صفقات مشبوهة ودراسات مطبوعة: معارضة شريكة في الريع 2/2 - Marayana - مرايانا
×
×

صفقات مشبوهة ودراسات مطبوعة: معارضة شريكة في الريع 2/2

تقرير المجلس الأعلى للحسابات لم يطل أحزاب التحالف الحكومي وحدها، للمعارضة نصيب من انتقادات المجلس الذي قال إنها بدورها قامت بدراسات لم تنشر وصفقات لم يُعلن عنها.
أحزاب المعارضة التي كانَ يُنتظر منها تفعيل دورها الرقابي هي اليومَ شريك في الريع

في الجزء السابق من هذا الملف، عرضنا اختلالات أحزاب التحالف الحكومي التي أظهر التقرير “عبثيَّتها” تجاه المال العام. في هذا الجزء، لن تخرج بعض أحزاب المعارضة عن النسق.

الريع وتبديد الأموال العمومية، العنوان البارز لهذا التقرير، وبعضُ أحزاب المعارضة شريك أساسي.

حزب إدريس لشكر: احتكار الريع

ملاحظات كثيرة سجلها المجلس للحسابات في تقريره على أحزاب المعارضة، وفي مُقدمتها حزب الاتحاد الاشتراكي للقواة الشعبية. حسبَ التقرير، استفاد الحزب من دعم سنوي إضافي قدره 1.930.896,03 درهما لتغطية المصاريف المترتبة عن الدراسات.

تعاقد الحزب مع مركز الدراسات “MELA STRATEGIE ET CONSEIL”، الذي تعود ملكيته لحسن لشكر (نجل إدريس لشكر) والمهدي مزوار ، عضو المكتب السياسي للحزب، وريم العاقد ابنة عضو المكتب السياسي ورئيس فريقه في البرلمان؛ بينما يشرف على تسييره المهدي مزواري.

تساؤلات عديدة تطال هاته الشركة، التي تأسست بتاريخ 21 فبراير 2022، ومباشرة بعدها تم تفويت الصفقة للشركة، وتم تحويل مبلغ قدره 1.835.000 لفائدتها، لإنجاز دراسة في المجال الاقتصادي والاجتماعي والمؤسساتي والبيئي بتاريخ 28 دجنبر 2022، أي أنها تأسست لهذا الغرض.

كيف يُمكن تفويت 23 دراسة لمكتب دراسات واحد تأسس في ظرف وجيز، بدون منافسة، ومن طرف عناصر مقربة من قيادات الحزب، نجل الكاتب الوطني، قريبة عضو للمكتب السياسي لحزب، عضو المكتب السياسي للحزب وعضو الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، وهو ما يفيد أننا أمامَ صفقة مدروسة سلفاً وبدون منازع.

بالعودة للتقرير، فإنه أفاد أن الحزب لم يقدم سوى 21 وثيقة، عبارة عن عروض أو مذكرات موجزة تتضمن معلومات واقتراحات عامة متوفرة للعموم، لا تستند إلى منهجية علمية واضحة، كما هو معهود عند إنجاز الدراسات.

التساؤلات المطروحة، لم يتفاعل معها الرأي العام فقط، بل كانت محطَّ نفاش الشبيبة الاتحادية فرع فرنسا، حيث طالبت بإنشاء لجنة تحقيق مستقلة للنظر في الواقعة، موردة في بيان لها “أن التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات فجر معطيات صادمة تعري ممارسات فاسدة مبنية على المحسوبية والزبونية لجزء كبير من قيادة الحزب والفريق البرلماني”.

البيجيدي: الخلفي طابعا للدراسات… والشبيبة

تقرير المجلس الأعلى للحسابات قال إن حزب العدالة والتنمية، استفاد بتاريخ 14 نونبر2022، من دعم سنوي إضافي قدره 1.053.626,65 درهم، لتغطية المصاريف المترتبة على المهام والدراسات والأبحاث.

في هذا الإطار، أبرم الحزب اتفاقيات من أجل إنجاز مشاريع ودراسات، حيث قام بالتعاقد مع مكاتب الدراسات SDT CONSULTING” و “ITSHORE “، فضلا عن شبيبة العدالة والتنمية والمكتب الاستشاري عبد الرحيم بن علي، بمبلغ إجمالي قدره 874.400,00 درهما.

مصطفى الخلفي، بدوره، تكلَّف بطبع ونشر دراسة واحدة حول مدونة الأسرة ورهانات المراجعة. غير أن المثير في الأمر أن تكلفة الطبع تجاوزت 14 ألف درهم، وهو ما انتقده تقرير المجلس الأعلى للحسابات.

المجلس قال إنه تم طبع ونشر دراسة الخلفي رغم أن هذه النفقة تتعلق بمصاريف التدبير ولا تدخل ضمن الغايات التي منح من أجلها الدعم الإضافي لتغطية مصاريف إنجاز المهام والدراسات والأبحاث.

الحزب قام بتفويت دراسة لشبيبته قدرت قيمتها بـ 300 ألف درهم، هذا دون اللجوء لخبير متخصص أو مكتب دراسات مُعتمد. وهو ما أثار انتقادات كثيرة جرت حزب العدالة والتنمية للمساءلة.

التقرير أشار إلى أن الحزب أدلى بمخرجات دراستين تم إنجازهما كليا وأداء مستحقاتها، فيما لم يدل بمخرجات وتقارير الدراستين المرتبطتين بالمنظومة القانونية والتنظيمية للانتخابات” وبرقمنة الوظائف الحزبية” اللتين تم تقديم تسبيقات بشأنهما.

التقرير انتقد عدم إدلاء البيجيدي بالوثائق التي تثبت اللجوء إلى المنافسة لانتقاء مكتب الدراسات، لاسيما إعلان الترشيح المحدد للشروط المطلوبة في المتنافسين، ومقرر اختيار أعضاء لجنة اختيار الخبير وتقييم الخدمة المقدمة، ومحضر اختيار الخبير.

التقرير قام بتدقيق الحساب السنوي لحزب العدالة والتنمية وفحص صحة نفقاته برسم الدعم العمومي بما في ذلك الدعم السنوي الإضافي الممنوح له لتغطية المصاريف المترتبة على المهام والدراسات والأبحاث.

المجلس قال إن البيجيدي قدم حسابه السنوي برسم سنة 2022، مشهودا بصحته بدون تحفظ، عبر المنصة الرقمية للمجلس، بتاريخ 31 مارس 2023، أي داخل الأجل القانوني المحدد في القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية.

المجلس أوصى البيجيدي بضرورة إرجاع مبلغ دعم غير مستحق قدره 2.891.341,27 درهما إلى الخزينة يتعلق بمساهمة الدولة في الحملات الانتخابية لاقتراعي 8 شتنبر 2021 لانتخاب أعضاء المجالس الجماعية والجهوية، وذلك طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، مع تخصيص حساب بنكي للدعم السنوي الإضافي لتيسير تتبع أوجه صرفه للغايات التي منح من أجلها.

كما أوصى المجلس وفق الدراسة ذاتها، بالعمل على دراسة الغايات وجدوى المهام والدراسات والأبحاث المزمع تمويلها بالدعم السنوي الإضافي والتخطيط المسبق لتنفيذها واعتماد آليات لتقييم أثرها على العمل الحزبي والسياسي.

مطالب بالتحقيق

في سياق متصل، راسلت الجمعية المغربية لحماية المال العام، رئيس النيابة العامة متلمسة إصدار تعليماته إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء للاستماع لمسؤولي الأحزاب السياسية الواردة في التقرير المذكور، الذين ارتكبوا أفعالا تقع تحت طائلة القانون الجنائي”.

الجمعية جعلت موضوع شكايتها الموجهة إلى رئاسة النيابة العامة، بتاريخ 5 مارس الجاري،  “طلب فتح بحث قضائي معمق حول تبديد واختلاس أموال عمومية والتزوير من طرف بعض مسؤولي الأحزاب السياسية”.

الجمعية طالبت بـ “الاستماع للمسؤولين عن مكاتب الدراسات التي أنجزت دراسات وأبحاثا لفائدة بعض الأحزاب السياسية المشار إليها في التقرير”، كما شددت على ضرورة الاستماع لمسؤولي المطابع التي طبعت منشورات وأبحاث لبعض الأحزاب السياسية”.

هكذا هو المشهد السياسي اليوم، لا صوت يعلو على صوت المطالبة بتدقيق الحسابات وإرجاع الأموال المسلوبة من طرف الأحزاب، تسييراً ومعارضةً، كلها في كفة واحدة. فهل ستسعى هاته الأحزاب إلى تدارك الأمر.

في سياق مطالبة الجمعية المغربية لحماية المال العام بتدخل النيابة العامة، هل ستتدخل النيابة العامة والجهات المختصة لمتابعة الأحزاب المعنية بالأمر وعلى رأسها الأحزاب التي تقود الحكومة؟

 

لقراءة الجزء الأول: تقرير المجلس الأعلى للحسابات: ريع “المال السايب” والدراسات الوهمية 2/1

 

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *