كناوة بصيغة المؤنث: … وحملت النساء الكمبري 2/2
بالفعل حملت النساء الكمبري، جالت به في الساحات تغنت به في مهرجان كناوة وغيره، هند النعيرة وأسماء حمزاوي جزء من هاته التجربة كسَّرن تجاوزنً الأعراف وأسسن لتجربة فريدة في الفن الكناوي بصيغة المؤنث!
في الجزء الأول، تابعنا كيف كانت نساء كناوة في السابق تتأرجحن بين الحضور والغياب، وكيف كان حمل الكمبري حكرا على فئة من الرجال. فقد كان الأمر أشبه بمجازفة وامتحان صعب. أما الآن، فقد صارت كناوة ممارسة تتقنها النساء كما الرجال. في الجزء الثاني والأخير، سنرى كيف تألقت معلمات كناويات، وكيف صنعن أسماءهن ضمن مجال كناوة، وكيف صرن يعزفن في الليلات والمهرجانات وغيرها.
النموذج الأبرز في الحكاية هنا، قد يكون الفنانتان الكناويتان هند النعيرة وأسماء حمزاوي، اللتين برهنتا أن للمرأة… نصيبا من العزف على الكمبري وحمل القراقب وغيرها.
حضور مُبهر
أنس لخصاصي، معلم كناوي من الدار البيضاء، في حديث لمرايانا يقول إن حضور هند النعيرة وأسماء حمزاوي كان حضورا وازناً وبارزاً: فأسماء حمزاوي، عى سبيل المثال، تقود فرقة من الذكور والإناث، وهي ابنة لمعلم رشيد الحمزاوي الذي تعلمت على يده، فضلا عن كونها من أسرة ومحيط يعشق كناوة حدَّ الجنون.
يورد لمعلم عبد السلام عليكان “المدير الفني لمهجران كناوة”، ورئيس “جمعية يرما كناوة” في حديث لمرايانا حول تجربة تأنيث كناوة، أن مشاركة هند النعيرة وأسماء حمزاوي في مهرجان الصويرة في دورة 2023 كانت مشرفة. كان هناك حضور وإقبال من طرف الجمهور، وهي ليست المرة الأولى التي تشاركان فيها في منصة المهرجان.
يأمل عبد السلام عليكان من تجربة هند النعيرة الاستمرارية والحفاظ على هذا الموروث والتعلم أكثر. أما أسماء حمزاوي، فيقول إنها: “ابنة معلم، تعلمت على يد أبيها. كنت أزوره في البداية، أجدها تتعلم الكمبري. كنا نتكهن أنها ستكون فنانة صاعدة. دائما ما نشجعها، وها هي الآن تشق طريقها نحو التألق”.
هند النعيرة: من الرياضة إلى الكمبري… كناوية تقود الرجال
هند النعيرة ابنة مدينة الصويرة، عشقها لكناوة ليس له حدود، كيف لا وهي ابنة مدينة تعيش على إيقاعات الكمبري. خوض هند لهذا الغمار تحدي صعب. قدِمت هند من مجال هو الآخر محكوم بقاعدة الاحتكار الذكوري، حيث لعبت كرة السلة إلى جانب فريق المدينة.
قد يكون التحدي ذاته هو الذي دفعها لحمل الكمبري والتعلم والغناء، وتكسير الصورة النمطية حول حمل الكمبري وحول لقب تامعلميت. أدت هند معزوفات صعبة وغنت أمام جمهور عريض كان آخرها في مهرجان الصويرة.
بداية هند النعيرة كانت سنة 2016، ومنذ ذلك الحين، أخذت على عاتقها مهمة إيصال رسالة فن كناوة، وكذا حث الإناث ممن يعزفن على الكمبري على خوض هذا الغمار والتعلم والبحث في تراث وتاريخ كناوة.
استمرت هند النعيرة في إصرارها الذي تكلل بتأسيس فرقتها سنة 2022. التحدي الذي خاضته هند النعيرة، يتمثل في كونها أسست فرقة رجالية شبابية بقيادتها؛ وهي بهذا تكون قد خاضت تجربة فريدة: عوض اختيار فرقة نسوية بالكامل، فقد قررت قيادة رجال في فرقتها.
أسماء الحمزاوي… مْعلمة بنت لمعلم
خلافاً لهند النعيرة، لدى أسماء الحمزاوي مسار مُختلف. كان الفضل لأبيها لمعلم رشيد الحمزاوي، الذي كان على يقين أن مُستقبلاً ينتظر ابنته.
تعلمت أسماء الحمزاوي العزف على الكمبري منذ الصغر، إلى أن اشتد عودها، وهي الآن على رأس فرقة نسائية تحمل اسم “بنات تمبكتو” التي أسستها سنة 2012 وسافرت بها إلى دول عديدة.
ساهمت أسماء الحمزاوي في التعريف بالفن الكناوي، وساهمت كذلك في كسر الحاجز العرفي، لتحمل الكمبري في سن صغيرة، منذ أن كانت ترافق أباها في ليالي كناوة وخلال المهرجانات، وهذا ما ساهم أكثر في تحبيب هذا الفن للفنانة الشابة.
أسماء الحمزاوي وهند النعيرة نموذجان لفنانات كسرن حواجز أعراف كناوة وأسسن لتجربة فريدة في الفن الكناوي… لكنهن بالتأكيد لسن وحيدات في هذه المغامرة الفنية. هناك أسماء أخرى، كالفنانة يسرى باب البلوز التي جمعت بين فن كناوة وبين موسيقى البلوز والروك… أسماء نسائية تصرف الفن الكناوي بصيغة المؤنث!
لقراءة الجزء الأول: إناث كناوة: في البدء… كان الكمبري ذكرا 1/2