محمد كاوي يكتب: بين الرجولة والفحولة - Marayana - مرايانا
×
×

محمد كاوي يكتب: بين الرجولة والفحولة

كيف نعرف الرجولة؟ بعيدا عن القواميس الجامدة حيث تحنط الكلمات لتفقد دلالاتها الاجتماعية والثقافية، فالرجولة عند المغاربة الأصليين، أعني المغاربة الذين لم يصابوا بعدوى الفكر الوهابي خصوصا والفكر الشرقي المتأسلم …

كيف نعرف الرجولة؟ بعيدا عن القواميس الجامدة حيث تحنط الكلمات لتفقد دلالاتها الاجتماعية والثقافية، فالرجولة عند المغاربة الأصليين، أعني المغاربة الذين لم يصابوا بعدوى الفكر الوهابي خصوصا والفكر الشرقي المتأسلم عموما، لا علاقة لها بالذكورة ولا بالفحولة.

إنها تحيل بالأحرى على مجموعة قيم يمكن تلخيصها في كلمة “الشهامة”. والشهامة قيمة كونية لا جنس لها، يقتسمها الرجال والنساء، أو بالأحرى يطمح إليها الاثنان.

لا أعتقد أنه من الشهامة في شيء أن يبني الإنسان قوته المريضة على استضعاف إنسان آخر؛ إنسان هو بالضبط من جعل وجوده وقوته ممكنتين.

أي رجل يقبل أن يعيش مع شريكة لا بجمعه بها غير الفراش؟ إن الرجل، تماما كالمرأة، يحتاج لمحاور مستقل يستطيع أن ينقذ حياته من الرتابة. في غياب ذلك، يصبح الزواج مؤسسة للتزاوج وإشباع الغرائز ليس إلا.

إن كل من يدعو الرجال لأن يكونوا “رجالا” بمفهوم غلبة جنس على جنس، هو حتما ليس كذلك؛ ليس فقط لأنه يربط الرجولة باسترجال الزوج والأخ والأب على الزوجة والأخت والإبنة واختزالهن في جسد له حقه من الجمال والاغراء، ولكن لأنه غير واثق من نفسه؛ يعيش على تشكيك دائم في قدرته على جلب الاحترام، فبالاحرى خلق الحب. شعوره بالنقص والدونية يغذي سوء ظنه بالناس ويدفعه إلى إسقاط نفسه على الآخرين.

مثل هؤلاء لا يبحث عن زوجة أو شريكة، ولكن عن أنثى غير محصنة لا بثقافة ولا بقيم. يبحث عن جسد بلا روح يعيد تجربة الحيوانات الغريزية.

إن هذا الخطاب الرجعي غير مقبول، لأنه خطر على مستقبل البلاد…

أي رجل وأية امرأة نريد لمجتمعنا ؟

إن دور المرأة في المجتمع لا يحتاج إلى برهنة. إضافة إلى كونها إحدى أهم ركائز الأسرة، فهي عقل مدبر وطاقة إبداعية.

الشهامة قيمة كونية لا جنس لها، يقتسمها الرجال والنساء

ثم، أي رجل يقبل أن يعيش مع شريكة لا بجمعه بها غير الفراش؟ إن الرجل، تماما كالمرأة، يحتاج لمحاور مستقل يستطيع أن ينقذ حياته من الرتابة. في غياب ذلك، يصبح الزواج مؤسسة للتزاوج وإشباع الغرائز ليس إلا.

منذ بضعة سنوات، كنت أحتسي قهوتي قرب محكمة الأسرة بحي الأحباس بالدار البيضاء (قبل أن يتم تغيير مقرها). سمعت رغما عني جملة من حوار ساخن بين امرأة وزوج ابنتها المقبلة على الطلاق. كانت المرأة أشد صرامة وأكثر رجولة من الزوج المتردد، والذي يبدو غير راغب في الطلاق. باغتثه المرأة الحكيمة بهذه الجملة المليئة بالشهامة: “كنت أريد لابنتي أن تتزوج رجلا…. رجلا حقيقيا وليس مجرد فحل؛ فهؤلاء ما أكثرهم!”.

 

اقرأ أيضا: سناء العاجي ـ كن رجلا… حقا؟

 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *