من نيويورك، هشام الرميلي يكتب: أمريكا… أمريكتان! أمريكا الكابوس2/2 - Marayana - مرايانا
×
×

من نيويورك، هشام الرميلي يكتب: أمريكا… أمريكتان! أمريكا الكابوس2/2

تابعنا في الجزء اللأول من هذه الورقة، حكاية أمريكا الحلم. أمريكا الحرية والحداثة والقانون… في هذا الجزء الثاني، نتابع مغامرة الحكي، نتابع… سيرة أمريكا التي تتجه نحو جغرافيات أخرى… هذا …

هشام الرميلي

تابعنا في الجزء اللأول من هذه الورقة، حكاية أمريكا الحلم. أمريكا الحرية والحداثة والقانون…

في هذا الجزء الثاني، نتابع مغامرة الحكي، نتابع… سيرة أمريكا التي تتجه نحو جغرافيات أخرى…

هذا التنوع والاختلاف والتسامح، تبدأ وثيرته في التراجع والانحسار، وأنت تتقدم نحو الوسط شرقا أو غربا…

أمريكا المتسامحة والمتنوعة والمحتضنة، تبدل من رقتها وعذوبتها، وكلما توغلت الى الداخل عبست سحنتها وتبدلت…
مجتمعات بيضاء خالصة، وتمظهر جلي لما يمكن أن نسميه العمق الأمريكي والحقيقة الأمريكية الخالصة التي لم تختلط ولم تصلها موجات المهاجرين الجدد…

حاول الجمهوريون سابقا تقديم مرشحين معتدلين ولكنهم انهزموا لأن قواعدهم في العمق لم تجد حافزا للتصويت، ولكنهم نجحوا هذه المرة حين دفعوا بمرشح يميني صرف، حرك القواعد كلها نحو صناديق الاقتراع. وقد حركهم بالفعل بخطابه الفاشي، خصوصا في الولايات المتأرجحة التي حسموها لصالحه.

تمة إحساس عميق هنا بالتفرد ومشاعر انتماء مختلفة… فالرجل الأبيض المتفوق”white supremacist”  الذي أباد الهنود، وانتصر في معاركه الكبرى، لا يزال هنا محتفظا بزهوه ومشاعر انتصاره…لا زال متريبا من كل عنصر دخيل، ويتبرم من كل هؤلاء المهاجرين الجدد، الذين زحفوا على ثرواته التي راكمها…

إقرأ أيضا: هذا أخطر أنواع اللاتسامح وأكثرها شيوعا في المجتمعات… وهكذا يمكن مواجهته! 3/1

أحفاد الطهوريين الذين وصلوا أمريكا على ظهر السفينة التاريخية ماي فلاور”may flower”
لا زالوا  في نفس طهوريتهم، ولازالت مشاعرهم الدينية متأججة، فالكنيسة و طقوسها مركز حياة الكثيرين منهم، والكثير من مظاهر الحياة على الساحل غير مقبولة لديهم تماما، فهم ضد المثليين، وضد الإجهاض وضد الهجرة وضد برامج الدعم وغير متعايشين على الاطلاق مع الزنوج ومع الديانات الاخرى (نموذج القس تيري جونز من ولاية ميزوري الذي حرق نسخة من القرآن وطالب أتباعه بالتجمهر لحرق القرآن في ذكرى الحادي عشر من سبتمبر). وهم متطوعون نشطون جدا في محاربة المتسللين والمهاجريين غير الشرعيين، بدافعون عن إحساس مفرط بالسلطة على المكان، ومنع الآخر من اقتحامه (جماعات السكان المتطوعين مثلا في أريزونا لصد المهاجرين السريين)…

تمة مشاعر خالصة تحركهم، مشاعر تفوق عرقي وطهورية مزعومة قد تجد مبرر انتعاشها في كون الكتلة الناخبة ذات التحصيل الدراسي المحدود تتركز هنا، بالإضافة إلى مشاكل اقتصادية تساهم في تفاقم مشاعر العداء و الكراهية، وهو ما يبدو واضحا إذا أعدنا سيناريو الانتخابات الأمريكية التي جاءت بترامب…

تمة مشاعر خالصة تحركهم، مشاعر تفوق عرقي وطهورية مزعومة قد تجد مبرر انتعاشها في كون الكتلة الناخبة ذات التحصيل الدراسي المحدود تتركز هنا، بالإضافة إلى مشاكل اقتصادية تساهم في تفاقم مشاعر العداء و الكراهية، وهو ما يبدو واضحا إذا أعدنا سيناريو الانتخابات الأمريكية التي جاءت بترامب…

لقد بدا واضحا مثلا إبان حملة ترامب الرئاسية، أن لغة الكراهية والتطرف في الموقف والتعبير عن العداء للآخر المختلف وإحياء الشعور بالتفوق والمركزية، قد حرك مشاعر البيض الأمريكيين (white people) في العمق الأمريكي (midwest-mideast)، بل نجح أيضا في إحيائها حتى في الولايات المتأرجحة (يقصد بها الولايات التي لا تؤول نتيجتها دائما لنفس الحزب)، وهو ما يفسر النتائج التي لم تكن مفاجئة، وكانت متوقعة في معاقل الجمهوريين المعتادة، ولكن في الولايات المتأرجحة كأوهايو، بنسلفانيا وفلوريدا كانت صادمة، حيث أن 77 بالمائة من الناخبين هم من الأفارقة الأمريكيين والملونين والنساء، وهي فئات غير متعاطفة تماما مع ترامب…

هذه النوازع العرقية والدينية  المحافظة، هي التي دفعت بالكتلة الناخبة لفائدة الجمهوريين في هذه الولايات أن تتحرك بحماس لتصوت بشكل مكثف، أمام انخفاض في نسبة التصويت في صفوف الناخبين الديمقراطيين، وهو أمر كان قد تنبه له المخرج المشاكس والشهير مايكل مور، في مقال له تنبأ بالنتيجة وأسبابها…

إقرأ انفس الكاتب: هشام الرميلي يكتب: حين سقطت راية…

لقد كان ترامب ورقة الجمهوريين الرابحة – رغم عدم رهان الأغلبية عليها، بل حتى رفضها- لأن جماهير واسعة من الشعب الأمريكي/الأبيض في العمق، كانت في انتظار من يعلن عن مشاعرها صراحة بدون مواربة أو دبلوماسية، و يحرك شعورها المتفاقم بالعظمة والفوقية (superiority)…

تمة إحساس عميق هنا بالتفرد ومشاعر انتماء مختلفة… فالرجل الأبيض المتفوق “white supremacist”  الذي أباد الهنود، وانتصر في معاركه الكبرى، لا يزال هنا محتفظا بزهوه ومشاعر انتصاره…لا زال متريبا من كل عنصر دخيل، ويتبرم من كل هؤلاء المهاجرين الجدد، الذين زحفوا على ثرواته التي راكمها…

لقد كان تأويل شعار حملة ترامب “لنجعل أمريكا عظيمة من جديد” لدى كتلته الناخبة…. هو مزيج من مشاعر قومية جياشة، مبنية على الإيمان بالتفوق والطهرانية والسيادة على الآخر المختلف، وإرجاع أمريكا إلى قبضة الرجل الأبيض.

لقد حاول الجمهوريون سابقا تقديم مرشحين معتدلين ولكنهم انهزموا، لأن قواعدهم في العمق لم تجد حافزا للتصويت، ولكنهم نجحوا هذه المرة حين دفعوا بمرشح يميني صرف، حرك القواعد كلها نحو صناديق الاقتراع. وقد حركهم بالفعل بخطابه الفاشي، خصوصا في الولايات المتأرجحة التي حسموها لصالحه.

لقراءة الجزء الأول: أمريكا… أمريكتان! أمريكا الحلم 2/1

إذا كان الحكم على الشيء، فرع عن تصوره كما يقال، فإن الوجه الأخر لأمريكا هو فرع عن تصورنا لترامب بكل تفاصيله…

 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *