح مصدرا مهما للاستقرار الإقليمي والدولي.

اقرأ أيضا: “الإبادة الثقافية: الفظاعة الناعمة للبشرية! 2/1”

أما ثالث التحولات، وأحدثها، فيتعلق بمكانة الدولة في الشؤون الدولية. القوى العظمى سعت دائما، منذ ظهور النظام الدولي الحديث، إلى السيطرة على المكانة والوسائل التي تعرفها، وتحديد الجهات المسموح لها بالتنافس عليها.

لا شك في أن القوة العسكرية والنجاح في استخدامها، وسيلة أساسية للدول لكسب المكانة والاعتراف بها قوة عظمى. بجانب وسائل أخرى تحقق ذلك: كلما أصبحت الأنظمة الإقليمية والدولية أكثر قوة، ظهر عدد أكبر من التراتبيات الهرمية على المستوى الدولي.

ويلاحظ أن الدول تشعر بمزيد من الثقة في ما يخص السعي نحو المكانة بشتى الوسائل، بل وتخصص موارد كبيرة لتحقيق هذه الغاية عوض تخصيصها لأغراض الأمن، ويظهر أن هذا السلوك في الغالب يؤتي أكله، يرجح ليبو.

اقرأ أيضا: “هذه حكايات 9 من أشهر الاغتيالات السياسية في صدر الإسلام… 3/1”

صحيح أن العالم ابتلي بالحروب كأنها لعنة، لكن بعد هذا التاريخ “المأساوي” الضارب في القدم، وبعد ما تقدم من أن تواتر الحروب انخفض في العصر الحديث، جاز لنا أن نتساءل إذا كان قد تعلم الدرس من حروبه، وذاك ما سنحاول الإجابة عنه في الجزء الثالث والأخير من هذا الملف.

لقراءة الجزء الأول: الحرب… لعنة البشرية؟ 3/1

لقراءة الجزء الثالث: هل تعلّم العَالمُ الدّرسَ من حروبه؟ 3/3

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *