#ألف_حكاية_وحكاية: الوريثة
لم تكن أحلام البغدادي تفكر بموت أبيها المبكر. لم يكن مريضا. لم يكن شيخا. لكن الموت فاجأه وهو عائد من السوق الأسبوعي يوم السبت، على هضبة السوق بايفران. كان يمشي …
لم تكن أحلام البغدادي تفكر بموت أبيها المبكر. لم يكن مريضا. لم يكن شيخا. لكن الموت فاجأه وهو عائد من السوق الأسبوعي يوم السبت، على هضبة السوق بايفران.
كان يمشي بسرعة، وفجأة… سقط على الأرض ميتا.
لم تكن مستعدة لذلك الموت المفاجئ. أشرفت على الجنازة، فهي ابنته الوحيدة. لبست أمها لباس الحداد الأبيض الذي نسميه في المغرب “حق الله”، واستقبلت تعازي الأهل والأصحاب.
مرت الثلاثة أيام الأولى وسط الأهل الذين أتوا من كل فج عميق. كان هناك أعمامها الثلاثة الذين أشرفوا معها على كل شيء. لاحظت حينها أنهم ينظرون إلى الأثاث والتحف بنظرة غريبة، لكنها فكرت أنهم بدو وربما يرون تلك الأشياء الجميلة لأول مرة.
كانت أحلام أستاذة فرنسية بثانوية الأرز. اشتغلت بنت البيت الأنيق لمدة عشر سنين بالثانوية. حصل أبوها على بقعة أرضية بحي تيمديقين الجديدة. أنفقت بدون حساب لتبني بيتا بطابقين. أجرت الطابق الثاني خلال العطل الصيفية، واستطاعت بذلك أن تفرش الطابق الأول بأثاث أنيق، زينته باللوحات والتحف.
اقرأ لنفس الكاتبة – #ألف_حكاية_وحكاية: علي أكوباش، امرأة بجسد رجل
عشية اليوم الثالث بعد الوفاة، دعاها أعمامها إلى الصالون. لم تكن تعرف ما يريدون. دخلت عليهم وهم يتحادثون بحدة. فهمت أن الأمر جدي. قال عمها الأكبر:
– يجب أن نتحدث يا ابنة أخي
– تفضل عمي… فيماذا نتحادث؟
– في التركة، تركة أخي.
– أية تركة؟ ليس هناك إلا هذا البيت، وأنا التي بنيته وأنت ترى أنني لازلت حية.
– أنا وإخوتي عصيب في البيت؛ فأبوك لم يكن له ولد ذكر. لك النصف ولنا الباقي.
اقرأ لنفس الكاتبة – #ألف_حكاية_وحكاية: تاتانوس… موسم الموت
داخت أحلام… أبناء الكلب سيأخذون نصف البيت. عرق العشر سنين. صمتت ولم تعرف بماذا تجيب. لم تكن في السابق قد فكرت في حكاية العصيب هذه. فكر أبوها في الأمر ذات مرة وحدثها عن ذلك، لكنها خجلت وقالت له: “بطول العمر يا أبي، لن يحدث لك شيء… لازلت شابا”…
هاهي الكارثة قد حلت وأتى العصيب، بل أتت العصابة للإستيلاء على عرقها. سيسرقون تعبها لعشر سنين بمقتضى شرعي. القروض التي أخذتها وسددتها وغصة في حلقها. الأيام الطويلة وهي تشرف على كل صغيرة وكبيرة خلال البناء.
لم تفكر في موت أبيها. لو فكرت، لكانت طلبت منه أن يسجل البيت باسمها، لكنها صدقت أن صحته جيدة.
استمر نقاشها مع أعمامها ساعات. اقتسمت معهم كل شيء، حتى اللوحات والتحف. ماذا سيفعلون بتلك الأشياء وهم بدو رحل؟ قال عمها الأصغر إنه سيبيعها واقترح عليها أن تشتريها… أن تشتري لوحاتها. أية حماقة هذه؟ وكل هذا، برداء شرعي.
اقرأ لنفس الكاتبة – #ألف_حكاية_وحكاية: سنطرد المومسات
اقتسموا البيت… نالت هي وأمها الطابق الأسفل وجزءا من الحديقة. بعد احتساب نصيبها ونصيب أمها، أخذ أعمامها قرابة نصف الكنبات التي في الصالون وقرابة نصف معدات المطبخ. كانت أحلام تنتحب وأمها تلطم وجنتيها، إلى أن أتت الحاجة الغالية المنقبة وقالت إنه شرع الله. البنت ترث نصف ما تركه أبوها، ومابقي يعصب. هل تريدان تغيير نظام المواريث؟
استمعت إليها أحلام وهي صامتة، والحاجة تسهب في وصف عقاب من يبدل شرع الله: النار والسيوف والثعابين ذات السموم وظلمة القبر. تعبت أحلام وصاحت في الحاجة:
– إذا كان شرع الله أن أعطي زهاء نصف ما ملكته بعملي وتعبي، فأنا كافرة بكل ما في الكتاب. ليس عدلا أن أجرد من بيتي، لأنني ولدت بدون شارب. سأنبت لي شاربا صغيرا كي لا تستولي عصابة أخرى على ما تبقى باسم الشرع.
اقرأ أيضا: من مصر، محمد حميدة يكتب: إنهم يأكلون النساء يا رسول الله
لا يعذر احد بجهله للقانون والشرع كان عليها ان تسجل البيت في اسمها ومريضنا ماعندو باس
قصة راىعة لكن حبدا لو وقرنا احكام الشرع رغم ذلك في الاختلاف رحمة