زليخة نصري… عين الملك على الفقراء! 2/2 - Marayana - مرايانا
×
×

زليخة نصري… عين الملك على الفقراء! 2/2

هي قصة صنعت فيها البطلة مجدها من الصفر… بداية من وجدة، حيث ولدت وكان للمجتمع أن يصنع لها مسارا في الحياة على مقاساته، وإلى أن بات القاصي والداني في المغرب يعرف: زليخة نصري.

بعض من مسار الراحلة تعرفنا عليه في الجزء الأول من هذا البورتريه، وفي هذا الجزء، الثاني والأخير، نتم ذلك بالحديث عن أهم محطات حياة أول مستشارة، امرأة، للملك في المغرب.

سنة بعد تعيينها كاتبة للدولة بوزارة الشؤون الاجتماعية مكلفة بالتعاون الوطني، عام 1997، ستخطف زليخة نصري الأضواء من الجميع… ستخطفها حد أن لفتت انتباه القصر إلى كفاءتها، فعينها الملك الراحل الحسن الثاني مكلفة بمهمة داخل الديوان الملكي. هناك بدأت تتسلق درجات أخرى بكامل شغفها للنجاح والذهاب بعيدا في الهدف الذي ابتغته لحياتها.

توالت الأحداث سريعا، توفي الملك عام 1999، وجلس ولي عهده على العرش وأصبح ملكا، فأصبح أيضا عام 2000 فارقا في تاريخ المغرب الحديث، فهذه المرأة التي أتت بعيدا من المنطقة الشرقية، سيعينها الملك محمد السادس أول مستشارة امرأة له في المغرب.

صحيح أنها قد كلفت ربما بالشأن الاجتماعي في القصر لكونها امرأة، لكنها لفطنتها وانضباطها وثقة الملك فيها لتنفيذها أوامره بدقة، منحها الأخير ملفات أخرى اقتصادية وسياسية بعد وفاة مستشاره الآخر مزيان بلفقيه عام 2010

منذ ذلك الوقت، نادرا ما ظهر الملك في شأن اجتماعي دون زليخة. كانت عينه التي لا تنام على الفقراء. وصفها البعض بالمرأة الحديدية التي تهتم بأدق التفاصيل. كانت ذات هيبة منقطعة النظير، كانت امرأة دولة، امرأة القصر التي ترتعد فرائص الولاة والعمال لهاتفها وحضورها، لكن في الوقت نفسه، عطوفةً حنونةً على الفقراء كما يشهد بذلك المقربون منها.

اقرأ أيضا: “عبد الله كنون… هذه سيرة العلامة الذي أعاد الاعتبار للفكر والأدب المغربي”

هكذا اعتبرت زليخة نصري مهندسة قرارات القصر في الملفات والمشاريع الاجتماعية. نالت قسطا وافرا من ثقة الملك، والشواهد على ذلك كثيرة، مثل ترأسها سنة 2011 للجنة مكلفة بالمراقبة الدقيقة لإنجاز السكن الاجتماعي، وقد كانت في ذلك دقيقة ومهووسة بالتفاصيل حتى أنها كانت لتسأل عن “شجرة” موجودة في التصميم دونا عن الواقع، كما يتذكرها عدد من المنعشين العقاريين.

كانت زليخة صارمة في العمل، قريبة من المواطنين، ففي سنة 2004، يتذكر الكثيرون زيارتها للحسيمة في مأساة الزلزال الذي ضربها، حيث ظلت هناك أسبوعا تتفقد أحوال الناس، وتقف في وجه كل من يحاولون الركوب على مأساتهم.

نعم صحيح أنها قد كلفت ربما بالشأن الاجتماعي في القصر لكونها امرأة، لكنها لفطنتها وانضباطها وثقة الملك فيها لتنفيذها أوامره بدقة، منحها الأخير ملفات أخرى اقتصادية وسياسية بعد وفاة مستشاره الآخر مزيان بلفقيه عام 2010؛ فها هي هذه المرة، مثلا، تظهر بجانب الملك في تدشينها لأشغال القطار الفائق السرعة بطنجة في ذات السنة.

اقرأ أيضا: “خُنَاثة بنت بكار.. من هدية للسلطان إلى أم للسلاطين!”

هكذا إذن استطاعت زليخة نصري أن تصنع لنفسها مقاما وازنا بين مستشاري الملك الرجال، طيلة 15 عاما، بوقار بالغ وخدمة متفانية؛ مبتعدة عن أي صراع قد يدخلها في حزازات تخدش ثقة الملك فيها، إلى أن لبت نداء أجلها عام 2015 عن 70 عاما، إثر جلطة دماغية.

يسارية؟ الصراع مع الإسلاميين

يظن الكثير أن زليخة نصري كانت متشبعة بالفكر اليساري، بل إن هناك من قال إنها كانت عضوة في حزب التقدم والاشتراكية أو حزب التجمع الوطني للأحرار… شيئا من هذا لم يكن، أو على الأقل لم يتم تأكيده؛ لكن زليخة كانت حتما متحررة ومنفتحة على كل الأفكار المتنورة.

زليخة برزت على نحو ملفت للانتباه في إعداد مدونة الأسرة، بحيث إنها شجعت على إقرار مطالب النساء، بتعديل قوانين الزواج والطلاق والحضانة والولاية، ودافعت عن ذلك باستماتة في النقاشات التي أسلفت المصادقة على المدونة

في وقت كان فيه الإسلاميون قد توغلوا في المجتمع، تفطنت زليخة مبكرا إلى أن توغلهم بشكل أكثر عمقا قد يضر المجتمع الذي تطمح إليه، بخاصة في ما تعلق بقضايا المرأة؛ فتقربت أكثر من المواطنين تصنع عنها وعن المرأة بشكل عام، صورة مفادها أنها مؤهلة لخوض أعتى التحديات وأنها قادرة على ريادة مناصب جد متقدمة.

اقرأ أيضا: “المهدي بنبركة… من المعارضة والنضال الأممي إلى “الأسطورة”! 1\2”

العمل الذي تبوأته زليخة نصري كعضوة في جمعية محمد الخامس للتضامن، مكنها من النضال في إطار رسمي بعد أن كان جمعويا، يبتغي رفض أي استغلال للدين كمشترك بين الغالبية من المغاربة لأغراض سياسية أو فئوية.

زليخة برزت على نحو ملفت للانتباه في إعداد مدونة الأسرة، بحيث إنها شجعت على إقرار مطالب النساء، بتعديل قوانين الزواج والطلاق والحضانة والولاية، ودافعت عن ذلك باستماتة في النقاشات التي أسلفت المصادقة على المدونة، بخاصة ضد عبد الكبير العلوي المدغري ومصطفى بن حمزة وأحمد الريسوني وغيرهم ممن عارضوا أي تغيير لا يحترم الضوابط الشرعية.

اقرأ أيضا: “محمد الحياني: مرايانا تستحضر تفاصيل مسيرة أيقونة الأغنية المغربية 2/1”

اليوم، يتذكر التاريخ المغربي، بخاصة النسائي منه، بكثير من الفخر إسهامات زليخة نصري في سبيل تحرير المرأة المغربية والوقوف في وجه كل من حاول أن يعيق تقدمها، كما يتذكر أيضا أن هذه المرأة الآتية بعيدا من الشرق، كانت سيدة القصر الأولى في الشؤون الاجتماعية.

لقراءة الجزء الأول: زليخة نصري: مرايانا تستحضر سيرة أول امرأة مستشارة لملك المغرب

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *