على هامش قضية رهف: هل سقط قناع حقوق المرأة في السعودية؟ - Marayana - مرايانا
×
×

على هامش قضية رهف: هل سقط قناع حقوق المرأة في السعودية؟بعد اغتيال خاشقجي... مزاعم بـ"تعذيب شديد" تتعرض له الناشطات الحقوقيات المعتقلات في السجون السعودية

بعد أحد أغرب أوجه التمييز الجندري في العالم، فتحت السعودية الباب أمام النساء لقيادة السيارات في الـ24 من يونيو/حزيران 2018، ملوحة بعهد جديد يقوده ولي العهد محمد بن سلمان. بعد …

كريم الهاني
كريم الهاني

بعد أحد أغرب أوجه التمييز الجندري في العالم، فتحت السعودية الباب أمام النساء لقيادة السيارات في الـ24 من يونيو/حزيران 2018، ملوحة بعهد جديد يقوده ولي العهد محمد بن سلمان.

بعد ذلك جاءت مبادرات عدة… باتت بالسعودية صالات عرض للسينما، صارت تقام هناك حفلات غنائية، ومباريات مصارعة حرة حتى! تستطيع، اليوم، المرأة في السعودية حضور مباريات كرة القدم، كما رأينا أيضا امرأة تقدم نشرة أخبار على التلفزيون السعودي لأول مرة في التاريخ

كل شيء بدا جميلا لوهلة!

ثم ما لبثت أنظار العالم أن توجهت -أكثر من أي وقت مضى- إلى النظام السعودي بعد واقعة الاغتيال المأساوي للصحافي جمال خاشقجي. لكن بداية قصة النظام مع المعارضين أقدم من ذلك بكثير.

على نحو عام، ثمة ضربان من المعارضة في السعودية؛ بعضها متعلق بالسياسة؛ تحديدا بشؤون الحكم، وبعضها الآخر بحقوق الإنسان عامة وحقوق المرأة بشكل خاص.

اقرأ أيضا: رهف… هذه قصة فتاة سعودية تركت الإسلام فـ”أذاقها الأقارب الجحيم”

الحقيقة أن الحياة في السعودية بالنسبة للمرأة، تشبه العيش في سجن؛ فمع أن النظام السعودي بات يشهر ورقة المساواة بين الجنسين لتلميع صورته، إلا أنه ما زال يصر على نظام الولاية.

استعارة السجن لوصف حياة المرأة في السعودية، يبدو دقيقا إذا ما علمنا أن نظام الولاية هذا، يجعل عنق المرأة السعودية في يد الرجل… بعبارة أوضح، هي بحاجة في أمور عدة إلى إذن وصي ذكر، كان أبا أو أخا أو زوجا… وحتى ابنا.

أن تستصدر جواز سفر، مثلا، أن تسافر إلى الخارج، أن تدرس بمنحة حكومية، أن تتزوج… أن تخرج من السجن حتى، هي بحاجة إلى إذن!

اعتقلت السلطات السعودية ناشطات عدة، متهمة إياهن بـ”الاشتباه في التنسيق مع جهات خارجية وتقديم دعم مالي لعناصر معادية في الخارج”، والحقيقة أنهن وفق صحف محلية قدن سياراتهن قبل الموعد الذي حدده الأمر الملكي ليس إلا.

نعم، هذا واقع. وبالمناسبة، كانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد نشرت تقريرا عام 2008، بعنوان “قاصرات إلى الأبد”، خلص إلى أن للسعودية واحد من أسوأ السجلات الخاصة بحقوق المرأة.

أمام هذا الوضع، ثمة من يفضل القبول، ثمة من يفضل الصمت… وثمة من اختار المواجهة والنضال، شأن مجموعة من النساء اللائي صدحن بآرائهن منذ زمن طويل، من أجل انتزاع حقوق للمرأة السعودية.

هن ناشطات بارزات في الدفاع عن حقوق المرأة السعودية، وهن عديدات، أشهرهن: لجين الهذلول، منال الشريف، إيمان النفجان، مديحة العجروش، ولاء آل شبر، عزيزة اليوسف، سمر بدوي، حصة آل شيخ، عائشة المانع…

اقرأ أيضا: سارة أحمد فؤاد تكتب: إنهن يقدن أخيراً… لكن، ماذا عن لجين، إيمان وعزيزة؟

حين قررت السعودية منح الحق للنساء بقيادة السيارات، بدا ذلك كإحسان أو منة… والحقيقة أن قصاصات الأنباء كشفت حينذاك أن السلطات السعودية اتصلت بالنشطاء الحقوقيين وحذرتهم من التحدث إلى وسائل الإعلام حول ذلك!

لكن كما يقال، ضريبة النضال غالية… والنظام السعودي لا يفرق بين المعارضين والنشطاء الحقوقين، كانوا رجالا أو نساء.

منظمة “القسط” الحقوقية:  “آثار التعذيب الشديد بادية على ثلاثة معتقلات، وقد خسرن وزنا ملحوظا، كما أن بعضهن تعرض لتعذيب نفسي”.

في الـ15 من مايو/آيار 2018، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن السلطات السعودية قد اعتقلت نشطاء وناشطات في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ثم بعد ذلك بـ3 أيام، أكدت وكالة الأنباء السعودية الخبر، لكن…

أفاد الخبر بأن السلطات ألقت القبض على سبعة أشخاص لـ”الاشتباه في تواصلهم المنسق مع جهات خارجية وتقديم دعم مالي لعناصر معادية في الخارج للتجاوز على الثوابت الدينية والوطنية”… الخبر يومها أسهب في توزيع الاتهامات، دون أي توضيح!

والحقيقة أن الاعتقال، وفق بعض وسائل الإعلام المحلية، جاء لأن هؤلاء قادوا على نحو علني سياراتهم، قبل أسابيع من اليوم الذي أقره الأمر الملكي؛ أي قبل 24 يونيو/حزيران 2018.

عزيزة اليوسف، لجين الهذلول، إيمان النفجان.

الذي حدث بعد ذلك، أن صور المعتقلين، النساء منهم، لجين الهذلول وإيمان النفجان وعزيزة اليوسف، نشرت على نطاق واسع بالصحف المحلية والمواقع الإخبارية والشبكة الاجتماعية “تويتر”، مرفوقة بعبارة: “خائنة”! كما وصفهن بـ”عميلات السفارات”.

منذ ذلك اليوم، تقبع هؤلاء الحقوقيات وأخريات (من غير الواضح كم عددهن بالتحديد) في زنازين انفرادية بسجن ذهبان السياسي في مدينة جدة، يواجهن تهما تصل عقوباتها إلى الإعدام، مع أنه لا محاكمة في الأفق.

اقرأ أيضا: بعد الوصول إلى كندا… عائلة الشابة السعودية رهف تتبرأ منها والأخيرة تشعر بـ”أنها ولدت من جديد”!

بعض المنظمات الحقوقية الدولية تحاول جاهدة أن تلفت الانتباه إلى قضيتهن، كما أن أعضاء في البرلمان البريطاني شكلوا لجنة تحقيق مستقلة في الموضوع، وطلبت من الرياض أن ترتب لها لقاء مع المعتقلات، بيد أنها لم تتوصل بأي رد.

الواقع أن هذا الطلب جاء على خلفية تسريبات وأخبار تصاعدت وتيرة انتشارها في الآونة الأخيرة، عن تعذيب هؤلاء الحقوقيات. ومع أن السعودية حاولت أن تنفي ذلك، إلا أنه لا أحد بات يصدقها على ما يبدو.

سعود القحطاني

منظمة “القسط” الحقوقية كشفت بداية يناير/كانون الثاني 2019، تفاصيل مروعة من التعذيب الذي يحتمل أن المعتقلات يتعرضن له، بإشراف من سعود القحطاني، الذي أقيل سابقا من منصبه في الديوان الملكي، على إثر اتهامه بالضلوع في اغتيال جمال خاشقجي.

القحطاني، وفق المنظمة، هدد معتقلة بـ”قتلها وتحليل جثتها وإذابتها في المرحاض”، كما أن “أخريات تعرضن لتحرش جنسي، وصعق كهربائي، وأمر المحققون اثنتين بتقبيل بعضهما، وحين رفضتا تم جلدهما بوحشية”.

اقرأ أيضا: محمد بن سلمان… من تهمة “أبو رصاصة” إلى تهمة “أبو منشار”

المنظمة أضافت أن “آثار التعذيب الشديد بادية على ثلاثة معتقلات، وقد خسرن وزنا ملحوظا، كما أن بعضهن تعرض لتعذيب نفسي، مثل معتقلة قيل لها إن أفراد عائلتها فارقوا الحياة إثر حادث سير”.

فما الذي يحدث مع هؤلاء النساء، اللائي لم يخضن في شؤون الحكم إنما طالبن فقط بحقوقهن؟ قادم الأيام يكشف مصيرهن وإن كانت المعطيات الحالية غير مبشرة.


الناشطات في الصورة الرئيسية للملف هن من اليمين إلى اليسار: سمر بدوي، عزيزة اليوسف، لجين الهذلول.
تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *