تقرير المجلس الأعلى للحسابات: ريع “المال السايب” والدراسات الوهمية 2/1 - Marayana - مرايانا
×
×

تقرير المجلس الأعلى للحسابات: ريع “المال السايب” والدراسات الوهمية 2/1

كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات عن أموال طائلة بددتها أحزاب التحالف الحكومي الذي تقود الحكومة، عنوان بارز لهذا التقرير، تفويت سفقات للمقربين ودراسات تفتقر للموضوعية وتساؤلات عالقة.

أخرج المجلس الأعلى للحسابات مالية الأحزاب السياسية برسم السنة المالية 2022 للعلن، وهو ما نتج عنه نقاش مثير حول مالية الأحزاب والدعم العمومي واختلالات كثيرة كشفَ عنها تقرير المجلس.

التقرير، الذي همَّ الحسابات السنوية للأحزاب السياسية ونفقاتها المتعلقة بالدعم السنوي للمساهمة في تغطية مؤتمراتها وكذا المصاريف المترتبة على المهام والدراسات والأبحاث، كشف عن “فضيحة سياسية” أبطالها أحزاب جعلوا من المال العام قطعة تُوزَّع حسب الأهواء.

سجَّل المجلس 199 ملاحظة بعد تدقيق الحسابات وفحص النفقات، وقد تمَّ توجيه هذه الملاحظات إلى المسؤولين عن الأحزاب التي قدمت حساباتها، فيما أدلى مسؤولو الأحزاب بأجوبتهم، في حين لم تقدم الحركة الشعبية أجوبتها على ملاحظات المجلس.

وقد ثبت للمجلس، من خلال تحليل الأجوبة المذكورة، عدم تقديم بعض الأحزاب للتبريرات الكافية بخصوص إرجاع مبالغ الدعم إلى الخزينة، ومحتوى الحسابات السنوية المدلى بها، وتقارير الخبراء المحاسبين، واحترام القواعد المحاسبية، وصحة تحصيل الموارد، وصرف النفقات، وكيفيات تحصيل الموارد أو أداء النفقات، وأوجه صرف الدعم السنوي الإضافي.

المجلس قال إن 22 حزبا، قام خلال الفترة 2023-2021 بإرجاع مبالغ دعم قدرها 34,59 مليون درهم إلى الخزينة، فيما 19 حزبا لم يقم بعد بإرجاع مبالغ دعم تناهز 29,21 مليون درهم إلى الخزينة.

أحزاب التحالف الحكومي حاضرة بقوة في التقرير. عنوان حضورها: دراسات وهمية، أموال بائدة ومبررات واهية، ريع وتفويت للأهالي والأَقارب.

الأحرار: ريع قديم جديد

الحزب القائد للحكومة له حظه من “الريع”، في الوقت الذي يُنتظر من الحزب الذي يقود الحكومة محاربة الريع، يصبح مساهما فيه، ويطاله نقد المجلس الأعلى للحسابات.

حصل حزب التجمع الوطني للأحرار على أكثر من 5 ملايين ونصف مليون درهم، وزعها على ثلاث شركات، كانت حصة الأسد من نصيب مكتب “SOUTHBRIDGE” لإنجاز دراسة حول “سبل تطوير أداء المنتخبين”، بمبلغ يناهز 3 ملايين ونصف مليون درهم.

حزب أخنوش، وسيرا على نهج حلفائه في الحكومة، “البام والاستقلال”، لم يدل بالتقارير الخمس التي كان من المُنتظر إنجازها، وهو ما نبه له تقرير المجلس مشددا في سياق متصل على التقيد بمبدأ الوضوح.

مكتب الدراسات SOUTHBRIDGE، تعود ملكيته للقيادي السابق في الحزب، حسن بلخياط. المكتب تأسس في ماي 2013 “ويهتم بالدراسات في مجال الاستشارة الاستراتيجية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب وإفريقيا” وفق ما يعبر عنه في موقه الرسمي.

المكتب ذاته سبقَ وأن حصل على صفقة قيمتها 591 مليون سنتيم، من جهة سوس ماسة، من أجل إعداد برنامج تنمية الجهة، كما حصل على صفقة بقيمة 14.5 مليون درهم من جهة كلميم واد نون، وكلها جهات يرأسها حزب التجمع الوطني للأحرار.

الحزب برر عدم اعتماد مسطرة طلب العروض لاختيار الخبراء، بكون الدراسات والأبحاث والمهام المتعلقة بالشأن السياسي وبتدبير الشأن العام، “لها خصوصيتها وليست كباقي الخدمات التي يمكن إسنادها إلى متعهد بمعيار الكلفة المادية”.

حزب الاستقلال: ملايين بلد لالتقاط “صورة حزب”

دراسةُ صورته لدى الرأي العام، كان المبرر الأبرز لدى حزب الاستقلال، حيث حصل الحزب على بمبلغ إجمالي قدره  2,95مليون درهم، من أجل إنجاز دراسات أهمها، رصد وتفكيك صورته لدى الرأي العام ولدى “مناضليه” وأطره. تعاقد الحزب مع 5 مكاتب للدراسات والأبحاث لإنجاز 5 دراسات.

أنجز مكتب الدراسات FRIEND’S consulting دراسة بعنوان “صورة حزب الاستقلال لدى الرأي العام ولدى مناضليه وأطره”. هذه الدراسة، تسلم فيها المركز 12 مليونا تسبيقا للشروع في التنفيذ.

برمج الحزب كذلك ميزانية تقدر بـ300 مليون لثلاث دراسات أخرى. دراسة حول “الطبقة الوسطى في المغرب”، أنجزتها شركة REFLEX MEDIAS، كلفت 60 مليونا. ثم بحث حول “الديمقراطية التشاركية بالمغرب”، أنجزه مكتب UNIVERS DIGICOM، بمبلغ 40 مليونا.

كما قام الحزب بتفويت دراسة حول “التحولات الإعلامية والتواصلية وتأثيرها على الديمقراطية”، بـ 45 مليونا، أنجزها مكتب UPGRADE COM. ثم دراسة حول “نظام الأسرة في المغرب”، بملغ قدره 500 مليون، تكلف بها مكتب KEY CONSULT EVENIUM.

من جهته، مجلس العدوي قال إن حزب الاستقلال “لم يدل بالوثائق والمستندات التي من شأنها أن تثبت أنه قد تم الإشهاد بإنجاز الخدمة”. كما أنه “لم يدل بما يفيد إعمال مبدأ المنافسة لاختيار مكاتب الدراسات الموكل إليها بإنجاز الدراسات”.

المجلس سجل عدم الإدلاء بتقارير ومخرجات الدراسات المنجزة، غير أن الحزب يبرر ذلك بأنه قد “تعذر عليه الإدلاء بتقارير الدراسات المنجزة لكون الاتفاقيات المبرمة مع الشركات المتعهدة حددت مدة 6 أشهر على الأقل لإنجازها”.

وبخصوص عدم تقديم الحزب لمخرجات الدراسات موضوع النفقات، أشار الحزب في معرض جوابه إلى أن “الدراسات الخمس تم التوقيع عليها خلال شهر نونبر ودجنبر 2022، وبالتالي لا يمكن عمليا وعلميا تقديم مخرجاتها قبل 31 دجنبر 2022، حيث حددت الاتفاقيات المبرمة مع الشركات المتعهدة مدة 6 أشهر على الأقل لإنجاز هذه الدراسات”.

البام: “فلسفة” المركز اليتيم… وأموال طائلة

حزب الأصالة والمعاصرة كانَ طرفاً في الجدل، حيث منحته الدولة حوالي 4.36 ملايين درهم، وفقاً لتقرير المجلس الأعلى للحسابات؛ فما كان له بدوره إلا أن يحولها كاملة إلى “مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة”، الذي مقره… هو ذاته المقر السابق للحزب قرب “لاماب” بالرباط.

تأسس المركز سنة 2020، وترأسه “سعيد ناشيد” منذ 2023، قبل أن يتقدم باستقالته منه عقب تفجر هذه الفضيحة (حسب بلاغ عممه سعيد ناشيد نفسه).

يشير المركز في ديباجيته بموقعه الإلكتروني على أنه يشتغل على إنجاز الدراسات والأبحاث، في المجالات ذات الصلة بالسياسات العمومية والقضايا المجتمعية، وفي القضايا الموضوعاتية التي تنتصر لرؤية المركز التقدمية وتستشرف آفاق، رهانات وتحديات المملكة المغربية والمنطقة عموما.

المركز حصل على حصة الأسد بنيله كافة الدراسات التي طلبها حزبه، حيث تعاقد الطرفان على إنجاز المركز لـ 8 دراسات حول مدونة الأسرة والحريات الفردية، والقانون الجنائي، وسؤال الهوية الوطنية، ودور الشباب في المشهد الحزبي والسياسي، ومنظمة المرأة البامية.

المجلس انتقد انفراد مركز الحزب بالحصول على الصفقة كاملة، غير أن الحزب لم يدلِ “بما يفيد إعمال مبدأ المنافسة”، بما في ذلك العقود المبرمة مع هذا المركز. كما أشار في رده على المجلس أنه توصل بالدعم الإضافي الخاص بالدراسات والأبحاث متأخرا مع نهاية سنة 2022.

لم يُنجز من التقارير سوى تقارير مرحلية سلمت للحزب والتي تقدم منهجية الاشتغال المعتمدة، ونبذة حول مخرجات الدراسة، بذريعة أن التقارير خاصة بالحزب وأن المركز ألزم الحزب بعدم الإدلاء بها لأي جهات خارج الحزب.

بهذا، تكون أحزاب التحالف الحكومي “الأحرار والبام والاستقلال” محطَّ ملاحقات المجلس الأعلى للحسابات. مرحلة عنوانها البارز، أحزاب تشترك في الريع وتبديد المال العام. ومثلما تقاسمت الأحزاب التسيير الحكومي، ها هي الآن تتقاسم انتقادات مجلس “العدوي”.

 

لقراءة الجزء الثاني: صفقات مشبوهة ودراسات مطبوعة: معارضة شريكة في الريع 2/2

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *