بنكيران والرميد: الزواج… أم الجنس الحلال، للرجال فقط؟ - Marayana - مرايانا
×
×

بنكيران والرميد: الزواج… أم الجنس الحلال، للرجال فقط؟

هل هذا تصور العقل الإسلامي لعلاقة الزواج: علاقة جنسية حلال… يستمتع فيها الرجل دون أن يحتاج لسؤال زوجته عن مدى رغبتها أم لا؟ وإن لم تعد قادرة على إيفاء رغباته الجنسية فمن حقه أن يعدد عليها؟ وماذا حين لا يكون هو قادرا على إيفاء رغباتها الجنسية؟ وماذا، السيد عبد الإله بنكيران، حين تكون الزوجة راغبة في العلاقة الجنسية والزوج لا؟

يبدو أن السيد بنكيران والسيد الراميد ومن والاهما، لا يريان في الزواج إلا الجنس، ولا يريان في الجنس إلا متعة الزوج!

فها هو عبد الإله بنكيران يمتعض بشكل علني، في إحدى خرجاته، ضد مفهوم القبول والرضى في العلاقة الجنسية بين الزوجين. وها هو مصطفى الرميد يعتبر أن القاصرَيْن، إذا تعلقا ببعضهما البعض، فالأفضل تزويجهما في الحلال على أن يمارسا الرذيلة في الحرام. وكأن الزواج جنس وتعلق فقط.

لنبدأ بمداخلة عبد الإله بنكيران التي قال فيها:

“سمعو مزيان شنو كنقول ليكم. البهجة العظمى اللي كانت فالحياة ديال الإنسان، ستنتهي. لأنه الرجال ولاو تيخافو. لأن قالو ليهم: إذا جامعت زوجتك دون أن يكون عندك إذن مسبق.. خاصك.. ستتهم بالاغتصاب. ولاّ الراجل ناعس مع مراته، ناعس فالفراش، وسمحو ليا حنا وصلنا لـ.. ما عندي ما نخبي عليكم. وخايف لا يقولو ليه راه غتاصبها. شحال ما جاته من فكرة، كيبقى يدورها فراسو عشرين مرة عاد يشوف واش يقولها ليها ولا ما يقولهاش، وعاد يشوف واش هي متافقة ولا ما متافقاش وواحلين كيفاش يوثقو بللي متافقة. كيقول باللي خاص يكون واحد الرسالة بأن المرا متافقة ولا ما متافقاش وباللي الراجل متافق ولا ما متافقش”.

لنتذكر فقط أن هذ الكلام يقوله رجل كان رئيس حكومتنا في وقت قريب.

بداية، كيف يختزل بنكيران الحياة في المتعة الجنسية حصريا؟ لا شك أن المتعة الجنسية أساسية في حياة الأفراد. لكن، أولا بشروط نحترم فيها خصوصيات الآخر ورغباته (وهذا، على ما يبدو، هو ما لا يستوعبه رئيس حكومتنا السابق). ثانيا، فالمتعة الجنسية ليست بالضرورة هي البهجة العظمى في الحياة ولا حتى في العلاقة الزوجية. هي مكون أساسي ومهم، لكنها ليست كل شيء.

ثم، وهذا الأهم، كيف يكون شكل هذه العلاقة الزوجية، التي يخشى فيها الزوج من مصارحة زوجته برغبته في ممارسة الجنس؟ أليس يفترض في كل تواصل إنساني وسوي، بهذا المستوى من الحميمية، أن يدرك فيه الشريك إن كانت شريكته راغبة في العلاقة الجنسية أم لا، حتى دون الحاجة للكلام؟ وإن حدث وعبّر عن رغبته، ولم تكن لديها هي نفس الرغبة، لأنها متعبة أو حزينة أو لمجرد عدم وجود الرغبة في العلاقة الجنسية، أي متعة جنسية (عظمى) سيعيشها هذا الزوج وهي مكرهة على هذه العلاقة؟ أم لعله أساسا لا يطرح على نفسه سؤال رغبتها أم لا، لأنه مقتنع فقط بكون “نسائكم حرث لكم” وبالتالي فمتى ما رغب في أن “يأتيها” فليس عليه الاستفسار عن رغبتها.

عزيزي رئيس الحكومة السابق، فلتعلم أنه، حين تصل العلاقة لهذا الكم من التعقيد، حيث يتساءل الزوج كيف سيعبر لزوجته عن رغبته الجنسية، ويحتاجان لتوثيقها برسالة، فهذه لم تعد علاقة إنسانية ولا زوجية ولست أفهم أي بهجة “عظمى” يمكن فعلا أن يشعر بها هذا الرجل حينها… اللهم إن كان يستمتع بـ “بهجة عظمى” بالاغتصاب. كنت سأسميها علاقة أحادية الجانب (باعتبار غياب مشاركة الطرف الثاني). لكن الحقيقة أنه، ما دام هناك طرف يعاني من هذه العلاقة أو يرفضها، فليس من مسمى آخر غير الاغتصاب! إذ ليس هناك مسمى آخر لعلاقة جنسية لا يكون فيها الشخص متأكدا من رغبة شريكته فيها، إلا الاغتصاب.

كون هذه العلاقة حلالا ومعترفا بها قانونيا ودينيا، لا يعنى أن جسد المرأة يصبح ملكية شخصية وأن رغبتها أو عدم رغبتها الجنسية ليست واردة في المعادلة. العلاقة الحميمية السوية هي التي تنبني في جميع تفاصيلها على الحوار والتواصل وتقدير احتياجات ورغبات الآخر، في الجنس والسفر والتدبير المالي والإنجاب وغيرها… قد تكون هناك تنازلات مشتركة وتوافقات بين الطرفين، لكنها أيضا رضائية وليست من باب: “أنا الآمر ومتعتي/ بهجتي العظمى في الحياة أسبق وأنا أقرر ولا أسأل ولا أحاول أن أفهم”.

ما زال ذهني عاجزا عن تصور طبيعة المتعة/ البهجة العظمى في علاقة جنسية يقوم بها رجل مع زوجته وهي غير راغبة… أو، ولستُ أدرى أيها أفظع، وهو لا يعرف حتى إن كانت راغبة أم لا!

وفي نفس الاتجاه، يخرج علينا “رفيقه” في الحزب ووزير عدلنا السابق ووزير حقوق الإنسان السابق، مصطفى الرميد، ليقول إنه، إذا تعلق قاصران ببعضهما بشكل كبير، فيستحب لولي الأمر أن يزوجهما في الحلال.

تعلقا ببعضهما… فليتزوجا ليمارسا الجنس في الحلال بدل الخطيئة!

بالمقابل، فإن نفس الشخص ومن يسيرون على منهاجه… يستنفرون القوى أمام شخصين راشدين أحبا بعضهما وأقاما علاقة رضائية ناضجة لا حاجة فيها لولي الأمر لأنهما راشدين؛ ولا لرسائل وثبوت، لأنها رضائية بطبعها… لكنها ليست حلالا. فكيف نمنحها صك القبول؟

لنعد للقاصرين، السيد وزير العدل السابق ووزير حقوق الإنسان السابق. ها هما قد امتلكا المتعة العظمى والجنس الحلال. هل الزواج جنس وتعلق فقط؟ والمسؤولية؟ وتكوين أسرة؟ والأطفال المحتملون وهم صغار في السن؟ وتكاليف الحياة؟ وتدبير العلاقة الزوجية؟

من المؤكد أن أي شخص عاقل، يدرك أن الزواج، مهما كان مرغوبا فيه من طرف الكثيرين، فهو أيضا وخصوصا، مسؤولية كبيرة، حتى بوجود الحب والانسجام والرغبة: تدبير اليومي، تدبير العلاقة مع أسرة الزوج والزوجة (خصوصا في سياقنا المغربي)، تدبير العيش المشترك مع شخص، مهما كنا نحبه، فنحن نعيش معه لأول مرة، تدبير تغيرات المزاج وإكراهات كل فرد داخل العلاقة الزوجية، التدابير والإكراهات المادية، ثم، في حالة مجيء أطفال: التصورات المشتركة أو المختلفة عن التربية، المسؤوليات الجديدة…؟

لكن ما لا يقوله وزير العدل، إن معظم حالات تزويج الصغيرات (ويحق لنا أن نتحدث بصيغة التأنيث لأن الظاهرة مؤنثة بشكل كبير جدا) لا علاقة لها حتى بهذه الصورة الرومانسية التي يريد أن يبيعها لنا. الواقع والأرقام والمعطيات تقول إن معظم هذه الزيجات إن لم تكن كلها، تتم بين فتاة قاصر وشخص أكبر منها بكثير، ليس بدافع الحب والتعلق بقدر ما يكون الأمر استغلالا لوضعيات هشاشة لدى الفتاة وأسرتها، ولجسد الطفلات اللائي انتفض بنكيران غير ما مرة ضد تجريم تزويجهن أو لنقل… ضد تحويلهن لسلع جنسية بمقابل.  ألسنا نتذكر حين قال إن “الجميع” يفضل الخبز الطازج الذي خرج للتو من الفرن، بدل “الخبز البارد”؟ (دابا الخبزة يلا بردات، ما كتبغيش تاكلها ياك؟ كيخص الخبزة تكون سخونة باش تاكلها. هههه. ياك؟”.

بل حتى لو رغبنا في الحفاظ على الصورة التي أرادها مصطفى الرميد رومانسيةً لقاصرين تعلقا ببعضهما: فهل يعقل أن نختصر الزواج في علاقة جنسية حلال؟

هل هذا تصور العقل الإسلامي للزواج: علاقة جنسية حلال… يستمتع فيها الرجل دون أن يحتاج لسؤال زوجته عن مدى رغبتها أم لا؟ وإن لم تعد قادرة على إيفاء رغباته الجنسية فمن حقه أن يعدد عليها؟ وماذا حين لا يكون هو قادرا على إيفاء رغباتها الجنسية؟ وماذا، السيد عبد الإله بنكيران، حين تكون الزوجة راغبة في العلاقة الجنسية والزوج لا؟

إننا هنا، فعليا وحرفيا، أمام تمثل “رهيب” للزواج ولجسد المرأة وللعلاقة الجنسية!

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *